|
أرقامٌ غير معقولة .. في عالمٍ مجنون !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2368 - 2008 / 8 / 9 - 05:38
المحور:
كتابات ساخرة
" عمرو ذياب " المطرب المصري يتقاضى ( 87 ) الف دولار امريكي ، لإحياءه حفل مدينة الإنتاج في دُبي ، ثلاث ساعات من الغناء ، كل ساعة ب ( 29 ) الف دولار ! كل دقيقة يعملُ فيها عمرو هذا ب ( 483 ) دولار ! وفي كل ثانية يحصل على اكثر من ( 8 ) دولارات ، اي انه كلما غّردَ " ياعين ياليل " طويلة ، فأنه يقبض اكثر من الراتب الشهري لمعلم عراقي محترم ! ( حتى بعد زيادة الرواتب مؤخراً ) . الدخل السنوي الصافي للداعية المصري " عمرو خالد " لسنة 2007 ، حسب الطبعة العربية لمجلة فوربس هو ( 2.5 ) مليون دولار امريكي ، اي ( 6850 ) دولار يومياً ، اي واردهُ الصافي في الساعة الواحدة يبلغ ( 285.5 ) دولار " مهما كان يفعل " ، سواء كان نائماً او يلعب مع أطفالهِ او يقدم وعظاً عن الحلال والحرام وهذا يعني ، انه في كل ساعة يحصل على ( 1500 ) جنيه مصري بالتمام والكمال ! ياالهي زِدْ وبارك . " أليسا " و " هيفاء وهبي " و " نانسي عجرم " ، لاتَقُل اجور إحياء اي واحدة منهُن لحفلة ، عن ( 50 ) الف دولار . سويعات فقط من " الفن الراقي والطرب الاصيل والكلمات الرصينة والحركات المُهذبة " حتى تستحق الفنانات هذه الاجور الضخمة مقابل " إبداعهن " المميز ! " عادل إمام " يظهر في محطة روتانا ، في برنامج " خمس نجوم " أمام " هالة سرحان " ، مقابل ( 75 ) الف دولار فقط ! يابلاش ، هذا العملاق الكوميدي الذي يُضحكنا ( او ربما يضحك علينا ! ) ، كل قفشة من قفشاته وكل حركة يقوم بها ، تُكلف " الامة العربية " كمية مُعْتبرة من العملة الصعبة ! في مساء يوم 10 / 5 / 2008 ، جرى مزادٌ في إمارة أبوظبي على " لوحة رقم سيارة 9 " من الفئة الخامسة ولقد بيع الرقم الى ( فاعل خير ) ب ( 15.4 ) مليون درهم إماراتي ، اي ( 4.196 ) مليون دولار امريكي فقط! وتم تسجيل سعر البيع في موسوعة غينيس كأعلى سعر في العالم لرقم سيارة من نفس الفئة ! وتشتد المنافسة في ارض آل سعود ، على ارقام الموبايل " المميزة " ، او ارقام السيارات ، ووصل سعر قميصٍ شبابي مُرّصع بالماس والياقوت في " جدة " الى سعرٍ خيالي ! وأما بنعمةِ رّبكَ فَحّدثْ ! نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الكويت عام 2006 هو : ( 30188 ) دولار للفرد ، وهي ثالث أغنى دولة عربية ، وأخيراً [ تدرس ] الكويت الآن .. " تدرس " إمكانية رفع الحد الأدنى من الاجور ، طبعا "القصد من الاجور ، يعني اجور العمالة وخصوصاً الآسيوية " ، الى ( 40 ) دينارا في الشهر ! اي ما يعادل ( 151 ) دولار ، بعد الإضرابات والمظاهرات التي حدثت مؤخراً . حيث كان الراتب الشهري للعامل البنغلاديشي ( 8 ) دنانير اي مايعادل ( 30.16 ) دولار ، وحتى هذه كانت شركات التوظيف التي " تستورد " العمالة وتحجز جواز السفر عندها ، كانت تتحايل في الدفع وتستقطع الكثير . اليست هذه عبوديةً مستهترة ؟ في الكويت التي يسيطر على مجلس الامة فيها " الاسلاميون " ، تُمارس العبودية على البشر علانيةً ! بعد ان أضرب أكثر من مئة الف عامل تنظيف بنغلاديشي في الكويت ، [ فاحَتْ ] الرائحة النتنة للنظام الفاسد ! في الامارات العربية المتحدة ، النمر الاقتصادي الكبير في غرب آسيا ، مئات ناطحات السحاب شاهدٌ على الإستغلال البشع واللاإنساني ، لملايين من العمال الآسيويين ، الذين يُجبرون على العمل الشاق تحت ظروف صعبة وبأجور زهيدة ! في نفس الوقت الذي يشتري فيه بعض البطرانين رقم سيارة بأكثر من(4) مليون دولار . ناهيك عن أمراء السعودية والامارات وقطر وغيرها ورؤساء جمهوريات عربية واسلامية وابناءهم الذين يهدرون الملايين على موائد القمار وسهرات الفجور في مدن وسواحل الغرب والشرق . ان ( تَسامح ) السلطات الزمنية والسلطات الدينية في هذه البلدان ، مع هذا النهج من الإستهلاك الفج ، والتبذير المُزري والتعايش مع ومسايرة النمط الغربي وخصوصاً الامريكي للحياة بكل ما يحمله من إنحدارٍ خُلقي ، يَشكل ظاهرةً خطرة تنخر في المنظومة القِيَمية لمجتمعاتنا . تحت عنوان مُخادع ، يّدعي تقديم المُتعة والفائدة الى المُشاهد العربي عموماً والعراقي خصوصاً ، تقدم فضائية الشرقية ، برنامجاً تحت اسم ( فري / اسطورة ) ، وهي نسخة بائسة ومبتذلة لبرامج غربية ، عن مجموعة من الشباب العراقيين من الجنسين " مع تأكيدات مشبوهة على كونهم من مختلف الاطياف العراقية " ، يقومون بمغامرات ساذجة في " غابات ماليزيا " لعدة أسابيع ، وستكون الجائزة النقدية ( 300 ) الف دولار . هذا التقليد السخيف لفضائيات امريكية ، وهذا الهدر للأموال والجهود ، يهدف الى ترسيخ مباديء متدنية وبلا قيمة حقيقية ، في نفوس الشباب خصوصاً وإلهاءهم بأمور تافهة غير ذي جدوى ! عندما يصبح النمط الغربي الامريكي ، مَثَلاً يُحْتَذى ، والرأسمالية المتوحشة غايةً تُبْتغى ، عندها نستشعرُ خطر الجانب المظلم من العولمة الهاجمة علينا . فها هو " تايغر وودز " لاعب غولف أمريكي ، دخله السنوي ( 100 ) مليون دولار . رجلٌ يتبختر في مشيته على العشب الاخضر ، يتبعه تابعٌ انيق يحمل له العصي التي سيضرب بها ضرباته السحرية التي يصفق لها المصطفون على الجانب من علية القوم البرجوازيين ، رجلٌ كل إنجازه هو إدخال الكرة الصغيرة في الحُفر المخصصة بأقل عدد من الضربات ، ويجني دخلاً سنويا مئة مليون دولار ! على مدار السنة يحصل على ( 11416 ) دولار في الساعة الواحدة ! اي مايعادل راتب ثمانية عشر شهر لمهندس عراقي في سنة2008 ! اليس هذا عالَماً مجنوناً ؟ على اية حال ، لسنا محرومين من " الغولف " ، فمُحررينا الأمريكان أنشأوا ملعباً ملحقاً بسفارتهم العملاقة في المنطقة الخضراء ! " جيزيل بندشن " ، عارضة أزياء ، تعمل في مجموعة " فيكتوريا سيكريتس " للملابس النسائية الداخلية ، تحصل سنوياً على ( 35 ) مليون دولار إضافةً الى ( 6 ) ملايين دولار من شركة " نيفيا " لمستحضرات ترطيب البشرة والتجميل . فيصبح المجموع ( 41 ) مليون سنوياً . اي انها بدعايتها الحية لملابس نسائية داخلية واستعراض سيقانها العارية ، تجني في الساعة الواحدة " طوال السنة " ، ( 4680 ) دولاراً ، اي مايقابل راتب ثمانية عشر شهراً لعاملة نسيج عراقية ! عشرات الامثلة على تحول " الرياضة " و " الفن " الى سلعةٍ تُباع وتُشترى ، في النظام الرأسمالي العالمي المهيمن ، ماكنة الإعلام الغربي والامريكي خصوصاً ، من خلال الافلام والبرامج والمسلسلات والعاب الاطفال والتقنيات الحديثة ، تحاول بكل قوة ان تفرض النمط الغربي الاستهلاكي ، وتمجد " الفرد " على حساب " المجموع " . ما يهمني هنا ، هو التحذير من المظاهر السلبية ، التي بدأت بالنمو في العراق عموماً وأقليم كردستان خصوصاً ، بالنسبة الى تقليد اسوأ الجوانب الاجتماعية للرأسمالية ، مثل الهوس للإثراء السريع بأية طريقة ولو كانت غير مشروعة ، وكنتيجة منطقية لهذا الإغتناء الصاروخي ، الميل الى التبذير المُبالغ وخاصةً في دول الجوار ودول جنوب شرق آسيا . ان تهاون السلطات في مراقبة ومتابعة ، مصادر الثروات . وتقاعسها في توجيه المجتمع نحو إحترام و تقديس العمل المنتج ، وإعتمادها على توزيع الرواتب على قطاعٍ عام مترهل وعلى " الكوادر " الحزبية على نطاق واسع كجزء من كسب الولاء ، يؤدي بالنتيجة الى تفشي الإتكالية والبطالة المقنعة والإستهلاكية . هذه الصفات إذا تَفّشت في مجتمعٍ ما ، فأنه لن يصمُد امام اي هّزةٍ عنيفة قد تحدث ، في هذا العالم المضطرب المجنون !
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مُدُنٌ مُقّدسة .. ومُدنٌ غير مُقّدسة !
-
كركوك ..التصريحات النارية لا تخدم الحَلْ !
-
سوران مامه حمه ..شهيدٌ آخرْ ..ضحية الفساد
-
الإمام الكاظم لا يريدُ مَزيداً من الضحايا !
-
- جا العَصِغْ ..بنالو قَصِغْ - ..جاءَ عصْراً .. وبنى قَصراً
...
-
كركوك من ثلاثة زوايا !
-
الى إرهابيي وعصابات ديالى : إهربوا أو إختفوا !
-
ميزانية أقليم كردستان 2008 ..ملاحظات
-
العراقُ أولاً ..العراقُ أولاً !
-
لتَكُنْ وزارة الداخلية للعراقِ كلهِ وللعراقيينَ جميعاً
-
أكاذيب البيت الابيض ..أكاذيب الحكومة العراقية !
-
أحزاب الاسلام السياسي ..مُفْلسةٌ ومنافقة !
-
هل الموصل ينبوعٌ لتفريخ قادة الارهاب ؟
-
حماية وزير التربية العراقي ..عصابة كاوبوي !
-
السيادة العراقية على إرتفاع 32001 قدم 1
-
عيبٌ عليكمْ .. خِزيٌ عليكمْ !
-
لَقطات برلمانية !
-
اُستاذٌ جامعي يُكّدِسُ أسلحةً ثقيلة !
-
آنَ الأوان .. في كردستان !
-
حكومة - دولة العراق الإسلامية - !
المزيد.....
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
-
جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع
...
-
نقل الموناليزا لمكان آخر.. متحف اللوفر في حالة حرجة
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|