تأسيس حركة المطالبة بالحكم الذاتي لسوس الكبير

مصطفى عنترة

الحوار المتمدن-العدد: 1984 - 2007 / 7 / 22 - 12:04
المحور: المجتمع المدني
    

أقدمت العشرات من الفعاليات المدنية النشيطة داخل الحقل الأمـازيغي على مبادرة خلق "حركة المطالبة بالحكم الذاتي لسوس الكبـير" وإعلان مطلب تأسيس فيدرالية تتمتع باستقلالية في تسيير وإدارة شؤونها المحلية.
وتمتد الخـارطة الجغرافية لهذه الفيدرالية، حسب بلاغ تاينزرت، من وادي تانسيفت شمالا إلـى وادرا جنوبا،
ومن المحيط الأطلسي غربا إلى الحدود الجزائرية شرقا.
ويستند حاملو هذا المطلب على كون فيدرالية سوس أولا تتمتع تاريخيا باستقلال ذاتي عن الحكم المركزي للدولة المغربية، إلى حدود دخول الاستعمار الأجنبي. وثانيا تتمتع بثروات طبيعية مهمة، ومؤهلات اقتصادية، تؤهلها لتسير شؤونها بنفسها، ويمكنها أن تعتمد على سواعد أبناءها لبناء اقتصاد قوي، وتنمية مستدامـة مع العلم أن فيدرالية سوس لم تعد تستفيد من ثرواتها منذ الاستعمار، بل تنهب و تفوت لصالح مثلث فاس، الرباط والدار البيضاء.

وثالثا تعاني هذه المنطقة من إقصاء وتهميش سياسيين من الحكم المركزي، أثرا بشكل كبير في تحقيق الديمقراطية المحلية بالفيدرالية، وفي تسيير أبناء سوس لشؤونهم السياسية بأنفسهم، فضلا عن ما يعانيه أبناء سوس من احتقار اجتماعي واقتصادي وسياسي بمناطق المغرب الأخرى، والتي ساهموا بشكل كبير في بناء وتنمية اقتصادياتها، ناهيك عن كون الثقافة الأمازيغية لسوس، تعاني من تهميش وإقصاء تامين في عقر دارها، ومن سياسات تعريبيـة وفرنكفونية ممنهجة وخطيرة حسب نفس البلاغ.
وتأتي هذه المبادرة في ظل التطور الجوهري الذي تعرفه الحركة الأمـازيغية ببلادنا وذلك بتركيز اهتماماتها على جيل جديد من المطالب تهم ملكية الأرض، المـاء، الاستفادة من الثروات التي تزخر بها بعض المناطق التي يتكلم أهلها باللسان الأمازيغي، توفير البنـيات التحتية..، وهي مطالب تنموية لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار الحكم الذاتي.
نفس المطلب نجده حاضرا بالنسبة للحركة الأمازيغية بالجزائر، إذ أقدمت منذ سنوات على تأسيس حركة المطالبة بإقامة حكم ذاتي بالقبائل بقيادة فرحات مهني وتسطير برنامج نضالي من أجل الضغط على النظام الحاكم في الجارة الجزائر بغية الاستجابة لهذا المطلب الحيوي والاستراتيجي.
كما طالب الصحراويون المنحـذورن من جنوب الجزائر( الطوارق) السلطات الجزائرية بمنحهم نظام حكم ذاتي. وعلم أن هؤلاء اتخذوا خطوات متقدمة في هذا الشأن وذلك بتأسيس مجلس جهـوي مؤقت للتنسيق والمتابعة.
أكثر من ذلك أن صيغة أو نظام الحكم الذاتي يعد، اليوم، في العديد من المواقع الدولية الإطار الأنجع لتحقيق التنمية المستدامة، علاوة على كون المنتظم الدولي ما فتئ يشجع مثل هذه المبادرات خاصة إذا كانت مبنية على أسس صلبة ومتينة.
فالسياسات التي اتبعها الحكم المركزي للمغرب من أجل تنمية بعض المناطق كسوس الكبير والريف على سبيل المثال لا الحصر لم تحقق أهدافها التنموية، حيث ظل البؤس الاجتماعي والقهر الاقتصادي والتهميش الثقافي واللغوي.. العنوان الأساسي والأبرز الذي يميز منطقة سوس وبشكل أفظـع منطقة الريف( شمال المملكة) التي لا زالت معاناتها من سياسة الملك الحسن الثاني حاضرة بقوة في الذاكرة الحية.

أكيد أن الإعـلان عن هذه المبادرة الجريئة يؤكد في العمق طبيعة الديناميـة التي يعرفها المجتمع المدني الأمـازيغي، ذلك أنه انتقل من مستوى الاحتجاج إلى مستوى طرح الاقتراحات الممكنة والبدائل الواقعية والملموسة التي من شأنها أن تساعد على تحقيق التنمية.
فالمجتمع المدني السـوسي على وجه التحديد مطالب بفتح نقاش واسع حول هذا الموضوع مع مختلف مكونات الحركة السياسية والمدنية وأيضا مع أخصائيين وخبراء في هذا المجال مع استحضار بعض التجارب الدولية الناجحة في هذا الباب، في أفق وضع الإطار القانوني المتكامل لهذا المشروع.
مما لا شك فيه أن التطورات الجوهرية التي يعيشها العالم والتي تنعكس سلبياتها وإيجابياتها على المغرب أصبحت تستدعي من القائمين على شؤون البلاد تغيير طريقة تعاطيهم مع مثل هذه المبادرات. إن هذه المبادرة قد "تخـدم" بشكل أو بآخر مصالح النظام السياسي خاصة في ظل المنعطف الحساس والدقيق الذي تعيشه قضية الصحراء المغربية، حيث تفيد أن الصحراويين ليس وحدهم من يطالب بإقامة حكـم ذاتي، فالسوسيون والريفيون لهم نفس المطلب، وهذا أمر عادي بالنسبة لنظام سياسي يبحث بقوة عن بدائل وحلول تنموية جهاته بعدما أظهرت الجهوي محدودية في نتائجها.

فبالأمس القريب لم يكن أي أحد يتصور أن "المغرب الرسمـي" سيتنازل عن شعار "الاستفـتاء التأكيـدي" وسيطرح "الحكـم الذاتي" كمقترح لإنهاء النزاع القائم في منطقة الصحراء..، و ها هو اليوم أصبح خيارا بالنسبة لمملكة محمد السادس، مما يفيد أن أحلام الأمس قد تصبح حقائـق اليوم.

#مصطفى_عنترة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات