أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - اصلاح جاد - الغاء قانون الاسرة العراقي: الهدف ليس حقوق المرأة بل تقسيم العراق














المزيد.....

الغاء قانون الاسرة العراقي: الهدف ليس حقوق المرأة بل تقسيم العراق


اصلاح جاد

الحوار المتمدن-العدد: 718 - 2004 / 1 / 19 - 06:18
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في قرار مفاجئ قرر مجلس الحكم الانتقالي العراقي، قبل عدة أيام، الغاء قانون الاسرة العراقي الموحد واصدار القرار 137 والذي بمقتضاه ستحال قضايا الاحوال الشخصية للاسرة العراقية لتصبح من اختصاص كل طائفة دينية على حدة. القرار أثار حفيظة عدد من النساء العراقيات فوزيرة الاشغال العامة (نسرين برواري) في مجلس الحكم مثلا رأت أنه لا يتسم بالشفافية ولم تسبقه مداولات ديمقراطية كافية. كما رأته نشيطة نسائية أخرى (زكية خليفة) بأنه سيضعف العائلة العراقية.
الواقع ان القرار مثير للاستغراب، فبينما تعارض ادارة الاحتلال الامريكي اجراء انتخابات ديمقراطية لاختيار حكومة تمثل الشعب العراقي خوفا من تحول العراق لدولة دينية (ثيولوجية) يسيطر عليها الشيعة، نرى أن مجلس الحكم يقوم بنفسه بهذا التحول وبقرارات فوقية. قد يرى البعض ان مجلس الحكم يريد أن يقدم تنازلات او يأخذ بالاعتبار الطوائف الدينية المختلفة المكونة للعراق خاصة في قضايا ليست مصيرية. فأحوال الاسرة دائما ينظر لها كقضايا غير سياسية وتقدم سيطرة شكلية للطوائف الدينية المختلفة.
ولكن قراءة متأنية للقرار بالامكان القول أن الهدف منه ليس ارضاء الطوائف الدينية شكليا وليس رغبة البعض، خاصة في مجلس الحكم الانتقالي، في معاداة المرأة العراقية أو في ترتيب البيت العراقي بطريقة اكثر "ديمقراطية" تتيح للاقليات المختلفة قدر أكبر من الحرية في تقرير شوؤنها الخاصة (العائلية). فالقرار لا يمس الشأن الخاص العراقي قدر ما يضرب في الصميم الشأن العام العراقي. الهدف من القرار ليس المرأة العراقية أو الاسرة العراقية ولكن الهدف هو الدولة العراقية المكون الأساسي للأمة العراقية. هدف القرار هو دق أسفين عميق الأثر في وحدة العراق دولة ومجتمعا، هو خطوة هامة في طريق "لبننة العراق".
للتذكير، نرجع للمنموذج اللبناني والذي لا يوجد فيه قانون أسرة موحد ولكن يرجع لكل طائفة دينية تنظيم أمورها "الشخصية" وبالتالي الطائفة المارونية مثلا تعمل على الحفاظ على بقائها ?"نقائها" وبالتالي يصبح من الطبيعي أن تعارض وتقاوم الزواج من الطوائف الاخرى. نفس الامر ينطبق على بقية الطوائف الدينية الاخرى سواء اكانت مسلمة او مسيحية. هذه القوانين تضع الفرد والاسرة تحت سلطة السلطات الدينية المختلفة وتمنع الانصهار في اطار بوتقة وطنية واحدة تجمع كل اللبنانيين واللبنانيات. ناهيك عما تخلقه من مشاكل في حال الزواج المختلط (والذي يضطر من يريدونه السفر للخارج لانجازه) لما يخلفه هذا الزواج من مشاكل للاطفال وحقوقهم وايضا لحقوق النساء. وبما ان هذا الزواج غير معترف به "طائفيا" واصحابه يقيمونه في الخارج فهذا يعني ان من يقدمون عليه هم من شريحة الاغنياء والذين يستطيعوا تغطية مصاريف السفر والزواج والاقامة في الخارج.
المحاولات المستمرة لتغيير قانون الاسرة اللبناني من طائفي الى مدني تصدت لها بشكل مستمر الزعامات الدينية المختلفة والتي تنازع سلطة الدولة على الاقليات المختلفة. كما أن الاطراف الطائفية في الدولة تعارضه ايضا لبقاء الدولة قائمة على أسس طائفية. فقوانين الاسرة الطائفية مرتبطة ايضا بالعديد من المدارس الطائفية والتي ترسخ تبعية الفرد من طفولته لطائفته وليس لدولته او لامته. وغني عن القول هنا أن العديد من الدارسين الذين حللوا الحروب الاهلية اللبنانية ارجعوا كأحد أسبابها القوانين الطائفية التي تحكم الفرد والعائلة اللبنانية وبالاخص قوانين الاحوال الشخصية الطائفية.
القرار ايضا يعيد للأذهان السياسات "الكلاسيكية" للقوى الاستعمارية المختلفة التي تعاقبت على المنطقة. فالانتداب البريطاني على فلسطين مثلا في بدايات القرن العشرين عمل على الغاء محاكم الدولة العثمانية التي كانت تطبق قوانين الممل المختلفة في محاكمها وارجع امور تلك الملل لرؤساء الطوائف الدينية وهو ما اثار احتجاجات عديد من النساء المسيحيات الفلسطينيات في ذلك الوقت، اذ ان القرار أذن بوضعهن تحت سلطة قوانين كنسية ترجع لزمن الامبراطورية البيزنطية ودون أية كفاءة قانونية لدى تلك الطوائف لتطبيق تلك القوانين العتيقة. نفس الامر بالنسبة لدولة اسرائيل والتي لم تترك حق لفلسطيني لم تنتهكه وتأتي لكي تحقق "حرية" الطوائف المختلفة في اقرار شؤونها "الداخلية" بأن كرست السلطة الدينية والمحاكم الشرعية للطوائف المختلفة. فالمستعمرين لم يتركوا حقا للمستعمر بدون انتهاك ولكن عملوا دائما على "احترام تقليدية" المجتمعات التي يخضعونها.
ان الاولى في رفض القرار والتنديد به ليس فقط المرأة العراقية ولكن كل المتشدقين "بديمقراطية" الاحتلال ? "ليبراليته" كما كل القوى الوطنية التي تعمل على وقف تقسيم العراق الى طوائف عرقية ودينية ليس فقط من خلال مؤسسات عامة ولكن ايضا من خلال أخص خصائص كل فرد وأسرة في المجتمع العراقي. كما أن الأمر ايضا يتطلب وقفة متأنية من الزعماء الدينين خاصة للشيعة بأن يروا في هذا القرار دعوة حق يراد بها باطل فالأولى أن ينتخب الشعب نوابه وعندها يتم التداول في الأمر وليس قبل ذلك.

اصلاح جاد
أستاذة العلوم السياسية والمرأة
جامعة بير زيت/ حاليا جامعة لندن  

 



#اصلاح_جاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول موضوع - اليسار المصرى .. والتيار الإسلامي .. والديمقراطي ...


المزيد.....




- الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن ...
- ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
- مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
- بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية ...
- استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا ...
- الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
- ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية ...
- الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي ...
- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
- فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - اصلاح جاد - الغاء قانون الاسرة العراقي: الهدف ليس حقوق المرأة بل تقسيم العراق