هادي ناصر سعيد الباقر
الحوار المتمدن-العدد: 2283 - 2008 / 5 / 16 - 10:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
مقدمه :
في العصور الغابره لم يكن لأي احد معرفه بهذا المصطلح ... وكيف ان تكون للانسان حقوق ؟! وأي انسان هذا ؟ ! .. فالناس
اصناف ودرجات ! ... ولو جاء (( الناس سواسية كأسنان المشط )) ... الاّ أن احدا" لم تكن له الجرأه بأن يطالب أسنان المشط
ان تكون سواسيه ! ... لا عن قصد جرأة ولا عن ايمان غفلة .. فكان الجهل نعمة فالظلم سنّة في الحياة ( الحر يشقى بالنعيم
وذوو الجهالة بالشقاوة ينعم )) . فكان الأنسان و الشعب العراقي يذبح ومذبوحا" على طول التاريخ .
ولكن الآن نحن بعصر اخذ يردد وقد يطالب (( بحقوق الانسان )) , اما ان يكون هناك وجود (( حقوق الانسان .. كسلوك في التعامل
اليومي )) .. فهذا قد يصل اليه الانسان في النصف الثاني من هذه الالفيه ...فنحن لانزال نعيش بامتداد لعبوديه عصر الحصان
, ذلك الحيوان الذي ما ان تم اكتشافه وتدجينه : حتى تمكن الانسان من ان يغزو غيره ويستعبده ... وبدأت عصور الامبراطوريات و
الاستعباد والرقيق , وكان الايمان بان الناس هم درجات ومراتب ولا يمكن ان يكونوا سواسيه , فوجودنا ان نكون للغير عبيدا" ...
اما ان نرضخ للقوي ونكون له عبيدا" : بالمدح او التبعيه ... او ان نكون عبيدا" للظلم والوحشيه ... نقترفه بقتل واضطهاد
الآخرين والاستحواذ على ممتلكاتهم وجهودهم وتسخيرهم لمآربنا ... او ان نكون ضحايا للظلم : فنحن في كلا الحالين عبيدا"
ظالمين كنّا أم مظلومين ...
أيمان أم دعوه:
فهل نحن حقا" نؤمن بحقوق الانسان ؟! ام نحن دعاة لها ؟! وهل انا في يقظتي ومنامي اعبّرعن ايماني بحقوق الانسان ؟! ام انه
اصطلاح اتخذناه , بأضيق دوائر افقنا , وسيلة" لورشاة عمل وندوات : بغية الحصول على الدعم المادي من جهاة نحن
مسخرين طائعين لما تريد .. وهنا نحن بذلك قد نستحوذ على فرص المساواة من الغير . ولحد الآن لم يستطع احد ان يجعل
الفرص متكافئه للجميع .. وهي من (( حقوق الانسان )) .. فأنتي ترين لحقوق الانسان معان وصور كثيره قد يصعب علينا ان نقبل
بها او ببعضها .
مؤتمر بحمدون :
ان اول مرّه سمعت به منطقتنا والشرق الاوسط , باصطلاح (( حقوق الانسان )) كان في نهاية الاربعينات , وهو عندما عقد مؤتمر
(( حقوق الانسان في بحمدون )) في لبنان ... وعندما رد على الدعوه اليه العلاّمه ( محمد حسين كاشف الغطاء ) برسالته
المشهوره (( حقوق الانسان في الاسلام لا في بحمدون ))... فأحدث الموضوع في المنطقه نقاشا" على كافة المستويات تردد
فيه (( اصطلاح حقوق الانسان )) لفترة طويله , ولعل مجتمعنا العراقي كان قد بدأ لأول مرّه يتحسس معنى هذا المصطلح .
الدين والناس:
ان هناك فرق شاسع بين الدين الاسلامي والمسلمين والدين المسيحي والمسيحين واليهودي واليهودييه والبوذي والبوذيين ..
وهكذا في كل الديانات ... فهناك فرق شاسع بين كل ما نكتب وبين ما نؤمن به وبين ما نتعامل به ونسلك . ... فنحن بسلوكنا اليومي
قد نكون ابعد ما نحن عليه عن (( حقوق الانسان )) واحترامه . نحن في دخيلة انفسنا ورغباتنا (( حواسم )) .. اذ اعطينا العدوان على (( حقوق الانسان )) صفة التمجيد (( الحسم )) .. اليس من العجيب انّ قاطعي الرؤوس وحارقي الاطفال بغية الشواء .. وسالبي الارواح والممتلكات والجهود والمستحوذون على جهود المبدعين والمدعين بما ليس لهم .. كل هؤلاء ايضا" ينادون (( بحقوق الانسان )) .
الديمقراطيه وحقوق الانسان :
وفيهم من يدعون : بان الديمقراطيه و ( حقوق الانسان ) .. بانهما من الكفر والبدع تم اهدار دم من ينادون بها , بفتوى .. وهؤلاء يطالبون بالرجوع الى عصر الخلافه , ففي ذلك تامين للأنسان حقوقه .. لقد نجح الخلفاء الراشدون .. وفشل نظام الخلافه لسعة رقعة الدوله المترامية الطراف .
لقد كان هارون الرشيد يحج سنه ويغزو سنه ... فلم يتبق لديه وقت للنظر في (( بحقوق الانسان )) ... و كان يتظر الىالسماء و
ويناجي الغمام (( اينما تمطر فان خراجك سيكون لي )) ..
الثوره الفرنسيه :
أن مفهوم واصطلاح (( حقوق الانسان ))ورد لاول مرّه بالتاريخ في مبادىء الثوره الفرنسيه , وقبل قيامها :
(( الأخوّه ----- المساواة ------- الحريه )) وأخذت طريقها للتطبيق بقيام ثورة الاستقلال في الولايات المتحده
الأمريكيه وادراجها في الدستور ... ثم ظهرت ديباجتها بقرار منظمة الامم المتحده عام 1948 ثم اصدرت المنظمه اتفاقيتها وبدأت
الدول بتوقيعها الواحده تلو الاخرى لاعتبارها مصدرا" للتشريع , وقد صادقت حكومة النظام المقبور في السبعينيات عليها . الاّ ان النظام المقبور عمل على عدم الالتزام بها اذ قام بقبر الانسان وحقوقه .
المنظمه وحقوق الأنسان:
انّ منظمتنا (( منظمة المتطوعين الأنسانيه للسلام الاخضر العراقيه )) هي منظمه انسانيه بيئيه : تقوم على مبادىء حقوق الأنسان
والحياة والوجود . وهي مبادىْ ثلاثه وهي : 1- الأخوّه الانسانيه 2- اخوة الحياة 3- اخوة الوجود .
فالبشر متساوون في كل شيىء وفي الأصل , ونحن ضد ما يمس حقوق بني الانسان اينما كانوا . والبشر والاحياء من اصل واحد
. وكما نظر ذلك الراهب الاوربي الوجودي .. الى الطير فناداه (( اخي الطير )) .. فأنا لاأتردد من مناداة (( الحمار )) .. أي أخي
(( الحمار )) .. (( بسم الله الرحمن الرحيم : .. وما من دابة في الارض ولا طير يطير بجناحيه الاّ امم امثالكم .. )) ... والحمار
ليس غبيا" .. بل انه ذكي , واعطي صوتا" نكيرا" يرفعه محتجا" به اذا ما أوذي مناديا" الفرج ... ويبدو لدينا ان الحمار قد فقد
صوته .. اذ لم ير في اطلاقه نفعا" .. بل انه اخذ يتعلّم الصبر من العراقيين والمهجّرين .. وهذا من مواطن الذكاء والفرج .
فمنضمتنا تدعو الى حماية الحياة وتوفير حقوق الأحياء جميعها المأكوله والآكله ... وكذلك فمنظمتنا تدعو الى المحافظه على
الوجود المادي في الطبيعه وعدم العبث فيها وتخريبها .. ((كلكم لآدم وآدم من تراب )) . .. فكفا تخريبا" وتلويثا" لبيئة
العراق وحياة العراقيين واحيائه .
الأنسان وحقوقه:
كبف ؟ ومتى يصل الانسان الى حقوقه ؟؟ ... هو عندما يصل ويتمكن الأنسان من حكم نفسه بنفسه .. دون وصي ووصاية من احد
فقد ابان ارسطو : بان على الشعب في نهاية المطاف ان يستلم السلطه ويمارسه مباشرة" بنفسه . ولكن كيف يتحقق للشعب ان يستلم السلطه بنفسه ؟؟يتم ذلك بممارسة الديمقراطيه واقامة مؤسساتها التي تمكن الشعب من ان يتخذ قراره .. ولكن كيف ؟؟
الديمقراطيات الحديثه مارست اولا" الانتخاب السري المباشر فقامت البرلمانات المنتخبه .. ولما ظهر بها نوع من العجز .. قامت
جنبها الصحافه الحرّه لتساعد على نشر الشفّافيه وجعل الحقيقه مكشوفه غير مخفيه , ثم لتقوم انتخابات المجالس البلديه وعلى مدار
السنه .. ولمّا لم يزل الشعب بعيدا" عن هدف وصوله الى الديمقراطيه الكامله .. تم الاهتداء اخيرا" الى قيام (( منظمات المجتمع
المدني الغير حكوميه )) حيث تمثل كل منظمه شريحه اجتماعيه بآلامها وآمالها .. وهذا تفسير لرأي أرسطو (( ان يتولى السلطه
الشعب بنفسه ))... لا بالوراثه الملكيه ولا بالجمهوريه الوراثيه .. ولا المنصبون انفسهم بالحق الالهي .
ففي تمثيل هذه المنظمات وتحقيق مطالبها .. هو تحقيق (( حقوق الانسان )) . حقوق الانسان : هو في تحرير المرأه في العراق من العبوديه التي تعيشها .. سلعه للمقايضه في العرف العشائري والتأويل الديني , سلبها حرية الاختيار فكان وضعها هذا خلق اجيال من التشّوة الخلقي والسلوكي العنيف .. مسلوبة الحق في الحب واختيار شريكها جعلها تنقل ما تشعر به من غبن الى الاجيال فورثت سلوك الشعور في الغبن .. فكان هذا ميراثا" اجتماعيا" .. كذلك هذا انتقل كأرث وراثي عن طريق الكروموسومات كصفاة شاذه .. نرى الطبيعه قد اعطت الانثى الحق في اختبار الاحسن الذي ترغبه لها , وبذلك تنقل الصفاة الجيده .. ولكن اجبار الانثى على غير ما ترغبه يؤدي الى اجيال متدهوره شاذه خلقة" وسلوكا" .. فعلى المرأه ان تناضل في سبيل حقوقها الطبيعيه , وان تدرك ذلك .
ماذا عن العراق :
سيدتي المحترمه :
الا ترين اين نحن الآن ؟ نحن لازلنا نطالب الدوله بالموافقه على اقامة (( مفوضيه عليا لحقوق الانسان ))
وليست المطالبه (( بحقوق الانسان )) لهذا الشعب المظلوم .. المهجّر .. المشرّد ..المرهوب ...المريض..
المسلوبه كل حقوقه .. حاكمه ومحكومه .. وبدلا" من ان يكون اقامة مثل هذه المفوضيه قبل كل شيىْ
من قبل سلطات الدوله ؟؟!!لا ان نستجديها من الدوله .. فهذا انتقاص من حقوق النسان .
نحن لا نطالب فقط بان تكون لدينا مثل هذه المفوضيه العليا , بل وان تكون لهذه المفوضيه اليد العليا و
السلطه الرقابيه على جميع مفاصل الدوله وسلطاتها .. وحتى السلطه القضائيه .. فالقضاء يعيش لدينا خائف
مهمل .. يعاني من روتبن قديم يؤثر علىالعدل واحقاقه يعاني منه المواطن من الوصول الي يقين وصوله
الهيين الى العداله .. اما بيوت العدل ما تعانيه من اهمال في توفير الاجواء المريحه تمكن القاضي وكوادره
من سبيل للعداله .
وأرى ان يكون لهذه المفوضيه كادر كافي ... و فضائيه .. واذاعه .. وان تكون (( مادة حقوق الانسان )) تتشبع
بها جميع برامج المنظمات الغير حكوميه ... ولا ان يتم تعيين اي مسؤول مهما كانت درجته او مستواه
الوظيفي , ما لم يكن حائزا" على مؤهل علمي نظري وسلوكي في مادة حقوق الانسان ... وان يكون
لكل من يتم تعيينه في جهاز الدوله فترة تجربه قبل تثبيته بوظيفته ينجح خلالها من اثبات نجاحه سلوكيا وفهما" وتعاملا" في موضوع (( حقوق الانسان )) ... وبالتأكيد ان يكون لصانعي القرار ونزولا" , دورات ومؤتمرات مستمره في مواضيع (( حقوق الانسان )) .
متىيتحقق للعراق حقوق الانسان ؟؟!!
سؤل احد انبياء بني اسرائيل (( متى يرى الانسان السعاده ؟؟!! )) .. اجاب (( متى اختفت – كلمة السعاده-
من قاموس لغة التداول اليومي ))..
انّ ما يعانيه العراق اليوم هل هو ... بلاء ... ام ... ابتلاء ...
مع جزيل الشكر .
#هادي_ناصر_سعيد_الباقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟