|
ضرورة محاكمة الجنرال حميدو العنيكري لأنه ورط الملك
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 1982 - 2007 / 7 / 20 - 10:19
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
تقديم
مرة أخرى بدأ يتأكد من جديد أن الجنرال حميدو العنيكري لازال يشكل يد بطش، مع فارق أنه يسعى حاليا إلى إعادة البروز وتأكيد الذات عبر الاجتهاد في تفعيل هراوات القوات المساعدة بطريقة ممنهجة ومدروسة على رؤوس وظهور المحتجين، سواء في المدينة أو البادية. وهناك العديد من المغاربة شرعوا في طرح سؤال: هل الملك محمد السادس يوافق على تفعيل هراوات رجال العنيكري على رؤوس المحتجين أمام المؤسسة التشريعية ومنذ البدء؟ لاسيما وأن الجميع سبق وأن استحسن الخطوات التي حققها المغرب في مجال حقوق الإنسان منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش في يوليوز 1999، إذ اتخذ عددا من الخطوات التي كانت موضوع ترحيب كبير، خصوصا فيما يتعلق بجبر أضرار سنوات الجمر والرصاص. ومن دواعي طرح هذا السؤال، الترويج مؤخرا لوضع كاميرات في أماكن التحقيق والاستنطاق كإجراء احترازي لتفادي ممارسة التعذيب وسوء معاملة الأضناء وهم في ضيافة رجال الأمن، في حين يسمح فيه لهراوات "وليدات" العنيكري بالنيل من المواطنين في البادية والمدينة، ذنبهم في ذلك أنهم يمارسون حقهم في الاحتجاج بطريقة حضارية، للتعبير عن رأيهم في الواقع القائم أو استيائهم من جملة أمور أو دفاعا عن حقهم في الأرض، فهل القائمون على الأمور يغضون الطرف عن تفعيل هراوات رجال العنيكري لأنهم يخشون انكشاف تردي الأوضاع، أم أن هناك رغبة في العودة تدريجيا إلى العقلية التي ساهمت في تكريس الاستبداد وإنتاج وإعادة إنتاج المعارضين الجذريين الذين يئسوا من إمكانية التغيير داخل اللعبة السياسية فاختاروا لفظ النظام جملة وتفصيلا، على امتداد سنوات الجمر والرصاص؟ ألم يفكر القائمون على الأمور أن مثل هذه التصرفات من شأنها أن تجذر وتقوي من جديد، وبشكل أكثر إصرارا، مطالبة الدولة بكشف هوية مرتكبي المئات من حالات "الاختفاء" وعمليات التعذيب والاعتقال غير القانوني التي مازالت غامضة حاليا، خصوصا وأن الجنرال حميدو العنيكري، الذي بدا أنه يسعى في الرجوع إلى الساحة عبر جعل فرق تدخل القوات المساعدة آلية من آليات القمع والتنكيل بكل من سولت لهم أنفسهم الاحتجاج في المدينة والبادية، علما أن الجنرال لازال من الرؤوس المطلوبة للمساءلة والمحاسبة، وطنيا ودوليا؟
هل الجنرال العنيكري في طريقه للعودة؟
إن ما تقوم به فرق التدخل التابعة للقوات المساعدة تحت إمرة الجنرال حميدو العنيكري في البادية والمدينة، يؤكد مرة أخرى أن الجنرال "أمنقراطي" يعتمد على الهاجس الأمني في معالجة مختلف الأمور. كما أن بداية إعادة بروز الجنرال يؤدي إلى التساؤل بخصوص السياسة الأمنية التي يعتبر فؤاد عالي الهمة حاليا أحد مهندسيها الأساسيين، لاسيما وأنه ساد اعتقاد مفاده أنه هو الذي أنقذ الجنرال حميدو العنيكري من السقوط بعد انفجار ملف اسكوبار الشمال وانفضاح أمر عبد العزيز إيزو، وبذلك لم تتحقق إلا نصف سقطة في حق العنيكري، بتنحيته عن مديرية الأمن الوطني وتعيينه مفتشا عاما للقوات المساعدة، هذا في وقت كان أغلب المغاربة ينتظرون بفارغ الصبر إعفاءه من جميع المسؤوليات، بل انتظر البعض مساءلته ومحاسبته، لاسيما وأن موقعه، قبل تنحيته من على رأس الأمن الوطني وطبيعة مسؤولياته الأمنية وإطلاعه على التقارير الداخلية والخارجية وتقارير سفارات وقنصليات المغرب بالخارج تفرض أن يكون على إطلاع على حقيقة ما كان يقوم به إيزو أو جزء منه على الأقل، وهذا ما دعا إلى شكوك كبيرة حوله. ومهما يكن من أمر هناك رأي يقول، كانت الضربة ستصير قوية بخصوص الجنرال العنيكري إلا إن علاقته بفؤاد عالي الهمة ساهمت في التخفيف من وطأة هذه الضربة، في حين يقول أحد المصادر إن علاقته بشخصية وازنة بالقصر هي التي أنقذته من الضربة القاضية، وربما قد يكون هذا الإنقاذ من أسباب المساعدة في إعادة بروز العنيكري عبر تفعيل هراوات رجاله في البادية والمدينة. قد ظل من الصعب دحض العلاقة القائمة بين تنحية العنيكري من الأمن الوطني وورطة مدير أمن القصور الملكية وتورط جملة من الرؤوس الأمنية في ملف المخدرات. فهل إبعاد الجنرال حميدو العنيكري من قمة مديرية الأمن الوطني وتعيينه مفتشا للقوات المساعدة كان لتجنيبه النهاية الحتمية؟ والآن بعد أن هدأت الأمور بخصوص هذه المسألة، بدأ الجنرال في البروز من جديد، فهل ما يقوم به العنيكري حاليا في إظهار ما يمكن أن تقوم به القوات المساعدة هو مجرد محاولة لجلب أنظار القائمين على الأمور بأنه ما زال رجل المرحلة، علما أنه كان على وشك التحكم بخصوص التقرير في المجال الأمني لولا تحرك فعاليات المجتمع المدني والمتعلق بفضاء تمارة الذي وصف بالمعتقل السري للعهد الجديد. بدأ الجنرال حميدو العنيكري يبرز من خلال التدخلات القوية لعناصره في البادية والمدينة، أكثر من السابق، وهذا بالرغم من أنه سبق الإقرار، بوضوح، بفشل مقاربته الأمنية في معالجة الأمور، كما قيل بوجوب اعتماد مقاربة أمنية جديدة. وفعلا تم التخلي عن شرطة القرب مباشرة بعد إبعاده من منصبه الأمني كمدير عام للأمن الوطني، وها هو اليوم يقود القوات المساعدة لتشكل قوة أمنية بارزة، على غرار ما كانت تقوم به "شرطة القرب" لكن بصيغة جديدة، تقريب الهراوات من رؤوس وظهور كل من سولت لهم أنفسهم ممارسة حقهم في الاحتجاج السلمي بالفضاءات العمومية بالمدينة أو الدفاع عن أرضهم بالبادية، وفي هذا الصدد ظل العنيكري يسعى ليصبح رجل المخزن الأول، لكن لم يسمح له بذلك. ورغم أن تجاوزات رجال العنيكري ما زالت لم تصل بعد إلى حجم الانتهاكات الجسيمة للستينيات والسبعينيات، فإنها كافية لإبراز أن الآليات التي سمحت بحدوثها، لاسيما تصرف القوات العمومية دون خوف من المساءلة والمحاسبة والعقاب، مازالت قائمة وبدأت تفعل في إنتاج معارضين جذريين للنظام القائم في صيغة جديدة؛ إن أساليب الجنرال العنيكري بدأت تعود إلى الساحة رغم الشبهات القوية في ارتباطه بملف بين الويدان وعبد العزيز ايزو. إن إعادة ظهور الجنرال العنيكري إلى الواجهة عبر تفعيل هراوات أفراد القوات المساعدة وتدخلاتهم الهمجية في المدينة والبادية، بدأ يدفع في اتجاه إعادة بروز ظاهرة الإفلات من العقاب، وهذا أمر ليس في صالح البلاد والعباد، خصوصا ما يتعلق بانتهاكات اقترفت في العهد الجديد، وهذا ما غاب عن القائمين على الأمور الذين سمحوا للجنرال العنيكري بتفعيل هراوات رجاله. في هذا الصدد بدأ بعض الحقوقيين بتفعيل جملة من توصيات منظمة العفو الدولية ومراقبة حقوق الإنسان، ومنها إجراء تحقيق في الشكايات حول استخدام القوات العمومية، خصوصا القوات المساعدة، للقوة المفرطة في تفريق المحتجين والمعتصمين، لاسيما بعد أحداث منطقة أولاد رحمة وبنمنصور بإقليم القنيطرة والوقفة التي نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أمام البرلمان للتضامن مع معتقلي فاتح ماي، وهذا أمر ارتبط بجملة من مؤشرات إعادة ظهور الجنرال العنيكري بقوة غير منتظرة، في وقت انتظر فيه الكثير من المغاربة تنحيته كليا عن موقع المسوؤلية بفعل رصيده في تاريخ الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
العنيكري يعرض نفسه من جديد
بدأت معالم خروج الجنرال حميدو العنيكري من "الثلاجة" تظهر بفعل تدخل هراوات القوات المساعدة في المدينة والبادية، وذلك بعد مرور مدة عن غيابه من ساحة الأحداث بالمغرب، وذلك منذ تعيينه مفتشا عاما للقوات المساعدة على إثر انكشاف فضائح بين الويدان بالشمال وتواطؤ جملة من الجهات الأمنية معه في تهريب المخدرات والتستر على بارونات المخدرات على امتداد سنوات. لقد لاحظنا منذ شهور إعادة ظهور نهج العنيكري في تدبير أمور القوات المساعدة كقوة أمنية فاعلة أكثر من السابق، إذ لم يسبق له على امتداد تاريخ وجوده، أن برز بالقوة وبالتنظيم الممنهج في استعمال الهراوات للنيل من المحتجين والتنكيل بهم بشكل لم يسبق له نظير في عرف هذه القوة المساعدة التي ظلت مكلفة بمهام مكملة وتابعة. يذكرنا هذا المسار بالنهج الذي اتبعته "شرطة القرب"، وكانت البداية بالاهتمام بالتجهيزات والمعدات واللوجستيك، إذ تم تسجيل تقدم ملحوظ على مستوى اللباس والمعدات ووسائل النقل والخبرة والتعامل مع المتظاهرين والمحتجين، الشيء الذي يفيد أن عناصر القوات المساعدة خضعوا لتدريبات مخالفة للتي دأبوا عليها سابقا. كما حدث بالنسبة لشرطة القرب، كانت البداية بنشر عناصر العنيكري، وهي مجموعة من "شباكوني"، هؤلاء الشباب الذين تلقوا تدريبا خاصا وتوجيهات "عنيكرية" بخصوص سبل النيل من المحتجين والمتجمهرين، والتي يبدو أنها تقتصر في المرحلة الحالية على التنكيل بهم وإشباعهم ضربا والحط من كرامتهم دون القدوم على اعتقال أي واحد منهم مهما كان الأمر، وهكذا كانت البداية الأولى بالنسبة لشرطة القرب التي، رغم عمرها القصير، ساهمت في زرع الرعب وسط المغاربة بفعل تدخلاتها العنيفة، وبفعل فقدان جملة من المغاربة حياتهم على يدها. فهل الجنرال حميدو العنيكري تؤكد ذاته وقوته عبر استنساخ تجربة شرطة القرب على فرقة القوات المساعدة التي يبدو أنها أضحت متخصصة في التدخل للتصدي للمحتجين والمعتصمين والمتظاهرين؟ وهل الجنرال حميدو العنيكري في طور "فرقة الكوم" سيئة الذكر، التي أحدثها الاستعمار الفرنسي للتنكيل بالمغاربة المحتجين على رداءة الواقع؟ نلاحظ الآن أن فرق القوات المساعدة أضحت، خلافا للسابق، تعمل على الظهور أكثر من قوات الأمن الوطني، وتسعى إلى التحرك بنوع من الاستعراض والبهرجة، إذ تتموقع سياراتها في نقط بارزة ويقف عناصرها مجهزين بآليات التنكيل غير النارية لفرض صورتهم في الواقع اليومي مهما كانت الظروف، ورغم أن التدخلات القوية لفرق القوات المساعدة في البادية والمدينة في بداياتها فإنها خلفت سخطا كبيرا، لاسيما بعد التنكيل بفلاحي أولاد رحمة وجماعة بنمنصور بإقليم الغرب وبحقوقيي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط أمام مقر الجهاز التشريعي للمملكة، وخلفت هذه التدخلات جملة من الضحايا (جراح متفاوتة الخطورة بين الفلاحين وقاطني دوار قبات بالغرب)، الشيء الذي يتطلب القيام بتحقيق في الموضوع، قبل فوات الأوان، أم أن الأمر لا يرقى إلى هذه الأهمية في نظر القائمين على الأمور، باعتبار أن مهندس هذه التجاوزات هو الجنرال حميدو العنيكري، الذي لا زال يعتبر نفسه الرجل الأمني القوي في البلاد، رغم اضطلاعه حاليا بتدبير أمور القوات المساعدة؟ في السابق كان مجرد اسم حميدو العنيكري يثير نوعا من الرعب بحكم رصيده في مجال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على امتداد سنوات الجمر والرصاص، وبالتحديد منذ تألقه في التحقيق مع انقلابيي السبعينيات، العسكريين والمدنيين، وقيادته لاختطاف ضحايا تازمامارت من السجن المركزي بالقنيطرة، لقد عرف العنيكري من أين تؤكل الكتف وكيف يصل إلى أعلى المواقع الأمنية ويتسلق هرم السلطة الأمنية حتى أصبح المدير العام للأمن الوطني وتمكن من تجميع معظم الصلاحيات الأمنية، واستغل موقعه لجعل نفسه حجر الزاوية في التعامل الأمني بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، إذ ظل أكبر المتحاورين مع المخابرات الأمريكية (سي، إي، يا)، وأكثر المغاربة اقتناعا بضرورة التعامل مع واشنطن والعمل تحت إمرتها في المجال الأمني تحت غطاء الحرب ضد الإرهاب والتصدي له، أليس هو القائل: "يجب أن نختار بين أن نكون مع أمريكا أو ضدها ولا يمكن الوقوف على الحياد، وعلينا أن نقف معها"، وفعلا ظل الجنرال حميدو العنيكري مهندس تصريف أوامر واشنطن، وها هو الآن عبر تموقع "القوات المساعدة" يسعى إلى استرجاع قوته على الساحة ولو أدى الأمر إلى توريط الملك محمد السادس في متاهات حقوقية، اعتقد المغاربة أنها أضحت في عداد الماضي؟ وفي هذا السياق بدأ بعض المحللين المغاربة يتساءلون: هل الجنرال حميدو العنيكري في طور البروز كيد باطشة للقائمين على الأمور في العهد الجديد؟ أم أنه، بتصرفاته هاته، يعتمد على مساندة ودعم أمريكي لفرض نفسه واسترجاع موقعه في صناعة القرار الأمني بالمغرب والسهر على تنفيذه؟ في الوقت الذي لازال المغاربة ينتظرون تنحية رموز الماضي الموصومة بتضلعها الواضح، بالحجة والدليل، في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والدوس على كرامة المواطن، لكن ها هو شبح الجنرال حميدو العنيكري مازال يتسلل إلى الركح عبر تفعيل هراوات عناصر القوات المساعدة في المدينة والبادية. تبدو خطورة هذا المسار باعتبار أنه تم الإقرار، وبالإجماع، على أنه لا يمكن السماح بإعادة تجربة الماضي في مجال الدوس على حقوق الإنسان، هذا بعد أن ظل الملك محمد السادس يحمل الرغبة في الانفتاح وتنقية التاريخ الحقوقي المغربي من لطخاته السوداء الحالكة، بإعادة المنفيين وإفراغ السجون وإقامة لجان وهيئات لمحاولة طي ملف الماضي، في وقت بدأنا نلاحظ جملة من التراجعات في مجال الانفراج وترك البلاد تتنفس بحرية وتقول ما تشاء. إن مغرب اليوم ليس مغرب الأمس، لذا وجب التنبيه إلى بداية بروز آليات إنتاج المعارضين الجذريين بعد أن تم الإقرار بقبول قواعد اللعبة السياسية، وهذا عامل من عوامل ضمان الاستقرار، ومن شأن إعادة النظر في هذا الإقرار بقواعد اللعبة السياسية أن ينتج مالا يحمد عقباه لا قدر الله بفعل التغييرات التي عرفتها البلاد ومنطقة شمال إفريقيا عموما.
هل هي عودة الجنرال العنيكري؟
إن نوازل إشباع حقوقيي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، قاعدة وقيادة ومتعاطفين وفلاحي منطقة الغرب، "هراوة"، تؤكد من جديد أن الجنرال حميدو العنيكري، المطالب برأسه من طرف أكثر من جهة، وطنية وأجنبية، يجيد العمل في جو القمع والتسلط وخنق الحريات. فما قام به رجال العنيكري خلال الشهور الأخيرة بخصوص تدخلاتهم الهمجية وتفعيل هراواتهم، تذكرنا بما وقع في 9 دجنبر 2000، إثر المساهمة في تنظيم مظاهرة وقع منعها، وكانت قد وُجِّهت دعوة للتجمع من أجل المطالبة بوضع حد لظاهرة إفلات مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد من العقاب. إن قوة تدخل فرق القوات المساعدة في أكثر من حدث جماهيري، سواء بالمدينة أو البادية، يفضح رغبة الجنرال العنيكري في العودة إلى الساحة كأقوى رجل أمني بالمملكة، وبالتالي رجل المرحلة الذي لا يمكن التخلي عنه. وهذا مسار معاكس لما تطورت إليه الأمور في جملة من الأجهزة والمصالح الأمنية بعد تنحية العنيكري من مديرية الأمن الوطني على خلفية انكشاف ملف أباطرة المخدرات بالشمال. في غضون سنة 2006 اتخذ عبد اللطيف الحموشي، مدير مراقبة التراب الوطني (الديسطي)، الذي خلف أحمد حراري، الرجل الموالي للجنرال، قرارات شجاعة، إذ عمل على تغيير 15 ضابطا وإدخالهم ثلاجة مديرية الأمن الوطني، جميعهم كانوا على رأس أقسام ومصالح أمنية حساسة منذ 1999، أي خلال الفترة التي كان فيها العنيكري قائما على الديسطي. فقد استحسن أغلب المحللين هذه القرارات لأنها استهدفت ضخ دماء جديدة في جملة من المواقع الحساسة، وذلك عبر تصفية تركة الجنرال، فكل الضباط 15 الذين أدخلوا "الثلاجة" كانوا موالين لحميدو العنيكري، وفي نفس الاتجاه حدثت تغييرات كثيرة بخصوص ضباط الربط في صفوف الديسطي. انتقل الجنرال العنيكري إلى القوات المساعدة، ومن هذا الموقع "الثانوي" على الخريطة الأمنية، يحاول الآن جاهدا العودة إلى الساحة. ظل المغاربة يرون في أفراد القوات المساعدة نظرة دونية تنم عن نوع خاص من الاحتقار. عندما التحق الجنرال حميدو العنيكري بها كان عدد أفرادها يبلغ 45 ألف، إذ هم يفوقون عدد قوات الأمن الوطني. تتكون القوات المساعدة من قيادتين، قيادة الشمال وقيادة الجنوب، وكل قيادة مشكلة من قسمين كبيرين، "المخزن الإداري" ويعمل أفراده على حراسة بعض المرافق العمومية أو مكاتب المسؤولين داخل تلك الإدارات، وقسم "الفرقة المتحركة" (وريثة "الكوم" الذي أسسه الاستعمار الفرنسي). كان أول تغيير بخصوص التعامل مع "المخازنية" قد حصل بعد الانقلاب العسكري الثاني الفاشل في غشت 1972 (الهجوم على الطائرة الملكية وهي في طريق عودتها من فرنسا) بعد انكسار العلاقة بين القصر والقوات المسلحة الملكية، إذ عين الملك الراحل الحسن الثاني ضابطين ساميين على رأس القوات المساعدة وكلفهما بإعادة هيكلتها وإعدادها للتصدي لكل الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية. آنذاك، ولأول مرة منذ الحصول على الاستقلال، توضحت نسبيا الوضعية القانونية للقوات المساعدة وخصصت لها ميزانية بلغت حينئذ 9 مليارات سنتيما سنة 1974، وهو مبلغ لم يسبق أن تصرفت فيه منذ نشأتها، كما تم توظيف عناصر جديدة لاسيما من المناطق النائية (المغرب غير النافع)، خصوصا من الرشيدية وورزازات، ولم يكن مطلوبا من المجندين الجدد لا شهادة ولا قدرة على التفكير، وإنما أن يمتثلوا امتثالا أعمى للأوامر وأن يجيدوا الضرب والتنكيل بعباد الله كلما تلقوا تعليمات بذلك. علما أنهم استعملوا كذلك في الصفوف الأولى خلال حرب الصحراء (لحوم المدافع حسب التعبير الفرنسي). إن بروز القوات المساعدة كقوة قامعة ومنتهكة للحقوق والكرامة الإنسانية تعيدنا إلى مشاهد التاريخ القمعي المغربي الأسود، وقد بدأ هذا البروز مع قمع احتجاج فلاحي الغرب في السطو على أراضيهم، ومع إمطار الهراوات على حقوقيي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، علما أن التصرف مع المعطلين بلغة الهراوات والتنكيل، أضحى لازمة للنظام المغربي ومسألة عادية جدا في عرف القائمين على الأمور بالرغم من أنه انتهاك سافر لحقوق الإنسان ومن شأنه أن يشكل آلية لإنتاج معارضين جذريين للنظام كما كان عليه الحال سابقا، وهذا أمر وجب التنبيه إليه، فأيهما أقل ضررا، ترك المحتجين يحتجون بطريقة سلمية كشكل من أشكال الحق في التعبير، أم تفعيل هراوات "وليدات العنيكري" كنهج من شأنه إنتاج معارضين جذريين للنظام؟
رأس العنيكري مطلوبة
منذ أن طالبت لجنة الكونغرس الأمريكي فتح متابعات في قضية التعذيب الذي مارسته المخابرات المركزية الأمريكية (سي. إي. يا) ضد المتهمين بالإرهاب، ذكر اسم الجنرال حميدو العنيكري كأحد المعنيين بالأمر بالمغرب، لقد تأكد أن المغرب استقبل طائرة المخابرات المركزية الأمريكية على الأقل 10 مرات فيما بين 2002 وفبراير 2005، وأكد شاهد عيان من أهل الدار (الديسطي) أنه حضر في إحدى المرات ترحيل 4 معتقلين، إذ يقول إن طائرة بوينغ 737 بيضاء بدون أية علامة تدل على جنسيتها حطت بالمطار العسكري لمدينة سلا ونزل منها 4 أشخاص مقيدي الأيدي ومعصوبي العينين وأقيلوا على متن سيارات إلى جهة غير معلومة (إما معتقل تمارة أو عين حرودة بضواحي الرباط)، كما أكدت مصادر أمريكية أن نفس الطائرة انطلقت من واشنطن وحطت بإيرلندا ثم قبرص قبل توجهها إلى سلا، وينطبق تاريخ النازلة مع ما أدلى به شاهد العيان. في هذا الصدد سبق لمنظمة هيومن رايش في تقريرها لسنة 2005، أن أكدت أن على الحكومة المغربية أن تتحرك لوضع حد لإفلات المسؤولين الأمنيين من العقاب ولتعزيز استقلال القضاء إذا كانت جادة في ترسيخ النتائج التي توصلت إليها حينئذ هيئة الإنصاف والمصالحة. ومهما يكن من أمر لازالت رأس الجنرال حميدو العنيكري مطلوبة، لاسيما من طرف الضحايا والحقوقيين والصحافة المستقلة. هذا في وقت بدأت تظهر فيه مؤشرات عودته إلى ساحة الأحداث بعد غياب فرضته طريقة تنحيته من الواجهة. يبدو أن فلسفة "شرطة القتل" التي ابتدعها الجنرال حميدو العنيكري بدأت تترسخ من جديد من طرف عناصر القوات المساعدة تحت إمرة هذا الأخير، باعتبارها المسلك الوحيد أمامه ليؤكد للقائمين على الأمور أنه لازال رجل المرحلة. وفي هذا المضمار يبرز تساؤل يشغل الآن بال الكثير من المغاربة: ما هو موقف فؤاد عالي الهمة من نهج تحويل القوات المساعدة بالتصدي للاحتجاجات وتضييق الخناق على الحق في الاحتجاج السلمي كشكل من أشكال التعبير وحرية الرأي؟ وهل يعني هذا أن المفتش العام لـ "المرود" في طور استرجاع موقعه كرجل النظام القوي؟ وهل منحت بطاقة بيضاء للجنرال ليجعل من القوات المساعدة "قوة جديدة للقرب"، بعد أن تألق بهذا الخصوص بمعية "شرطة القرب" برصيدها الأسود رغم قصر عمرها؟ أضحى الآن من المؤكد أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عازمة على تفعيل متابعة الجنرال حميدو العنيكري، المفتش العام للقوات المساعدة، أمام القضاء بفعل الهمجية التي عامل بها عناصره الحقوقيين وجملة من المواطنين أمام مقر البرلمان، لاسيما وأنهم ألحقوا أضرارا بالغة بجملة من المشاركين في الوقفة، هذا علاوة على المس بكرامتهم، ومن المنتظر أن قضاءنا سيكون أمام امتحان فعلي بخصوص استقلاليته، فهل يقبل تفعيل المسطرة على أساس مساواة الجميع أمام القانون، أم أن التعليمات والتوجيهات والتوصيات ستفعل فعلها، وسيتم إقبار الدعوى في المهد.
"مرود" القرب
من النوازل التي تألقت فيها هراوات رجال الجنرال حميدو العنيكري حوادث أولاد بورحمة وأولاد صخر وقابات البحرية بمنطقة الغرب (القنيطرة)، هناك اضطلع رجال العنيكري بقمع الفلاحين المحتجين والمدافعين على أرضهم التي أرادوا نزعها منهم وتسليمها لبعض المحظوظين. إن آخر تدخل لـ "وليدات العنيكري" هو الذي حصل بجماعة بنمنصور عندما رفع الفلاحون شعار "الأرض أرضنا نموت فيها ونحيى" دفاعا عن حقهم الأكيد فيها، إلا أن فرقة القوات المساعدة جاءت لإفراغهم بالقوة من أرض قطنوا بها واستغلوها عشرات السنوات، وذلك من أجل تسليمها لأحد المحظوظين المستفيدين من الامتيازات، إذ تكلف رجال العنيكري بالتصدي للفلاحين الذين يستغلونها والتي كانت في ملك آبائهم قبل استيلاء الاستعمار الفرنسي عليها ليسلمها بدوره للمخزن عوض إرجاعها لأصحابها؛ ومن أجل سد الطريق على أية مناورة قدم السكان طلبا لكراء القطعة الأرضية المعنية، رغم أنها سلبت أصلا من آبائهم وأجدادهم، لكن جواب السلطة كان هو تسليط رجال العنيكري عليهم لإمطارهم بالهراوات، وقد ساهمت هذه النازلة، وغيرها في بروز القوات المساعدة بشكل لم يسبق له مثيل في قمع الاحتجاجات بالبادية، وبذلك تجاوز رجال العنيكري ما يسميه فقهاء القانون بـ "العنف المشروع". في وقت مازالت فيه فضائح وتجاوزات "شرطة القرب" شاخصة في الأذهان، يقوم الجنرال العنيكري بمحاولة استنساخ التجربة مع القوات المساعدة ("مردة القرب")، واعتبارا لتدخلاتها القوية والهمجية لا محالة أنها ستخلف هي كذلك ضحايا، لأنه أضحى من المعروف الآن أن الجنرال العنيكري لا يؤكد دوره كرجل المرحلة إلا بتنمية رصيده بخصوص الضحايا. قبل رحيله عن إدارة الأمن الوطني وبعد إقامة "شرطة القرب"، راكم الجنرال العنيكري رصيدا مهما من التجاوزات، وبلغت الحصيلة فيما بين 2000 وبداية 2007 أكثر من 30 مواطنا لقوا حتفهم في استضافة الشرطة أو رجال الدرك أو السلطة في ظروف ظلت غامضة، واجتهد القائمون على الأمور للتستر عليها رغم وجود شهود عيان، وشملت هذه الوفيات مختلف مناطق المغرب. في نظر القائمين على الأمور ظلت كلها وفيات إما طبيعية أو نتيجة انتحار رغم ظهور علامات التعدي الشنيع بخصوص حالات كثيرة، وظلت النيابة العامة تغض الطرف دون تفعيل المسطرة التي من المفروض أن تعمل في مثل هذه النوازل، بل هناك حالات متعددة رفضت فيها النيابة العامة تحريك الملف رغم إلحاح أقارب الضحية، وهذا ما فهمه الكثيرون كحماية تواطؤية من طرف جهة من المفروض فيها أخذ المبادرة في هذا الصدد، بتفعيل المسطرة، وغالبا ما تستمر النيابة في صمتها رغم أنه تبين أكثر من مرة أن السلطات الأمنية أدلت بتصريحات منافية للواقع وقدمت معطيات مغلوطة ومفبركة (حالات مول السباط وحسن الزبيري وعبد الغفور الحداد وحمدي لمباركي). ها هي الآن فرق القوات المساعدة تسلك نفس المسار التي سلكته "شرطة القرب" لكن مع فارق، إذ إن الثانية تعتمد الضرب المبرح والتنكيل وترك الضحايا بعين المكان، سواء بالمدينة أو البادية، دون اعتقالهم، حتى تتجنب احتمال موت أحدهم في ضيافتها مستفيدة من تجربتها الأولى، الشيء الذي يدعو إلى مساءلة رجال العنيكري عما صدر في حق المحتجين قبل فوات الأوان ما دُمْنا نتوفر الآن على قانون يجرم التعذيب وأن بلادنا قد رفعت تحفظاتها عن بعض مواد الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب لاسيما بخصوص السماح للجنة الأممية بتلقي الشكايات والتحقيق في وقائعها. وفي هذا الإطار يستعد بعض الضحايا بدوار بورحمة وبنمنصور بإعداد ملف من أجل تقديمه للجنة المذكورة اعتبارا لما تلقوه من تعذيب وتنكيل على يد رجال الجنرال العنيكري بمناسبة اعتصامهم للدفاع عن أرضهم.
"باطرون" معتقلي تمارة وعين حرودة
"باطرون معتقل تمارة وعين حرودة"، بهذا اللقب يعرف الجنرال حميدو العنيكري في الكثير من الأوساط وبين الفعاليات الحقوقية والمجتمع المدني في الداخل والخارج؛ وفي نظر الأمريكيين يظل العنيكري بوليسيا كبيرا، كان صوته مسموعا من طرف الملك والدوائر القريبة من القصر الملكي رغم كل الكبوات التي سقط فيها. سيظل اسم الجنرال حميدو العنيكري مرتبطا بمعتقل تمارة، سواء عند المغاربة أو الأمريكيين بعد أن تم الكشف مؤخرا على جملة من الوثائق السرية للمخابرات المركزية الأمريكية (سي. إي. يا) والتي أكدت أن مركز تمارة من الأماكن التي استضافت معتقلين قصد الاستنطاق باستعمال التعذيب تحت أوامر وتوصيات المخابرات الأمريكية وواشنطن، وأن ذلك تم تحت إمرة الجنرال العنيكري، أقرب بوليسي مغربي للمخابرات الأمريكية ورجل ثقتها بالمغرب. لقد استضاف مركز تمارة على الأقل 10 حالات، وهي حالات انكشف أمرها وأكدتها تقارير "سي.إي.يا". في بداية العهد الجديد، اعتبر الجنرال حميدو العنيكري العقل الأمني للمملكة وأحد صناع القرار الأمني، وتأكد هذا الدور بقوة بعد أحداث 16 ماي 2003 قبل أن ترمي به الأقدار إلى صفوف "المرود"، وظل اسمه ولازال مرتبطا ارتباطا وثيقا بالأعمال والمهام القذرة. قام عدد من ضيوف معتقل تمارة بمتابعة وفحص ما تم اقترافه من فضاعات وتعذيب وتنكيل، وفي هذا الصدد كشف العديد ممن عادوا من أفغانستان ما فعل بهم ضباط ورجال "الديسطي" تحت إمرة الجنرال حميدو العنيكري، هذا دون الحديث عمن استقدموا من سجن غوانتانامو، وهي تجاوزات أقر بها الجميع، داخليا وخارجيا، حتى القائمون على الأمور عندنا، لكن تم المرور عليها مرور الكرام دون الإعلان عن اتخاذ إجراءات لضمان عدم تكرار ما وقع. الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومعتقل تمارة... علامات سيئة ستظل ترافق الجنرال حميدو العنيكري باعتباره اعتمد التعذيب والتنكيل والدوس على كرامة الإنسان كنهج في عمله اليومي، وقد اتسم ذلك في حالة عودة الجنرال العنيكري من النافذة بعد إخراجه من الباب، وهو ما من شأنه أن يعيد التاريخ المظلم الرصاصي بصيغة جديدة معولمة، وهي الممارسة التي وصفها الملك محمد السادس بالانزلاقات في حديثه مع الجريدة الإسبانية "لاباييس" سنة 2005.
الجنرال العنيكري والموساد
ظلت شكوك تحوم بخصوص التعاون الأمني بين المخابرات المغربية والمخابرات الإسرائيلية (الموساد) ودور الجنرال حميدو العنيكري بهذا الخصوص، إلا أن هذه الشكوك تأكدت عندما كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في غضون سنة 2002، أن ضباط المخابرات الأمريكية حلوا بالمغرب لتدريب نظرائهم المغاربة في مجال مكافحة "الإرهاب القاعدي" (نسبة إلى تنظيم أسامة بن لادن) وأن خمسة من ضباط المخابرات الإسرائيلية (الموساد) حلوا بالمغرب في إطار ما سمي بالتحقيق حول الهجوم الصاروخي الذي استهدف طائرة إسرائيلية بعد إقلاعها في شهر فبراير 2002 من مطار "مومباسا" بكينيا، لكن دون إصابتها، وبدعوى أن أحد المشاركين في هذه الحادثة قدم إلى كينيا عن طريق المغرب، وقد خلصت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن هذه النازلة تفسر تعاون السلطات المغربية بشكل واسع مع المخابرات الإسرائيلية، مضيفة أن إسرائيل بالنظر لمشاكل استيعاب المهاجرين قد استفادت من القانون المغربي الذي يسمح بازدواجية الجنسية، وجعلت من المغرب عمقا مخابراتيا، كما استفادت من اليهود المقربين من دوائر صناعة القرار ومن البلاط، واعتبارا للموقع الذي ظل يحتله الجنرال حميدو العنيكري على مسرح الخريطة الأمنية، فإنه قد لعب بلا شك دورا حيويا في هذا المجال.
تألق رجال العنيكري في التنكيل بالحقوقيين
إن الوقفة التي نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أمام البرلمان لم تكن مظاهرة أو اعتصاما سد الطريق العمومية أمام المارة أو عرقل السير، وإنما كانت وقفة سلمية، على حين غرة وبدون سابق إنذار، هجم رجال العنيكري بهراواتهم دون تمييز على المحتجين، وتبين أن الغرض المتوخى هو إشباعهم ضربا، إذ لم يتم اعتقال أي واحد؛ وحسب شهادة أحد المحامين المشاركين في الوقفة والذي نال حظه الوفير من "الهراوة"، كان أحد رجال العنيكري يهم باعتقال أحد الحقوقيين فقال له رئيسه: "لا نريد اعتقال أحد، فماذا سنفعل به؟"، فما كان أمام أفراد القوات المساعدة إلا تفعيل هراواتهم وتصعيد وتيرة الهجوم. ويرى البعض أنه ما دمنا نعيش في دولة الحق والقانون، وما دام أنه تم الإقرار بعدم السماح لأي كان أن ينتهك حقوق الإنسان، وباعتبار أن هناك أدلة على استخدام القوة والهراوات وهناك ضحايا، صار من الضروري فتح تحقيق في النازلة، لاسيما بخصوص الوحشية التي مارسها رجال القوات المساعدة على المحتجين، لأن هؤلاء استعملوا القوة المفرطة لمنع حدوث وقفة احتجاجية سلمية. إن ما وقع خلال هذه الوقفة يستدعي إذن تحقيقا مستعجلا إذا كانت الحكومة تحترم نفسها، لاسيما وأن العديد من المغاربة بدأوا يتساءلون عن موقف الملك محمد السادس مما حدث أمام البرلمان وفي دواوير منطقة الغرب؟ عموما إن ما اقترفه رجال العنيكري مؤخرا يذكرنا بما وقع عشية 9 دجنبر 2000، عندما هجم رجال الشرطة وهم يرتدون ملابس مدنية ورسمية بصورة مباغتة على أشخاص كانوا بصدد تنظيم وقفة أمام البرلمان بالعاصمة الإدارية، تحت شعار "نطالب بالكشف عن الحقيقة ومتابعة المسؤولين عن الاختطاف والاعتقال التعسفي والتعذيب"، لكن الفارق بين الأمس واليوم، هو أن هراوات رجال العنيكري تهاطلت على رؤوس وظهور محتجين، بطريقة سلمية وحضارية، منهم مسؤولون حقوقيون لهم ارتباطات بجهة عالمية وعلى محامين وصحافيين في واضحة النهار تحت عيون نواب الأمة، كانت بمثابة انطلاقة لتشكيل لجنة للحقيقة والإنصاف واعتراف الدولة بحدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والإقرار بتحسين سجل المغرب في مجال حقوق الإنسان، لكن هل ما يقوم به رجال العنيكري حاليا، من شأنه تحسين صورة المغرب حقوقيا؟ إن ما أضحى يقوم به رجال القوات المساعدة تحت إمرة الجنرال حميدو العنيكري، في المدن والبوادي، يجرنا جرا إلى التذكير بالرسالة المفتوحة التي بعثها الحقوقيون إلى وزير العدل آنذاك، عمر عزيمان، في 23 أكتوبر 2000 التي حثوه فيها على اتخاذ إجراءات ضد 14 مسؤولا، ضمنهم حسني بنسليمان وحميدو العنيكري ومحمود عرشان وغيرهم، بوصفهم جناة ومرتكبي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مع الإقرار بأن هناك ضحايا مستعدون للإدلاء بشهاداتهم ضد المتهمين أمام لجنة برلمانية.
على سبيل الختم
يبدو أن بروز قوة تدخل عناصر القوات المساعدة في المدينة والبادية أضحى يقلق الكثيرين بفعل التساؤلات حول غاية الجنرال حميدو العنيكري من وراء ذلك، لاسيما وأننا ألفنا أنه بين الفينة والأخرى كلما شعرنا بأن هناك فعلا رغبة في تغيير حقيقي تطل علينا، من هنا أو هناك، أو عبر هذا الحدث أو ذاك، وجوه تنتمي إلى ماض أليم ومدان بجميع المقاييس الإنسانية والأخلاقية، وهي وجوه نشأت وترعرعت بين أحضان سنوات الجمر والرصاص وثقافة التضحية بالثلثين لإنقاذ الثلث المساند (الصالح)، وكلما برز وجه من هذه الوجوه من جديد تعثر مسلسل التغيير، فهل التغيير في المغرب مجرد وهم؟ وهل قدر المغرب أن يعود رجال من عيار الجنرال حميدو العنيكري للواجهة من جديد ليتحكم في صناعة القرار الأمني في الوقت الذي كان فيه المغاربة ينتظرون تقاعده أو اختفاءه عن الأنظار نهائيا وفي صمت، ما دام يذكرهم بماض أقر الجميع بسوداويته.
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السمة المميزة للسياسة الأمنية المغربية هي الخروج عن القانون
-
الإفلات من العقاب هو الذي سمح بظهور جلادين جدد
-
النظام السياسي المغربي لم يغير من طبيعته الاستبدادية
-
العنيكري أعاد السجل الحقوقي المغربي إلى درجة الصفر
-
برافو للحكومة ..-الزلاط-.. الشوكة اخترقت العظم.. والحصيلة إي
...
-
في حصيلة الحكومة
-
ترويج -إغناء الفقير دون تفقير الغني-وتكريس -إغناء الغني عبر
...
-
فضائح الماجيدي حارس أموال الملك
-
الماجيدي تجاوز الحدود وأساء لسمعة البلاد
-
الماجيدي حلقة من حلقات نهب الملك العمومي
-
ترامي الماجيدي على أملاك الشعب استمرار لسلطة -المافيا- المخز
...
-
هكذا ننتج المعارضين الجذريين عندنا
-
-أفريكوم- وسيلة لمحاربة -الإرهاب- وتأمين الموارد النفطية لأم
...
-
البصري يسلم أسراره لابنه لحمايته
-
حوار مع الباحث محمد الحنفي
-
هل القاعدة أضحت تهدد الملك محمد السادس؟
-
دركي مغربي يعلن اكتشاف أكبر حقل للبترول في العالم بالمغرب
-
مغاربة سبتة ومليلية يطالبون بتحرير المدينتين السليبتين
-
مؤشر -الرغبة في مغادرة- المنطقة.. يتنامى!
-
المغرب: لا أعرفه
المزيد.....
-
وسط ترقب لرسالة أوجلان.. ماذا يريد حزب -ديم- الكردي من زيارة
...
-
تركيا تشترط القضاء على حزب العمال الكردستاني لإعادة النظر في
...
-
مراقبون للشأن اللبناني: مهاجمة المتظاهرين السلميين عمل مشين
...
-
إضرام النار في الجسد: وسيلة احتجاجية تتكرر في تونس بعد 15 عا
...
-
حصيلة عمل فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمناسبة اختتا
...
-
افشال السياسة العنصرية لترامب واسرائيل بحق الفلسطينيين مهمة
...
-
الحزب الشيوعي يرفض اتفاق إنشاء قاعدة عسكرية روسية في السودان
...
-
-ميول إسلاموية- ـ المشتبه به يقر بتعمد دهس متظاهرين في ميوني
...
-
كلبة الفضاء السوفييتية -لايكا- تشارك في -يوروفيجن 2025-
-
جبهة البوليساريو تنفي تواجد مقاتلين تابعين لها في سوريا
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|