الأسباب الحقيقية للقضاء على النظام السوري
صلاح السروى
الحوار المتمدن
-
العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 22:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحالة السورية القائمة الآن لم تنتج عن أسباب داخلية سورية فقط. بل عن أوضاع وصراعات وأطماع قوى دولية واقليمية، وأظنها كانت تمثل العوامل الأكثر حسما وفاعلية فيما وصلنا اليه من نتيجة.
دوليا:
- أوربا وأمريكا في حاجة الى تقليص النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، في اطار ما يعرف ب"الحرب الباردة الجديدة" القائمة الآن. ولذا لابد من ضرب الوجود الروسي في سوريا عن طريق دعم الحركات الارهابية المناوئة لنظام بشار الذي يتيح لروسيا هذه الوضعية، وتمكين هذه القوى من السلطة في النهاية.
- رغبة أوربا في تقليص اعتمادها على الغاز الروسي (بعد العقوبات الاقتصادية على روسيا بعد تدخلها العسكري في أوكرانيا) عن طريق الاستعاضة عنه بغاز أذربيجان، (وهي لمن لا يعرف على علاقة قوية بكل من تركيا واسرائيل معا) وذلك بمد أنبوب عبر ما يسمى ممر زنجزور الى سوريا، ومن ثم تركيا. وهذا التوجه يتلاقى مع الحاجة الى تقليص النفوذ الروسي بالمنطقة بشكل عام.
- توجه الغرب وعلى رأسه أمريكا في ضرب النفوذ الايراني في سوريا، نظرا لتهديد ذلك النفوذ لأمن اسرائيل، من ناحية، ورغبة في اضعاف ايران بشكل عام، نظرا الى أنه عضو مهم في الحلف المناوئ للغرب الذي يتكون من روسيا والصين وكوريالا الشمالية، من ناحية أخرى. ولم لذلك الاضعاف أن يتم سوى بتفجير الأوضاع داخل سوريا.
ومن هنا كان من الضروري تفجير الأوضاع في سوريا بالقضاء على النظام السياسي الذي يتيح لكل من روسيا وايران هذه الوضعية المتميزة، بل القضاء على وحدة سوريا ذاتها، نظرا لأن قوة الدولة السورية وتماسكها يجهض كل تلك الأهداف الغربية.
اقليميا:
هنا يصبح الوضع أكثر تعقيدا. حيث تتلاقى المشروعات الخاصة بكل من اسرائيل وتركيا والخليج. وسوف أتناولها واحدا وراء الآخر:
- اسرائيل: ترى أن النظام السوري البعثي يمثل تهديدا قويا لحلم اسرائيل في التمدد والتوسع، ليس فقط لكونه نظاما ممانعا وضد التطبيع والسلام مع اسرائيل، ولكنه أيضا لأنه يمثل القوة الداعم وربما الراعية لكثير من القوى المقاومة للوجود الصهيوني بحد ذاته. وعلى رأس هذه القوى قوى المقاومة الفلسطينية، التي وجدت في سوريا حاضنة وقوة دعم رئيسية بتوفير الملاذات والقواعد والمعسكرات والدعم بالمال والسلاح. فضلا عن أنها تمثل الممر الرئيسي للدعم الايراني المقدم لحزب الله في الجنوب اللبناني والموجه ضد اسرائيل.
- تركيا: وهي ترى أن وجود دولية سورية قوية ومتماسكة يعوق أحلام اعادة النفوذ العثماني الذي انتهى مع الحرب العالمية الأولى، بينما ترى تركيا المعاصرة أنها قد ظلمت (بضم الظاء) في اتفاقية لوزان وبالتالي فانها بصدد ما يعرف بالعثمانية الجديدة التي تتمكن من خلالها من استعادة نفوذها القديم في الشرق الأوسط، خاصة بعد الرفض المهين لطلبها الانضمام الى الاتحاد الأوربي. فضلا عن ما تم ذكره من أن الاجهاز على النظام السوري السابق سوف يتيح تحويل تركيا الى مركز للطاقة المتجهة الى أوربا سواء عن طريق أذربيجان (عبر ممر زنجزور الى سوريا ومنها الى تركيا) أو القادم من قطر عبر سوريا الى تركيا( وسوف يأتي ذكره حالا).
- الخليج: وهو يعد من أكثر القوى التي لها مصلحة كبرى في الاجهاز على نظام بشار، وذلك للأسباب التالية:
أولا: محاصرة التمدد الايراني الذي يهدد مشاريع الزعامة على كل من العالم الاسلامي والعربي الذي تطمح اليه السعودية وبخاصة في عهد الأمير محمد بن سلمان. فضلا عن الخطر الذي تمثله القوة العسكرية الايراني بحد ذاتها على استقرار الأوضاع في المملكة السعودية. وبالأخص، مع وجود أقلية شيعية في الشرق السعودي (الملئ بالنفط) قد ترى في ايران مرجعية دينية قوة عسكرية حامية لها.
ثانيا: رغبة قطر في مد الأنبوب المشار اليه آنفا عبر سوريا الى تركيا، بينما كان النظام السوري السابق يقف حجر عثرة في سبيل ذلك لصالح احتكار الروس للغاز المتجه نحو أوربا.
ثالثا: الامارات التي كان موقفها يتراوح بين خدمة ما يسمى بالاتفاق الابراهيمي وتحقيق طموحها في تمدد نفوذها الاقليمي بصفة عامة، في مواجهة النفوذ الايراني الذي يتمدد في كل من العراق وسوريا ولبنان، وبالأخص في اليمن، (حيث توجد مصالح كبرى فيما يتعلق بجزيرة سوقطرى والموانئ اليمنية.. الخ) عبر القضاء على النظام السوري، وبين خوفها من استيلاء الاخوان والقوى الدينية المتشددة على الحكم في سوريا. ولكن تم حسم ذلك لصالح موقفها مع الاجهاز على النظام.
من هنا فقد اجتمعت كل الارادات الدولية النافذة والاقليمية الطامحة للقضاء على نظام بشار الأسد. ولكن السؤال الذي يبرز الآن يتمثل في ما يلي: هل ستبقى هذه القوى على تناغمها الذي أبدوه في هذا الامجاز أم أن التناقضات والصراعات تدب بين مشاريعها التي يطمحون الى تحقيقها؟؟