ماركس والدولة
أنور نجم الدين
الحوار المتمدن
-
العدد: 4970 - 2015 / 10 / 29 - 09:33
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
المقدمة
لم تخضع الدولة للنقد إلا في مطلع القرن التاسع عشر. وقبل ذلك التاريخ، كان الأمر يتعلق فقط بالبحث عن التحرر السياسي، يعني بتحويل شكل الدولة وتكيف بنيانها مع المجتمع المدني، أي التحول من الدولة المسيحية إلى الدولة العلمانية، من الملكية الدكتاتورية إلى الجمهورية الليبرالية الديمقراطية. وهكذا، فكان نقد النقاد، ينحصر فقط في إعادة الشكل السياسي للدولة.
ولكن الدولة بوصفها دولة، لم تخضع للنقد إلا بعدما تحول، تاريخيا، نقد السماء الى نقد الارض، ونقد الدين الى نقد الحقوق، وهو نقطة انطلاق ماركس في نقد الدولة السياسية، فهو لم يميز بين الدولة القديمة والدولة الحديثة، بل ويقول: "ان الاعتراف بحقوق الإنسان من قبل الدولة المعاصرة يتسم بنفس المغزى الذي اتسم به الاعتراف بالعبودية من قبل الدولة القديمة" (ماركس، العائلة المقدسة). فكان الانتقال من نقد اللاهوت إلى نقد السياسة، يعني الانتقال من نقد هذا الشكل أو ذاك من أشكال سلطة الدولة، الى نقد الدولة ذاتها. فان ظهور الدولة المدنية العلمانية الديمقراطية في صورتها الخالصة، كان يعني انتقال نقاد الدولة من البحث عن التحرر السياسي للانسان السياسي -المواطن، إلى البحث عن التحرر البشري. ويبدأ ماركس بنقد الدولة مما وراء التحرر السياسي، فالدولة تستطيع مثلا أن تتحرر من حاجز تاريخي -من الدين أو من الملَكْية أو من الدكتاتورية- ولكن دون ان يكون فيها الانسان متحررا، فحسب ماركس: " تستطيع الدولة أن تحرّر نفسها من حاجز دون أن يكون الانسان متحرّر منه فعلاً، وأن الدولة تستطيع أن تكون حرَّة دون أن يكون الإنسان فيها حرّاً"، فـ "الدولة هي الوسيط بين الإنسان وحريته" (ماركس، حول المسألة اليهودية)، أي هي التي تقيد حرية الإنسان.
وهكذا، فيخضع ماركس "الدولة في ذاتها" للنقد وليس هذا الشكل أو ذاك من أشكالها، ولا هذا الحاجز أو ذاك أمامها، فماركس يفحص العلاقة بين الدولة المدنية والتحرر السياسي، والشروط التاريخية للتحرر البشري. فهو إذن، يختلف كليا مع معارضيه الذين يفحصون الشكل السياسي للدولة بدل الجوهر التاريخي للدولة. فماركس يبحث الطبيعة التاريخية للعالم السياسي من وجهة نظر التناقض الدنيوي بين الدولة السياسية والمجتمع المدني، كما ويبحث التناقض بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة من خلال بحث العلاقة بين جوهر الدولة والشروط الواقعية للمجتمع المعاصر وقوانين تطوره، سواء أكانت هذه الشروط عناصر اقتصادية كالملكية الخاصة أو عناصر فكرية كالثقافة والفلسفة والدين والاخلاق.
ماركس والدولة
يقول ماركس: "خلافا للمطالب التي تقدم بها "البروسي" من ملكه، - لن ترى أبدا في "الدولة – وفي بنيان المجتمع" أسباب العلل الاجتماعية. وحيث توجد أحزاب سياسية، يرى كل حزب أصل شر في وجود حزب آخر، معاد له، عند دفة الحكم، عوضا عنه. وحتى الساسة الراديكاليون الثوريون يبحثون عن أصل الشر، لا في جوهر الدولة، بل في شكل معين للدولة يريدون الاستعاضة عنه بشكل آخر للدولة. من وجهة النظر السياسية، ليست الدولة وبنيان المجتمع شيئين اثنين مختلفين. فان الدولة هي بنيان المجتمع. وبقدر ما تعترف الدولة بوجود العلل الاجتماعية، بقدر ما ترى سببها، إما في قوانين الطبيعة التي لا تستطيع أية قوة بشرية ان تزيلها، وإما في الحياة الخاصة التي لا تتوقف على الدولة، وإما في أعمال غير لائقة تقوم بها الادارة التي تتوقف على الدولة. فان انجلترا، مثلا، ترى سبب الفقر في قانون الطبيعة الذي ينبغي دائماً بموجبه أن يسبق نمو عدد السكان نمو وسائل العيش. ومن جهة أخرى، ترى انجلترا ذاتها سبب الاملاق في ارادة الفقراء الشريرة، مثلما يرى الملك البروسي هذا السبب في مشاعر الاغنياء غير المسيحية، ومثلما ترى الكونفانسيون هذا السبب في نمط تفكير المالكين المضاد للثورة، المثير للشك. ولهذا تعاقب انجلترا الفقراء، ويعظ الملك البروسي الاغنياء، وتقطع الكونفانسيون رؤوس المالكين. وأخيراً، تبحث جميع الدول عن الأسباب في سوء تصرف الادارة من باب الصدفة أو قصداً وعمداً. ولذا ترى في اجراءات الادارة وسيلة لاصلاح نواقص الدولة. لماذا؟ للسبب التالي على وجه الضبط، وهو ان الادارة هي نشاط الدولة المنظم. لأجل إزالة التناقض القائم بين غرض الادارة وحسن نواياها، من جهة، وبين الوسائل والامكانيات المتوافرة، من جهة أخرى، يتعين على الدولة أن تلغي نفسها بالذات، لأن هذا التناقض يكمن في أساسها بالذات. فان الدولة ترتكز على التناقض بين الحياة الاجتماعية والحياة الخاصة، على التناقض بين المصالح العامة والمصالح الخاصة. ولهذا تضطر الادارة إلى الاكتفاء بالنشاط الشكلي والسلبي؛ لأنه حيث تبدأ الحياة المدنية والعمل المدني، تنتهي سلطة الادارة. وفضلا عن ذلك، حيال العواقب الناجمة عن الطبيعة اللااجتماعية لهذه الحياة المدنية، لهذه الملكية الخاصة، لهذه التجارة، لهذه الصناعة، لهذا النهب المتبادل من قبل مختلف أوساط المواطنين، - حيال جميع هذه الظاهرات يبدو عجز الادارة بالنسبة لها قانوناً من قوانين الطبيعة. لأن هذا التجزؤ، هذه الخساسة، عبودية المجتمع المدني هذه، هي ذلك الأساس الطبيعي الذي ترتكزعليه الدولة المعاصرة، مثلما كان المجتمع المدني العبودي الأساس الطبيعي الذي ارتكزت عليه الدولة القديمة. ان وجود الدولة ووجود العبودية مترابطان أحدهما بالآخر بعرى لا انفصام لها. ان الدولة القديمة والعبودية القديمة – هذين الضدين الكلاسيكيين غير المستورين – لم تكونا مقيدتين أحداهما بالأخرى أكثر من الدولة المعاصرة والعالم التجاري المعاصر، هذين الضدين المسيحيين المموهين برياء. ولكي تزيل الدولة المعاصرة عجز إدارتها، يتعين عليها أن تزيل الحياة الخاصة الحالية. ولكي تزيل الدولة الحياة الخاصة، يتعين أن تزيل نفسها بالذات، لأنها لا توجد إلا كضد للحياة الخاصة ... كان أبطال الثورة الفرنسية بعيدين جداً عن البحث عن مصدر النواقص الاجتماعية في مبدأ الدولة، - بل كانوا، على العكس، يرون في النواقص الاجتماعية مصدر التشوشات السياسية. فان روبسبير، مثلا، لم ير في الفقر الكبير والغني الكبير سوى عقبة أمام الديمقراطية الخالصة. ولهذا أراد أن يقيم الحياة البسيطة الاسبارطية العامة. ان مبدأ السياسة هو الارادة. وكلما أزداد العقل السياسي من حيث احادية الجانب وبالتالي من حيث الكمال، كلما اشتد ايمانه في الارادة الكلية القدرة، وكلما ابدى مزيداً من العمى حيال الحدود الطبيعية والروحية للارادة، وكلما أزداد عجزه بالتالي عن اكتشاف مصدر العلل الاجتماعية ..
لقد بينا "للبروسي" بأي قدر يعجز العقل السياسي عن اكتشاف مصدر الحاجة الاجتماعية. اليكم كلمة أخرى واحدة فقط عن نظرته إلى هذا الموضوع. فبقدر ما يكون العقل السياسي عند شعب من الشعوب أكثر تطوراً وانتشاراً، بقدر ما يبدد البروليتاري – على الأقل في بداية الحركة – قواه في انتفاضات طائشة وعقيمة ومخنوقة في الدماء. وإذ يفكر البروليتاري في اطر السياسة، يرى سبب جميع الشرور في الارادة ويرى جميع الوسائل لمساعدة القضية في العنف وفي الاطاحة بهذا الشكل المعين أو ذاك من أشكال الدولة. البرهان: أولى انتفاضات البروليتاريا الفرنسية. كان عمال ليون يعتقدون انهم لا يبتغون سوى أهداف سياسية، وانهم جنود الجمهورية وحسب، بينما كانوا بالفعل جنود الاشتراكية. وهكذا طمس عقلهم السياسي عليهم أصل الحاجة الاجتماعية، وهكذا شوه فهمهم لاهدافهم الفعلية، وهكذا خدع عقلهم السياسي غريزتهم الاجتماعية .. " (ماركس، ملاحظات انتقادية على مقالة "البروسي": "الملك البروسي والاصلاح الاجتماعي، 1844).
"في الجماعة فقط، مع الآخرين، يملك كل فرد وسائل تنمية مواهبه في جميع الاتجاهات، وبالتالي فان الحرية الشخصية لا تكون ممكنة إلا في الجماعة. وفي الأنظمة السابقة البديلة عن الجماعة، في الدولة، لم يكن للحرية الشخصية وجود إلا بالنسبة إلى الأفراد الذين تطوروا ضمن علاقات الطبقة السائدة" (ماركس، الايديولوجية الالمانية، 1846)
ماركس ودولة دكتاتورية البروليتاريا
"في مقالة هجائية منشورة في جريدتك بتاريخ 22 حزيران من السنة الجارية، وجهت إلي لومًا مفاده اني اذود عن سيادة ودكتاتورية البروليتاريا، بينما انت، خلافًا لي، تعلق أهمية على إزالة الفوارق الطبقية عمومًا. أنا لا أفهم هذا التعديل ..
وانت تعرف اني دافعت في (بؤس الفلسفة)، حتى قبل شباط 1848، عن وجهة نظر ذاتها ضد برودون (ماركس، بيان إلى رئيس تحرير (NEUE DEUTSCHE ZEITUNG)، 1850).
".. ان وجود الطبقة المظلومة يشكل شرطاً حيوياً لكل مجتمع قائم على تناحر الطبقات. ومن هنا ينجم ان تحرير الطبقة المظلومة يفترض بالضرورة بناء مجتمع جديد. ولكي تستطيع الطبقة المظلومة ان تحرر نفسها، ينبغي أن لا يبقى بوسع القوى المنتجة الموجودة وعلاقات الإنتاج القائمة أن تتواجد جنباً إلى جنب، ان الطبقة الثورية نفسها هي من بين جميع أدوات الإنتاج أقوى قوة منتجة. وان تنظيم العناصر الثورية في طبقة يفترض وجود جميع القوى المنتجة التي استطاعت أن تنشأ في أحشاء المجتمع القديم. فهل يعني هذا ان سيادة طبقة جديدة، تتجلى في سلطة سياسية جديدة، تحل بعد سقوط المجتمع القديم؟ كلا. ان شرط تحرر الطبقة العاملة هو القضاء على جميع الطبقات، مثلما كان القضاء على جميع المراتب على اختلافها شرط تحرر المرتبة الثالثة، البرجوازية. ان الطبقة العاملة تقيم في سياق التطور، عوضاً عن المجتمع البرجوازي القديم، رابطة تنفي الطبقات وتضادها؛ ولن تبقى ثمة أية سلطة سياسية حقاً، لأن السلطة السياسية على وجه الدقة هي التعبير الرسمي عن التضاد بين الطبقات في داخل المجتمع البرجوازي" (ماركس، بؤس الفلسفة، 1847).
"عندما تنتصر البروليتاريا لا تصبح في حال من الأحوال الجانب المسيطر في المجتمع لأنها انتصرت فقط بالقضاء على نفسها وعلى نقيضها. وعندئذ تختفي البروليتاريا كما يختفي نقيضها الذي يحددها وهو الملكية الخاصة" (ماركس، العائلة المقدسة، 1844).
ماركس: الإدارة الذاتية للتعاونيات الكومونية هي بديل إدارة الدولة
"إن مركزية الدولة التي يتطلبها المجتمع المعاصر تنشأ فقط على أنقاض جهاز الحكم العسكري البيروقراطي الذي صُنع في سياق النضال ضد الإقطاعية" (ماركس، الثامن عشر من برومير "لويس بونابرت"، 1852).
"ان سلطة الدولة هي بالفعل من صنع البرجوازية، أولا كوسيلة لأجل القضاء على الأقطاعية، ثم كوسيلة لقمع مساعي المنتجين، الطبقة العاملة، إلى التحرر. وان جميع الرجعيات وجميع الثورات لم تقم إلا بنقل هذه السلطة المنظمة، - هذه القوة المنظمة لأجل استعباد العمل -، من بعض الأيدي إلى بعضها الآخر، من كتلة من الطبقات السائدة إلى كتلة أخرى. وقد كانت سلطة الدولة بالنسبة للطبقات السائدة وسيلة للاستعباد والأثراء. وفي كل تغير استمدت قوى جديدة. وكانت سلطة الدولة أداة لأجل قمع الانتفاضة الشعبية، وكذلك لأجل قمع مقاومة الطبقة العاملة، بعد ان قاتلت واستغلوها لأجل تأمين نقل سلطة الدولة من قسم من مضطهديها إلى قسم آخر. ولهذا كانت الكومونة ثورة لا ضد هذا الشكل أو ذاك من أشكال سلطة الدولة –ليجيتيمية منها أم دستورية، جمهورية أم امبراطورية. انها كانت ثورة ضد الدولة بالذات، هذا الطرح غير الطبيعي للمجتمع: وصار الشعب يتصرف من جديد بحياته الاجتماعية بنفسه وفي مصلحته. ان الكومونة لم تكن ثورة هدفها نقل سلطة الدولة من يد قسم من الطبقات السائدة إلى يد قسم آخر، بل كانت ثورة هدفها تحطيم هذه الآلة الرهيبة بالذات للسيادة الطبقية. لم تكن مشادة من مشادات التافهة بين الشكل البرلماني للسيادة الطبقية وبين السيادة الطبقية في شكل السلطة التنفيذية، بل كانت انتفاضة ضد هذين الشكلين اللذين يكملان احدهما الآخر، علماً بان الشكل البرلماني لم يكن سوى ذيل خادع للسلطة التنفيذية. ولقد كانت الامبراطورية الثانية الشكل الأخير لهذا الاغتصاب الذي قامت به الدولة. وكانت الكومونة انكاراً جازماً لسلطة الدولة هذه، وكانت بالتالي بداية الثورة الاجتماعية في القرن التاسع عشر. ولهذا ستطوف في العالم كله، أياً كان مصيرها في باريس. الطبقة العاملة وحدها كان بوسعها أن تصوغ هذا الطموح الجديد في كلمة الكومونة وتحققه في الحياة للمرة الأولى، وفي كومونة باريس المناضلة. وحتى التعبير الأخير عن سلطة الدولة هذه – الامبراطورية الثانية -، وان كانت مذلة بالنسبة لكبرياء الطبقات السائدة، وان كانت قد بددت جميع ادعاءاتها البرلمانية بالادارة الذاتية، - لم تكن غير الشكل الممكن الاخير لسيادتها الطبقية. صحيح ان الامبراطورية الثانية حرمتها وضعها السياسي السابق، ولكنها كانت عربدة أطلقت العنان كلياً لجميع سفالات نظامها الاقتصادية والاجتماعية. وكانت البرجوازية المتوسطة والبرجوازية الصغيرة عاجزتين بحكم ظروف وجودهما الاقتصادية عن الشروع في ثورة جديدة، وكانتا مضطرين إلى السير، أما وراء الطبقات السائدة، واما وراء الطبقة العاملة. كان الفلاحون قاعدة اقتصادية هامدة للامبراطورية الثانية، لهذا الانتصار الأخير للدولة المفصولة عن المجتمع والمستقلة عنه. البروليتاريون وحدهم دون غيرهم، الذين تلهمهم المهمة الاجتماعية الجديدة التي يتعين عليهم أداءها في مصلحة المجتمع-، مهمة القضاء على جميع الطبقات وعلى السيادة الطبقية – الدولة، السلطة الحكومية الممركزة والمنظمة، التي صارت عن طريق الاغتصاب، سيدة المجتمع، عوضاُ عن تكون خادمته. ان الامبراطورية الثانية – هذا التتويج الأخير للدولة وهذا التعهير الأكمل للدولة التي حلت محل الكنيسة القروسطية، - قد انبثقت، بالاعتماد على تأييد الفلاحين الهامد، في معمعان النضال النشيط الذي خاضته الطبقات السائدة ضد البروليتاريين. لقد انبثقت الامبراطورية الثانية ضد البروليتاريين. وهم الذين حطموها، لا بوصفها شكلاً خاصاً للسلطة الحكومية (الممركزة)، بل بوصفها أقوى تعبير عنها، أخذ صورة استقلالها الظاهري عن المجتمع، وأصبح لهذا السبب بالضبط واقعها الأشد تعهيراً، المجلل بالعار من أعلى إلى أسفل، والحاصل على تعبيره المركز في الفساد التام داخل البلاد وفي العجز التام في خارجها. ولكن، بعد انهيار هذا الشكل للسيادة الطبقية، صارت السلطة التنفيذية، آلة الدولة الحكومية، الموضوع الرئيسي والوحيد الذي اتجهت اليه ضربات الثورة. الكومونة انما تعني ابتلاع معاكس لسلطة الدولة من قبل المجتمع، حين تحل محل القوى التي تضطهد المجتمع وتستعبده قواه الحية بالذات، انما تعني انتقال السلطة إلى الجماهير الشعبية بالذات التي تنشيء قوتها بالذات عوضاً عن قوة مضطهديها المنظمة .. ولو ان جميع المدن الكبيرة انتظمت في كومونات على غرار باريس، لما كان بوسع أية حكومة أن تختنق هذه الحركة بضغط مفاجيء من جانب الرجعية. وحتى هذا التدبير التحضيري كان أمن الوقت لأجل التطور الداخلي، ووفر الضمانة للحركة. وصارت فرنسا كلها منظمة في كومونات عاملة بصورة مستقلة وذات إدارة ذاتية" (ماركس، الحرب الاهلية في فرنسا، 1871).
"على العمال أن يؤسسوا بجانب الحكومات الرسمية، هيئات الإدارة الذاتية المحلية، المجالس .." (ماركس، رسالة إلى اللجنة المركزية لعصبة الشيوعيين، 1847).
"إذا كان للإنتاج التعاوني ألا يبقى كلامًا فارغًا وخادعًا، إذا كان له أن يحل محل النظام الرأسمالي، إذا نظمت مجموعة التعاونيات الإنتاج الوطني وفقًا لخطة مشتركة، ووضعته تحت اشرافها هي، فوضعت بذلك حدًا للفوضى الدائمة وللنوبات الدورية التي هي القضاء المحتوم للإنتاج الرأسمالي – أفلا يكون ذلك، وهذا ما نسألكم، أيها السادة، شيوعية شيوعية (ممكنة جدًا)؟" (ماركس، الحرب الاهلية في فرنسا، 1871)