حياة الماعز .. ذاكرة مؤلمة


حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن - العدد: 8103 - 2024 / 9 / 17 - 21:50
المحور: الادب والفن     

انتهيت من مشاهدة فيلم (حياة الماعز) والفيلم لايمكن اعتباره هجوماً على الإسلام أو على العرب أو ماالى ذلك افتراءات لاأساس لها من الصحة ولاوجود لها فى صلب فكرة الفيلم أو حتى عناصره واشاراته المشهدية والمدهش المضحك (فى آن واحد) أن البعض وصفه بالعنصرية فى حين أن الفيلم يدين فى معالجته نظاماً اجتماعياً لايخلو من إطلاق العنان لنوازع الاستغلال الممزوج بالقهر الإنسانى والإستعلاء الذى يقترب فى جبروته من نزعات العنصرية البغيضة التى تبتعد بشكل كلى عن الإنسانية التى ينزع إليها صناع الفيلم بافكارهم التى صاغت عناصر السردية ..
الفيلم يتناول قضية نظام اجتماعى شديد الصلة بأنظمة العبودية وهو نظام الكفيل ، ولااعتقد أن هناك من سيضع رأسه فى الرمل وينكر حقيقة أن نظام الكفيل شكل آخر من اشكال العبودية ، خصوصاً أن هناك الكثيرون من اجيال المصريين الذين كانوا يعملون فى دول الخليج العربى وخصوصاً المملكة السعودية لديهم مايؤلمهم من ذكريات مع هذا النظام الكريه المنافى للإنسانية وكثير من البيوت المصرية لدى أحد أفرادها مايحكيه من حكايات الهوان وكسر الكرامة الإنسانية التى مر بها من خلال هذا النظام اللاانسانى .
الفيلم من الناحية الفنية جيد إلى حد ما تتفوق فيه عناصر تصميم وتصوير المشاهد ، وان كان به بعض المشكلات مثل المط والتطويل فى قصة هروب (نجيب) و(حكيم) بصحبة (ابراهيم قديرى الإفريقى) وإن كنت قد اعجبت بمشاعر التآخى الإنسانى بين الإفريقى الذى يساعد الهنديان على خوض رحلة الانعتاق من حياة العبودية التى يفرضها نظام الكفيل ، ولكن يبدو أن الفيلم لم يخرج عن المألوف فى السينما الهندية من المط والتطويل والترهل السردى ميلودرامية المشاهد بطريقة تحتوى على بعض المبالغة التى لم تكن مطلوبة ، وكذلك الحشوة الاستعراضىة كموتيفة من موتيفات السينما الهندية وهى الموتيفة التى رسخت كسمة غالبة فى السينما الهندية التقليدية بالقدر الذى جعلها تلقى بظلالها على السينما الهندية الحديثة .
ومن حيث الآداء السينمائى فاعتقد أنه ينبغى رفع القبعة للممثل العمانى (طالب البلوشى) الذى جسد دور الكفيل وكان آدائه مقنعاً دون مبالغات صارخة ، ومعه الممثل الهايتى (جيمى جين لويس) الذى جسد دور العامل الأفريقى (ابراهيم قديرى) الذى تطوع بقيادة العاملان الهنديان فى رحلة الانعتاق من العبودية والذى سيتضح فى نهاية الفيلم أنه دأب على مساعدة الكثيرين من المنسحقين تحت نير نظام الكفيل فى رحلة الانعتاق من هذا النير إلى حيث الحرية الإنسانية ، وهذه دلالة ذكية فى الفيلم تستلهم تاريخ معناة أبناء القارة السوداء من العبودية وكونهم يشكلون عنصر السبق فى تجربتى الانسحاق تحت وطأة العبودية ، والنضال ضدها والفوز بالحقوق الآدمية وبالتالى يستحق هذا الإفريقى أن يكون هو قائد رحلة الانعتاق من الحرية ويستحق فى نفس الوقت أن تعتبره سلطات أصحاب المصلحة فى نظام الكفيل مجرماً ينبغى مطاردته كمطلوب لعدالتهم الظالمة ، بالضبط كما تعتبر سلطات الاحتلال من يقاومها ويناضل ضدها من أجل انعتاق بلاده وشعبه من الاحتلال إرهابياً
----------------
٢٥ اغسطس ٢٠٢٤