أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الزهراء الرغيوي - لم يعد ساعي البريد يضحك














المزيد.....


لم يعد ساعي البريد يضحك


فاطمة الزهراء الرغيوي

الحوار المتمدن-العدد: 2403 - 2008 / 9 / 13 - 05:25
المحور: الادب والفن
    



- أُصمت، أطفئ ذاك الجهاز اللعين! صرخت بأعلى صوتي..
كان صباحا طويلا روتينيا ومتعبا.. كالعادة أعمال البيت وغسل الملابس والطبخ.. والضجيج الصادر عن غرفة وحيد الذي يحاول أن يصبح موسيقيا.. ثم هذا الطرق على الباب. توقفت أمامه لحظة أسترجع هدوئي قبل أن أفتحه. كان ساعي البريد يمد لي رسالة مسجلة..
بدا شابا في أواسط العشرين.. أخرج دفتر التوقيع من محفظته بعد أن تأكد من هويتي. لم يكن يضحك كالحاج سعيد الذي كان يسلم لي الرسائل خفية من والدي وشقيقي.. كان الحاج صديقا لكل شباب الحي وكاتم أسرارهم.. يتنقل بحيوية من بيت لآخر.. يقبل بابتسامة ممتنة كأس اللبن البارد من جارتنا ثم يقرأ لها رسالة ابنها المهاجر. كان ينقل الأخبار الحزينة والمفرحة، ولكنه كان يأتي خاصة برسائل الحب.
- كبرت أيتها الشيطانة وأصبح لك حبيب، هه؟
علت الحمرة وجهي بينما خبأت الرسالة بين ثيابي..
- غدا أعطيك الجواب؟
- ..وألف قبلة وإلا سأفشي سرك.. ثم غادر ضاحكا بينما ازدادت حمرة وجهي.
هذا يوم مميز، فكرت وأنا أوقع في الدفتر. عليّ أن أكمل التنظيف وباقي أعمال البيت بسرعة، ثم أغتسل وأذهب إلى الصالون لأصفف شعري. يجب أن أكون في كامل أناقتي وأنوثتي حين يعود أحمد من سفره. سأطلب منه أن نعيد لزواجنا لمعان البداية.. علينا أن نحاول فقط.. مازال تحت الرماد نار تنتظر أن تشتعل من جديد.. لي الآن من سعة الخاطر ما يكفي لأحب أحمد الكاتب المعروف كما أحببت أحمد المراهق صديق أخي الأكبر.. أعلم أنه يحتفظ لي بمكانتي الخاصة رغم أنه يسافر وحيدا إلى لقاءاته ومحاضراته. لكنه يعود إلي لألهمه أو ليستشيرني بخصوص نص جديد.. وليرتاح من مظهر الكاتب المعروف. حالما أنهي كتابة تعليقي على هامش نصه، يتهرب من قبلتي وينغمس في الكتابة ثم بعد يومين أو ثلاث يعاود مشاوير السفر.
حان الوقت لنجدد حبنا، فكرت وابتسامة تعلو وجهي.. وحيد كبر الآن. يستطيع تدبر حاله في غيابنا. سأعاود الكتابة. أفكار كثيرة تشغلني.. أشعر بالإثارة. لي شوق للكتابة ولأحمد ولحضور الملتقيات والسفر..
- شكرا، قلت لساعي البريد ذي الوجه الصارم المتعب.
أخذت رسالتي إلى الشرفة مبتعدة عن صخب وحيد. جلست على الكرسي الهزاز.. تعرفت على خط أحمد منذ الوهلة الأولى.
- أحبكَ، أحبكَ.. كنت أصرخ عاليا، مهللة.
وكان ينظر إلي بابتسامة واسعة.. ثم تأتيني كلمات حبه كتابة.. أحمد لا يجيد الكلام. لكنه يخط كلمات العشق بسحر استثنائي بعيدا عن سوداوية رواياته.
تمهلت في فتح الرسالة، أستلذ بلحظة انتظار إضافية.. لابد أنها آخر رسالات الحب التي يسلمها ساعي البريد. ربما لم يتصور أنها رسالة حب. لم يعد أحد يبعث برسائل الحب عبر البريد، ولم تتبق للساعي صفة كاتم الأسرار أو كاشفها حسب مزاجه.. أصبح الانترنيت والهاتف النقال يقومان بالمهمة بسرعة مذهلة وبسرية فائقة.. انحصر دوره في نقل الرسائل المحملة بالفواتير وكشف الحساب البنكي وأحيانا المنشورات التجارية.
فتحت الرسالة ببطء، و.. لم تكن كسابقاتها تبدأ بالعبارة الساحرة: مُلهمتي.. أعدت قراءة الرسالة مرتين. ثم توجهت إلى المطبخ لأعد لي فنجان شاي.. لم يعد هناك داع للاستعجال بأشغال البيت.. وضعت الرسالة على الطاولة.. كنت قد علمت لمَ لمْ يعد ساعي البريد يضحك.


فاطمة الزهراء الرغيوي
تطوان- المغرب
http://mima-fzr.spaces.live.com/?lc=1036




#فاطمة_الزهراء_الرغيوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جلباب للجميع
- حالة سقوط
- متاهة العشق (أو أنت وأنا.. وأنت)
- الثامن من مارس.. وأشياء أخرى
- مرآة لجسد يحتضر
- مد وجزر


المزيد.....




- أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
- الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم ...
- التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
- التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
- بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري ...
- مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
- الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر ...
- حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60 ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الزهراء الرغيوي - لم يعد ساعي البريد يضحك