تعليق على رسالة السنوار


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 8103 - 2024 / 9 / 17 - 21:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أهم ماجاء فى رسالة يحيى السنوار القائد الأبرز للمقاومة الفلسطينية إلى عبد الملك الحوثي قائد الحوثيين فى اليمن هو الإعلان عن استعداد المقاومة لحرب استنزاف طويلة ، وهذا مطمئن إلى حد كبير إذ كانت الخشية كل الخشية من أن تكون حسابات المقاومة قد بنيت مثلما كانت حسابات الكثيرين من الداعمين لها على أساس أن جيش العصابات الصهيونية يعتمد فقط على إستراتيجية الحرب الخاطفة وبالتالى فهو لن يستمر فى حربه على الشعب الفلسطينى لأيام أو شهر أو شهرين على أقصى تقدير ، ولكن حدث عكس ماتوقعه هؤلاء الكثر (وللأمانة الشديدة كنت من بينهم ، واعترف أنه قد انتابنى قلق شديد ممزوج بالتخوف من أن تكون حسابات المقاومة الفلسطينية قد اخطأت تقدير رد المدى الذى يمكن أن يصل إليه جيش العصابات فى المعركة وان تكون قد راهنت على كونه سيخوض مجرد جولة خاطفة كعادته فى تاريخ معارك جيش العصابات الصهيونية وبالتالى فربما يكون فى إطالة مدة المعركة إلى هذا الحد إرباكاً لاستراتيجيات المقاومة)
هاهى الحرب قد امتدت الحرب إلى مايقترب من العام ، بل من المتوقع أن تستمر إلى ماهو أبعد لأن نخب دولة العصابات الصهيونية وقيادات جيشها يعرفون جيداً أنهم لم يحققوا أى من الأهداف التى خططوا لها وشنوا حرب مابعد الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣ من أجلها ، وهى التصفية النهائية لمقاومة الشعب الفلسطينى ، وكسر إرادته الوطنية للأبد ودفعه إلى الهجرة خارج أرض فلسطين المحتلة ، والإقدام على إبادته (وفقاً لنظرية جث العشب) التى أطلقتها العصابات الصهيونية غداة ضربة السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ التى زلزلت الأرض من تحت عصابات الاستيطان الصهيونى ، وجعلت أمن دولتهم فى مهب الريح ، ووضعتهم لأول مرة فى تاريخهم أمام مرارة حقيقة هشاشة القدرة على حماية المستوطنين فى الارض المحتلة ، وحولت اساطير قوة الردع الصهيونية إلى خرافات واهية أمام أعين من جاءوا للاستيطان والمشاركة فى نهب حقوق الشعب الفلسطينى فبدأ نزيف الهجرة العكسية خارج الدولة الصهيونية وتوقفت تماماً موجات الهجرة من شرق وغرب اوربا وامريكا إلى دولة العصابات الصهيونية ، مما يعنى فى الحقيقة نزيف المشروع الصهيونى الذى إذا ما استمرت وتيرته للاقت دولة العصابات الصهيونية نهايتها فى ظرف سنوات قادمة تتزامن مع بداية الانهيار الوشيك للهيمنة الأمريكية على العالم وهذا موضوع آخر يطول شرحه ..
فشل جيش العصابات إذن فى تحقيق أهدافه عبر جولة حرب كثيرة ثم اضطروا لتغيير عقيدتهم القتالية وتطويل الحرب لكنهم أيضاً لم يحققوا هدفاً واحداً من أهدافهم بل وظهرت خلافات بين قيادات الجيش والقيادة السياسية لدولة العصابات الاستيطانية حول مدى القدرة على تحقيق هذه الأهداف وخطورة مد أجل وتوسيع نطاق هذه الحرب وفقاً لرؤية القيادة السياسية على أمن دولة العصابات الصهيونية ، ومع ذلك ليس أمامهم سوى الاضطرار للاستمرار فى الحرب والمضى فى توسيع نطاقها رغم أنهم يعلمون جيداً أن طول أمد المعركة وتوسيع نطاقه سيؤدى إلى استنزاف دولة العصابات الصهيونية عسكرياً واقتصادياً وسياسياً ، وسيؤدى إلى تفسخ تماسك المجتمع الصهيونى الذى يؤجل تفجر تناقضاته إلى مابعد توقف الحرب ، وربما تقودهم هذه الحرب إلى كارثة غير مسبوقة فى تاريخهم تحل بكامل المشروع الصهيونى ، ولعلهم يستمعون الآن للأصوات الحليفة للمشروع الصهيونى فى أوربا وامريكا وهى تلمح أحياناً وتصرخ أحياناً أخرى باحتمالية انتهاء المشروع الصهيونى .
إذن المقاومة الفلسطينية باقية وصامدة وتستطيع خوض معركة الاستنزاف الطويلة فى حرب لن تنتهى بالضربة القاضية وانما ستظل وفقاً لقدرة مقاومة الشعب الفلسطينى على البقاء والاستمرار والصمود ، ليظل نزيف المشروع الصهيونى قائماً تتسارع وتيرته ، ليعرف العالم ان الشعب الفلسطينى ليس مرشحاً ولم يكن يوماً من الأيام مرشحاً لمصير الهنود الحمر فى القارة الأمريكية ..
ــــــــــــــــــ
١٦ سبتمبر ٢٠٢٤