عن ( إدّارك / الأطفال والمصائب / هل يرث القاتل من القتيل ؟ )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 8211 - 2025 / 1 / 3 - 15:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

السؤال الأول :
ما هو المقصود من قوله تعالى : ( بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ (66)النمل )

إجابة السؤال الأول :
أولا ـ قال جل وعلا عن علم الكافرين باليوم الآخر : ( بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ (66)النمل ). إدّارك علمهم أى وصل الى درك الحضيض . أى وصل علمهم الدرك الأسفل ، أو وصل الى درجة ألعمى : ( بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ ( . وأكاذيب المحمديين عن الشفاعات وغيب اليوم الآخر أكبر دليل على العمى الذى وصلوا اليه ، وهى أكاذيب فى الأحاديث والمنامات وغيرها ، وهم يؤمنون بها ويتشبثون بها ويدافعون عنها . ويكفى ما نلقاه منهم حين نستشهد بالقرآن الكريم فى حقائق الآخرة .
ثانيا : ونتعرض لمصطلح ( إدّارك ) ومشتقاته فى القرآن الكريم لمزيد من الفائدة ، وهو كالآتى :
بمعنى اللحاق . قال جل وعلا :
1 ـ ( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ) (103)الانعام )
2 ـ ( أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ) (78) النساء )
3 ـ ( وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) (100)النساء )
4 ـ ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) يونس )
5 ـ ( وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لّا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى (77)طه )
6 ـ ( فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)الشعراء )
7 ـ ( لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)يس )
8 ـ ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) القلم )
بمعنى المكان الأسفل أو الحضيض .
قال جل وعلا : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ) (145) النساء )
بمعنى تتابع السقوط الى الأسفل .
قال جل وعلا : ( قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ (38) الاعراف )
وهذا يفسره قوله جل وعلا عن إلقائهم بالتتابع فى الجحيم :
1 ـ ( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) الشعراء )
2 ـ ( لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37) الأنفال ).
السؤال الثانى :
من الاستاذة القرآنية أم محمد : يقول جل وعلا : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)الشورى ). الطفل الصغير لم يفعل سيئات ، فلماذا تصيبه المصائب ويبكى ويتألم ؟ مفهوم أن الذى يتألم هم الكبار . وهم الذين يتألمون لو حصل مكروه لطفلهم .
إجابة السؤال الثانى :
1 ـ قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذكَّرُونَ (62) الواقعة ) . النشأة الأولى هى السنوات الأولى من عمر الطفل ، والتى لا يتذكرها بعد بلوغه . فى النشأة الأولى لا يشعر بالألم لأنه لا يتحمّل الألم . البكاء وظيفة بولوجية ونفسية يعبّر بها عن إحتياجاته ، لا بد أن يبكى حتى يتبول ويتبرّز ، وحتى يجذب الإنتباه ، ويحصل على ما يريد . المُخُّ عند الطفل يتطوّر من بعد ولادته الى أن تنهى النشأة الأولى . ويكتمل لديه الوعى .
2 ـ الذى يُعانى بدل الطفل هم الوالدان والأهل . وبالتالى فإن ما تكسبه أيديهم من آثام يدفعون ثمنها بهذا ، وفى المقابل فإن الذى يعمل الخير يرزقه الله جل وعلا أنواعا من الرزق ، أقلها المال وهو الرزق الظاهر ، وأعظمها الرزق الخفى ومنه الصحة له ولأولاده وتوفيقهم وأن يكونوا له قُرّة عين .
السؤال الثالث :
هل يرث القاتل من الذى قتله ؟ يعنى لو شخص ثبت انه قتل اخاه وهو الوارث او ضمن الورثة فهل له حق الميراث ام يسقط حقه فى الميراث ؟ وما حكم القاتل هنا اى عقوبته على جريمته ؟
إجابة السؤال الثالث :
أولا :
مستحقو الميراث هم المذكورون فى القرآن الكريم وبالتفصيل . أى تحوير أو إضافة أو حذف هو كفر بشرع الرحمن جل وعلا . يكفى أن أول آية فى الميراث هى قوله جل وعلا : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7) النساء ) ثم فى نهاية التشريع قوله جل وعلا محذّرا ومهددا : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)النساء ). وعليه فمستحق الميراث إن كان زوجا أو إبنا لا يطعن فى أحقيته فى الميراث أن يقتل من يرث منه . التشريع السنى ـ كُفرا بالله جل وعلا ـ منع القاتل من الميراث ، ومنع الكافر أيضا .
ثانيا :
1 ـ أول تشريع فى عقوبة القتل جاءت فى سورة مكية فى قوله جل وعلا : ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً (33)الاسراء ). أى لولى القتيل حق القصاص ، بقتل القاتل فقط .
2 ـ فى المدينة جاءت تفصيلات بالتخفيف ، فالقصاص يكون فقط عند التساوى بين القاتل والقتيل ( الحُرُّ بالحُرّ والعبد والأنثى بالأنثى ) وفى غير ذلك تكون الدية. وأيضا تكون الدية إذا عفا ولى أمر القتيل . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) البقرة ). وعليه فلو قتل أخ أخاه فإن الأب أو الأقرب للقتيل هو الذى يقرر الدية عفوا ، أو القتل قصاصا . ولكن هذا لا يمنع القاتل من حقه فى الميراث . ولو تم قتله قصاصا يرثه المستحقون .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )
https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran