|
رد الى: هشام نوار - عبد الله الحريف
- رد الى: هشام نوار
|
العدد: 748752
|
عبد الله الحريف
|
2017 / 10 / 18 - 15:55 التحكم: الكاتب-ة
|
إن الجواب ليس بسيطا. فقد تداخلت عوامل موضوعية وذاتية متعددة تجعل من الصعب الإحاطة بكل أبعاده وجوانبه. لكن سنحاول طرح بعض القضايا التي نعتقد أنها أساسية وقد تساعد على فهم ما وقع. 1.2.العوامل الموضوعية: لا يجب أن ننسى أن الرجعية الروسية والإمبرياليات الأوروبية فرضتا حصارا وحروبا طاحنة ضد الثورة المنتصرة والتي تطلبت مواجهتهما بناء دولة قوية ومركزية واقتصاد يركز على التصنيع الثقيل الموجه للصناعة الحربية على حساب الفلاحة والتصنيع الخفيف الموجه لتحسين الأوضاع المعاشية للشعب. هذا التوجه الذي تعمق أمام صعود النازية والفاشية. كما تطلبت هذه الظروف الاستثنائية انضباطا حديديا داخل الحزب مما أدى إلى تغليب المركزية على حساب الديمقراطية. 2.2.العوامل الذاتية: -التطورات التي طرأت على بنية الحزب: لعل أحد أهم العوامل هي التطورات التي عرفها الحزب: لقد تعرض الحزب إلى نزيف هائل بسبب الحرب الأهلية والحرب ضد ألمانيا والتصفيات داخله التي لجأ إليها ستالين والتي قضت على العديد من الكوادر الشيوعية المتمرسة، بينما امتلأ، بعد الثورة، بعناصر غير شيوعية إن لم تكن انتهازية. إن ذلك أضعف الحزب وأفرغه من العديد من قادته الذين كان من الممكن أن يحافظوا وينموا طابعه البرولتاري وخطه وممارسته الثوريين الخلاقين. -قضية تثوير علاقات الإنتاج: إن تفكيك علاقات الإنتاج الرأسمالية وتعويضها بعلاقات التعاون بين المنتجين الأحرار مسألة حاسمة في الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية لأنها ستضع السلطة الاقتصادية، التي تشكل الأساس المادي للسلطات الأخرى، في يد الطبقة العاملة وباقي المنتجين. والحال أن ثورة أكتوبر لم تعوض علاقات الإنتاج الرأسمالية بعلاقات التعاون بين المنتجين الأحرار، بل حافظت على العمال كأجراء لا يتحكمون في وسائل الإنتاج وفي المنتوج التي ظلت الدولة متحكمة فيهم من خلال التأميم والتخطيط المركزي البيروقراطي. -التصور الخاطئ للثورة: يتجلى هذا التصور في اعتبار الثورة كقطيعة فورية جذرية وشاملة مع المجتمع القديم وكطريق سيار لبناء المجتمع الجديد الذي تنتفي فيه كل أشكال الاستغلال والاضطهاد الجنسي والقومي والعرقي وغيرها. بينما الثورة، باعتبارها انتزاع الطبقة العاملة وحلفائها للسلطة السياسية من النظام القائم، ليست سوى بداية سيرورة طويلة ومعقدة من الصراع من أجل سيادة علاقات الإنتاج الجديدة المبنية على التعاون بين المنتجين/المبدعين الأحرار ومعالجة كافة التناقضات وسط الشعب( التناقضات العمودية الطبقية والتناقضات الأفقية الجنسية والعرقية والاثنية...) وكذا التناقض مع الطبيعة. -التعامل الخاطئ مع التناقضات وسط الشعب: لقد نجحت ثورة أكتوبر بفضل قيادة الحزب البلشفي لها وبفضل كفاح العمال وطبقات وفئات اجتماعية غير عمالية، وخاصة الفلاحين. والحال أن هذه الطبقات لا تقتسم مع الطبقة العاملة هدف بناء الاشتراكية ثم الشيوعية وأنها تمثل السواد الأعظم من السكان. فإما أن يتم التعامل مع هذا التناقض بشكل سديد باعتباره تناقضا وسط الشعب يجب أن يحل بالصراع السياسي والفكري وبالإقناع والاقتناع وهو ما يستلزم القبول بالتمثيلية السياسية المستقلة لهذه الطبقات والفئات أو اللجوء إلى الحلول الزجرية والقمعية من خلال فرض الحزب الوحيد وممارسة العنف ضدها( الاعتقالات الجماعية في معتقلات الكولاغ). بينما سيادة الحزب الوحيد والحلول القمعية تؤدي، عوض أن يكون الصراع الطبقي معبرا عن نفسه بشكل واضح وجلي، أن يصبح ملتبسا ومتخفيا ويصعب بالتالي التصدي له. وقد أعلن ستالين أن الصراع الطبقي قد انتهى في الاتحاد السوفيتي مساهما بذلك في نزع السلاح الأيدلوجي من العمال. -العلاقات داخل الحزب: لقد تم تعويض المركزية الديمقراطية التي تعني النقاش الواسع داخل الحزب لبلورة المواقف التي تحضى بالأغلبية والانضباط إليها مع حق الأقلية في الاستمرار في الدفاع عن مواقفها داخل الحزب بمركزية بيروقراطية وبعبادة الشخصية.
-العلاقة مع الطبقة العاملة والجماهير الشعبية: لقد ساهم اعتبار الحزب لنفسه كطليعة ثورية وممثل وحيد للطبقة العاملة في مواجهة أية معارضة، ولو كانت عمالية، بالقمع واعتبارها مؤامرة رجعية ضد الثورة وتكريس تبعية التنظيمات الذاتية للجماهير الشعبية( السوفيتيات، النقابات) للحزب عوض تشكلها كتنظيمات شعبية مستقلة عن الحزب والدولة وقادرة على مراقبتهما ومحاسبتهما. مما أدى إلى تركيز كل السلطات في أيدي الحزب الذي أصبح ينعزل شيئا فشيئا عن نبض المجتمع.
-المنظور الفوقي والاقتصادوي لبناء الاشتراكية: لقد ساد داخل الحزب البلشفي تصور فوقي،مبسط واقتصادوي لبناء الاشتراكية التي تم، على المستوى الاقتصادي، اختزالها في التأميم والتخطيط المركزي والتصنيع. هذا البناء الذي سيتم، في هذا المنظور، من فوق بواسطة جهاز الدولة الذي يتحكم فيه الحزب الذي اعتبر أنه يمثل مصالح الطبقة العاملة.
كل ذلك وغيره سيؤدي إلى انحرافات داخل الحزب والدولة أدت إلى تراجع دور الطبقة العاملة داخلهما لفائدة بيروقراطية (النومنكلاتورا) تحكمت عمليا في وسائل الإنتاج المملوكة إسميا وشكليا للدولة وحولتها من بعد إلى ملكية خاصة.
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
عبد الله الحريف - مناضل تقدمي وحدوي وقيادي في النهج الديمقراطي المغربي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: السيرورات الثورية في العالم العربي، أسباب الفشل المؤقت ومتطلبات النهوض. / عبد الله الحريف
|
|
لارسال هذا
التعليق الى شبكات
التواصل الاجتماعية
الفيسبوك، التويتر ...... الخ
نرجو النقر أدناه
|
تعليقات
الفيسبوك
|
|
|
المزيد.....
-
لماذا يكره الاخوان المسلمين السعودية ويحبون تركيا ؟!!
/ أحمد فاروق عباس
-
الوعي بين النفس والوجود (1)
/ علي محمد اليوسف
-
السنغال – ظروف وآفاق فَوْز حزب -باستيف- المُعارض
/ الطاهر المعز
-
رسالتان لحكومات العالم :
/ عزيز الخزرجي
-
سيناريو اليوم المشؤوم
/ كاظم فنجان الحمامي
-
تحويل غزة إلى أرض غير صالحة للسكن للأجيال المقبلة ( الأرض ال
...
/ علي ابوحبله
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
دراسة: الجلوس لوقت طويل مرتبط بأمراض القلب حتى لو مارست الري
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
المزيد.....
|