أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - شجرةُ البون بون














المزيد.....

شجرةُ البون بون


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2346 - 2008 / 7 / 18 - 11:07
المحور: الادب والفن
    


أهدي بيتهوفن سيمفونيتَه الثالثةَ، «البطولة»، إلي نابليون بونابرت، حينما ألغي الملكيةَ وأعلنَ قيامَ الجمهورية الديمقراطية الفرنسية.

ثم شطبَ الإهداء حينما انفرد نابليون بالسُّلطة ونصَّبَ نفسَه إمبراطورا مدي الحياة نهاية عام ١٨٠٤، هذا ما تعلّمناه من الموسيقار د. فتحي الخميسي في إحدي محاضراته.

ليس هذا وحسب، بل شرح لنا يومها تفاصيلَ كلِّ حركة موسيقية: لماذا الآلاتُ كثيفةٌ هنا، ورهيفةٌ هناك؟

وكم طبقةً موسيقية في هذه الحركة؟ وما دلالةُ قرع الطبول القوي هنا، والإيقاع النُّحاسي الحاد هناك؟ وماذا يجري في خلفيات اللحن من طيوفٍ خافتة كأنها أرضية اللوحة الموسيقية.

جعلنا الخميسي «نقرأ» الموسيقي، ونشاهدُ بآذاننا، ملحمةَ الثوّار وصراعهم مع السُّلطة لحظةً بلحظة! يومها هتفتُ باندهاش وحسرة، وخجل أيضا: «يا خبر! ده إحنا بقي «سَمّيعة» صدفة يا دكتور فتحي»!

قبل هذه المحاضرة كنتُ أعتبرُ نفسي «سَمّيعة» مزيكا كلاسيك محصلتش. لو سألتني عمَّ أحبُّ ولمَ؟ سأجيبكَ «بكلِّ ثقة وسؤدد»: أعشقُ تشايكوفسكي. لأن مقطوعة «آنّا كارنينا» تشحنُني بالدفء، حتي لأشعرَ أنني في قصة حبٍّ دائمة. أما «جِنية شجرة البون بون» فتردُّني رأسا إلي طفولتي، فأكاد أملأ غرفتي رقصًا وتنطيطًا. بينما «بحيرة البجع» تجعلني أشعرُ أن العالمَ حُلوٌ وراقٍِ ورائقٌ ويستحقُ جدا أن يعاش!

وأن البشرَ، جميعَهم، جميلون وطيبون مُحبّون مَحبوبون! وأن لا مجالَ ثمة لكراهية أو عداء أو تكشير أو كلمة نابية.. الكلُّ أرستقراطي وأنيقٌ وسامٍ، روحا وخُلُقا، وليس طبقةً. أما باخ، يا عيني علي باخ وسنينه! يجعلني أري البشرَ وقد غدوا صبيانا وصبايا،

يتحلّقون متشابكي الأيدي في دائرة واسعة قطرُها كوكبُ الأرض. البناتُ يشبكن زهورا في جدائلهن مثل فتيات تاهيتي، وأما الشباب فعلي كتف كلٍّ منهم يمامةٌ بيضاءُ في مِنقارها فرعٌ أخضرُ وعودُ فلّ. لا يكفّون، منذ الأزل وحتي الأبد، عن الدوران والغناء علي نغمات إكسليفون باخ العذب.

أما بيانو شوبان فيجعل خفقات قلبي تتسارع حتي يقفزَ من صدري، فأقفزُ وراءه وأقبضُ عليه ثم أعيدُه إلي مخبئه. فيما سونتّات موزار ترسمُ لي دولفين رماديا ناعمًا يرقص في بحيرة زرقاء، يغطسُ برأسه ويضربُ بذيله سربًا من البالونات، أمدُّ يدي فأمسكها، بينما «الفصول الأربعة» لفيفالدي تردّني لأيام المدرسة الأولي.

الفرحةُ بالكراسات الجديدة والأقلام المبرية والحقائب اللامعة. أما فاجنر، حتي في مقطوعاته التي تصف مغامرات وصيفات الإله أودين، فيعيدني إلي يوم عُرسي، حيث يتوقف العالمُ عند فستانٍ أبيضَ بكرانيشَ واسعةٍ، وذيلٍ طولُه سنواتُ عمري. أليس هو صاحب مارش الزفاف الأشهر؟!

كل هذه التحليلات «العبقرية»، لم أعد أجرؤ علي قولها بعد محاضرة د. الخميسي القيمة، التي جعلتني «أتأدب»، وأخجل من مجرد ذكر أنني أسمع الموسيقي.

كم نحن فقراءُ في معرفة هذا العالم الساحر! فما كان من السِّحر إلا أن حجبَ نفسَه عنّا بكبرياء.. أليس للموسيقي كبرياء! وكم مقصّرةٌ في حقِّنا وزارةُ التعليم حين غيبت عن مناهجها الثقافة الموسيقية والتشكيلية.. نتفرج علي اللوحات فنقول يا سلام! الله، الله!

لكن كم واحدا منّا، نحن غير المتخصصين، قادرٌ علي «قراءة» لوحة تشكيلية، أو «قراءة» قطعة موسيقية، سواء غربية، أو عربية لعمر خيرت مثلا أو لعمرو إسماعيل؟ والله حرام! المصري اليوم-30/6/08



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قارئة الفنجان
- هنا فنزويلا
- اِستمرْ في العزف يا حبيبي!
- لسه الأغاني ممكنة؟
- ارفعْ مسدسَك عن أنفي، أُعْطِكَ فرجينيا وولف
- سؤالُ البعوضةِ والقطار
- ترويضُ الشَّرِسة
- مَن يخافُ -حين ميسرة-؟
- ولم يكنِ الفستانُ أزرق!
- أعوامٌ من النضال والاعتقال-مشوار فخري لبيب
- إلى أين تذهبُ الشمسُ... يا جوجان؟
- انظرْ حولك في غضب
- ثقافةُ الوقوف في البلكونة !
- بالطباشير: فقدانُ الهالة
- داخل رحم
- الأحدب والجميلة
- ناعوت: «الهدم والبناء» في الوعي أصعب من «المعمار!-
- السوبر قارئ
- عينا الأبنودي
- اِصمتْ حتى أراك!


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - شجرةُ البون بون