أفعل_لا تفعل....أمر تحطيم النفس_ثرثرة

حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1964 - 2007 / 7 / 2 - 10:32
المحور: الادب والفن
    

"أفعل_لا تفعل" هذا الأمر المتناقض الذي يتلقّاه السوري طوال طفولته,وربما بقية حياته.
بعضنا ينسى,بعضنا ينكر,بعضنا يهرب,..........والبقية صامتة خرساء.
لأنني نسيت ثم أنكرت ثم هربت,....والآن أحاول نزع الشوكة من عمق القلب.
الطاعة والصدق أمران متعاكسان تماما,يدمجهما في صيغة أمر واحد, طلب"أفعل_لا تفعل", الأهل والسلطات والمربون ومن في مقامهم,يطلبون الصدق والطاعة معا بنفس اللحظة.
صيغة الأمر جرّبه بافلوف,على كلب مسكين, وصار الكلب بالنتيجة عصابيا.
يحكى عن بافلوف أواخر حياته,انه أشفق على الجنس البشري من نتائج تجاربه,لكن من جاؤوا بعده,تابعوا في التجارب التي حوّلت إلى(مرضى نفسيين)......بعضا من الكلاب والفئران والقرود,وذلك باستخدام الآلية البسيطة(أفعل_لا تفعل), والشجن يطول !
في البيت والمدرسة وفي جميع الأماكن ,الطاعة والصدق يطلبان بنفس الوقت, وبنفس الإلحاح ودرجات الشدّة في المكافأة والعقاب.
أمام الخيار المفروض إما أو: أنت ستختار الطاعة أو الصدق, وفي الحالتين خسارة لراحة الضمير والتوازن العاطفي. إن اخترت الطاعة تكذب, وإن اخترت الصدق تواجه ما يفوق طاقتك, وستعود إلى الكذب بصيغ ودروب مختلفة.
*
العقلانية:مذهب يؤكد أوّلية العقل الإنساني وإيمانه بامكاناته. ويشرح المعجم الموسوعي في علم النفس:هذا الاسم النوعي يطلق على الفلسفات,والأيديولوجيات وعلوم الطرائق,التي ترى في الكون نظاما ثابتا,نظاما معقولا,يسهل على العقل بلوغه. والعقلانية,الأساس البدهي لكل فاعلية علمية,تعارض الاختبارية,التي ترى أن كل معرفة تصدر عن الحواس والتجربة, وتعارض الاسمية التي تزعم أن ثمة حدا لمعقولية العالم, وتعارض الدين على وجه الخصوص,القائم على إيمان لا يقبل التوفيق مع العقل(من هنا منشأ معنى شائع ل" ذي النزعة العقلانية" بغية الدلالة على الكفر. والعقلانية تعارض النزعات التي تقف ضد المذاهب الفكرية, كالرومانسية والوجودية(التي ترى أن العقل الإنساني,تحت عناوين شتى,ليس له امتياز المعرفة,والواقع ليس عقلانيا).
......نسمّي "عقلانية مرضية" في علم النفس المرضي,شكلا من الفكر يميّز الفصام وصفه أوجين مينكووفسكي(1885_1972). ويروق للفصامي في الواقع أن يعقلن كل شيء: أحداث حياته اليومية,العلاقات بين الإنسانية,عواطفه,انفعالاته. فكل شيء يبدو لديه خاليا من الحيوية, وأصبح مجردا,ويظهر فكره أنه يدور في الفراغ,دون إحالة إلى واقع. واستدلالاته الخاطئة,المجازية, الرمزية,تبدو لنا منيعة,ولا تؤدي لغته وظيفتها في التواصل,ذلك انه يفرض على الكلمات تحوّلات أو يعزو إليها معاني أخرى غير المعاني التي نعرفها. وفي رأي مينكو وفسكي,أن العقلانية المرضية هي التعبير عن ضرب من زوال الصفة الواقعية لدى المريض,الذي فقد مع ديناميته,ذلك الاتصال الحيوي بالواقع "العملي والاجتماعي" و"عاطفة تناغم الأنا مع الحياة" .
(أدرجت هذه الفقرة المطوّلة,كنوع من التعويض عن تشتت النص,ربما تمنحه بعض التماسك......والمعقولية).
*
أغلق بابا وأفتح آخر, الثاني تمنيت أن لا أفارقه, والآخر
خلفه كل ما أرجو أن لا أراه ثانية.
خلف الأبواب المغلقة نصف قرن....هو عمري الضائع.
*
الضمير أو منظومة القيم بالتسمية الأشمل, معيار وناظم وموجّه للسلوك والعاطفة والفكر, قاعدة الحياة الفردية وأساسها المشترك في الأطوار الثلاثة: الطفولة والشباب والشيخوخة.

.
.
لحظة فقدت الثقة مع أبي,ثم تكررت مع بقية آبائي الرمزيين,تتكرر منذ خمسة عقود بصيغة غفلة مرّة وخداع في الثانية, أراها في العيون الجافّة المليئة بالقلق والمرارة.....
لحظة مكاشفة يا أبي.....هل كانت لتخرجنا من هذا الخراب!؟
.
.
سؤال البداية هو سؤال المصير من جهة أخرى.
المشكلة مزدوجة,في الفرد, وفي المشترك الأكثر عمومية, من هنا سحر كلمة الضمير, وغموضها المفارق.
*
تكاد حياتي السرّية تختفي. من الضروري تغيير الأسس والقاعدة.
لا شأن لي بما يجلب الحظ أو الندم. عبرت مثل غيمة وتبخّرت....
_هل تفهمني؟
_لا أعرف.
الجميع يخسرون في ناهية اللعبة.
_جلس الصديقان في مقتبل العمر بصمت.
جلس الصديقان في خريف العمر بصمت.
...شاهدت كثيرين,لا يطلبون سوى الخسارة بأسرع وقت.
.
.
امرأة تنتظر رجلا. رجل ينتظر امرأة. جدران مائلة
لا رائحة
لا صوت
لا أثر
أن تنغلق دائرة النفس,على الغضب والمرارة,وفي تكرار مهلك لحوار داخلي متوهّم أو فعليّ, يعني الاستمرار في المحاولات السحرية لتغيير الماضي,وفقدان الحاضر أولا.
كل الأبواب حزينة.

#حسين_عجيب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات