|
رد الى: سباعي محماد - عبد السلام أديب
- رد الى: سباعي محماد
|
العدد: 574530
|
عبد السلام أديب
|
2014 / 10 / 3 - 00:36 التحكم: الكاتب-ة
|
شكرا للرفيق سباعي محماد على اثارته لهذه الاشكالية الذي تشغل بال كافة البروليتاريين والحركة العمالية ككل. لا أختلف كثيرا عن ما تفضلت بتقديمه وليس لدي الكثير مما أضيفه هنا سوى التذكير ببعض المبادئ العامة في مجال التنظيم العمالي ودلالاتها، استقيها من تجاربي العملية ومن قراءاتي لتجارب وافكار الحركة العمالية العالمية. إن أي تنظيم عمالي ينطلق في اعتقادي من مبادئ أساسية يأتي في مقدمتها الوضوح الايديولوجي والسياسي ومخطط تنظيمي لبلورة الخط الايديولوجي والسياسي. وبطبيعة الحال فان الحديث عن تنظيم عمالي يعني الانطلاق من فكر الطبقة العاملة المستقل والذي ساهم في بلورته وتكوينه كبار الثوريين البروليتاريين عبر سيرورة طويلة نسبيا تنطلق من أواخل القرن الثامن عشر، والتي تجمعت في اطار أفكار وتجارب كل من ماركس وانجلز ولينين وهو ما أصطلح عليه بالماركسية اللينينية باضافة بعض التجارب الاشتراكية الناجحة نسبيا كالتجربة الاشتراكية تحت قيادة ستالين وكالتجربة الثورية في اتجاه الاشتراكية تحت قيادة ماو تسيتونغ. وهذا دون اهمال المساهمات الفكرية والعملية لروزا لوكسمبورغ الثائرة الالمانية. إذن فالتنظيم العمالي عليه أن يرتكز في اعتقادي على الماركسية اللينينية كقاعدة ايديولوجية للتنظيم، وأن يسهر على وضع برنامج سياسي واضح والعمل بالتالي من خلال آليات التنظيم على التطبيق العملي للخط السياسي. في المستوى الثاني من مبادئ التنظيم الأساسية هناك المركزية الديموقراطية، ففي ظل الامبريالية وانحطاط نمط الانتاج الرأسمالي باتت الحركة العمالية تواجه عدوا فائق التنظيم، ومن أجل احراز الانتصار على هذا العدو الطبقي، فإن البروليتاريا في حاجة الى منظمة سياسية لقيادة الصراع الطبقي حتى في ظل الظروف الأكثر صعوبة من حيث القمع السياسي. لكن كفاءة المنظمة العمالية لاحراز الانتصار على التحالف الطبقي الحاكم وعلى الامبريالية تنطلق من عدالة ايديولوجيتها وخطها السياسي وأيضا على صرامتها التنظيمية. فمن أجل تحقيق وحدة وانسجام التنظيم العمالي يفترض بشكل مسبق تحقيق وحدة الآراء حول القضايا الايديولوجية والسياسية الأساسية. وتعتبر هذه الوحدة في الآراء هي قاعدة عمل المنظمة. وهو عمل مخطط منضبط ووحدوي للمنظمة يتطلب روح المبادرة وحركية أعضاء التنظيم، المرتبطين بالتعليمات المتفق عليها مركزيا وبالانضباط الواجب بالنسبة لجميع الأعضاء. فالمركزية الديموقراطية تشكل هنا المبدأ التنظيمي للمنظمة العمالية ومن خلالها تحقق اهدافها.
لقد عرض لينين وطور المركزية الديموقراطية في اطار نضاله ضد الإ قتصادوية ثم بعد ذلك خلال وبعد المؤتمر الثاني للحزب البلشفي سنة 1903 في اطار نضاله ضد انتهازية المناشفة وتروتسكي حول قضايا التنظيم(أنظر كتاب لينين خطوتان الى الوراء وخطوة الى الامام). كما اعتمد ماو تسيتونغ على النظرية الماركسية اللينينية في بناء الحزب الشيوعي الصيني على أساس المركزية الديموقراطية. وفي هذا السياق، ربط بشكل وثيق مبدأ المركزية الديموقراطية بالدياليكتيك وبنظرية المعرفة المادية، فساهم بذلك في التطبيق العملي للماركسية اللينينية من خلال فهمه العميق وتجسيده لها. وبعد انتصار الثورة البروليتاريا في روسيا سنة 1917، اكتسبت المركزية الديموقراطية أيضا أهمية كبرى، لأن دولة ديكتاتورية البروليتاريا، تم تنظيمها أيضا على أساس هذا المبدأ.. وبعد تحليل علمي، ديالكتيكي، للتجارب التاريخية، بلور ماو تسيتونغ نظرية متابعة الثورة تحت ديكتاتورية البروليتاريا ورأي في انجازها وسيلة أساسية لتعزيز ديكتاتورية البروليتاريا. ولمتابعة الثورة، كان من الضروري تطوير المركزية الديموقراطية للجماهير الواسعة وأيضا إعطاء المسار الحر للديموقراطية البروليتارية ولنقد الجماهير من الأسفل الى الأعلى في اطار الانضباط الاشتراكي. لقد كان ذلك وسيلة من أجل قلب البيروقراطية وتوقع من خلال الثورة الثقافية عودة الرأسمالية للصين، نظرا للتناقض الحاصل بين محاولة تطبيق الفكر الماركسي اللينيني المتقدم جدا في مجتمع طبقي متخلف منقسم بين العديد من الايديولوجيات الطبقية التي تغذيها الامبريالية المحيطة بالصين آنذاك. لقد أثبت مبدأ المركزية الديموقراطية العمالية نجاعته الفكرية والعملية وعدم قدرة أي تنظيم عمالي على الاستمرار والتوسع بدون فهمه وتجسيده. فالمركزية الديموقراطية تشكل قاعدة البناء التنظيمي للمنظمة العمالية. كما أن المركزية الديموقراطية هي وحدة دياليكتيكية للديموقراطية وللمركزية، وللحرية وللانضباط. فالديموقراطية والحرية لا يجب أن يعتبرا في اطلاقهما، منفصلان عن المركزية والانضباط، ذلك لأنهما ليسا هدفا بحد ذاته، وإنما وسيلة لتقوية المنظمة وإذن فرض مصالح الطبقة البروليتارية. ففي التنظيم العمالي، لا يجب فقط أن تكون هناك ديموقراطية، وإنما أيضا مركزية. ولا يجب أن تكون هناك مركزية بدون ديموقراطية، لأن ذلك يعني السقوط في انتهازية اليسار. لكن بدون مركزية، تفقد الديموقراطية معناها. فديموقراطية عندما تكون وحيدة الإتجاه ومدفوعة الى أقصاها بدون مركزية فتعني الانتهازية اليمينية ولا تؤدي تؤدي بالتالي إلى الوحدة في الرؤى الايديولوجية والتنظيمية المنشودة. فالتنظيم العمالي سيتدهور نحو مجرد حلقة نقاش؛ وستكون النتيجة هي تشتت وتفكك المنظمة. إفعندما ترتبط الديموقراطية بالمركزية هناك فقط يمكن أن تتحقق الوحدة الإيديولوجية والسياسية والتنظيمية، والعمل الموحد. لأجل ذلك في بعض الحالات وفي بعض الظروف، تصبح المركزية أكثر أهمية من الديموقراطية. وفي هذا الصدد يشير ماوتسيتونغ الى اهمية المركزية في خطابه لسنة 1962، أنظر المجلد الثالث الصفحة 45: -ماذا نعني بالمركزية؟ إنها قبل كل شيء مركزية الأفكار الصحيحة. فعلى هذه القاعدة، نوحد الرؤى، والاجراءات السياسية، والمخططات، والقيادة والعمل؛ وهو ما نسميه بالوحدة عبر المركزية-. وتستند المركزية الديموقراطية على نظرية المعرفة الماركسية اللينينية. فهي ديموقراطية لأن التجارب العملية لأعضاء المنظمة العمالية وتجارب الحركة العمالية العالمية تشكل قاعدة عمل المنظمة العمالية بكاملها. ثم إنها مركزية لأن التجارب العملية المعزولة، وفي جزء كبير منها غير ميكانيكية، فأعضاء التنظيم العمالي لا يتحولون تلقائيا الى خط صحيح والى عمل وحيد، وإنما بعد أن يتم تركيزهم وبشكل مركزي، يجب أن يتبلوروا في خط وحيد بالارتباط مع التجارب العالمية. المعارف التي يتملكها الأعضاء في بداية أنشطتهم السياسية تقوم أساسا على وعيهم الحسي. لكنها تبقى مجرد معارف جزئية مكتسبة في التطبيق من طرف مختلف الأعضاء، الذين ليسوا مرتبطين بالتجارب العامة للحركة العمالية في العالم أجمع، بمعنى مع النظرية الماركسية اللينينية. فمهمة الدوائر التنظيمية تتمثل أولا في دراسة ومعالجة عميقة ونقدية للمعارف الجزئية للأعضاء، ثم منهجة مختلف الآراء وتلخيص التجارب النوعية؛ ثم ثانيا بربط هذه المعارف الجزئية بالتجارب العامة عبر تنظيم تكوينات ودراسات جماعية وبشكل ديداكتيكي. من هنا، تحدث قفزة نوعية وتتحول المعرفة الحسية المتوفرة في البداية الى معرفة علمية تعكس العلاقة الدياليكتيكية بين التجارب المجمعة في التطبيق والتجارب العامة. لكن عملية المعرفة لا تتوقف هنا، بل يعتبر التطبيق العملي هو معيار الحقيقة. لذلك فإن القرار السياسي يجب أن يتم تبريره وأن يفسر أمام اعضاء التنظيم العمالي حتى يفهموا طبيعته ويتمكنوا من تطبيقه. (نفس الشيء ينطبق على التوجيهات، والخطط، والمناهج، الخ..). وخلال تفعيل القرار (انجاز المخطط الخ.) بحيث تحدث قفزة ثانية أكثر أهمية من الأولى، قفزة المعرفة العلمية نحو التطبيق الثوري. هنا فقط، أثناء تنفيذ القرار، وأن صحته يتم افتحاصها أثناء التطبيق. حينذاك تصبح سيرورة المعرفة منتهية. ومن أجل تلخيص تجارب الأعضاء عند تنفيذ القرارات، فان الدوائر التنظيمية يجب أن تسهر على اجراء مراقبة منهجية على تنفيذ القرارات. فبهذه الطريقة فقط يمكن التأكد من ما إذا كان القرار صائبا أو لا. وإذا تبين خلال مراقبة التنفيذ، أن قرارا غير كافي أو أحادي الاتجاه، أو أنه لا يقدم جوابا على الأوضاع القائمة، فيجب اتخاذ قرار آخر أو تحسين القرار القديم، علما بأن التجارب الجديدة المكتسبة عند التنفيذ يشكل قاعدة للتعديل. وبعد إنجاز القرار الذي تم تحسينه (أو التوجيه، أو المخطط، الخ...)، فإن التجارب يجب تلخيصها من جديد. وبعد ذلك، يصبح القرار محسنا. إن الأوضاع السياسية ليست شيئا ثابتا. بل هي في تطور وتحول متواصل. ومعها تتطور أيضا التجارب التطبيقية لأعضاء المنظمة العمالية ومن هنا تتزايد معرفة الدوائر السياسية للتنظيم. فهذه المعارف لا تعرف نهاية. فمركزة الآراء، والتنفيذ التطبيقي للقرارات، وتجميع المعارف الجديدة المكتسبة عند تنفيذ وتحسين القرارات، والتنفيذ التطبيقي للقرارات التي تم تحسينها، الخ.، كل هذا يشكل عملية دورية من المعارف لا حدود لها، لولبية، وفي كل عملية معرفية معزولة، فإن القرارات، والمخططات، والتوجيهات والنظريات تصبح أكثر صحة، وأكثر اكتمالا وأكثر ملموسة. ولبلوغ وحدة الحركة لدى أعضاء المنظمة العمالية، فإن الاقتناع بصحة الخط وضرورة التطبيق لا تكفي؛ فالقناعة يجب أن تكتمل بالانضباط الوحدوي لجميع أعضاء التنظيم العمالي حيث: يجب أن تخضع المنظمة بكاملها للانضباط الوحدوي: وخضوع الفرد للمنظمة؛ وخضوع الأقلية للأغلبية؛ وخضوع المستويات الدنيا للمستويات العليا؛ وخضوع المنظمة بكاملها الى الادارة المركزية.
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
عبد السلام أديب - باحث يساري ومناضل نقابي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: نمط انتاج رأسمالي في مفترق الطرق: الاشتراكية أم البربرية؟ / عبد السلام أديب
|
|
لارسال هذا
التعليق الى شبكات
التواصل الاجتماعية
الفيسبوك، التويتر ...... الخ
نرجو النقر أدناه
|
تعليقات
الفيسبوك
|
|
|
المزيد.....
-
لماذا يكره الاخوان المسلمين السعودية ويحبون تركيا ؟!!
/ أحمد فاروق عباس
-
الوعي بين النفس والوجود (1)
/ علي محمد اليوسف
-
السنغال – ظروف وآفاق فَوْز حزب -باستيف- المُعارض
/ الطاهر المعز
-
رسالتان لحكومات العالم :
/ عزيز الخزرجي
-
سيناريو اليوم المشؤوم
/ كاظم فنجان الحمامي
-
تحويل غزة إلى أرض غير صالحة للسكن للأجيال المقبلة ( الأرض ال
...
/ علي ابوحبله
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
دراسة: الجلوس لوقت طويل مرتبط بأمراض القلب حتى لو مارست الري
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
المزيد.....
|