أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء الطناني - نظرية السماء الأولي














المزيد.....

نظرية السماء الأولي


أسماء الطناني

الحوار المتمدن-العدد: 2385 - 2008 / 8 / 26 - 04:17
المحور: الادب والفن
    



" إذا لم تنفذ قراري فأنا بريء منك و افعل ما شئت"..
تزلزلت نفسه و تجمدت الدماء في عروقه، هل وصلت به الدرجة أن يقول له هذه العبارة!، ألم يتذكر سنوات عمره التي قضاها بين أحضانه يرتشف الأخلاق و المعاني النبيلة منه!، ألم ينتبه إلي الدماء الواحدة التي تنسكب من قلبيهما لتغذي الخلايا المشتقة منه!، لماذا قالها؟ ليت الزمن قد توقف لبرهة تنتهي عندها العبارة دون أن يسمعها عمر .
كما زلزال نفسه شعر بالأرض تتزلزل من حوله، الأشجار تهتز، الطرقات تهتز، البشر يهتزون، صورة والده في كل مكان وعبارته تتردد في أذنه كالصاعقة ، يريده أن يترك أحلامه و طريقه لأجل أنثاه الثانية التي تزوجها بعدما ماتت أم عمر، نفثت السم في عقله كالأفعي الحمقاء، قالت له: لا تترك عمر يكمل التعليم في الجامعة فليعمل معك في معرض الأثاث الذي تمتلك ويوفر الأموال لنا.
سيتحول عمر بأمرها من صاحب ليسانس للآداب إلي نجار يذاكر علي الأخشاب و يكتب بالمسامير نهاية سنوات تعليمه بالفشل و الحزن.
تضاربت الأفكار في عقله، الأرض مازالت تهتز من حوله، يشعر بدوار شديد، تلفح نيران المستقبل المجهول وجهه و تطفؤها ذكريات سنوات دراسته الجامعية الثلاث، كم تصبب عرقه من الاجتهاد، كم لم ينم من أجل الإمتحان، كم حصل علي التقديرات المرتفعة.
ليتك يا أمي لم تموتي، ليتك يا ملك الموت أغفلت وجودها في قائمة عملك اليومية في ذلك اليوم الغابر، لكن أيغير الندم الأقدار! ، أيبدل البكاء الحال!
نظر إلي السماء، وجدها مليئة بالسحب ، تتحرك في هدوء ولا تهتز، شعر بارتياح لها، اتسعت حدقتاه، تعجب، اندهش لما آلت إليه نظراته، السماء تتكلم، تريد أن تقول شيئاً..
هناك بعيداً سحابة تبتسم، أخري حزينة اقتربت منها، اندمجتا معاً وأصبحا كتلة واحدة، ابتسمتا معاً، هل الإبتسام في وجه الحزن يغيره؟ ، غريبة تلك النظرية السمائية..
نظر إلي الناحية الأخري، سحابة حزينة، اقتربت منها أخري مبتسمة، و انتهي الأمر بالابتسام، إلي أن أرسلت السماء الأمطار.
أحاديث كثيرة مرت عبر أذنه وهو دالف إلي غرفته من زوجة أبيه و أبيه، لم يلتفت لكل هذا، أحضر قلماً ووريقة و كتب.. " المطر يتكون من سحابة حزينة و سحابة مبتسمة" نظر إلي جملته ثم كتب.." إذن الخير ينبع من الحزن و الفرح معاً "..
دلفت زوجة أبيه إلي غرفته وهي ترسم ملامحها المتوحشة أمامه قالت له: ستنفذ قرار والدك شئت أم أبيت، يكفيك هذا من التعليم اترك الفرصة لأخيك القادم، و أشارت بيدها إلي بطنها المنتفخة .. لم يفعل شيئاً فقد أظهر الحزن علي وجهه ثم ابتسم لها و تذكر النظرية التي أرسلتها له السماء
تعجبت من رد فعله الغريب، حزن ثم ابتسامة لم تعهد رد الفعل هذا من أحد طيلة حياتها..
بعدها دلف والده إليه ، قال له: اجمع كل كتبك و ضعها في حقيبة حتي أبيعها في السوق، لم يجب أظهر حزناً ثم إبتسامة كبيرة أظهرت اسنانه البيضاء..
تعجب والده من ذلك فهو لم يعهد رد الفعل هذا من أحد طيلة حياته..
مرت الأيام و عمر يطبق نظرية السماء دون أن يفعل شيئاً دونها..
- "اذهب يا عمر إلي السوق و اجلب لنا الغداء"..
- حزن ثم ابتسامة واسعة.
- " احمل هذه المنضدة إلي المعرض و دق بعض المسامير بها أولا"
- حزن ثم ابتسامة واسعة.
صفعة فوق وجهه من أبيه لأنه لا يعلم كيف يقطع الأخشاب..
- حزن ثم ابتسامة واسعة.
شهر علي هذا الحال و عمر لا يتكلم ،فقط يجيب بهذه الطريقة..
ظن والده أن مكروهاً أصابه، أو أنه تحول إلي مريض نفسي أو أن بعض الجنون قد أصابه، دلف به إلي بيوت العرافين، إلي الأطباء ولا أحد يجد له حلاً.
سيطر الخوف عليهم مما يفعل، شعرت الزوجة بأنه خطر عليهم، قالت بنفسها لوالده: اتركه يذهب ليكمل تعليمه و يعمل بعيداً عنا..
أعطاه والده المال الوفير ..
حصل علي الليسانس..
أصبح مدرساً في مدرسة المدينة..
أعجبته إحدي الفتيات..
لم يوافق عليها والده..
قال في نفسه.. " يبدو أنني سأستخدم نظرية السماء مرة أخري"..



#أسماء_الطناني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألوان نائمة
- قضية رأي عام
- أبناء الشمس
- بلاد ما أعلي السماء
- أبي أريد أن أرسمك... القصة المثيرة للجدل


المزيد.....




- سرقة -سينمائية- في لوس أنجلوس.. لصوص يحفرون نفقا ويستولون عل ...
- الممثلة الأميركية سينثيا نيكسون ترتدي العلم الفلسطيني في إعل ...
- -المعرض الدولي للنشر والكتاب- بالرباط ينطلق الخميس بمشاركة ع ...
- اللغة العربية في طريقها الى مدارس نيشوبينغ كلغة حديثة
- بين الرواية الرسمية وإنكار الإخوان.. مغردون: ماذا يحدث بالأر ...
- المؤرخ الإسرائيلي توم سيغيف: الصهيونية كانت خطأ منذ البداية ...
- دول عربية تحظر فيلما بطلته إسرائيلية
- دول عربية تحظر فيلما بطلته الإسرائيلية
- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء الطناني - نظرية السماء الأولي