أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - حوار بين وافد و ... كفيل















المزيد.....


حوار بين وافد و ... كفيل


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 2085 - 2007 / 10 / 31 - 10:37
المحور: حقوق الانسان
    


في جلسة غير عادية تساوي خلالها وافدٌ لدولة خليجية مع كفيله، ولم تدم إلا قليلا، قام بينهما الحوار التالي:

الوافد: لازلت أنتظر موافقتك الكريمة على سفري لفترة قصيرة أزور خلالها أهلي، وأعود أمي المريضةَ في إحدى المستشفيات الحكومية.
الكفيل: لماذا لا تتصل بهم هاتفيا، وتطمئن على والدتك؟

الوافد: لكنني لم أحصل على عطلة لأكثر من أربعة أعوام، ولم أتمكن من اصطحاب عائلتي، وأولادي في حاجة ماسة إليّ، وزوجتي لم يلمسها أحد منذ مغادرتي أرض الوطن، وما أشد حاجة كل منا للآخر!
الكفيل: لا أحسب أنني سأجد أي صعوبة في العثور على وافد يعمل في خدمتي لعشر سنوات كاملات دون أن يحصل على عطلة واحدة أو يقوم بزيارة أهله.

الوافد: لكنني قمت بالتوقيع على عقد عمل يسمح لي بعطلة مرة في كل عامين مع بطاقة سفر، وتأمين، وبعض الامتيازات الأخرى التي نثرتها رياحُ النسيان أو الاهمال أو الرفض.
الكفيل: يمكنك أن تسافر في بدايات العام القادم بعد انتهاء موسم العمل الشاق، ولكن على نفقتك الخاصة، وربما تعود فتجدني قد استعنت بأحدٍ غيرك، أو يتم الغاء اقامتك!

الوافد: لكنني عملت لديك طوال تلك الفترة كحمار يحمل أثقالا ولا يتمرد، أو يتردد في حمل أضعافها، أو يبدى انزعاجه من سوط يلهب ظهره.
لقد كنتُ خادمَك المطيعَ، وصديقَك الذي تأتمنه على أسرار لا تعرفها زوجتك، وأخفيت حقائق كثيرة من أجلك، ورأيت ضعفك وقوتك، ولمست صدقك وكذبك، وعرفت الفواصل بين إيمانك وكفرك، وانتعش عملك، بل يمكنك أن تستريح في عطلة طويلة وأدير أنا كل شيء.
الكفيل: وهل كان لديك خيار آخر في بلدك أو في بلاد الله الواسعة؟
لقد أطعمتك بعد جوع، وآويتك بعد تشرد، وأسقيتك بعد عطش، فلماذا لا تشكرني على تلك النعمة التي تحيط بك من كل جانب؟

الوافد:هل أنا أعمل لديك، أم أنا ضيفك أم سجينك؟
إنك تحتفظ بجواز سفري لئلا أهرب منك، وتجدد لي إقامتي مرة في كل عام،وخصمت منذ شهرين من مرتبي الضئيل قيمة دواء كنت في حاجة مُلِحّة إليه!
إنك لا تختلف كثيرا عن تاجر البندقية لوليم شكسبير ، وقد وصف أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مكاتب استقدام العاملين وصفا بليغا ، فأنتم لا ترحمون ضعيفا أو محتاجا أو مريضا.
إن ظروف عملي لديك تتعارض مع كل المواثيق والأعراف الانسانية، ولو عملت ثلث تلك الفترة في دولة اسكندنافية، مثلا، لكنت الآن حاصلا على جنسيتها، وأذهب كل أربع سنوات للتصويت في الانتخابات، وأحتمي بنقابة العمال في أصغر ظلم يقع علي، وتتم معالجة ابني مجانا حتى يبلغ السابعة من عمره، وأحصل على أجر أي وقت اضافي أعمله ولو كان ساعة أو نصفها أو أقل من نصفها!
الكفيل: أنتم لا تشكرون من يَمُدّ إليكم يَدَ المساعدة، ولست أنا الذي خصم من مرتبك قيمة بطاقة السفر، لكنني أعطيك أجرك كاملا، ولست مسؤولا أنْ مكتب استقدام العاملين يستقطع من مالك أو جسدك أو يرتشف من دمك لترا أو لترين!

الوافد: لكنني أبحث عن حقوقي في عدد ساعات العمل، والعطلة الأسبوعية والسنوية، فضلا عن حقي الطبيعي في الاستشفاء إنْ مرضت دون أن تخصم من مرتبي شيئا مهما صغر.
إنني لا أعرف وطني الأم إلا قليلا، وأنا غريب عنه، وغريب فيه، وعشت معكم، وساهمت في بناء بلدكم، وكنتُ أعمق ولاءً له ولشرعيته الحاكمة من كثير من مواطنين تجري في عروقهم دماء نقية زرقاء.
لماذا تهددني بين الفينة والأخرى بــ ( تفنيشي ) على أول طائرة، وكأنني جئت رغم أنفك لأسرقك؟
الكفيل: يبدو أن حقوق الإنسان في الغرب قد لوثت عقلك، والرسائل التي تصلك من أصدقائك في دول أوروبية جعلتك تميل إلى عصياني، وتستعد للتمرد، وترهف السمع لحكايات عن حقوق الفرد داخل مجتمع متحضر، وأنا أرى أنك تضع نهاية خدمتك بالقرب من أرنبة أنفي.

الوافد: إنني أعرف أصدقاءً لي سقطوا من بطون أمهاتهم فوق تراب هذه الأرض الطيبة، ويتحدثون اللغة ويعرفون اللهجة ولا يستطيع خبير في الألسن أن يميزهم عن أهل البلد، ومع ذلك فتتم تجديد الاقامة لهم مرة في كل عام، ويصطفون في طوابير طويلة، ويعاملهم الموظف الصغير في إدارة الجوازات والجنسية كأنهم أغراب، أو باحثون جدد عن عمل.
العدالة هي التي تخلق الولاء، والمساواة تصنع في قلب الوافد حبا جارفا لوطنه الجديد، وسقوط التمييز بينه وبين المواطن هو أقصر الطرق لصناعة المواطن الجديد تماما كما تفعل دول المهجر.
الكفيل: إنك هنا تخلط السياسة بأهوائك، وتضرب لي أمثلة ببلدان قامت على الهجرة وانتهى فيها زمن المواطن الأصلي.
المهاجر الايرلندي لاستراليا، واللبناني للبرازيل، والكوري لنيوزيلندا، والسويدي لكندا، والصيني لأمريكا الشمالية، والتركي للمكسيك ساهم أجدادهم في إبادة السكان الأصليين، ثم قامت حضارات جديدة زيّفت التاريخ، وتوَلّت مسح الذاكرة على مدى مئات الأعوام.
أما هنا فالأمر مختلف تماما، فنحن قد نذوب إذا تجنس الوافدون، وفي بعض المدن الخليجية تعثر في أسواقها وشوارعها بشق الأنفس على مواطن من أهل البلد.
دول المهجر التي حدثتك عنها لا تفتح أرضها وذراعيها لهذه العمالة الرخيصة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
إن في خليجنا عمالة زائدة لو غابت لما خسر الاقتصاد الوطني شيئا، ولو عادت إلى بلدها خادمةُ منزل أو سائقُ سيارة فإن الدولة الخليجية هي التي تربح من تخفيف العبء على المرافق العامة واستهلاك الكهرباء والماء والطرق والصرف الصحي وعوادم السيارات ومئات غيرها من المرافق التي لا تتحمل الدولة الضغط عليها.

الوافد: وهل كل الوافدين آسيويون أميّون؟ إن هناك خبراء وعلماء ومستشارين وأكاديميين وإعلاميين وأطباء ومدرسين يساهمون في نهضة البلد، ولكنهم يخضعون أيضا لظروف مشابهة من انعدام الحقوق وفي مقدمتها حق الحصول على الجنسية أو الاقامة الدائمة أو منافسة ابن البلد في الحصول على وظيفة هوالأصلح والأنسب لها.
إننا يمكن أن نُثري بلدكم إنْ أحسنتم اختيار مضيفيكم، ولا يعقل أن يتساوى العالِم والأميّ في الرؤية الوطنية للوافدين.
بعضنا جاء ليأخذ، والبعض الآخر جاء ليعطي.
بعضنا يمنح اقتصادكم الوطني دَفعة إلى الأمام، والبعض الآخر يُعيده خطوات إلى الخلف.
ثم إنني لا أفهم كيف يستقيم ظلم الكفيل للوافد مع شعارات دينية برّاقة تمتد بطول كل دول الخليج العربية.
الكفيل: إننا خائفون من الانصهار داخل المضيفين، وترتعد أوصالنا من مجرد فكرة المساواة، فكيف أتساوى أنا بسائقي أو تقف زوجتي وخادمتها نِدّا لنِدّ؟

الوافد: أظن أنك لم تسمع شيئا من أقوالي، وأنك لم تنصت إلاّ لصوت مخاوفك، ولم تتخيل إلاّ مجسمات كوابيسك!
أنا أتحدث هنا عن الحقوق الانسانية البسيطة والعادلة والمطلوبة في كل الشرائع السماوية والأرضية.
عندما أحدثك عن الظلم فهو حديث محبة لرغبتي الشديدة أن أبقى هنا ما بقي في جسدي نَفَسٌ أخير، وأن يدلف جثماني بهدوء وسَكينة في تراب أرضكم الطاهرة يوم يقضي الله أمرا كان مفعولا.
إن ابني الأصغر يشعر بغربة شديدة عندما نعود في عطلة إلى أرض وطني، ويتعجل العودة إلى هنا.. إلى زملائه وأقرانه وأحبابه، وحتى إلى اللهجة المحكية المحببة إلى نفسه.
لكنه بُحكم القانون غريب وأجنبي يحتاج إلى ختم أوراق والديه في كل عام، كأنها شهادة حسن سير وسلوك.
هل تصدق أنني لا استطيع علاج شقيقته الأكبر منه في معظم مستشفيات الدولة التي احتضنتهم، وتربوا في دفئها، وخشعوا لنشيدها الوطني، وقَبَّلوا بكل الولاء عَلَمَها وهو يرتفع في ساحة المدرسة، وفي مباريات الدوري الأخير؟

الكفيل: إن لك أن تتخيل النتائج لو أن ثلث مليون فلسطيني حصلوا على الجنسية الكويتية قبيل الغزو العراقي الآثم، ومليون هندي لا يعرف واحد في المئة منهم لغة أهل البلد فيمنحهم الإماراتيون الجنسية، وأكثر من مليوني يمني في السعودية تتم مساواتهم بأبناء البلد، ومئة ألف فيلبيني يتمتعون بكل الامتيازات التي حصل عليها القطريون الأصليون لو أن إدارة الجوازات والجنسية في الدوحة منحتهم الجنسية القطرية!
كيف يمكن للأمن أن يعم البلاد، وللسلام أن يهيمن ظله على الوطن لو أفلتت من بين أيدينا امكانية الرقابة على الوافدين، وطرد أي أجنبي يخل بأمن البلاد، وتحقيق التركيبة السكانية السليمة عندما يحين الوقت؟

الوافد: لكنكم مسؤولون عن الخلل في تلك التركيبة السكانية، وعن وجود ملايين من الوافدين الذين يحصلون على أدنى الأجور في مقابل أعمال بسيطة يمكن أن يقوم بها ابن البلد!
قل لي بربك لماذا لا يقوم المواطن الخليجي بغسل سيارته بنفسه؟
لماذا لا تتولى ربة البيت تربية الأبناء بدلا من القائهم في أحضان أم بديلة، آسيوية تُعَجّم ألسنَتَهم، وتمنحهم حناناً مدفوع الأجر، وتنتقم منهم إنْ تعرضتْ لظلم والديهم، وتُعَلّمهم قيما ومباديء تتعارض تماما مع عادات وتقاليد البلد المضيف؟
المستشار العربي أو الإعلامي أو الطبيب أو المهندس الذي جاء ليساهم معكم في نهضة البلد يظل عشرين أو ثلاثين عاما كأنه وَصَلَ مطار العاصمة الدولي منذ بضعة ساعات .
هل سمعت عن جرائم للكفيل يندى لها الجبين؟
هل يزور النومُ مقلتيك عندما تقرأ عن الرجل الذي حشر زوجته وولديه داخل صندوق ، وقام بشحنهم مع بضاعته ومشترياته عائدا إلى أرض وطنه بعدما رفض الكفيل منح زوجته الأستاذة الجامعية جواز سفرها؟
هل سمعت عن إمام المسجد الذي قضى تسع عشرة سنة في دولة خليجية، ولا يعرف أولاده وطنا غيرها، ويتحدثون لهجتها فلا تُفَرّقهم عن زملائهم ( الأصليين !! )، ومع ذلك تَعَرّض للضرب داخل المسجد، ثم جاءه تهديد عدة مرات بأنهم سيفنشونه على أول طائرة هو وأولاده؟
لماذا لا تكون الدولة هي الكفيل، ويصبح من حق العامل الأجنبي أن يلجأ للقانون، وأن لا تهدده أي جهة خاصة أو صاحب سطوة أو مال، وأن يحتمي بعدالة القضاء، وأن يعمل في أي مكان يحتاجه بشروط يرضاها الطرفان؟
نظام الكفيل يسيء لدول الخليج العربية اساءة بالغة، وينبغي أن يصدر أمر أميري أو ملكي باحالته إلى المعاش كبقايا سُخرة لا تليق بشعوبنا العربية الخليجية.
الكفيل: في هذه الحالة ستتحول الدولة إلى فوضى، وسيتحايل الوافد على القانون، وسيبحث عن فرص عمل أفضل بعدما نكون قد أنفقنا عليه مبالغ كبيرة دخلت معظمها في بطن صاحب مكتب الاستقدام .. تاجر البندقية الخليجي، كما تصفه أنت؟

الوافد: ولكن هذا في مصلحة الدولة ورخائها ورفاهيتها وتطورها.
الوافد الحر الذي يتساوى مع ابن البلد هو المواطن الجديد الذي لن يختلف ولاؤه للوطن المضيف عن ابن البلد.
إن تنقية الوافدين قبل وصولهم، واختيار الأصلح والأكثر كفاءة ووضع شروط أهمها اجادة اللغة العربية قراءة وكتابة سيحيل التركيبة السكانية إلى ميزان جديد تماما ، وربما تقفز دول الخليج للامام عدة عقود.
هل فكرت في الضغوط التي تثقل مرافق الدولة وأثرها السلبي من جراء وجود عدة ملايين آسيوي يتحدثون لغة الاشارة، لكنهم يزاحمون بلدكم الصغير في استهلاك مرافق الكهرباء والماء والصرف الصحي والسكن، ويكدسون أسواقكم ببضائع مزجاة ورخيصة وتتعارض مع أبسط أنواع الذوق العام ؟
الكفيل: ومن قال لك بأنني مهموم بمصلحة وطني قبل أن تتحقق مصالحي الخاصة؟
إنني لا أقوم بتعيين وافد لي، أو خادمة في منزلنا الكبير، أو أقرأ في حقوق الانسان قبل أن أتوجه إلى مكتب استقدام العمالة، لكنني أشتري من المكتب بضاعة كان قد استوردها سواء كانت سيارة أو بطيخا أو ملابس أو ألعاب أطفال أو أناسا ينتمون إلى نفس الأب .. آدم عليه السلام.
إنك تعاتبني كأنني أنا الذي صنعت نظام الكفيل!
لو أصبحت الدولة هي الكفيل، وتحول سوق العمل إلى منافسة بين الباحثين فإن الأصلح هو الذي سيبقى بيننا.
أنت تحدثني عن عوالم مثالية من الوافدين المثقفين والمتعلمين وخبراء الكمبيوتر وأساتذة الجامعات وكبار الأطباء الذين تركوا أوطانهم ليبحثوا في بلدي عن فرص عمل لم يعثروا عليها.
إن الكفيل ليس بهذه الصورة السوداء الدراكيولية التي تحاول أن تصفها أنت في نقاشك معي.
إنني، مثلا، أطعم العامل مما لدي، ولدينا في منزلنا ثلاث خادمات لا ينفقن من أجورهن الزهيدة شيئا فكل شيء يحصلن عليه مجانا، وملابس زوجتي التي لا تستخدمها وهي كثيرة تذهب فورا إلى الخادمات في البيت ويرسلنها لأهلهن.
إنني استخرج الزكاة فتذهب لمن يعملون لدي، ولدينا خادمة قضت ثلث عمرها معنا وأصبحت واحدة من أهل البيت.

الوافد: وماذا عن الحقوق الأخرى؟
ألا تحتفظ بجوازات سفر العاملين لديك؟ أليس الحق الذي تملكه في أن تلقي من تغضب عليه في أحشاء أول طائرة عائدة لبلده هو قمة المهانة للوافد؟
ماذا تفعل الشرطة عندكم إذا استقبلت سائقا هنديا أو بنجاليا يرتدي ملابس رثة، ويتحدث اللغة بصعوبة ومشقة، وقد جاء خصمه معه وهو من أهل البلد ويرتدي ملابس بيضاء كأنها جليد تساقط على جسده، وتنتظره سيارة مرسيدس أمام المخفر؟
هل سيقف رجل الأمن محايدا أم أن أذنيه ستنحازان تلقائيا لحكاية ابن البلد وهو يعبر عنها في مقابل عجز الآخر تماما عن شرح وجهة نظره؟
الكفيل: وهل ثرائي أو أناقتي أو كوني من أهل البلد يقلل من شأن رؤيتي للنزاع أو الخصومة.
ثم إن لدينا جهازا قضائيا أكثر عدلا من أجهزة القضاء في بلاد ثورية يتحدث كل أهلها ليلا ونهارا عن اذابة الفوارق بين الطبقات!
هل المصري الذي تسرق السلطات الليبية أمواله وتلقي به في صحراء السلوم أكثر قيمة من المصري الذي يصل إلى أعلى المناصب في خليجنا، حتى أن كثيرين من المستشارين في الديوان الأميري هم من الاخوة المصريين؟
في الكويت حدث تجاوز خطير، بل جريمة في حق مواطنين مصريين في قسم الشرطة، ولكن الصحافة الكويتية هي التي كشفتها، ودافعت عنهما، أما العراق الثوري في زمن طاغيته فقد أرسل جثث 4800 مصري قامت سلطات البعث الصدامية بتصفيتهم دون أن يرف جفن لسيد القصر في قاهرة المعز.
إن الكفيل يقوم أيضا بحماية الوافد الذي قد يكون أميّاً، وخبراته لا تسمح له بأكثر من غسل السيارة أو حمل الطلبات من السوبر ماركت.

الوافد: أنت تهرب من حقائق أضعها أمامك واضحة فتقوم بضرب أمثلة بعيدة عن الواقع المخيف لملايين من الوافدين.
هل حقوق الوافد محفوظة في القلب الكبير والرحيم للكفيل؟
وماذا لو كان الكفيل الذي تصوره لي ملاكا أرسلته العناية الالهية للوافد المسكين هو من القساة، الغلاظ القلب، وتجار لحوم البشر؟
ماذا لو أمرت أنت خادمتك أن تعمل طوال ايام الأسبوع دون أن تتوقف لحظة واحدة لتلتقط أنفاسها؟
لمن يلجأ الوافد إن أحاق به ظلم، أو قمت أنت، مثلا، برفض نقل الكفالة قبل أن يعود إلى بلده، ثم يبحث من جديد عن تأشيرة دخول، فيدخل دائرة الجحيم من جديد؟
الكفيل: إن تجارة البشر تبدأ في بلدكم حيث الرشوة والفساد واستقطاع لحم المسكين من مكاتب منح التأشيرات قبل أن تطأ قدماه أرض بلادنا العزيزة والمليئة خيرا.
إن مكتب الاستقدام الذي يستورده اشتراه من تاجر جشع من أهل بلده، وقبل أن يصل إلى خليجنا يكون قد تعرض للاحتيال والنصب عدة مرات في بلده الأم.
لدينا خمسة ملايين هندي في بلادنا، وفي بعض المدن لا تعثر إلا بشق الأنفس على مواطن من أهل البلد يمشي على قدميه، فكلها وجوه آسيوية تعيش في أمان، وخيرنا لغيرنا، ولن تجد من بينهم من يتسول أو ينام بدون طعام عشاء رغم أننا لا نحتاج في الواقع لأكثر من خمسة بالمئة منهم، والباقي عمالة زائدة.
إن ذهبنا الأسود يقلل من مخاطر المجاعة في العالم العربي، وقوافل الخير الخليجية الخاصة والحكومية تجوب الوطن العربي من بحره إلى نهره.
كل الذين تتحدث عنهم من أطباء ومستشارين وأصحاب مشاريع وأكاديميين ومدرسين وغيرهم يقيمون معنا سنوات طويلة دون أن يفكر إلا قليل منهم في العودة إلى أرض الوطن الأم حتى لو كان يعرف مسبقا أنه سيربح ضعفي أرباحه هنا. أليس هذا دليلا على أن الوافد هو الذي يتمسك بالحياة في بلادنا ويبتعد عن شبه الموت في وطنه؟

الوافد: أنت لا تعرف مشاعر الغربة والخوف وانعدام الأمان. إن الوافد لديكم كعامل ( اليومية ) الذي ينتظر على ناصية طريق فتأتيه سيارة السيد، وتختاره من بين المئات.
إنه على كف عفريت، فهو ليس مقيما اقامة دائمة ولم يتشرف ولو ولدته أمه فوق ترابكم بحمل الجنسية للدولة الخليجية التي يعشقها ، بل لا يعرف غيرها وطنا له. إننا نريد أن نكون شركاء في الوطن، وأنتم تريدوننا ضيوفا يمكن أن يرحلوا فور انتهاء وجبة العشاء.
الكفيل: وأنت تتناسى أن عليكم واجبات تتساوى مع الحقوق التي لديكم، أو التي تطالبون بها.
وليس كل وافد ملاكا يحلق بجناحيه فوق أرضنا. الوافدون أيضا يقومون بعمل تجاوزات، ويرتكبون جرائم، ويتولون تهريب المخدرات، ويتحايلون على القوانين، وأكثرهم ينتظرون حقوقا لهم، ويغضون الطرف عن واجبات كثيرة.

الوافد: ما اشد حاجتنا إلى الحوار، فنحن لسنا أشرارا يتربصون بكم، وأنتم لستم أسيادا تحتجزوننا رغم أنفنا. إننا في سفينة واحدة، ومن يخرقها لن تسأل المياه عن هويته قبل أن تتسرب وتغرقها. ما أشد حاجتنا إلى رسالة تسامح وعدالة ومساواة، وتكاتف لحماية قيم الخير وتوجيهات خالقنا جميعا، فكلنا من نفس الطين .. وننتمي لنفس الأب، وأخطاؤنا لا تقل عن أخطائكم!

حوارات تم نشرها للكاتب:

حوار بين سمكتين في قاع البحر
حوار بين قملتين في شعر رأس صدام حسين
حوار بين الرئيسين حسني مبارك و .. جمال مبارك
حوار بين زنزانتين في سجن عربي
حوار بين حمار و .. زعيم عربي
حوار بين إبليس و .. الرئيس حسني مبارك
حوار بين سجين حر و .. حر سجين
حوار بين الشيطان و .. وضيوف الرحمن
الحوار الأخير بين رئيس يحتضر و.. رئيس يرث
حوار بين كلب السلطة و .. كلب الشارع
حوار بين زعيمين عربيين في غرفة مغلقة
حوار بين منقبتين في أحد الأسواق الشعبية

http://taeralshmal.jeeran.com
http://www.taeralshmal.com
[email protected]
http://Againstmoubarak.jeeran.com
http://blogs.albawaba.com/taeralshmal



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا لو حقن العقيدُ الشعبَ الليبي بالإيدز؟
- حياتي في الجنة .. أمنيات وتساؤلات
- مرارة التَدَيّن وعالَم الكراهية
- تقسيم العراق مفاجأة للحمقى فقط
- لماذا لا يُحاكَم مبارك بتهمة شائعة موت الشعب المصري؟
- مات .. يموت .. سيموت الرئيس! قراءة في حلم لم يتحقق
- أصل الحكاية ما تضحكش
- الشيطانان
- المطاوعة .. الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف
- تصفية القضية الفلسطينية في صراع الأشقاء
- لماذا لا يكترث حكام الخليج لخطر التواجد الآسيوي؟
- حوار بين منقبتين في أحد الأسواق الشعبية
- هل تَحَوّل الأفارقة كلهم إلى محتالين؟
- استدعاء عاجل لصدام حسين من قبره
- الكتاب الأخضر في القارة السمراء .. أوهام العقيد
- ليلة القبض على سوريا
- لماذا لا يؤمن المصريون بأن مصر بلدهم؟
- ارفعوا أيديكم عن المغرب
- رسالة عتاب من إبليس إلى المسلمين
- السجونُ الأردنيةُ تخرج لسانها للسجون العربية


المزيد.....




- السعودية تنفذ الإعدام بحق البارقي لقتل جذمي والجريمة بحادث س ...
- نتنياهو يعقد اجتماعا طارئا ويؤكد: مذكرات الاعتقال من الجنائي ...
- أمريكا تعلق على إصدار-الجنائية الدولية- مذكرتي اعتقال بحق وز ...
- الخارجية الإماراتية: الشراكة مع روسيا وأوكرانيا ساهمت في نجا ...
- طواقم الدفاع المدني تنتشل 7 شهداء في محيط مخازن الأونروا برف ...
- الأمم المتحدة: 10 أطفال يفقدون ساقاً أو ساقين في غزة يومياً ...
- تحذير من تداعيات -حرب صامتة- بالضفة وحصيلة جديدة للاعتقالات ...
- الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق شويغو ورئيس أركانه
- الأونروا: نصف مليون شخص بغزة يواجهون معاناة شديدة لانعدام ال ...
- مبادرة لمراقبة الجوع: خطر المجاعة لا يزال قائما بشدة في أنحا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - حوار بين وافد و ... كفيل