|
جورج حبش
المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)
الحوار المتمدن-العدد: 2177 - 2008 / 1 / 31 - 11:50
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
مقال في الرفيق الحكيم جورج حبش
1- طبيعته:
كان الرفيق الحكيم : الدكتور جورج حبش (أبو الميس) الذي فارقنا مساء يوم السبت 26 يناير إنساناً ثورياً علماً فعلى سعة تنظيره وفيض جهوده وقوة خطبه كان متواضعاً ملئياً بالطيبة والوداعة والهدوء الرفيق سامعاً منصتاً قليل الحديث والكلام، وكان ككل العلماء متعلماً بإستمرار صاحب أسئلة وناشد معرفة. وكان الحكيم على تشدده في أمر الحقوق الفلسطينية وصرامته في النضال والعمل المتصل به من نواحي الفلسفة والفهوم والتخطيط والتنفيذ والمتابعة والتنمية، وتجنبه أمور النقود والأموال كان رقيق القلب مع رفاقه تحرقه حد الدمع كما قالت واحدة من المقالات الكثيرة التي كتبت عنه معاناة أسرة مناضل أو آلام جريح أو عذابات أسير.
2- ظروف ميلاده ونشأته ورفاقه:
في الأول من أغسطس عام 1925 ولد جورج حبش لعائلة ميسورة أرثوذدوكسية في مدينة اللد حيث أكمل المرحلة الابتدائية ثم تابع دراسته الثانوية في يافا والقدس حيث تخرج من المدرسة العليا وعاد إلى يافا مدرساً لمدة عامين وهو إبن السادسة عشر من عمره. ومع قيام المليشيات الصهيونية بتهجيرالشعب الفلسطيني انتقلت أسرته إلى لبنان 1944 حيث إلتحق بدراسة الطب في الجامعة الأمريكية ببيروت فكان فيها طالباً ناجحاً نابهاً جمع إلى التفوق في الدراسة النشاط الخلاق الرياضي والموسيقي والسياسي وتبلورت همومه القومية، متأثراً بفكر الأستاذين قسطنطين زريق وساطع الحصري، ومع الرفاق المناضلين وديع حداد، أحمد الخطيب، وحامد الجبوري، هاني الهندي والسيد عبدالله الفاضل المهدي، إنعقدت آصرة وجمعية نضالية سميت "العروة الوثقى"، وهي جمعية تأسست مطلع الثلاثينيات كان هدفها تحقيق نهوض عام في البلاد العربية يواجه تحديات الإستعمار والبؤس. وفي سنة 1950 ومن خلال بعض النشاطات حاول الشباب تفسير ما حصل في فلسطين وما هو الرد فانتخب جورج حبش أميناً عاماً للجمعية فكان له وكان لها دور كبير في تنظيم وتأجيج المظاهرات الطلابية-العمالية التي عمت بلاد الشام تطالب بجلاء المحتلين والحرية من الإستعمار والتخلص من عملاءه وتنادي بالوحدة والإشتراكية .
3- المهمة الكبرى:
وفي السنة 1951 تخرج جورج حبش طبيباً فعمل من فوره في المخيمات عام 1952 حيث شرع مع الدكتور وديع حداد في تأسيس "حركة القوميين العرب" التي كان لها دور في نشوء حركات أخرى مشابهة في العالم العربي. وبينما بقى في ذات الآن مجتهداً في مجال دراسته وعمله، فقد واصل حبش نشاطه السياسي وسرعان ما تعرض ورفيقه حداد إلى ملاحقة السلطات الإردنية وإدارتها البريطانية، مما اضطرهما إلى السرية والاختفاء لمدة عامين، انتقلا بعدها إلى سوريا دمشق حيث ركزا جهودهما في العمل السياسي ولعبا دوراً مؤثراً في تبني جانب كبير من قوى الثورة الفلسطينية لجوانب كبرى من الفكر الماركسي اللينيني ومن النشاط الثوري المقاوم للسلطات المتخاذلة ولقوى الإستعمار. وفي آتون الحرب الباردة والساخنة ضد السوفييت وحلفاءهم صدرت ضدهما في السنوات 1958 و 1963 أحكام عددا بالسجن أفلتا من تنفيذها عليهما وانتقلا بعدها من دمشق الى بيروت.
بعد الانفصال بقي في دمشق، وفي سنة 1964 تحولت قيادة اقليم فلسطين في حركة القوميين العرب ا لتي كان يقودها جورج حبش مع وديع حداد ومصطفى الزبري (أبو علي) وأحمد اليماني تحولت الى’ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ‘دون الاعلان رسميا عن قيامها الذي تأخر الى سنة 1967 وتألفت هذه الجبهة من 3 مجموعات هي: أبطال العودة، شباب الثأر، جبهة التحرير الفلسطينية )أحمد جبريل سنة (1964.
ومع تتال المطاردات و احكام الإعدام العربية والإسرائيلية وهزيمة 1967 واحتلال ما تبقى من فلسطين وأراض عربية أخرى، تأثر ذهن الحكيم جورج حبش وتبلور وعيه فنشط بقوة في دفع حركة القوميين العرب إلى إتجاه ماركسي لينيني يعطي الانتماء القومي أبعاداً علمية تعرفه بمقومات التكوين الطبقي للمجتمع وسياساته وصلة هذه السياسات بطبيعة تكوين وصراع المصالح في المستويات المحلية والعالمية فأكسب حبش التنظيم حداثة كبرى بهذه العلمنة المادية التاريخية.
ومع تأجج أثر هزيمة 1967 وتبلور وعيه بمسبباتها في نطاق الهجوم الإمبريالي الشامل على قوى الحرية والتقدم في قارات العالم قام في تاريخ 11 ديسمبر 1967 بالإشتراك مع رفاق نضاله البطل الشهيد وديع حداد و البطل الشهيد مصطفى الزبري (أبو علي) وآخرين باعلان تأسيس‘ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين’ وبدأ الإعداد الجدي لكفاح مسلح بدعم عربي وسوفييتي. ولكنه في أتون إنقسام البعث في سوريا سنة 1968 مع تطورات الحرب الباردة داخل الحركة القومية العربية تم إعتقال جورج حبش وتعرض في معتقله لتعذيب رهيب فشل في ثني أو إوهان طرف من عزيمته حتى مرق من قبضة ساجنيه بعملية عجيبة مسلحة دبرها رفيقه الشهيد وديع حداد.
4- جدل العلاقات الفكرية والسياسية والتنظيمية والعسكرية الفلسطينية والعربية في الداخل والخارج:
ما إن صدر البيان السياسي الاول للجبهة حتى تعثرت مسيرة هذا التشكيل، بالإختلاف حول طبيعة العلاقات التنظيمية والسياسية بين تنظيمات القوى الفلسطينية وبعضها وبينها ككل أو مفردة مع الأنظمة العربية وطبيعة العلاقة مع داخل فلسطين ونتيجة تفاقم تعقد الأوضاع والصراعات الموضوعية والعوامل الذاتية انسحبت جبهة التحرير الفلسطينية في اكتوبر 1968 وشكلت مع قيادات وتنظيمات غيرها كيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ولكن الجبهة الشعبية بقيت حتى الآن وظل جورج حبش أمينا عاماً لها إلى سنة 2000 حيث ترك موقعه طوعا او لمرضه ليخلفه فيه مصطفى الزبري (أبو علي مصطفى) الذي أعدمته إسرائيل في أغسطس 2001 بصواريخ جو- أرض وهو في مقر قيادة الجبهة في فلسطين.
كانت قيادة جورج حبش فوقية لا تتدخل في التفاصيل، ولكنها تميزت بالإنضباط الصارم والضبط الحازم، نسبة لطبيعة الوضع العسكري وما إتصل به من لعبات سياسية، ولكن أشد ما كان مائزاً فيه فهو تواشجه مع أعضاء التنظيم برفاقية تامة فيها من الفرح والترح، ما لا يتصور في الجيوش النظامية ومع ذلك كان بعده عن أمور تقسيم الناس إلى خاصة وعامة ولعله الوحيد الذي لم تك له "شلة الرئيس" فكان نبراساً في التواضع وإنساناً فريداً في شفافه وجميلاً في شغفه. ما أخذته عداوة وماصرفته مسرة. علماً خفاقاً، وذخيرة حية.
وإذ قامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على مبادئ الماركسية اللينينية، فقد كانت على خلاف حول تفعيل قيمها العملية مع القوى الشيوعية الفلسطينية الذي أخذ حزبها –ولم يزل- عددا من التشكلات وتبدلته سياسات أكثر حيث كانت الجبهة الشعبيىة ترى إن إرتكازات عملية التحرر الوطني موصولة ببناء "الوحدة الشعبية" [وليس وحدة شعبية] وتحضير القاعدة الجماهيرية الضرورة لإنطلاق حركة التحرر وذلك قبل بناء النظرية الثورية وحزب صراعها الطبقي ضد الإمبريالية. وهو أمر كان الشيوعيون الفلسطين يرونه وضع لعربة الجر أمام الحصان بدلاً عن وضعه أمامها ليجرها، فرأوه فعلاً ثورياً بلا نظرية ثورية، وتفريغاً محل الملء مما يجعل شعارات الحرية والعودة والسيادة شعارات سطحية ينفصل فيها البعد الصهيوني من البعد الإمبريالي من البعد الرجعي العربي (القائم على التصالح بين المال العربي والعقل اليهودي والتنظيم الغربي الرأسمالي!) ويضع الشعارات الوطنية والقومية في يد البرجوازية خالية من حقوق ومصالح السواد الأعظم من الفلسطينيين في المناطق المحتلة والمخيمات تسومها برجوازيتهم مقابل مصالح ضيقة كإدارة محلية أو رئاسة منطقة أو الحظي بقطعة أرض أو إعادة توطين أقارب ومحاسيب أو حتى مقاولات بناء. وقد أثبيت التاريخ صحة وجهتي النظر: حيث قاد شعار الجبهة الشعبية بطوله وعرضه إلى تفتت فلسطيني حول أبعاده التنظيمية والسياسية بينما قاد تزمت الشيوعيين الفلسطينيين إلى ضعف في جماهيرية حزبهم مع تدفق أموال النفط وزيادة فرص التنفس الخارجي أولاً إلى قوى حركة تحرير فلسطين (فتح) أولاً ثم إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مما إنتهى بالحركتين إلى التضارب وتبادل النيران والإعتقالات والإعدامات وممارسة التعذيب والتشريد لأجل السيطرة على التمركز والسوق الفلسطيني وتراخيصه وأرباحه هو رازح تحت الإحتلال.
5- البيادر والهدف:
كانت القضية الفلسطينية كماً مهملاً في الدوائر العالمية بعد إعلان قيام الكيان الصهيوني إسرائيل، وكانت العمليات الفدائية ضد إسرائيل في مراحلها الأولى ووسط حصار الإعلام الإمبريالي العالمي ورعايته الصمت حول حقوق الفلسطينيين لدرجة جعلت السياسة الإسرائلية تنكر إن هناك شعباً فلسطينياً! ولكن وسط الموات والقمع العربي والحصار الإعلامي الإمبريالي قامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعدد من العمليات العسكرية ضد الجيش الصهيوني ولكنها ووئدت إعلاماً بل وقمع الإعلام عنها على المستوى العربي لإحراجها الجيوش والحكومات التي إدعت نصرة النضال الفلسطيني، فكان إن أدخلت الجبهة فهم "الإعلام المسلح" عن طريق العمليات العسكرية في المناطق الضعيفة عسكرياً الجاذبة للإعلام كالمنشأءت المدنية والمطارات والطائرات والمؤتمرات الدولية فتفجرت الطائرات الأمريكية والبريطانية والألمانية في مطارات عمان وبيروت والقاهرة وتمزق الصلف الإمبريالي الناكر لوجود الفلسطينيين..
وأمام مزيج من الخيانة والإمتعاض العربي الرسمي من هذا الأسلوب الذي إن كان متسقاً في جانب منه مع وحدة النضال الشعبي العربي إلا إنه في جوانب أشد شوكة نافر مبادئي سيادة الدول والحكومات في بلدانها مما أدخل القضية الفلسطينية عالم الحرب الباردة بين القوى الجمهورية والقوى الملكية في العالم العربي حيث قاتل الملكيون العرب بدعم إمبريالي كبير قوى الثورة الفلسطينية وتم قتل آلاف الفلسطينيين في عمان في عملية دموية بشعة إستخبر لها الإخوان المسلمين مهللين لها ومباركين الجيش الملكي وجموع القوات الباكستانية والإيرانية التي خاضت المعارك ضد الفلسطينيين وذبحت مدنييهم، وكان قائد تلك المعارك القذرة ضد الحقوق والقوى الفسطينية بطل الإسلام السياسي وخادم الولايات المتحدة الأمريكية – الجنرال ورئيس باكستان فيما بعد- ضياء الحق، قاتل ذوالفقارعلي بوتو . بعد إتفاق القاهرة الثاني1971 و انتقال الجبهة الشعبية من الأردن الى لبنان أعلن جورج حبش في 14مارس 1972 التوقف عن خطف الطائرات لأنه يتعارض مع تحالفات الجبهة الدولية وبدأ ان طريق تحرير فلسطين موصول بإسقاط أنظمة الحكم العربية المتخاذلة والرجعية حيث أصلت الجبهة الشعبية قوات إسرائيل نيراناً حامية ودعمت مسيرة الحرية الفلسطينية بالرجال والكتب وبالبنادق والمدافع والصواريخ السوفيتية وأدخلت الفلسطينيين بعشرات ومئات الألوف لأبواب التدريب العسكري والمدني المنظوم ودفعت مثلهم إلى معاهد وجامعات واكاديميات التعليم العالي في الدول الأوربية الإشتراكية وفي اتحاد الجمهوريات السوفييتية، وأينعت فيهم بالبيادر والهدف و بغسان كنفاني و ناجي العلي فإتقدت القضية الفلسطينية ناراً ونور في هذه المنطقة الكارثة المظلمة.
6- المعركة الكبرى:
مع عصف خلافات القوميين والشيوعيين بتماسك الجباه التقدمية من أقصى شمال العراق إلى جنوب السودان ومن تطوان إلى عبادان ووسط ظلام السادات وحمق الأنظمة العربية وشطط بعض الفلسطينيين تغيرت الأمور من التقدم إلى (التأمين) وتمادت القوى الرأسمالية المسيطرة على أمور لبنان في خنق وضرب الوجود الفلسطيني وتكسير وقتل نشاطاته، وتدمير القوى المتصلة به، فخاضت الجبهة الشعبية مع القوى الوطنية والتقدمية في لبنان بداية من عام 1975 معارك الشرف والنضال في جبهة وطنية تقدمية وقوات مشتركة ضد جبهة القوى الإنعزالية والصهيونية والقوى الإمبريالية بشقيها الأمريكي والفرنسي مما إستمرت مآسيه وأمجاده حتى تكسرت نصال القوات الإسرائيلية الغازية فى مشارف بيروت سنة 1982 حينذاك حبش مارس مهام القيادة الميدانية بإقتدار إستخباري وإتصالي وتخطيط عال وتموين جاهز وتنفيذ دقيق محكم ودراسة ثاقبة وتقويم محصحص. ومثلما كان حبش يمارس مهام القيادة العسكرية كذلك كان يمارس جوانباً من مهام القيادة المدنية حيث إمتاز بإنضباط قاس وحنو كبير. وإذ يتجول في مناطق ملتهبة من القذف يتحقق ويتفقد ويقاتل بنفسه بلا كلل أو وجل ولكن الحصان تُرك وحيداً، فكان خروج القوات الفلسطينية من بيروت بقرار لبناني وعربي وعالمي ولكن حين ذهب كثير من الفلسطينين إلى اليمن وتونس والسودان، وبعضهم ذهب ليقاتل ضد السوفييت والحكومة التقدمية في أفغانستان التي دعمت الفلسطينيين، وذبح من بقى في مخيمات صبرا وشاتيلا إرتكز حبش وحيداً مع قيادات جبهته وكوادرها قرب فلسطين في دمشق الأسد.
7- شر الأصدقاء:
وفي دمشق توترت علاقات الجبهة الشعبية وكثير من قوى التحرر الفلسطيني مع الأنظمة العربية حيث فشل مشروع الحكومات العربية للصمود والتصدي لتصفية القضية الفلسطينية، لسبب من ضغط أمريكي تراجع به النفطيون العرب عن دعم الصمود والتصدي جارين قياد عرفات بكل جيوشه المدنية والعسكرية ومرتباتهم إلى معسكر السلام الغارم مع إسرائيل. وأيضاً لسبب من توتر العلاقات السورية مع العراق الذي شغل بالحرب مع إيران، ولسبب من حصار ليبيا، ولتفتيت صراع العسكريين والإسلاميين لقدرات الجزائر آواخر ولاية الشاذلي بن جديد وهي كل الدول التي كان بإستطاعتها بعد حل إتحاد السوفييت دعم الصمود الفلسطيني بالمال وأسباب العيش. ثم تفاقم الأمر بعد حرب التحالف الثلاثيني ضد العراق وفرض الحصار الظالم على حكومته وعلى أهله. ثم قيام المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي في السودان بمحاولة كسب الفلسطينيين أو الكسب منهم بجانب من المال العراقي وجانب من المال الإيراني مما بقت أموره مكتومة عن السودان مكشوفة للأمريكان، ثم تلى ذلك إطباق الحصار القاهر على الفلسطينيين في الشرق الاوسط ومنعهم من كل دعم مالي عربي أو اجنبي حتى مرتبات الأفراد وأجورهم أوقفتها البنوك على نطاق العالم العربي وغيره عدا بعض الأفراد والمناطق المهنية والدول. بينما تواصل تدفق المال بصورة مريبة على القوى الإسلامية في فلسطين بعلم الإحتلال وعبر فروع مصارفه ونقاط تفتيشه، وبدأ الإعلام الإمبريالي في الإحتفاء بعمليات حماس الإستشهادية ضد (المدنيين) وإطفاء أي ذكر للعمليات الفدائية التي تقوم بها الجبهة الشعبية والمنظمات الفلسطينية الأخرى. ولكن الطامة الكبرى نزلت على قيادة جورج حبش والجبهة الشعبية مع الاتصالات بين القيادة الفلسطينية وإسرائيل بعد مؤتمر مدريد 1991 بإشراف ورعاية أمريكية لإتفاق 1993 الذي أنشأ سلطة فلسطينية في أريحا وغزة وقسم مجاورهم إلى مناطق تتناقص فيها السيادة الفلسطينية كلما قاربت حدود 1967- 2000 أو حدود إحدى المستعمرات ، أو أحد الطرق الحيوية إلي المستعمرات، أو أحد المرافق الضرورية لها!!؟ وذلك فيما يعتبر تشكيلاً لإدارة مدنية كبرى ألقت أكثر أعباء الأمن الإسرائيلي على الفلسطينيين نفسهم –تحت تهديد السلاح البري والجوي- جاعلة سلطتهم (الوطنية) مجرد سلطة حراسة للقرى الإسرائيلية!
8- نهاية معركة:
كان جورج حبش خطرا ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي حاول اغتياله واختطافه أكثر من مرة لكن بعد دخول عرفات هذا الإتفاق – كمرحلة أو كحالة يمكن تحسينها- ورضاء كثير من الفلسطينيين به، بل وإعتقاد بعضهم في وجود دولة لهم بدأت صحة الحكيم جورج حبش في التدهور وإعتل نشاطه حتى تقاعد سنة 2000 عن قيادة تنظيم الجبهة الشعبية مع إتجاه قواها كليةً إلى النضال العسكري والسياسي داخل فلسطين. وفي شلله إهتم الحكيم جورج حبش بأمور أربعة هي: كتابة تاريخ حركة القوميين العرب، وتاريخ الجبهة الشعبية، وتطوير دراسة الصراع [الإسرائيلي العربي]، كما إهتم بشحذ قوى المواجهة والصمود والتصدي للمشروع الإمبريالي الصهيوني في المنطقة، فكان جورج حبش في مرضه مثل ما كان في صحته: ناراً و نور.
وفي فلسطين في إطار تصفية الإنتفاضة الثانية أعدم الجيش الإسرائيلي بصواريخ جو أرض، طنية الوزن، قائد الجبهة الشعبية وناظمها الدقيق (أبو علي مصطفى) في أغسطس 2001 في مقر قيادته. وإذ خَلَفه البطل أحمد سعدات فقد أخذته القوات الخاصة الإسرائيلية أسيراً من معتقل عرفات البريطاني الأمريكي في أريحا إلى الحجز الإسرائيلي المباشر في إطار مكافحة تطور عمليات الجبهة الشعبية التي كانت في تاريخ المقاومة الفلسطينية ((أول من كون معسكراً، وأول من نسف دبابة، وأول من خطف طيارة، وأول من دمر قيادة، وأول من قتل وزير إسرائيلي في الوزارة)) بينما إستمر بشكل مذهل مسلسل صفقات وتنازلات البرجوازية الفلسطينية عن الحقوق الوطنية: النضال، العودة، والقدس، والتعويضات، والأسرى، والمياه، وحركة المواطنين والبضائع، والتجارة الدولية، والجمارك، والإعلام، والقضاء الأمني، والجيش، وبالطبع عن الأراضي المحتلة بداية نازلة متدرجة منحدرة من حدود التقسيم الدولي سنة 1947 إلى حدود سنة 1948 ثم 1949 ثم حدود 1956 وسنة 1967 وتلوها حدود سنوات 1974 و 1976 وحدود 1978 فحدود 1982 و1987 نزولاً إلى حدود 1993 وحدود 2000 وحدود2001 وحدود 2003 وحدود 2005 وحدود 2007 إذ كانت الحدود تقل في الجانب الفلسطيني في كل مرة عن سابقتها حيث إنتهى أمر الفلسطينيين –كما إسم الإتفاق- إلى مدينتي أريحا وغزة وبعض ضواحيهما يغتالون ويقتلون ويسحلون ويعذبون فيها بعضهم من مغبة الإتفاق أو من مغبة الإختلاف مع إسرائيل وتنازعهم صلاحية أو فاعلية أسلوب الإتفاق أو الإختلاف ومداه الموضوعي والزماني، مما تواتر في تاريخ كل حركات المقاومة منتهياً بجدله إلى تشكل كينونة سياسية جديدة تختلف بشكل راق عن كينونة الإستعمار وعن كينونة المقاومة القديمة وإن حملت شيئاً من سماتهما وأساليبهما.
- 9 ذخيرة حية
- لا شك إن ذكرى نضالات هذا الفلسطيني الهصور ستبقى ذخيرة حية لشعوب العالم المستضعفة في كفاحها لأجل الحرية والإشتراكية والوحدة والسلام العادل، وسيبقى خطابه الذي ألقاه سنة 1970 في ملتقى الفكر العربي في الخرطوم حول موضوع العلاقة بين الدولة والثورة وخلاف الشيوعيين والقوميين منارة إسكندرية في تحليل القوميين للحركة الشيوعية ومنارة للفكر الماركسي اللينيني في تحليل المواقف القومية، ومنارة للإثنين في تقدير طبيعة التحولات الصغرى وآثارها العظيمة. لكن الآن ماذا يقال لعزاء أمة أنجبت هذا النضال: سوى: هذا الحكيم محمولاً في نعشه ..... قومي أنظري كيف تسير الجبال. فللحكيم ورفاقه الإجلال والمجد ولشعبه ولشعبنا شرف موقفه النضير ....
مراجع:
1. http://kassioun.org/index.php?d=30&id=647 2. http://www.alfikralarabi.net/vb/showthread.php?s=ef567bc584c839042906f820ccb70698&t=3188 3. http://www.pflp.ps/index.php?action=Category&cid=2 4. http://www.aljaredah.com/paper.php?source=akbar&mlf=copy&sid=11666 5. http://www.assafir.com/Article.aspx?ArticleId=2705&EditionId=848&ChannelId=19111 6. http://www.alhayat.com/special/issues/01-2008/Item-20080127-bc6d8ff4-c0a8-10ed-01dd-6f82150ffbac/story.html 7. http://www.pflp.ps/index.php?action=Details&id=2 8. http://www.pflp.ps/index.php?action=Details&id=3 9. جورج حبش 10. الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - - 11. http://kassioun.org/index.php?m=8 12. http://www.pflp.ps/index.php?action=Rmooz 13. http://www.pflp.ps/index.php?action=Aklam&id=860 14. http://www.pflp.ps/index.php?action=Aklam&id=851 15. http://www.alwaqt.com/print.php?aid=83390
#المنصور_جعفر (هاشتاغ)
Al-mansour_Jaafar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نجوم
-
الحفارين وأهل الطبقات
-
الحوار المسلح (2)
-
يا حفيد رسول الله (ص) لا تدعو إلى حرية الإستثمار!
-
وقائع موت مُعلن للإنسان
-
نقاط صغيرة في تجديد العملية الثورية
-
الأزمة الإمبريالية في جذورها وفي محاولات حلها
-
كيف تعزز السوق الحرة ضرورة ديكتاتورية البروليتاريا لحياة الن
...
-
نقاط في مشروع دستور ولائحة وبرنامج الحزب
-
بعض مفارقات حقوق الشعوب وحق الدول في الحفاظ على وحدة أراضيها
-
ثلاثة أخطاء قاتلة
-
تخلف الأحزاب عن طبيعة الصراع الوطني يفاقم العنصرية والإستعما
...
-
حُمرة أنغام الخريف
-
نقاط في تاريخ الماسونية... من السودان وإليه
-
عن أزمة النظام الرأسمالي ودولته السودانية في الجنوب
-
التأميم والمصادرة ضرورة للوحدة والتنمية ومكافحة العنصرية
-
الكلمات المتقاطعة والطرق الفرعية
-
شذرات
-
أطلقوا سراح البلد
-
نقاط من تاريخ الثقافة الرأسمالية في بريطانيا، بعض تفاعلات ال
...
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|