أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدو أبو يامن - أصداف ولآليء -4 - ( مارك توين.. والنمل -1 - )














المزيد.....


أصداف ولآليء -4 - ( مارك توين.. والنمل -1 - )


عبدو أبو يامن

الحوار المتمدن-العدد: 2487 - 2008 / 12 / 6 - 03:54
المحور: الادب والفن
    



قرأت مرة للروائي الأمريكي ( مارك توين ) هذه المقالة عن النمل:
(( يبدو لي بالنسبة لموضوع الذكاء أن النملة حيوان بولغ في قدرها وقدرتها إلى حد غريب. خلال عدة مواسم من الصيف أنفقت وقتي في مراقبتها بدلا من قيامي بشيء أهم وأفضل. ولكنني ما زلت أبحث عن أي نملة حية لها من العقل ما يفوق عقل أي نملة ميتة. لقد اقتنعت بأن النملة ذات المستوى الاعتيادي من الذكاء مخلوق زائف؛ بالطبع اعترف لها بجهادها ومثابرتها، فهي أحرص ما يكون على الجد والتعب عندما نراقبها وننظر إليها، بيد أني أتكلم عن تحجر دماغها وغبائها.
إنها تخرج بحثا عن الطعام وتجد فريسة، فماذا تفعل بها؟! أتعود بها إلى البيت؟ كلا، إنها تذهب بها إلى أي مكان آخر إلا البيت!! إنها لا تعرف حتى مكان بيتها. لربما يقع على مسافة لا تتجاوز ثلاثة أقدام، ولكن دعك من ذلك فهي لن تهتدي إليه. تصطاد فريستها كما قلت، وفريستها عادة شيء لا ينفعها، ولا ينفع أي مخلوق آخر! وهو عادة سبعة أضعاف حجمها. تمسك به من أسوأ نقطة غير مناسبة وترفعه بكل قوتها إلى الأعلى في الهواء، وتبدأ بالحركة ليس في اتجاه بيتها، وإنما في الاتجاه المعاكس تماما، وليس بحذر وأناة وإنما بعصبية وسرعة جنونية، تستهلك كل قواها تماما وطاقتها. تلتقي بحجر وبدلا من الاستدارة حوله تعمد إلى تسلقه بحيث تدير ظهرها نحوه وتجر فريستها أثناء ذلك فتسقط على الجانب الآخر من الحجر!
تقفز ثانية على أقدامها بعاطفة عارمة، تنفض التراب عن جسمها، تلحس يديها. تمسك بالفريسة بعنف، تلقي بها شمالا ثم يمينا، ترمي بها إلى أمامها، تزداد جنونا وجنونا، ترفعها ثانية إلى أعلى ما يمكن ثم تركض بها في اتجاه جديد مغاير كليا للاتجاه السابق!
تلتقي ثانية بساق عشبة من الحشيش وبدلا من أن تلف حولها وتتفاداها تقرر أن تتسلقها وتجر معها فريستها العديمة القيمة إلى قمة العشبة، وهو ما يساوي لو أ نني حملت كيس حنطة من مدينة هايدلبرغ إلى باريس عن طريق قمة برج كنيسة ( ستراسبورغ )!! عندما تصل النملة قمة العشبة تكتشف أنها ليست المكان الذي تريده. تنظر إلى المنظر الممتد حولها ثم تبدأ بالنزول، أو تلقي بنفسها متدحرجة إلى الأرض بعنف.
تبدأ ثانية بالمشي بنفس الشدة والسرعة الجنونية، تبحث هذه المرة عن مسمار قديم أو أي شيء آخر تتسلى به وعديم القيمة، إلى درجة كافية تجعل كل نملة تحلم به.
إنه لأمر محير حقا ولا أستطيع فهمه قط؛ كيف استطاع مخلوق زائف كالنملة أن تخدع الشعوب والأمم كل هذه القرون الطويلة دون أن يكتشف أحد حقيقة أمرها؟!!)) انتهى.
رأي طريف، وأطرف منه موقفي منه حين ذاك؛ إذ أخذت بروعة دقة الملاحظة وصبر الكاتب العجيب على المراقبة كل تلك الأصياف بدلا من قيامه بشيء أهم وأفضل، كما يقول!! وأهم من ذلك كله هذه السخرية اللاذعة التي تطبع كل المقال، وكيف أنه خالف كل العرف الإنساني الذي كان يضرب المثل بالنمل في دأبه وجده واجتهاده وحسن تدبيره..
ولكني.. ولكني اكتشفت أني كم كنت ساذجا وبسيطا، حين خدعت باسم الروائي العظيم والكاتب الكبير التي تلصق عادة باسم هؤلاء الكتاب، وخاصة الأجانب منهم، حين قالوا لنا إن فنهم هو الفن، وأن أدبهم هو أدب الحياة، فنكتفي بهذه الدعاية، وننسى في ظل الألقاب الكبيرة، والأسماء الرنانة أن نفحص ما يقال، ونفهم ما يقال، فنغتر بالمظهر ولا نتنبه إلى الجوهر، وتخدعنا الصلصلة والجلجلة والطنطنة عن حقيقة الحال وفحوى المقال!!
فهذا كاتب كبير وروائي عظيم؛ سلمنا وآمنا ولكن ليس كل ما ينتجه جديرا بصفة العظمة، فالعظمة والأهمية والعبقرية ليست شرطا لازما في كل ما يكتب أو يبدع أو ينتج؛ ولذلك تجد عظماء المبدعين ينتجون في حياتهم عشرات الكتب والمؤلفات ولا يذكر لهم النقاد إلا بضعة أعمال هي الجديرة بالقراءة والدرس.
( يتبع )



#عبدو_أبو_يامن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصداف ولآلئ- 3-
- أصداف ولآلئ- 2 -
- أصداف ولآلئ – 1 -
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء .. ( حصاد ما سبق ) – 8 ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء .. ( أساليب متفرقة ) – ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء .. ( قنابل صوتية وضوئية ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء .. ( قنابل صوتية وضوئية ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( حين يتسلق اللبلاب ) ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( حين يتسلق اللبلاب ) ...
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( التابوهات الثلاثة ) ...
- هذا ما علمتنيه الحياة – 3 -
- دليل الرجل الذكي إلى الشهرة والأضواء.. ( التابوهات الثلاثة )
- هذا ما علمتنيه الحياة -2-
- هذا ما علمتنيه الحياة
- كلنا يهرب
- إلى من سيضرم النار سريعا في هشيم العالم!!
- كليلة ودمنة في أراب ستان -7-
- ديكتاتور.. وغباء .. وقمر
- الظاهرة المحفوظية
- ومن العشق ما قتل!!


المزيد.....




- تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر ...
- تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها ...
- مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي ...
- السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم ...
- إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال ...
- اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
- عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
- موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن ...
- زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
- أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدو أبو يامن - أصداف ولآليء -4 - ( مارك توين.. والنمل -1 - )