عن ( الفتوى ويستفتونك )
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن
-
العدد: 8214 - 2025 / 1 / 6 - 14:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السؤال : جاء تعليقا من الاستاذ رمضان صالح قال : ( الفتوى من حق (الله) تعالى فقط ( قل الله يفتيهم) بالقرءان نهتدي فقط / ولكم كل الاحترام والتقدير )
كتبت له : ( كل عام وانتم بخير اخى استاذ رمضان صالح . بعون الرحمن جل وعلا سأرد اليوم فى الفتاوى فى الموقع لأن ملاحظتك مهمة وانت مشكور عليها .)
الاجابة :
أوّلا :
يصيبنى الرعب من عشرات الألوف من الأسئلة ( الفتاوى ) المتراكمة . وأردّ بقدر الجهد والوقت .
ولكن أبادر بالردّ على هذا السؤال ، وأقول :
1 ـ قال جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ ) 127 ) النساء ) ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ ) 176 النساء ). ونلاحظ :
1 / 1 : هذا خطاب مباشر له عليه السلام ، فما عليه ـ وهو رسول ـ هو ( فقط ) تبليغ الرسالة . وليس له أن يفتى من عنده . وكان إذا سئل ينتظر الاجابة والفتوى من الله جل وعلا . وهذا حتى لا يكون للاسلام ـ دين الله جل وعلا ـ إلّا مصدر واحد ، هو رب العزة جل وعلا الذى له الدين واصبا . وقد شرحنا هذا بالتفصيل فى كتابنا ( القرآن وكفى ) .
1 / 2 : بالنسبة للبشر فهم ثلاثة أنواع :
1 / 2 / 1 : الأكثرية وهم المتاجرون بالدين أئمة الأديان الأرضية الشيطانية والذين يملكون أديانهم ، وجاء ذكرهم كثيرا ، ومنه قوله جل وعلا عنهم : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) البقرة ).
1 / 2 / 2 : الذين يتوبون منهم ، وهم إستثناء . قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة )
1 / 2 / 3 : الذين يتمسّكون بالحق ، يقولون الحق ، وينسبون قولهم لأنفسهم ، على إنه قول بشرى يحتمل الخطأ والصواب ، وليس دينا ، وهم مسئولون عنه يوم القيامة . ويفهمون من قوله جل وعلا : ( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ ) 127 ) النساء ) ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ ) 176 النساء )أنه جل وعلا لم يستخدم أُسلوب القصر ، فلم يقل : ( قل الله فقط يفتيكم ) أو ( لا يفتيكم إلا الله ) أو ( ليس يفتيكم إلا الله ). فالمستفاد إن هناك مجالا للفتوى من البشر ، وهم مسئولون عمّا يقولون .
2 ـ الله جل وعلا رفع درجة العلماء المؤمنين درجات . قال جل وعلا
2 / 1 : عن بعض الصحابة : ( يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) المجادلة ) . ونقرأ أيضا عن أولى العلم من الصحابة وعن المنافقين : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ (17) محمد )
2 / 2 : ونقرأ عن بعضهم فى قصة قارون : ( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ الْمُجْرِمُونَ (78) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ (80) القصص ) . هنا يستشهد رب العزة جل وعلا بقولهم .
2 / 3 : وعند البعث سيردون على الكافرين . قال جل وعلا : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) الروم )
3 ـ أما الذين يُضلون الناس بما لديهم من علم فيكفى قوله جل وعلا عنهم :
3 / 1 :( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) الأعراف )
3 / 2 :( أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (23) الجاثية )
3 / 3 :( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25) النحل ).
4 ـ وفى المقارنة بين الفريقين ( المفسدين والمصلحين ) قال جل وعلا عن بنى إسرائيل : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) الأعراف ).
5 ـ ولا ننسى قول الله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام ولنا :
5 / 1 : ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ (94) يونس )
5 / 2 : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (43) النحل )
5 / 3 : ( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (7) الأنبياء )
أخيرا :
1 ـ أنا الوحيد الذى نشر آلافا من الكتب والمقالات والفتاوى والفيديوهات وأتى بعشرات الألوف من الأفكار الجديدة والتى لم تكن معروفة من قبل ، والذى فضح الأديان الأرضية الشيطانية للمحمديين ، والذى أظهر أن الاسلام هو دين الديمقراطية المباشرة والحرية الدينية المطلقة والتسامح والعدل بالتناقض مع أديان المحمديين ، والذى قرن جهاده الفكرى بالوقوف ضد الاستبداد والمتاجرين بالدين ، ودفاعا عن حقوق الانسان ،والذى دفع الثمن إضطهادا من السجن والتشريد دام ربع قرن فى مصر ، والذى أحدث إنقلابا فكريا وصحوة قرآنية على مستوى العالم .
2 ـ ومع هذا فأنا أيضا الوحيد الذى يعرض فتاوية للنقاش ، والذى يؤكد دائما إن ما يقول هو رأى شخصى يخطىء ويصيب ، والوحيد الذى تراجع عن أقوال ثبت خطؤها . وكل هذا مثبت ومنشور .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )
https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran