حمزة رستناوي
الحوار المتمدن-العدد: 2031 - 2007 / 9 / 7 - 04:29
المحور:
الادب والفن
قدر الفرات أن يكون عرَّابا ً للحزن
فنحن – العرب و من لف لفهم- تعلمنا أن يكون الحزن دليلنا إلى الفرح فلا وجود للفرح المجرد في قاموس لسان مشاعر العربي و من لف لفهم
في اليوم الثالث من رحلتنا من "توتول إلى ماري"* , و أنا على شاطئ الفرات قرب آثار حصن زلبية* الأثري متحررا ً من سطوة الآخرين
متحررا ً من الوظيفة و روتينها القاتل, متحررا ً من الأسرة و سطوة التقاليد
متحررا ً من مشاغل المرضى و العيادة و المشفى..
متحررا ً من التلوث البصري الذي اعترى مدننا
و لائذا ً إلى هدهدات الفرات و ترانيم الطبيعة البكر
متحررا ً من عفونة الهواء و مظالم الأرض و أقدار السماء
متحررا ً من ضجيج اقتحام القوانين, و جعجعة المنافقين, و العابثين بمصالح العباد و البلاد
حزين أنا أيها الفرات
حزين أصغي إلى ارتطام شفاه الحبيبين
من قبل أن يفجؤهما الشرطي متلبسين بجرم الحب
حزين أصغي " لحلبية " تحتسي فنجان القهوة مع عشيقتها "زلبية" فيما يندس نهر الفرات حاشرا ً رأسه بينهما
لقد تحول نهر الفرات إلى شرطي.
.....
جئت أبث شكواي إلى النهر
و لكن النهر رفض الاستماع إلى شكواي
فللنهر أوقات دوام محددة من الثامنة صباحا ً و حتى الثالثة ظهرا ً , هذا عدا يومي الجمعة و السبت فمن حق النهر الاستمتاع بهما وفق القوانين النافذة, ثم أن هناك تزايد ملحوظ كذلك في أعداد المراجعين من سكان حوض الفرات و من الضيوف الآخرين
ثم علينا تقدير الحالة النفسية للنهر, فالنهر المتدفق الغزير الذي اعتاد الفيضان على مر آلاف السنين أصبح الآن معاقا ً , بعد أن أجهزت السدود العملاقة على فحولته.
و النهر كذلك يفقد كل يوم مئات الملايين من صغاره الأسماك بعد أن عاثت الصواعق الكهربائية و السموم و الديناميت فسادا ً و أجهزت على الأسماك .
ثم أن مياه الصرف الصحي لوثت مزاج النهر
و أجهضت على ما تبقى من أحلامه
لم يعد الماء عذبا ً فراتا ً
هكذا قال لي النهر هذا الصباح
........................
• هو مسار الرحلة السنوية بالقارب عبر نهر الفرات, من مدينة الرقة حاليا ً " مملكة توتول " إلى مدينة ماري" تل الحريري قرب الحدود السورية العراقية. و قد أعيد إحياء هذه الرحلة السنوية منذ تسع سنوات على أثر رحلة مماثلة قام بها ابن ملك أوغاريت إلى مملكة ماري عام 2750 قبل الميلاد أي منذ حوالي خمسة آلاف سنة.
• حلبية و زلبية : هما حصنين متقابلين على ضفتي نهر الفرات يعودان للحقبة الرومانية
#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟