إذا كانت العوامل الموضوعية التي فجرت ثورة 14 تموز 1958 الوطنية التحررية تكاد تكون متطابقة مع العوامل الموضوعية راهناً..فماذا عن العامل الذاتي ؟


حزب اليسار العراقي
الحوار المتمدن - العدد: 8040 - 2024 / 7 / 16 - 10:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

يجب النظر الى ثورة 14 تموز 1958 الخالدة من خلال الظروف الموضوعية والذاتية التي تفجرت فيها .
وعلينا أيضاً أن ننظر لثورة 14 تموز 1958 المجيدة في ظروف عصرنا المشابهة كثيراً لظروف تفجر ثورة 14 تموز 1958 من حيث الظروف الموضوعية ( احتلال الوطن كما كان محتلاً -سلطة عميلة معزولة كما كان النظام الملكي العميل -غضب شعبي متفجر في احتجاجات وهبات وانتفاضة تشرين كما كان الشعب العراقي في وثبة كانون 1948 وانتفاضتي تشرين 1952 -1956 وسقوط الشهداء -البطالة والفقر والفساد كما كان حينها…)

أما الفارق الجوهري بين الوضع الراهن وبين الوضع الذي أفضى لتفجر ثورة 14 تموز 1958 الوطنية التحررية التي حققت منجزات كبرى للشعب والوطن هو في العامل الذاتي، حيث وجود حركة يسارية ووطنية ديمقراطية عراقية منظمة وقوية وجماهيرية قادت الهبات والانتفاضات بشكل منظم شكلت جبهة ( الاتحاد الوطني ) ووجود تنظيم عسكري وطني في الجيش ( الضباط الأحرار ) نسق مع ( جبهة الاتحاد الوطني ) وقاد الثورة واسقط الحكم الملكي العميل وحرر العراق من الاستعمار البريطاني .

بينما تفتقد الساحة العراقية ما بعد 2003 لوجود حركة يسارية ووطنية ديمقراطية منظمة رغم إعادة بناء اليسار العراقي الذي استغرق سنوات طويلة نتيجة خيانة الزمرة المهيمنة على قيادة الحزب الشيوعي العراقي الذي كان طليعة الحركة اليسارية والوطنية الديمقراطية العراقية ما قبل ثورة 14 تموز وما بعدها ..هذه الزمرة التي باعت تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ودماء شهدائه في سوق النخاسة البريمري وحولته الى الحزب اللاشيوعي البريمري.

لذلك ينبغي : التخلص من الأمراض الخمسة* التي عانى منها شباب انتفاضة تشرين المعبرة عن الأمية المعرفية ( النظرية والسياسية والتاريخية ) التي تسببت بعدم تصاعد انتفاضة تشرين الى ثورة تسقط المنظومة العميلة التدميرية المنهارة ..
والتي لا تجدها في جميع ثورات الشعوب ومنها الشعب العراقي ..وبالمناسبة يتحول الثوري الرافض لممارسة النقد والنقد الذاتي والتعلم من الأخطاء الى دكتاتور صغير تافه في الشارع والإعلام يتسبب بابتعاد الجماهير عن الانتفاضة وضياع تضحيات الشهداء..فتشخيص الانتفاضة للأخطاء أول بأول يسهم في تقليل الخسائر عند تصحيحها، أما المكابرة والغرور فيحولها الى أمراض ينفذ من خلالها العدو لإضعاف الانتفاضة وحتى تخريبها ..وهذا ما حصل فعلا..!


نأمل ان يعزز تشخيصنا هذا والمعلن وقت بوقته، الحوار السياسي والمعرفي المتواصل على مدى عمر الانتفاضة ويقدم رؤية معرفية للواقع الراهن وتاريخية للنضال الوطني العراقي ..وعدم القفز بالهواء بإدعاء الوصول الى علاج هذه الأمراض دون ممارسة النقد الذاتي..أي الاعتراف بالخطأ أولاً..وألا توهم المريض نفسه طبيباً..!!

هذا ناهيكم عن أن إحتفاء الشعوب ومنها شعبنا العراقي بتاريخها وثوراتها يأتي في إطار العودة إلى الماضي التي تستهدف بالدرجة الأولى الأساسية، التواصل على صعيد الذاكرة الحزبية والوطنية العراقية بين أجيال اليساريين والوطنيين المتعاقبة، والكشف عن رموز وقوى الحاضر على صعيد الصراع الطبقي والوطني وامتداداتها، أي أصولها الطبقية، ودورها في القضاء على الحلم الوطني التحرري، بإسقاطها حلم ثورة 14 تموز المجيدة في إقامة دولة القانون والعدالة الاجتماعية.. فإعتزاز الشعوب بانتصاراتها الوطنية يعبر عن وعي الأجيال الثائرة الجديدة والعكس صحيح .فمثلاً يحتفل الشعب الفرنسي منذ 230 عاماً سنوياً بثورته 14 تموز 1789...
فيما يستكثر الليبراليون الذي لا يفقهون معنى الليبرالية أصلاً ..والعدميون والأميون سياسياً..على اليساريين والوطنيين العراقيين احتفائهم بثورة 14 تموز 1958 الوطنية التحررية المغدورة في انقلاب 8 شباط 1963 البعثي الفاشي ..

بل ويهلسون عن " ديمقراطية " النظام الملكي العميل البائد ...في جهل مطبق وكأنهم خارج التاريخ والوقائع والأحداث ..
يسهم بقايا وابناء واحفاد النظام الملكي وفلول البعث الفاشي وحثالات مرجعية المقبور محسن الحكيم في تشجيعهم على الأيغال في هلوستهم وأميتهم السياسية والتاريخية والمعرفية المفضوحة ..

إذن أن العودة إلى الماضي تستهدف بالدرجة الأولى الأساسية، التواصل على صعيد الذاكرة الحزبية والوطنية العراقية بين أجيال اليساريين والوطنيين المتعاقبة، والكشف عن رموز وقوى الحاضر على صعيد الصراع الطبقي والوطني وامتداداتها، أي أصولها الطبقية، ودورها في القضاء على الحلم الوطني التحرري، بإسقاطها حلم ثورة 14 تموز المجيدة في إقامة دولة القانون والعدالة الاجتماعية .)

—————————-
*للإطلاع على الأمراض الخمسة التي عرقلت انتقال انتفاضة تشرين الى محطة الثورة على الرابط أدناه
ونعتذر عن الأخطاء الفنية التي ظهرت في التعليق مما توجب علينا إعادة نشره ثانية ..

https://m.ahewar.org/s.asp?
‏aid=736222&r=0