|
من اجل أن لا يبتلع الحوت القمر
إبتهال بليبل
الحوار المتمدن-العدد: 2421 - 2008 / 10 / 1 - 08:36
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
استوقفتني ، عبارة تقول " غالباً ما يلفت انتباه الرجل المرأة ذات الشخصية القوية ، لأنّها تُثير فيه غريزة الصياد ، إذ يستخدم ذكاءه وكل أساليب الإغواء ليوقع الطريدة في شباكه!!" .. حاولت دراستها ، ومحاولة البحث عن مضمونها ، وجدتُ مفاهيم في غاية التناقض ، حيث إن مجتمعنا لم يمر بتلك الطفرة الصناعية والسكانية ، كما في المجتمع الغربي ، ولم يمر بما مرت به تلك المجتمعات ، بحيث تُهدم كل القيم في نظرنا ، وتعيد كل فرد منا ذئباً شرساً عارياً من كل القيم والمبادئ إلا ( غريزة الصياد ) ... الرجل الشرقي ضياعهُ من نوع آخر ، من نوع يزيد حاجتهُ إلى الحب ، بدلاً من أن ينفيها ، هو دائماً يحاول استيراد عيوب الحضارة المادية على الرغم من انهُ لم ينعم بأحد مزاياها ، وبذلك أصابه وباء ( الحب الزائف ) ، والمرأة دائما تمنح الرجل الإحساس بالانتصار ، وهو إحساس مهمّ بالنسبة إليه حيث يشعر فيه بمفعول ساري لتلك الغريزة في الافتراس ( الصيد) ، لكنه لا يتوقف طويلاً أمام تلك الأنثى ، فسرعان ما يملّ منها، لأنّ العلاقة بحدّ ذاتها لا تُغريه..إن ما نشهده اليوم من تلك الحقائق ما هو إلا تعبير جديد عن تخلفنا الإنساني ، نحن نبكي على الحب ولكننا لا نبكي على ذلك الحب الذي فقدناه ، إننا نبكي على الحب الإنساني ، ولا نبكي على حب العناق ، بل إننا نبكي على العناق الإنساني الذي فقدناه ، وبين ما يريده الرجل في إنعاش غريزة الصيد وبين الحب الإنساني الذي يتكلم عنه ُ، تتضح ببساطة حالة ازدواجية الشخصية التي يعيشها الرجل الشرقي ، وهنا تكون المعضلة كبيرة ونصاب بالوهن والإعياء عندما نحاول فك هذه العقدة عن الرجل ...فيأخذنا الحديث إلى علاقة الرجل بالمرأة ، وأحدد هنا إلى علاقة الصداقة بينهما ، فحتما هي بين الحقيقة والوهم ، وهي أيضا لا شيء مادامت نقطة البداية خاطئة ، ومادامت نظرة كل من الطرفين إلى الآخر خاطئة ، وما دام المجتمع الرسمي يكرس هذه النظرة الخاطئة .. ومن الضروري ، إن ألفت النظر هنا أنا لا أندب ( حقوق المرآة ) فتلك نظرة جزئية وسطحية للقضية ، فالصداقة للمرآة ضرورية بقدر ماهي ضرورية للرجل ، علاقتهما المزيفة الغير إنسانية تهدر من الرجل بقدر ما تهدر من طاقات المرآة وتنحر ملكاتها الإبداعية بقدر ماتنحر ملكاتهُ ، وحينما أطالب بالصداقة بين الرجل والمرآة ، فأني أطالب ضمناً بحق الرجل والمرآة على السواء بعلاقات تحكمها العفة والصدق وتستند على مبادئ الزمالة والأخوية ، لذلك فالصداقة ضرورية من اجل خلق المواطن ، ومن اجل إن تكون المواطنة حقاً ، وان يكون المحرك لها ليس مرارة نوعية فردية تعتليها روح الافتراس والتلذذ الكابح والقتل لكل قيم الحب الإنساني بصيغة الاصطياد ، أنا أتوقعها ثورة للمطالبة بحقوق الرجل الحقيقي ، وليس مطالبة لأبعاد المرأة من صورة الجارية فقط .. حقيقةً ، الأفكار هي التي تقرر شكل العلاقة بين الرجل والمرآة ، فالأفكار هي التي تأخذ القالب والجسد الذي تحل فيه ، هذا كل مافي الأمر ، كما إن المضمون هو الذي يقرر الشكل لهذه العلاقة ، وهو الذي يستدعيه ، وأحيانا يبتكر لنفسه قوالب جديدة وإشكالا لم تكن مألوفة ، مع العلم إن هذه الكلمات هي قرع بدائي على طبل عتيق من اجل أن لا يبتلع الحوت القمر ... وإذا كان لابد من ( نظرة نسائية ) إلى وضعي كأنثى عربية فكل ما استطيع قولهُ هو إنني ارجوا تذكير الإنسان العربي بأنهُ مريض ( فكرياً ) فيما يتعلق بقضية العلاقة بين الرجل والمرآة ، مادام الشرط الأساسي ( المشاركة ) مفقوداً في العلاقة ، والمشاركة تفرض بدورها المساواة ، والمساواة تفرض الصداقة وتحميها .. علينا أن نحرر الفرد العربي من مفهومه الخاطئ حول تخلف المرآة النوعي ذلك المفهوم الذي ترسب في اللاوعي طيلة عصور والذي كرسته للأسف عصور وعصور ، حقيقة إني أمرآة يسكنني طموح المرآة العربية بشكل عفوي ، فأنا لا أنادي بالمساواة بين الرجل والمرآة ، إنني بصراحة أحققها في سلوكي الاقتصادي والعملي والعاطفي ، اكدح كأي رجل ، وأعيل نفسي وأبنائي مثل الرجل ، فالكون متجدد ومثقل بالنضارة ، والمهم إيجاد التوافق بين إيقاعنا الداخلي البشري القابل للروتين ، وإيقاع الطبيعة في التجدد ، أما في مجتمعنا العربي فنجد حزام العفة مفروضا على المرآة بالضبط نجدهُ مفروضاً على ( فكرها ) أكثر مما هو مفروض على ( جسدها ) والمرآة التي تبيح لنفسها حرية التفكير تواجه قسوة الرأي العام ، أكثر من تلك المرآة التي تبيع جسدها كسلعة ، حيث إنها تستنكف عن التفكير والمواجهة ! .
#إبتهال_بليبل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اجسادنا غادرتها ارواحنا
-
المتنزهات العامة والعشاق
-
ازمة سكن حادة
-
هل شوه الاعلاميون اللغة العربية؟
-
اعترافات عاطل بدون عمل
-
الهجومية والشراسة
-
من أنتِ .... احتمال يكون القصد بها ( أنا )
-
جهاز كشف الكذب
-
الدهر
-
شهادات للبيع
-
منظمات أمريكية تُجنِّد الشباب المصري للعمل بالعراق
-
من انتِ ؟؟ من تكونِ ِ ؟؟
-
خلف الذاكرة
-
(أبو حقي ) يمس كرامتنا ويسقط الزمن منا
-
( 2) ثقافة العنف وجذوره / الدين لا يشجع على العنف وسفك الدما
...
-
الحب وسيلة البقاء والخلود
-
ثقافة العنف وجذوره ( الجزء الأول )
-
شبكة الإنفاق تهدد المسجد الأقصى
-
حجاب الطفلة جريمة وعدواناً على طفولتها
-
إلى الرجال عذراُ هذه معاناتي كأنثى
المزيد.....
-
الأولى من نوعها..دراسة تكشف التغيرات بدماغ المرأة خلال الحمل
...
-
“التسجيل مفتوح” سجلي الآن بسهولة في منحة المرأة الماكثة في ا
...
-
وزارة المالية: تحديـــد سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 تب
...
-
لأول مرة.. دراسة ترصد التغيرات التي تطرأ على دماغ المرأة أثن
...
-
قدم من هنا .. لينك التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت الج
...
-
الهند.. زعيمة محلية وأنصارها يضربون رجلا هددها بالاغتصاب (في
...
-
وزارة المالية الجزائرية.. توضيح هام بشأن سن التقاعد للنساء ف
...
-
طالبان تحظر على المرأة رفع صوتها أو الضحك علنا.. تعرفوا على
...
-
“قدمي الآن” رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت لعا
...
-
للمتقاعدين الجزائريين.. السن القانوني للتقاعد للرجال وللنساء
...
المزيد.....
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
المزيد.....
|