من أجل قانون أحوال شخصية مدني
عمار ديوب
الحوار المتمدن
-
العدد: 2507 - 2008 / 12 / 26 - 09:43
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
كلما تكاثرت القوانين في ذات القضية كلما ضاعت البشر بالتفاصيل، وهو ما يأذن بضياع حقوقهم لاحقاً. وعكس ذلك، إن العدالة بين البشر يجب أن تكون هي الأساس لأي تشريع وكذلك الحرية وغيرها من الحقوق العامة المشمولة باتفاقيات حقوق الإنسان العامة وليست السياسية فقط.
موضوع قانون الأحوال الشخصية المسيحي للطائفة الكاثوليكية الجديد في سوريا، لا يمكن أن يقدم حلاً لمشكلة الإرث أو غيرها، لأنه جاء للخلاص من سيطرة قانون الأحوال الشخصية الإسلامي. وبالتالي صار لدينا شكلان للحقوق، وإذ طالب العلمانيون بأحوال شخصية خاصة بهم، ولهم كل الحق بذلك، فهم ليسوا مؤمنين بقوانين الأحوال الشخصية الطائفية، أي قد يكونوا مؤمنين بإله واحد ولكن بلا قوانين دينية، وهناك المتزوجين من طوائف دينية متعددة وأغلبيتهم لا يرغبون بقانون أحوال شخصية ديني، رغم أنهم قد يكونون مؤمنين بذات إلهية ما، بإلاضافة لمن ليسوا بوفاقٍ مع أي تفكير ديني. ولو صح ما قلناه أعلاه.
ألا يصبح هذا الموضوع شوربة؟! ثم أليس هو كذلك الآن، ففي سوريا الآن شعب شعبان، ومجتمع مجتمعان، عدا عن عشرات التفريعات الدينية وما أكثرها!!
لست مطلقاً مع حقوق خاصة بالمسيحيين كما أنني ضد الأحوال الشخصية الإسلامي.
وأفضل وجود قانون وضعي مدني يشمل السورين كافة، وليس تجزأت القوانين، سيما وأن المرأة امرأة سواء أكانت مسيحية أو مسلمة، وكذلك الرجل، وما قالته المحامية زينة صحيح عن الظلم الذي يحيق بالمرأة في العرف المسيحي ولكن هذا لا يعني أن المسيحي ليس ابن هذه البلاد وهو من نوعية بشرية خاصة، والظلم يحيق بالمرأة المسيحية فقط، ففي التشريع الإسلامي لا تزال المرأة أقل من الرجل في كل شيء!!
وقد أدت رؤية السيدة المحامية المنطلقة من تأييد ديني للقوانين الجديدة للقول بالمواطن السوري المسيحي. وهذا ثمرة أولى لذلك التشريع!!
المواطن السوري سوري وبالتالي لا بد من تشريع عام لكافة المواطنين، أما موضوع الإيمان فهو أمر خاص به سواء أكان الفرد مسيحياً أو مسلماً أو ليس مؤمناً.
ما أرغب بقوله من هذه المناقشة الهادئة لمنطق فكرة المحامية وليس لشخصها الكريم، هو أن هذا القانون ليس مطلقاُ خطوة نحو الأمام، فالأمام ليس قبل المرحلة العثمانية، بل هو في الحاضر الذي سيصبح مستقبلاً ، وبالتالي السعي لوجود قوانين وضعية عامة هو الأساس وليس الاحتفاء بقانون طائفي يكرس سلطة رجالات الدين التي كانت موجودة فعلياً في القرون الوسطى لأنها العصور الدينية بإمتياز- مع احترامنا لهم ولعقائدهم ولإيمانهم- ولذلك استنتج إن هذه الخطوة تدفع بالمجتمع نحو مزيد من الطائفية وليس الإيمان أو التدين الشعبي التلقائي الموروث.
لكل ذلك لست مطلقاً مع أن تحذو بقية الطوائف المسيحية بما قامت به الطائفة الكاثوليكية ولست مع قوانين الأحوال الشخصية الإسلامي سواء سرى على المسلمين أم على المسحيين .
واعتقد وجود قانون مدني عام هو ما يستحق الدفاع عنه بالدرجة الأولى. وبما لا يغمط حق الإنسان بالعبادة كحق شخصي لا عام، ولكن كذلك بما لا يحوّل حياتنا إلى مجموعة عقائد متساكنة في لحظة، وربما في لحظة لاحقة متصارعة، كما هو حال المسكوت عنه عند عامة البشر والمسموح به بين خاصة الطوائف بما يخص الطوائف الأخرى!!
* المقال: نقاش لمقالة المحامية زينة وليم سارة: البنت قاطعة للميراث، مناقشة قانونية واجتماعية لقانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية في سوريا".منشور على موقع نساء سوريا" وقد أجريت عليه بعض التعديلات بما لا يغيّر من أفكاره الأولى.