التشيك.. معاداة الشيوعية بداية للأستبداد
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 00:11
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
وقّع الرئيس التشيكي بيتر بافل، يوم الخميس الفائت، تعديلًا على قانون العقوبات يُجرّم "ترويج الفكر الشيوعي" ويُساويه بالدعاية النازية. وكان التعديل المقترح قد أُقرّ سابقًا في مجلسي الشيوخ والنواب، حيث اعتُمد بأغلبية كبيرة في أيار الفائت. ويسمح هذا القانون، الذي وقّعه رئيس الجمهورية، الذي شغل قبل ذلك منصب رئيس الجنة العسكرية لحلف الناتو، والذي كان عضو في الحزب الشيوعي الحاكم حتى عام 1989. وسيدخل القانون حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني 2026، وبموجبه سيمكن للقضاة فرض عقوبات بالسجن تصل إلى خمس سنوات على الأفراد الذين ينشرون أو يدعمون أو يُروّجون لـ "حركات فاشية أو شيوعية أو غيرها من الحركات التي تهدف بوضوح إلى قمع حقوق الإنسان والحريات أو تُثير الكراهية العنصرية أو العرقية أو القومية أو الدينية أو الطبقية".
وقد أشارت العديد من المؤسسات التشيكية، بما في ذلك معهد دراسة الأنظمة الشمولية، إلى أن النظام القانوني الحالي يعامل الجرائم الإيديولوجية بشكل غير متساو، وأن تحقيق المساواة بين الإيديولوجيات "الشمولية" أمر ضروري.
تكتيك مكشوف
يُعدّ تعديل قانون العقوبات بمثابة كابح طوارئ تكتيكي. يُعاد الخلط فيه بين الفاشية والشيوعية، والهدف هو حظر الحزب الشيوعي. لكن منذ إقرار البرلمان التشيكي لمشروع القانون في 30 أيار، تزايدت قوة أحزاب المعارضة اليسارية واليمينية، لا سيما بعد أن دفعت الحكومة مؤخرًا بمشروع قانون لخفض المعاشات التقاعدية إلى البرلمان.
وما يزال من غير الواضح كيف سيطبق القانون على الأحزاب السياسية القائمة. لقد أدان الحزب الشيوعي في جمهورية التشيك بشدة التعديل، واصفًا إياه بأنه ذو دوافع سياسية. وقال الحزب في بيان له: "هذه محاولة فاشلة أخرى لإقصاء الحزب الشيوعي من الساحة السياسية وترهيب منتقدي النظام الحالي". في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2021، فقد الحزب الشيوعي تمثيله في البرلمان، بسبب عدم تجاوزه العتبة الانتخابية (5 في المائة)، ولأول مرة منذ عام 1920، لم يكن هناك تمثيل للشيوعيين في البرلمان. ووفقًا لاستطلاعات الرأي الحالية، تحصل زعيمة الحزب الشيوعي التشيكي، وعضوة البرلمان الأوربي كاترينا كونيكنا، وتحالفها "ستاتشيلو" ("كفى") على نسبة تأييد تقترب من 5 في المائة. ستُجرى الانتخابات العامة في جمهورية التشيك في أوائل تشرين الأول المقبل.
ربما كان تعديل القانون، الذي رافقه تكرار الخطاب المعتاد المعادي للشيوعية، نتيجةً للحملة الانتخابية الحالية، ولكن منذ تفكك النظام الاشتراكي في عام ١٩٨٩، عمل اليمين المتحالف مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي، التي تناهض الشيوعية، تحت غطاء خطاب مناهضة الشمولية. في عام ٢٠٠٦، على سبيل المثال، حُظر نشاط رابطة الشباب الشيوعي، ولم تستعد الرابطة شرعيتها إلا في عام ٢٠١٠ بعد معارك قانونية مطولة. وفي ذلك العام، طالب وزراء خارجية ليتوانيا ولاتفيا وبلغاريا والمجر ورومانيا وجمهورية التشيك بأن تُعامل مفوضية الاتحاد الأوروبي جرائم الشيوعية بنفس الطريقة التي تُعامل بها جرائم النظام النازي. وقد خدم التقليل من شأن الإبادة الجماعية الفاشية ضد شعوب شرق وجنوب شرق أوروبا، وكذلك ضد يهود أوروبا، حملة "التبرير" التي نظمت في براغ.
وكان الحزب الشيوعي في جمهورية التشيك قد تعافى سريعًا من هزيمته في الانتخابات العامة عام ٢٠٢١، ففاز بمقعدين في انتخابات الاتحاد الأوروبي في عام ٢٠٢٤، وزاد عدد نوابه بثلاثة أضعاف في الانتخابات الإقليمية التي جرت في أيلول من العام نفسه.
زعيمة الشيوعي التشيكي في سطور
ولدت كاتارينا كونتشنا في 20 كانون الثاني 1981 في مدينة نوفي ييتشين التشيكية. حاصلة على أكثر من شهادة جامعية في الإدارة والاقتصاد، وهندسة الإدارة، وهي عضوة في البرلمان الأوروبي منذ عام 2014. وانتخبت وهي طالبة في عام 2002 عضوة في البرلمان التشيكي، وبقيت فيه حتى عام 2014. وعضوة لجنة مركزية منذ عام 2010، وفي عام 2018 أصبحت نائبة لرئيس الحزب، وانتخبت في 23 تشرين الأول 2021 رئيسة للحزب خلفا لفويتيخ فيليب. وقادت كونتشنا عملية مراجعة مكنت الحزب من تجاوز أزمته ووضعته على طريق النجاح ثانية.