أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - الموت الرحيم














المزيد.....

الموت الرحيم


أشرف بيدس

الحوار المتمدن-العدد: 2338 - 2008 / 7 / 10 - 04:44
المحور: الادب والفن
    


تلين الفكرة العنيدة.. نروضها.. نجملها.. نطوعها..نشكلها.. نزرعها ونرويها ونقطفها، نحصدها ونطحنها ، نخبزها ونأكلها، ونصنع منها فطائر للأعياد والأموات.
نقرأ في مفكرة الأيام .. نبحث عن أيام قادمة بيضاء غير تلك الأيام السوداء .. .. ننبش في الرماد والأنقاض والأطلال والخراب لنستخلص حكايات جديدة وبطولات جديدة. نفك رموز اللغات المرسومة علي الحوائط والمعابد والأديرة.. ونستشف أشياء تكون عوضا عن حالات الفرقة والقهر التي لازمتنا سنينا طويلة..
إذا متنا .. تصبح الأرض بلا حياة .. والشمس بلا سماء.. والزهرة بلا عبير.. والنهر بلا ماء.. لذا لن تموت الحياة ما دمنا نعيش.. فالحياة تعيش فينا.. ونعيش نحن في الحياة..
سيأتي يوم نخلصكم فيه من عذاباتكم، بمنحكم الموت الرحيم حتي تنتهي آلامكم المبرحة المفزعة، ولسوف تمضي نوبات جنونكم بغير رجعة وسوف تصحبونها في رحلتكم الأخيرة.. ولسوف نشفق عليكم بعد رحيلكم..
لأنهم يريدوننا في آخر الصفوف.. وآخر الحكايات.. وآخر الشعوب.. يفزعهم كثيرا رؤيتنا.. مجرد رؤيتنا.. يحاولون غض النظر عنا.. لكننا نعترضهم في كل مكان .. في الريح والمطر ، في الجو والبر والبحر، في الشوارع والبيوت والميادين، في الباصات وعلي موائد الطعام وداخل أحلامهم الليلية.. يطلقون رصاصاتهم وصواريخهم علينا فترتد إليهم .. تفزعهم وتقلق نومهم وتزلزل حياتهم .. وتجعل من شوارعهم المرتعدة ضجيجا وفوضي..
ولأنهم يريدوننا في آخر الصفوف.. وآخر الحكايات.. وآخر الشعوب.. يملون علينا الشروط والممنوعات كل صباح.. ويشددون علي ألا نخرق الاتفاقات المكتوبة بحبر أبيض لا تري حروفه.. يتعهدون في الغرف المغلقة باتباع الأمن والوئام.. وفي الشوارع يقذفون الآمنين بالصواريخ .. ويفتكون بنا.. ويبررون بأنه من دواعي الأمن والأمان القضاء علينا في وضح النهار..يبثون عبر التصريحات الطائرة والمسافرة مع العلم أنهم ينوون اقتسام حرارة الشمس معنا، وعندما يحل الليل يحتفظون بالقمر لأنفسهم ويسرقون النجوم، ويعدوننا باقتسام الزيتون ، وعندما نفلح الأرض يأخذون النصف ويحرقون الآخر..
آن للحنطة أن تنضج
في مرج ابتهالاتي الفسيح
آن أن ينزل عن صلبانهم
حبي
وشعبي
والمسيح
سميح القاسم
علي شحيح الضوء نعيش أيامنا نصف المظلمة، نحاول أن نضئ المكان، فلا مصابيح ولا زيت ولا دفء، تبدو الشوارع دامسة عاتمة حالكة.. فنفقد بعض الرؤية..نتحسس الأمكنة والأثاثات.. ولأن وجوهنا تحمل ملامح المكان، تدلنا الريح علي مساعينا ومآربنا .. نستعيد من المكان رائحة الماضي، فتتبدد الغربة.. ويصير التآلف..
يفرجون عن شبابنا من سجونهم العامرة الظافرة بأبنائنا.. وبعد ساعة واحدة،، يوقعون قراراً آخر باعتقالنا لدواع أمنية أخري..
لا يخفينا دوي القنابل، فقد تعودنا عليه، نصحو وننام علي صوت الموت المتحشرج في أرجاء الغرفة..
بيوتنا مليئة بالصور المعلقة علي الجدران للشهداء والأحباب .. ونلقي عليهم كل ساعة التحية، ونعدهم باللقاء.. تبدو المسألة بالنسبة لنا محسومة مألوفة.. لا نهاب الموت.. فهو يسكن ويأكل معنا.. وأحيانا يلهو مع الأطفال في الشارع والحارة والمدرسة.
سوف تنفجر أرصفة المدن وتبتلع الغزاة .. لا يعيش هذا العهر في زمن البطولة.. بيننا وبينكم ساحة قتال.. ليس لدينا ما نبكي عليه، ولن نخسر أكثر مما ضاع.. بيننا وبينكم جولات كثيرة في الصمود والتحدي، أنتم وما تملكون من ترسانات ونحن وما نملكه من إيمان.. بيننا وبينكم حكايات لم ترو بعد.
لن تهنأ لكم الحياة.. ولن نكون لقمة سائغة.. بيننا وبينكم نضال طويل طويل.. أطول من خرافاتكم وادعاءاتكم.. أغلي ما تملكون أرواحكم وأرخص ما نملكه أرواحنا.. وسوف تنبئ الأيام عن الحكايات الجديدة..
افتحوا صفحات الأيام.. واقرأوا جيدا السطور الأخيرة.. فليس كل كلامنا شعراً، وليست كل حروبنا صغيرة.. افتحوا صفحات الأيام وتفحصوا الوجوه والشخوص والعبارات المريرة.. واقرأوا بأي لغة تجيدونها عبرية أو بربرية أو عنصرية.. فالكلمات علي الأحداث تشهد .. لا تحريف ولا تجريف ولا تخريب..
لا داعي للعنف المبالغ فيه، فأنتم أدري الناس بنا.. كم قتلتم وسجنتم وذبحتم وشردتم وسرقتم وكذبتم..تري.. هل فترت عزائمنا وثبطت هممنا.. لم يتغير شئ فينا.. لا تلعبوا معنا لعبة الترغيب والترهيب..لا هم لنا سواكم.. ولن نفرط في شبر من أراضينا..ولن نأخذ تعويضات من جلادينا.. ولن نبيع أوطاننا..
افتحوا صفحات الأيام تنبؤكم، لكي تعرفوا، وأنتم تعرفون جيدا فمازالت مرارتنا في حلوقكم وأحشائكم وفي تفاصيل نهاركم ولياليكم..
مدينتنا تكبر كل يوم وتنمو.. ليس صحيحا أنكم تسرقون أوطاننا.. فهذا خيال .. رغم العراقيل الأسمنتية والبوابات الإلكترونية مدينتنا تكبر كل يوم وتنمو.. في الأحداق تكبر.. في عقد ياسمين يلتف علي عنق وفاء ونضال.. في ضفيرة طفلة ترتدي ثوب العيد .. في تكبير مؤذن من فوق مئذنة مكسورة .. في بكاء عجوز تنتظر النصر في وشاح شتوي .. مديتنا يا سادة تكبر عندما يلتقي الندي ببرعم ينمو ويترعرع ويزدهر علي قبر شهيد ..



#أشرف_بيدس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد السلام النابلسي : حسب الله السينما المصرية .. فقر و-عنطز ...
- عاطف الطيب : رادار الموهوبين
- سينما ما بعد النكسة : تكذب .. ولا تتجمل
- بهيجة حافظ : بنت الإسكندرية الارستقراطية التي عشقت الفن
- خطاب التنحي: وانتفاضة الجماهير في 9و1. يونيو
- الإرهاب في السينما : تخاذل مقصود أم وعي مفقود
- في عام النكسة : السينما لم تدفن رأسها في الرمال
- سينما نجيب محفوظ : واقعية وجريئة
- المرأة والسينما والانتخابات
- سعاد حسني في ذكراها السابعة: حالة خاصة جداً
- فؤاد المهندس سفير الكوميديا
- شبح اللمبي .. يطارد محمد سعد
- يوسف شاهين : تنويعات من التمرد والغضب والحب
- «الأم» في السينما المصرية.. نهر متدفق من العطاء
- فوضي حالات الاستثناء
- من «قيافا» حتي «اولمرت»00 يمتد طريق الآلام
- فلسطين 00 توابيت وأكفان
- وطن ينزف شعبا
- ضاقت مساحات الوطن
- يا جبل ما يهزك ريح


المزيد.....




- وزير الثقافة التركي: يجب تحويل غوبكلي تبه الأثرية إلى علامة ...
- فيلم -استنساخ-.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي
- بردية إدوين سميث.. الجراحة بعين العقل في مصر القديمة
- اليمن يسترد قطعة أثرية عمرها أكثر من ألفي عام
- -قره غوز.. الخروج من الظل-.. افتتاح معرض دمى المسرح التركي ف ...
- لقطات -مؤلمة- من داخل منزل جين هاكمان وزوجته وتفاصيل مثيرة ح ...
- من السعودية إلى غزة.. قصة ’فنانة غزية’ تروي معاناة شعبها بري ...
- سفير روسيا في واشنطن: الثقافة يجب أن تصبح جسرا بين الدول
- شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين السوريين -لإنكارها الجرائ ...
- -لإنكار الجرائم الأسدية-.. نقابة الفنانين تشطب سلاف فواخرجي ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - الموت الرحيم