|
الديالكتيك مرة أخيرة - رائد محمد نوري
- الديالكتيك مرة أخيرة
|
العدد: 751798
|
رائد محمد نوري
|
2017 / 11 / 8 - 16:27 التحكم: الكاتب-ة
|
جميل أن يستمر الخلاف بيننا يا صديقي: دعني أنقل لك من البيان الشيوعي ما يلي: فالبرجوازية، في غضون سيطرتها الطبقية التي لم يَكد يمضي عليها قرن من الزمن، خَلقت قوى منتجة تفوق بعددها وضخامتها ما أوجدته الأجيال السابقة كلّها مجتمعة. فالآلة، و إخضاع قوى الطبيعة، و استخدام الكيمياء في الصناعة و الزراعة، و الملاحة البخارية، و سكك الحديد، و التلغراف الكهربائي، و استصلاح أراضي قارّات بأكملها، و تسوية مجاري الأنهار لجعلها صالحة للملاحة، و بروز عوامر كاملة من الأرض - أيّ عصر سالف كان يتصوّر أنّ مثل هذه القوى المنتجة كانت تهجع في صميم العمل المجتمعيّ؟
إذن لقد رأينا: أنّ وسائل الإنتاج و التبادل، التي انبنت البرجوازية على أساسها قد اسـتُحدثت في المجتمع الإقطاعي. و عند درجة معينة من تقدّم وسائل الإنتاج و التبادل، لم تعد الشروط التي كان المجتمع الإقاطاعي ينتج فيها و يبادل، لم يعد التنظيم الإقطاعي للزراعة و المانيفاتورة، بكلمة لم تعد علاقات الملكية الإقطاعية تتلاءم مع القوى المنتجة في تمام نموّها. فكانت تُعيق الإنتاج بدلا من دفعه نحو التقدّم، و لذا تحولت غلى قيود كان لا بُدّ من تحطيمها و قد حُطّمت .
و محلها حلت المزاحمة الحرة، مع هيكلية مجتمعية و سياسية ملائمة، مع السيطرة الإقتصادية و السياسية لطبقة البرجوازيين.
و اليوم نشهد حركة مماثلة. فإنّ علاقات الإنتاج و التبادل البرجوازية، و علاقات الملكية البرجوازية - إن هذا المجتمع البرجوازي الحديث الذي أبدع كما في السِّحر وسائل الإنتاج و التبادل الضخمة، يُشبه المشعوذ الذي فقد سيطرته على التحكُّم بالقوى الجهنمية التي استحضرها - فمنذ عشرات السنين، ليس تاريخ الصناعة و التجارة سوى تاريخ تمرُّد القوى المنتجة الحديثة على علاقات الإنتاج الحديثة، على علاقات الملكية، قوام حياة البرجوازية و سيطرتها. و يكفي ذكر الأزمات التجارية الدورية، التي تهدد أكثر فأكثر وجود المجتمع البرجوازي بأسره. ففي الأزمات التجارية، لا يُـتـلَف بانتظام جزء كبير من المنتجات فحسب، بل يـُتـلَف أيضا قسم من القوى المنتجة القائمة. و في الأزمات يتـفـشّى وباء مجتمعيّ ما كان ليبدو، في كل العصور السالفة، إلاّ مستحيلا، و هو وباء فائض الإنتاج. فإن المجتمع يجد نفسه فجأة و قد رُدَّ إلى وضع من الهمجية المؤقتة، حتى ليُخيَّل أنّ مجاعة و حرب إبادة شاملة قد قطعتاه عن وسائل العيش؛ فتبدو الصناعة و التجارة و كأنهما أثر بعد عين، و لماذا؟ لأن المجتمع يملك المزيد من الحضارة، و المزيد من وسائل لعيش، و المزيد من الصناعة، و المزيد من التجارة. و لم تعد القوى المنتجة، الموجودة تحت تصرّف المجتمع، تدفع ينمو علاقات الملكية البرجوازية قُدُما، بل بخلاف ذلك، أصبحت أقوى جدا من هذه العلاقات التي باتت تعيقها؛ و كلما تغلبت على هذا العائق جرّت المجتمع البرجوازي بأسره إلى الفوضى، و هددت وجود الملكية البرجوازية. فالعلاقات البرجوازية غدت أضيق من أن تستوعب الثروة، التي تُحدثها. فكيف تتغلب البرجوازية على هذه الأزمات؟ من جهة بتدمير كتلة من القوى المنتجة بالعنف، و من جهة أخرى بغزو أسواق جديدة، و باستثمار الأسواق القديمة كليّا. و ما هي عاقبة هذا الأمر؟ الإعداد لأزمات أشمل و أشدّ و التقليل من وسائل تدارُكها.
فالأسلحة، التي صَرَعت بها البرجوازية الإقطاع، ترتد الآن على البرجوازية نفسها .
بَيْد أنّ البرجوازية لم تصنع، فحسب، الأسلحة التي تؤدي بحياتها، بل أنجبت أيضا الرجال الذين سيستعملون هذه الأسلحة: العمال العصريين أو البروليتاريين . قل لي يا صديقي أليس هذا النص تجسيد حسي للديالكتيك المادي الذي عبرت عنه أنت بالنص الذي نقلته عن ماركس بصورة تجريدية؟! الوعي هو خاصية المادة رفيعة التطور وانعكاس لها لكنك ترفض هذا مخافة أن يقودك الاعتراف به إلى الاعتراف بإنجازات لينين. بالمناسبة سألتك في تعليق سابق عن مفهومي الثورة والانقلاب اللذين غابا عن أطروحتك. تحياتي
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
انور نجم الدين - باحث ونصير حركة الكومونة - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أكتوبر 1917، ثورة اشتراكية أم انقلاب سياسي؟ / أنور نجم الدين
|
|
لارسال هذا
التعليق الى شبكات
التواصل الاجتماعية
الفيسبوك، التويتر ...... الخ
نرجو النقر أدناه
|
تعليقات
الفيسبوك
|
|
|
المزيد.....
-
إمارة عشائرية في الخليل: مخطط إسرائيلي لتفتيت الضفة الغربية
...
/ علي ابوحبله
-
-الشارع الفلسطيني - بين انهيار اقتصادي وفقدان الثقة السياسية
...
/ علي ابوحبله
-
الجامعات العراقية والبحث العلمي
/ ضياء المياح
-
مفاوضات ايقاف الابادة..
/ مزهر جبر الساعدي
-
هل تُفرّط حكومة الشرع بالجولان مقابل طرابلس؟
/ ضيا اسكندر
-
القسم الثاني _ خوارزمية جديدة لحل مشكلة الثلاثية ( العلاقة ب
...
/ حسين عجيب
المزيد.....
-
منها مصر والإمارات وروسيا.. ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية جديد
...
-
إسرائيل تعتزم إصدار 54 ألف إشعار استدعاء لرجال من اليهود الم
...
-
العفو الدولية: زيادة مفزعة في عمليات الإعدام بالسعودية
-
فرق الأمم المتحدة تنتشر على الساحل السوري مع نزوح المئات بسب
...
-
لماذا ينُمّ البشر؟ وماذا يقول خبراء نظريات التطور عن النميمة
...
-
فيديو - آلاف الإسبان يحيون مهرجان سان فيرمين لركض الثيران في
...
المزيد.....
|