|
كتبتُ كثيراً عن بني اللقيطةِ
سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2044 - 2007 / 9 / 20 - 12:41
المحور:
الادب والفن
العالَم الواســعُ ، متّسـِـعٌ أرحبَ فأرحبَ ، مع الأيام . وبنو الإنسانِ يبتدعون ويبدعون . الليلُ معاشٌ كالنهار ومضطرَبُ خُطاً وإيقاعاتٍ . الكنائسُ تُغلِق أبوابَها ، لـنُدرةِ الـمُـصَـلّين ، وتتحول إلى صالات فنٍّ ومَقاصف . والبرامج التعليمية تتفتّح أكثر فأكثر ( حذفوا هنا تشرشل ، وأدخلوا أوسكار وايلد ) . والفتيات والفتيان يستقلون مجاناً الحافلاتِ العامة . أمسِ عرفتُ نتيجةَ تحليلِ دمي . قالت لي الطبيبةُ : رائعٌ ! سألتُها : والكبِد ؟ أجابت : رائع ! ( في معلوماتها المدوّنة عني أنني أشرب النبيذ الأحمر ) . تأكدتُ أن النبيذ الأحمر نافعٌ للصحة . سأذهب إلى المخزن الكبير لأشتري ستّ زجاجاتٍ لهنّ هديرٌ من النبيذ الفرنسيّ الفاخر . الموسيقى المستمرّة لديّ أربعاً وعشرين ساعةً تُحَصِّـنُني ضد الفجاجةِ والقبح والدمدمة والضجيج . رحلتي ، مع صـــديقتي ، التي استمرّت أربعين يوماً ، بين جنوبيّ فرنسا ونيويورك ، والــتي أطللتُ فيها على مَشاهدَ ومرافيء ، بينها مرفأ صيد الحيتان في نانتاكيت ، هذه الرحلة التي انتهت قبل أربعة أيامٍ ، جاءتني بثلاثٍ وعشرين قصيدة ، جمعتُها تحت عنوان " قصائد نيويورك " ، مثل ما جمعتُ " قصائد باريس " يوماً ما . ثيابي شرعتْ تميل ، أكثرَ فأكثرَ ، إلى دواعي النزهة والـيُسـر ِوالتريُّضِ . مضى ، إلى غيرِ رجعةٍ ، القميصُ ذو الياقة ، وربطةُ العنقِ صار لها مرأى أنشوطة الشنق . الحياةُ طليقةٌ . أنا ابنُ شارعٍ . أمسِ ، فقط ، أرسلتُ إلى سوسن بشير ، بالقاهرة ، مخطوطة ديواني الجديد " أغنية صيّاد السمك وقصائد نيويورك " لـيُنشـَرَ في " آفاق " . وكنتُ كتبتُ إلى إلهـام ممدوح عـدوان راغباً في إصدار الديوان نفسـه ، ضمن منشورات" دار ممدوح عدوان " ، في طبعةٍ سوريّـة متزامنة مع الطبعة المصرية . قررتُ أن أصدرَ كل عامٍ ديواناً في الأقل ... لِــمَ لا ؟ أنا محترِفُ كتابةٍ . وليس لديّ من وقتٍ أضيّـعُه . والـمُضِــيُّ في درب الفن الطويل يحتاج إلى أكثرَ من حياة ! أعتقدُ أن ديواني الجديدَ سيجعل عديدَ دواويني ، من ألفاظِ العقود : سيكون لي أربعون ... * سألَــني أكثرُ من صديقٍ : كأنك انقطعتَ عن الكتابة في الشأن العراقيّ ! واقعُ الأمرِ أنني انقطعتُ ، ولم أنقطِع . العراقُ ، لديّ ، ليس خبراً يومياً ، أو متابعةً لوحلِ السياسة الراهنة . إنه تكوينٌ في الروحِ ، ومُكَـوِّنٌ لها . النصّ الفنيّ ، بذاته ، يعني أن العراق قائمٌ وفعّالٌ . من هنا أقول إنني لم أنقطع . * ويعود الصديق إلى تساؤلِــه : لم تعُدْ تكتب مقالات سياسية ! أقول لهذا الصديقِ : حقاً . لم أعُد أتابِعُ ، صحافياً ، تفاصيلَ الجريمة اليومية ، التي ينفِّذُها المحتلّون ووكلاؤهم في العراق المحتلّ . بنو اللقيطة : وزراء العار ، والجواسيس ، والمعمّمون الخوَنــة ، ونواب مجلس بريمر ، لن أتيحَ لهم فرصةَ الالتصاق ، كالقراد ، بقميصي الطاهر . لن أتيحَ لهم الاستيلاء على وقتي وانتباهي ، كما استولوا على أملاك الناس وأموالها ، وعلى الأرض وما فيها . لقد ظلّت الدكتاتورية تخنق البلد ، ثلاثين عاماً أو نحوها ، لكنها أخفقت في خنق أنفاســي ، لأنني وضعتُ تلك الدكتاتورية على رفّ الاحتقار ، ولم أعتبرْها همّي الأول . الآن أفعل الأمرَ نفسَـــه . الفنّ متراســـي . منه أوجِّــه أشعّتي . الفن معبدي ، ومَــلْــهاي . لقد كتبتُ كثيراً عن بني اللقيطةِ . كتبتُ أكثرَ ممّا يلزم . بل جمعتُ شيئاً من ذلك في كتاب " يوميات الأذى " . إنهم ذاهبون مع أول هبّةٍ للريح ... ولقد بدأ موســمُ العواصف ! * الساعة الآن ، هي السادسة والدقيقة الخامسة والعشرون ، صباحاً . الطيور استيقظت . وأنا مستيقظ معها . غيومٌ رمادٌ تتحرّك ، بطيئةً ، والحديقةُ تبدو لامعة الشجر من ندى الليل . أتكاســلُ عن إعداد فنجان قهوتي . سأبدأ صباحي بعصير التفّاح !
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ديوانُ الشيوعيّ الأخير يدخلُ الجَنّة
-
سعدي يوسف رحالة في الشعر والمدن يحمل النهر في راحته ويقول: ل
...
-
الشعرُ والجمهور
-
مسرح دُمى Puppet Theater
-
الخليفة ظِلُّ الله ، عبدبوش نوري المملوكي
-
- المختارات- لها قصّتُها أيضاً …
-
جوزيف كونراد في البَرّ اللاتينيّ
-
العالَمُ كما لا نعرفُهُ
-
مرةً أخرى : لِنَتَفادَ الحربَ الأهليةَ
-
في العراق : ولايةُ الذمّيّ ، لا ولايةُ الفقيه
-
تفكيك العراق العربي
-
قصيدةٌ أخرى عن - باب سُليمان
-
جحيم عبد العزيز الحكيم
-
المماليك وأيامُهم الزائلة ...
-
الجانب الآخر من الحدود
-
مرحباً !
-
الحمارُ الحَرونُ الذي بُلِيْنا به
-
شكراً للشعب الأميركيّ !
-
صدام حسين عميل منذ نعومه مخالبه
-
هديّةٌ صباحيّة
المزيد.....
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور)
...
-
إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر
...
-
روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال
...
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
-الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ
...
-
عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع
...
-
تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر
...
-
المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
-
عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو
...
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|