|
المُشبَّهُ بالفِعل
أحمد زكارنه
الحوار المتمدن-العدد: 2472 - 2008 / 11 / 21 - 01:47
المحور:
الادب والفن
خارج النص من مأثورات الفعل الإنساني القول: إننا لا نكذب ولكننا نتجمل.. لتُكتشف الكارثة الكبرى.. إننا لا نكذب ولا نتجمل، ببساطة شديدة لأننا لا نملك جرأة الفِعل. كانت في طريقِها تَعبرُ بين الكلمات حينما توقفت لتقولَ: كيف لي أن أمرَّ من هنا على عجلةٍ من أمري..؟! تعال أحـدثـكَ عن ثلاثِ خوالج قُيـدت بين شفتي دون أي مبرر .
* يوماً مـا فتحت بريدي الذي أغلقتـه منذ زمـنٍ مالذي ظهر لي ..؟! رسالـة من ملاك مُرسَل
"كفاكِ غيابـا.ً. فـ لن تموتي ..!! "
انـا بنفسي شــهـدت جنازتي في ظل اوضاعنـا الراهنـة .. فكيف قرأت هذه الرسالـة وكيف فعلاً لـم أمـت ..؟!
* هي لم تنهي حديثها بعد، ولكن سؤالها المثقل بالتفاصيلِ الخانقة كان كالصاعقة، وقعُ خُطاى تخطى الحدود إلى قاعِ أعماقِِ قلبي العليل.. ضارباً كياني كما يضرب الزلزال الأرض.. للحظات انتابني شيء من الإرتباك.. ولكن سرعان ما جمعت قواى قائلا: سيدتي أما فيما يخص جدلية " الزمكان" تلك النظرية التي وضعها السيد " اينشتاين" ورحل، وحتى لا نُفسر الماء بعد الجهدِ بالماء.. جديرٌ بنا الإدراك: أن أكثرَ القلوبِ غربةً، تلك التي تعرفُ أنها في صلبِ كيانِها غريبةً، أو لربما تكون في أفضلِ حالاتِ حضورِها، معلقة في النسيان. وللدلالة أكثر.. لك سيدتي أن تنظري كيف يعيش الإنسان في وطنهِ لاجئاً.. ممنوعٌ من الفكر.. ممنوعٌ من الاجتهاد.. ممنوعٌ من العمل.. والأهمُ أنه ممنوعٌ من النظرِ في الأمل، حتى أنني لا أشك لحظةً في قدرتِهم الحيلولة دون تواصل الرجل وزوجته، والحق يُقال إننا جميعاً لاجئون في أوطاننا نعم أنا أدرك حقاً أنك استقبلتِ رسالة ذلك الملاك المُرسل، وتستغربين كيف قرأتيها وأنت في حضرةِ الموت؟!
أعتقد أنني لا اشي سراً لو قلت: إنه انبعاثُ حب ضَخ بين جوانبكِ شيئاً من الحياة.. حبٌ فاضحٌ انتظرتيهِ طويلاً في زمنٍ قصير القامة، إلى أن أتاك على غفلةٍ متأخراً عن سنن التقويم، بينما كنت في غيابك القصري تقرأين أولى حروف البسملة.
على أيةِ حال وحتى لا أُطيل، كانت تلك أولى الخوالج، فماذا عن الثانية؟؟. قالت: طفلٌ صغير شدَّ طرف معطفي وأنـا في الحافلـة وبيده دفتر مـا ؛؛ يبدو أنـه مـجـدٌّ وإلاَّ ماكـان ســألني : - خالـة خالـة ،، ماهو اعراب " إنَّ مصير التفكير الشرقي فاضح " ,, وكيف نقدر جواب حرف المشبه بالفعل ..؟ التزمت الصمـت طويلاً أمـامـه ،، فبالاضـافـة الى ضعفي في نـحـت مصير هذه الأ مة قد قرعت اذني ماقاله آخراً .. " مشبـَّهٌ بالفِعــل ".
• قلت ما عساك سيدتي: لا تطرحين إلا تلك الأسئلة المعكوسة ؟!. أما المُشبهُ بالفعل بحسب اللغة هو ذاك الحرف " إن أو أن ".. ولكن صغيرنا هنا تخطى بفكره حدود اللغة ضارباً على أوتارِ وجع تلك الأمة ، فهو برغم حداثة سنه ادرك أن التفكيرَ العربي في حلِ قضية الوطنِ الفلسطيني، إنما كان كمن يُشبع رغبة المحتل في الإحتلال.. فمنهم من راح ينبطح ، ومنهم من شاح بوجه من شدة الإنكسار، ومنهم من مسخ فكر الآخر، ومن هرب، ومن توارى، ومن في ذاتيته انتحر. صغيرنا سيدتي.. يبدو أنه كان هناك ينافس الشاعر في حب القدس مدينته حينما قال: " في القدس.. من في القدس إلا أنت " ونحن نستمع ، ونستمتع . ونصفق.. لكن صغيرنا ابى إلا أن يبرهن حبه للقدس، فشاح بالاقنعة عن وجوهنا.. عن صمتنا.. عن قبحنا.. عن ذلنا، ليصرخ معلنا أن مصيرَ الأمة وفكرها وفعلها قد افتضح.. أتعلمين لماذا سيدتي ؟! لانها أهملت فلسطين، ونست العراق، ولم تشبع حنين لبنان، وتركت سوريا ما بين بين.. فقط عقدت مؤتمراتها واجتماعاتها لتعلنها في وجه العالم صرخة مدوية: إن في فض غشاء البكارة تكمن كل الفضائح!!.سيدتي بالله عليك لا ترهق قلبي، يكفي أنه بات لا يميز بين سنوات العمر والعهر. قالت: ولكنك لم تجبني عن سؤالي الثالث والأخير، كي أتمكن من تحديد حجم خسارتي فقط جراء تحرير هذه النقاط..!!. قلت: سريعاً هات ما عندك. قالت: غصــةٌ تقتلني كلمـا أدرت اسطوانـتي لأُباشــر الرقـص على أغنيتك المفضـلـة هل أنا بخير أم أن غموض الوتر جعل مشاعري معلقة في رسائلِ هاتف ..؟! وماذا عن الوطن وحضنه الدافئ؟!. قلت: بالله عليك إلى أين تسيرين بي؟!. هل لرجل شرقي انهكته الحياة أن يحصر جل تفكيره في الرقص والأغنيات.. عفوا سيدتي لقد نسيت أنك حررت تلك النقاط، وأن هناك بونٌ شاسع ما بين قديم اغنياتنا وحديثها، وان اولى الامر منا كلما اجتاحنا محتل وضعوا كل خزائن الدولة تحت تصرف منتجي الفيديو كليبات.. حتى أن مشاعرنا اصابها العطب بعدما كانت تتمايل كأغصان الشجر كلما تمايل اللحن على انغام صوت سيدة الغناء العربي " أم كلثوم"، أو حينما كنا نهيم شوقا عندما تتقرع في الاذان رقة وعذوبة العندليب، فهل تعتقدين أن هكذا قلوب ترضى لك الخسائر، أو أنها فقط ستحصر الفعل في تلك الرسائل. ورغم ذلك سيدتي أذكر اننا تحدثنا سابقا عن" الرقص على أوتار الجنون "..عندما رأيتك هناك وأنت تتمايلين كحورية ترقص بين مروج الهذيان، معلنةً أن العقلَ قد فُقد ما بين الحقول، وأن المشاعر كالجنون لا تعلق في رسائل هاتف، فكيف لنا أن نخلط السم بالعسل؟!. وهل هناك من دفيءٍ يُشبه دفئ حض الوطن آدم، أو إن شئت فلنقل آدم الوطن؟!. لك سيدتي حرية التفكير ولي الآن أن ارحل.
بقلم: أحمـــد زكـارنــة الحرف التاسع والعشرين [email protected]
#أحمد_زكارنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحقيقة بين الوخز والتخدير
-
رقص على أوتار الجنون
-
الإصلاح تلك الخطيئة التي لم تكتمل
-
إعدام فرعون على يد إمام الدم
-
البعد الرابع بين ضرورة التغيير وحتميته
-
نحو سلطة رابعة
-
المشهد النقابي ومدعو المسؤولية
-
صفعة على وجه المحتل
-
بين الواقع المرير وعقدة البديل.. نحن في خطر
-
الإسلام السياسي والأيات الشيطانية للإدارة الأمريكية
-
هنية والتورية في اللغة السياسية
-
المسيرة التعليمية سفينة في مهب الريح
-
إلى إمرأة عابرة
-
الأعراس الفلسطينية في الإمارة الإسلامية
-
رسالة عتاب من مواطن فلسطيني إلى الشيخ يوسف القرضاوي
-
العالقون بين الحرية الفكرية والفبركات الإعلامية
-
بين حوار القوة وقوة الحوار
-
كنز الوثائق وكَشف المستور
-
جدلية الحيادية بين الحزبية والوطنية
-
الموظف بين الأسئلة المبصرة والإجابات العمياء
المزيد.....
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
-
الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر
...
-
حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60
...
-
محاضرة في جامعة القدس للبروفيسور رياض إغبارية حول الموسيقى و
...
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|