على هامش الضربة السيبرانية


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 8107 - 2024 / 9 / 21 - 00:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الهجمات السيبرانية التى قام بها جيش العصابات الصهيونية اليوم فى لبنان تعد جريمة حرب غير مسبوقة فى تاريخ الإنسانية ينبغى أن يتخذ منها المجتمع الدولى موقفاً واضحاً وحاسماً يجعلنا نعتقد أنه لازال هناك ضمير إنسانى حى لدى المجتمع الدولى ، وان يتم تحقيق دولى عاجل ويتم بناء عليه معاقبة المجرمين المسئولين عن ترتيب وتنفيذ هذه الهجمات الإرهابية .
وبعيداً عن هذا فعلى المقاومة اللبنانية وكل معسكر المقاومة فى المنطقة العربية وجوارها سرعة تدارك العلاج الملائم لمثل هذه الهجمات والإسراع بالتفكير على نحو ضرورى فى كيفية تحييد التفوق التكنولوجى الصهيونى ، وكيفية تحقيق مناعة ناجعة ضد قدرة الصهاينة على تحقيق الاختراق سواء لأنظمة أمن العناصر القيادية الميدانية والسياسية أو اختراق منظومات شبكات الإتصال ، حتى لاتنجح دولة العصابات الصهيونية فى خلق معادلة ردع جديدة تعوض بها معادلة الردع التى فقدتها فى السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ ..

وكواحد ممن يدعمون كل ضربة توجه للمشروع الصهيونى وكل جهد مقاوم يساهم فى استنزافه اعتقد أن حزب الله أصبح فى مواجهة تحديات صعبة عليه التغلب عليها ومن ثم فقد أصبح (من وجهة نظرى) مطالباً بأربعة مهمام حيوية عاجلة ، هى :
١ - سرعة استبدال وسائل الإتصال الذى استطاع جيش العصابات الصهيونية استهدافها بتوجيهه الضربة السيبرانية التى أحدثت خللاً خطيراً وانكشافاً شاملاً فى نظام الاتصال داخل قيادات وعناصر المقاومة اللبنانية وربما الاتصالات بينها وبين العالم المحيط بها ، ذلك لايقتضى فقط استبدال وسائل الإتصال بل يقتضى تغيير شامل لأنظمتها وتحديث أدواتها وطرائقه بحيث تصبح عصية على الاختراق أو التخريب ، وكذلك إجراء تغييرات فى البنى والتشكيلات التنظيمية التى ربما تكون قد تعرضت للانكشاف كواحدة من تداعيات الضربة السيبرانية لأجهزة اللاسلكى وربما أيضاً انكشاف عناصر كانت فى حوزتها هذه الأجهزة وقت الانفجارات ..
٢ ـ عدم الانجرار (فى الوقت الحالى) لأى معركة يريد جيش العصابات الصهيونية استدراجه إليها أو الانسياق وراء أى رغبة للرد على تلك الهجمات قبل سرعة تدارك وإتمام أنظمة الاتصالات وسرعة تحديث أجهزتها على نحو عاجل لايقبل التأخر لأن احتمالات المواجهة المباشرة بين المقاومة اللبنانية وجيش العصابات الصهيونية تتصاعد على نحو يقود إلى لحظة لايمكن معها تلافى المعركة الحاسمة .
٣ ـ المعالجة الجذرية والفورية لحالات الاختراق الأمنى المتكررة التى اوشكت أن تكون مشكلة مزمنة سواء لأيران أو لحزب الله ، وهى المشكلة التى تجلت مظاهرها المتمثلة فى تكرار وصول أجهزة مخابرات العصابات الصهيونية لقيادات ميدانية وسياسية هامة والتمكن من استهداف رؤوسها سواء بوسائل التجسس التكنولوجى وتقنياتها العالية أو عبر إمكانية الاختراق البشرى التقليدى .
٤ ـ أعطاء أولوية قصوى لمسألة تحييد عنصر التفوق التكنولوچى الصهيونى أو الحد من قدراته ، والتاريخ يخبرنا عن حالات كثيرة نجحت فيها مقاومات الشعوب فى التغلب على مسألة التفوق التكنولوچى لجيوش الغزاة والمحتلين بوسائل مقاومة بسيطة تتجاوز بها تلك الفجوة التى تتمثل فى عدم قدرتها على مجاراة العدو فى امتلاك القدرات والإمكانات التقنية والتكنولوچية ..
يبقى أن التفوق التكنولوچى لجيش العصابات الصهيونية حقيقة واقعة لابد من مواجهتها ، وذلك ليس بمجاراتها أو بمحاولة مناطحتها فى ميدانها ، ولكن بحل معضلتها عبر جهد ابتكارى وابتداع محلى خارج سياق التنافس مع التكنولوجيا المتفوقة للعدو (باعتبار استحالة منافسته فى هذا الميدان) وبحيث يستطيع هذا الجهد الإبداعى الابتكارى ان يحقق نجاحاً ملموساً فى تحييد هذا التفوق ، ويجر العدو لمسالك قتالية يستحيل معها على التفوق التكنولوچى أن يمارس فاعليته .
هذا ماتعلمناه من خبرة مقاومة الشعب الڤيتنامى لأقوى جيوش العالم سواء فى انتصاره على الاحتلال الفرنسى أو الاحتلال الأمريكى الذى كان يقوم عليه جيش اقوى دولة فى العالم مستخدمة أعلى مستويات التكنولوچيا العسكرية بمقاييس ذلك الوقت .