أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمّش - عودةُ كنعانَ / قصة قصيرة














المزيد.....

عودةُ كنعانَ / قصة قصيرة


عمر حمّش

الحوار المتمدن-العدد: 2188 - 2008 / 2 / 11 - 08:15
المحور: الادب والفن
    



من قصص أوسلو
.
الدّرويشُ:

عمر حمّش
في البدء جاءهم الدرويشُ، حامت مسبحتُه أمامه وصاح:
- يا سامعين الصوت، كنعان والله قد ظهر !
رجفوا ثمّ اهتزوا .
- رآه صاحبُه الكفيفُ، وجوارَه جرى الكسيحُ.
وهزّ رأسه للتأكيد:
- كنعانُ بلحمِه ودمِه .
وجاءهم الأخرسُ يجرى:
- كنعانُ في المخيم يا إخوان.
صرخوا جميعا:
- الأخرسُ يحكى.
وبكى الدرويشُ وصاح:
- حي،دايم دايم.
ورمح الدرويشُ، فهرولت الحارات.

الكسيحُ:

حول النُّصبِ كان الكسيحُ، طيرا صامتا يحومُ، حامَ وحامَ، ثم امتشقَ جسدَه واحتضنَ النُّصبَ.
هلّلَ الناسُ وعملوا طوقا، وفى المنتصفِ صاحَ الكسيحُ:
- كنعانُ!
مرّ كطيفٍ في العالي، جسدا ممدودا يطلقُ عينَيه عبَر الكفن الأبيض .
رعدَ الدرويشُ:
- يا مخيمَ البركاتِ!
وركضَ الكسيحُ، فانهالَ من خلفِه الجميعُ .

الكفيفُ:

في الساحةِ الرمليةِ كان كنعانُ، عانقَ الكفيفَ والكسيحَ، وطالَ العناقُ، دوّى الصّمتُ في الناسِ، ولم يقوَّ أن يخترقَه حتى الدرويشُ، انفكّ الثلاثةُ وطارَ كنعانُ، فطارت أفئدةُ الخلقِ المحتشدينَ.
أما الدرويشُ فحجلَ الساحةَ على ركبتيه وهو ينادى:
حي . دايم دايم، ربّك دايم.

الناسُ:

وقالت الناسُ:
- أولُ ما ظهر رآه الكفيفُ، صعد هنا من بطنِ الرملِِ، يقال صَفَرَ الرملُ وتحركَ، وبعدها صعد كنعانُ داخلَ عمودٍ من نارِ .
- استقبله الكفيفُ ملتحماً بالنارِ، فنظفت عيناهُ من شظايا الرصاص .
- بل كان صعودُه من فوَّهة النُّصبِ هناك، تحرّك النُّصبِ ثم اهتزّ، وقيل السّماءُ لمعت، و حَدَثَ برقٌ ورعدُ .
- كان الكسيحُ يروحُ على أرضِ النُّصبِ، ويجيء، فأوقفه كنعانُ بلمسةِ كف .
- جاء من السماءِ تزُفُهُ طيور .
- كنا لا نفهمُ سرَّ مكوثِ الكفيفِ في الساحة.
- طأطئوا وهزُّّوا الرؤوس .
قالت امرأةٌ:
- الكفيفُ مرة ًهمسَ في أُذنِ الأخرس .
سكتت فصاحوا:
- ماذا همسَ الكفيفُ؟
- قال سيأتي يومٌ وتصبح يا أخرسُ فصيحا!
نادي الدرويشُ:
- بركاتك يا كنعان!
وقالت المرأةُ:
- يا فرحةَ مزيونة .
فهتف الناسُ:
- أين مزيونة؟
هبّوا للأزقةِ، تناثروا حتى وصلوا البابَ المشروخَ، فلم يجدوها، كانت غرفتُها خاليةً إلا من بضعِ أوانٍ وثوبٍ على الحائطِ معلقا لكنعان .

اجتماعُ:

حلّ المساءُ.
واحتاروا، أفي فرحٍ هُم أم غمّ؟
- نادت الناسُ:
- يظهر كنعانُ في الليلِ .
- كونوا في كلِّ الأركان.
- ارقُبوا الأرضَ والسماء، وابحثوا أيضا عن مزيونة .
قال صوتٌ:
- نعقد اجتماعا في بيت كنعان.
- الأحوّطُ لنا في بيتِ كنعان .
وصاح صوتٌ:
- أي اجتماعٍ من غير الكفيفِ والكسيح؟
جاء المختارُ ليحضنَ الدرويش، ويهمسُ:
- أنجدنا يا رجل .
أمّا الأخرسُ فصرخَ وهو يلوّحُ من بعيد .
- كنعانُ في المقبرة!
ولهث الأخرسُ، ثم أكملَ:
- رأيتُه نازلا في البدء في زقاقُ المذبحة .
تداخلت الأصواتُ في صوتٍ واحد:
- زقاقُ المذبحة؟
- نعم . سار ببطءٍ في الزقاقِ، تفقده بحنوٍّ، بعدها قفز عدة قفزاتٍ إلى أعالي السواطيحَ متجها إلى المقبرة .
وجاءت للناسِ صورةُ الزّقاقِ:
( كنعانُ ثابتٌ يحصِدُ عساكرَ اليهودِ، ويغادرُ الزّقاق )
قال رجلُ:
- هلكهم يومها بثقةٍ وغادر.
وقال آخر:
- ترك لنجداتِهم قفازَه على الأرضِ، يحرُكُ الوسطي ثمّ غادر.

المسيرةُ:

بجوار السّورِ رجفت السيقانُ، وانذهلت العيونُ، وعلى شواهدِ القبورِ انتصبت شموعُ.
أما السّماءُ فحجبتها الطيورُ، وفي الكفن انتصب كنعانُ، يصوّب عينيه، مخرجا ذراعيه للناس.
نزلت الطيورُ على مهلٍ مهيبٍ، رفّ كلُّ طيرٍ برفقٍ، وحمل شمعةَ شاهد، ودوّت ريحُ ، ثمّ عوت، وتفتحت القبورُ.
كلّ قبرٍ أخرجَ ساكنَه، ليحملَ عصاهُ .
سيقانُ الناسِ تراقصت على السّورِ.
قاد كنعانُ القادمينَ إلى الدنيا.
وكانت الطيورُ تحومُ على الرؤوس.
وهاجَ الناظرون.
داسَ الرجالُ النساء.
ولم يعدْ أحدٌ يعرفُ ابنهُ أو أباه.
وفي الصراخِ تميّز صوتان:
الأولُ صوتُ المختارِ ينادى:
- في عرضِ الله!
والثاني جلجلةُ الدرويش:
- حي، دايم دايم، ربّك دايم .

في الصّباحِ:

قبيلَ طلوعِ الشَّمسِ، صحا الناسُ في المخيمِ مخنوقين، بحثَ كلٌّ منهم عن الآخرِ، وكانَ إذا أراد أن يروىَّ ما رأى، يكتشفُ أن الآخرَ قد رآه، فيزدادُ الاختناق .



#عمر_حمّش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيف عنترة
- حكاية عمران مع لوح الصفيح / قصة قصيرة
- عذراء حارتنا
- تابوت
- منْ يغلقُ النافذة ؟
- خيط القمر / قصة قصيرة
- حمامة الفتى / قصة قصيرة
- جوادٌ أبيض / قصة قصيرة
- ابن آدم/قصة قصيرة


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمّش - عودةُ كنعانَ / قصة قصيرة