|
المادة -المادية- 5 - جواد البشيتي
- المادة -المادية- 5
|
العدد: 415469
|
جواد البشيتي
|
2012 / 9 / 20 - 10:15 التحكم: الكاتب-ة
|
-الجسم-، أو -الجسيم-، وعلى استحالة نفيه -واقعياً-، على ما أرى وأعتقد، نُفِيَ (ولو جزئياً) نظرياً؛ فثمَّة فيزيائيون وكوزمولوجيون توفَّروا على إنشاء وتطوير نظريات مؤدَّاها أنَّ -فناء الحجم- هو أمْرٌ ممكن، وحتمي، فيزيائياً وواقعياً، فـ -النقطة (Singularity)- من -الثقب الأسود- Black Hole، هي -شيء- يُمثِّل -الكثافة المُطْلَقة-؛ لأنَّه اجتماع -الكتلة-، أكانت من الكِبَر بمكان أم من الصِّغَر بمكان، و-فناء الحجم-. لكنَّهم جعلوا هذه -النقطة (عديمة الحجم، مُطْلَقَة الكثافة)- جزءاً من كُلٍّ؛ وجعلوا لهذا -الكُلِّ-، وهو -الثقب الأسود-، -حجماً-. لقد تخيَّلوه (نظرياً) جسماً كروياً، له -مركز-، هو تلك -النقطة-، وله -سطح (افتراضي، رياضي)-، يسمَّى -أُفْق الحدث- Event Horizon، وله، من ثمَّ، -نصف قطر (Schwarzschild radius)-. و-نصف القطر- هذا يمتدُّ (من -النقطة المركزية- إلى -السَّطح-) في -فضاء خالصٍ خالٍ- Empty Space. في -النقطة المركزية-، والتي هي جزء من -الثقب الأسود-، -أعْدموا- الحجم، أي المكان بأبعاده الثلاثة؛ لكنَّهم، في -الكُلِّ- أبقوا عليه، مُدْخلين فيه خاصِّية عجيبة هي -قابليته لنُمُوٍّ لا نهائي-؛ فحجم، أو نصف قطر، -الثقب الأسود- يمكن أنْ ينمو نُمُوَّاً لا نهاية (ولا سَقْف) له من خلال استمراره في التهام -المادة-؛ فإنَّ كل -مادة- يلتهمها تُنَمِّي كتلة -النقطة المركزية (عديمة الحجم، مُطْلَقَة الكثافة)-، فيَنْمو حجم، أو نصف قطر، -الثقب الأسود-. وهذا إنَّما يعني نظرياً، أي في نظريات -نجح- أصحابها في الانتقال من -الخيال العلمي- إلى -العلم الخيالي-، أنَّ كل المادة في الكون يمكن إدخالها في -النقطة المركزية (Singularity)- لـ -ثقب أسود- في منتهى الصِّغَر، كتلةً وحجماً، فيصبح، من ثمَّ، -الثقب الأسود- الأضخم، كتلةً وحجماً، أي أنَّه يظلُّ، مع ذلك، مُحْتَفِظاً بماهيته وخواصِّه الجوهرية نفسها! حتى هذا -الحجم-، أو -نصف القطر (Schwarzschild radius)-، -أعدموه- في -النقطة الكونية-، أو -البيضة الكونية-، التي منها انبثق الكون، بحسب نظرية -الانفجار الكبير- Big Bang؛ فهذه -النقطة العجيبة (Singularity)- عُرِّيَت، في تلك النظرية، من -ثيابها-، أي من -السَّطح-، أو -أُفْق الحدث-، ومن -نصف القطر-، وجَعَلوا من تلك -التعرية- فَرْقاً جوهرياً -النقطة الكونية- و-النقطة المركزية- في -الثقب الأسود-. أمَّا -المُشْتَرَك- بين -النقطتين- من خواصَّ وسمات فأبقوا عليه؛ فكلتاهما تُمثِّل -الكثافة المُطْلَقَة-، و-المادة- التي فَنِيَ فيها -الحجم-، أو -المكان بأبعاده الثلاثة-، وفَنِيَ فيها، من ثمَّ، وحتماً، -البُعْد الرابع-، أي -الزمان-. ولكَ أنْ تتخيَّل، بعد ذلك، وإذا ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، تلك -النقطة الكونية-، بـ -مادتها غير المادية-، أي بمادتها -محدودة الكتلة (على عِظَمِها)-، -مُطْلَقَة الكثافة-، -عديمة الحجم-، -عديمة الجسمية (أو الجسمانية)-، و-عديمة المكان والزمان-. وإيَّاكَ أنْ تَقَع في -التناقض المنطقي- الذي وَقَعوا فيه إذ تصوَّروا -النقطة الكونية- على أنَّها (في إحدى خواصِّها الجوهرية) الانحناء المُطْلَق لـ -الزمكان (اجتماع واتِّحاد واندماج الزمان والمكان)- Spacetime؛ فهل من وجودٍ لـ -انحناء بلا مُنْحَنٍ-، أي بلا مكان وزمان؟! وإنَّ من السُّخْف بمكان أنْ يتصوَّروا تلك -النقطة- على أنَّها (وفي خاصية جوهرية أخرى لها) الجاذبية المُطْلَقَة؛ فلا وجود للجاذبية حيث يَنْعَدِم انحناء -الزمكان-؛ لانعدام -الزمكان- نفسه. جمهورٌ آخر من الفيزيائيين حارب -جسمية (أو جسيمية)-، أو -جسمانية-، المادة في طريقة (نظرية) مختلفة؛ فأنشأ وطوَّر نظرية -الخيوط (الأوتار)- The Superstring theory. هذا الجمهور رَفَض الاعتراف بـ -جسيم ديمقريطس-، أي -الجسيم الأوَّلي (البسيط، غير المُركَّب)-، كالإلكترون والكوارك، على أنَّه -أصْل- المادة، أو -أبجديتها-، متصوِّراً المادة، في مبتدأها، على أنَّها -خيوط-. نظرية -الخيوط- تَجْعَل -الجسيم الأوَّلي-، كالإلكترون، -غير أوَّلي-؛ فـ -المادة-، في مكوِّناتها الأولية والأساسية، تتألَّف، بحسب هذه النظرية، من -خيوط-، وليس من -جسيمات (أوَّلية)-. -الخيط (أو -الوتر-، أو -الشُّعيرة-)- هو أصغر جزء (على الإطلاق) من المادة؛ إنَّه متناهٍ في الصغر، طولاً؛ فـ -الخيط-، الموجود في حالة -اهتزاز- دائم، هو، لا -الجسيم الأوَّلي، الجزء الأصغر من المادة. و-الخيط-، من حيث -الماهية- و-النوع- هو واحد أحد، لا ينقسم، ولا يتجزَّأ؛ لأنَّه الجزء الأصغر (على الإطلاق) من المادة؛ لكنَّه -يهتز- في استمرار. -المُركَّبات- من المادة هي في أصلها -خيوط- تتَّصِل وتتَّحِد؛ وقد تتقطَّع وتتكسَّر وتتمزَّق صلاتها؛ وقد تعود -الخيوط- إلى الاتِّصال والاتِّحاد؛ وبحسب -اتِّصالها- و-انفصالها- و-اهتزازها-، تَكْتَسِب -الخيوط- خواص هذا الجسيم، أو ذاك، أو ذلك. حتى -الجسيمات عديمة الكتلة (أي عديمة كتلة السكون)-، كالفوتون، تتألَّف من -خيوط-. ولأسباب مختلفة، منها -الاهتزاز-، تتقطَّع وتتمزَّق وتتكسَّر الصِّلة بين -الخيوط-؛ لكَّنها (أي -الخيوط-) يمكن أن تعود إلى الاتِّصال والاتِّحاد، مكوِّنةً -مُركَّبات- جديدة من المادة. بفضل هذه النظرية (نظرية -الخيوط-) نتصوَّر -المادة-، في أصلها، ومبتدأها، وأبجديتها، على أنَّها -خيط-؛ لكنَّ هذا التصوُّر-، الذي قد يكون سليماً، يغدو خاطئاً إذا ما تصوَّرنا، أو صوَّروا لنا، -الخيط- على أنَّه مفهوم مضاد لمفهوم -الجسم (أو الجسيم)-، أو لمفهوم -الجسمية (أو الجسمانية، أو الجسيمانية)-، أو لمفهوم -الحجم-؛ فـ -الخيط-، ولو كان، أو لو صحَّ كونه، الجزء الأصغر (على الإطلاق) من المادة، -المهتز- دائماً، والذي هو نفسه، دائماً، من حيث -الماهية- و-النوع-، فليس ثمَّة ما يجيز تصوُّره على أنَّه مادة لا تتألَّف من أبعاد المكان الثلاثة (الطول والعرض والسُّمك). إنَّ المادة، ولو كانت -الخيط-، لا يمكن، ولا يجوز، تصوُّرها على أنَّها شيء فاقِدٌ ولو لبُعْدٍ واحدٍ من أبعاد المكان الثلاثة؛ فهي إمَّا أنْ تكون موجودة بهذه الأبعاد الثلاثة (غير القابلة للاجتزاء أبداً) وإمَّا ألاَّ تكون موجودة. و-الجسمية (أو الجسمانية، أو الجسيمانية)- هي -مبدأ وجود- لا تشذُّ عنه، ولا يمكنها أنْ تشذَّ عنه، حتى -الطاقة-، فـ -الطاقة-، والتي هي جزء لا يتجزَّأ من مفهوم -المادة-، لا تُنْقَل، ولا تُحْمَل، ولا تُشْحَن، عبر الفراغ، أو الفضاء، إلاَّ بـ -عربات- هي -جسيمات-، كجسيم الفوتون. إنَّ كل شيء في الكون (كل جسم، وكل جسم) له أربعة أبعاد متَّحِدة اتِّحاداً لا انفصام فيه، وهي -الطول- و-العرض- و-السُّمك- و-الزمن-؛ فالجسم، أو الجسيم؛ ولأنَّه -مادة-، ينبغي له أنْ يَشْغُل حيِّزاً (فضاءً، فراغاً) وأنْ يكون له، من ثمَّ، ثلاثة أبعاد مكانية، يتِّحِد معها اتِّحاداً لا انفصام فيه بُعْد -الزمن-. و-الأبعاد المكانية الثلاثة- هي ما يَجْعَل للجسم (أو الجسيم) حجماً؛ وهذا الحجم يمكن أنْ يزيد أو ينقص؛ لكنَّه مهما نَقَص لا يصل، ولا يمكن أنْ يصل، إلى -الصِّفْر- بمعناه الميتافيزيقي، فالحجم يتضاءل؛ لكن لا ينعدم. -العدد- الذي يُعبِّر عن الحجم يمكن أنْ يتضاءل، ويستمر في التضاؤل؛ لكنَّه مهما تضاءل لن يصل أبداً إلى -العدد الذي لا يُمْكِنه التضاؤل أكثر-؛ فإنَّ -تضاؤل العدد- غير قابِلٍ للنفاد؛ لأنَّ -المادة-، نوعاً وكمَّاً، غير قابلة للنفاد. وأحسب أنَّ الحاجة، فيزيائياً وكوزمولوجياً، تشتد إلى نَبْذ مفهومي -انعدام الحجم-، و-الكثافة المطلقة-، في -النقطة المركزية (Singularity) من -الثقب الأسود-.
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي
|
|
لارسال هذا
التعليق الى شبكات
التواصل الاجتماعية
الفيسبوك، التويتر ...... الخ
نرجو النقر أدناه
|
تعليقات
الفيسبوك
|
|
|
المزيد.....
-
الحركة الشعبية: وفاة البروفيسور خالد ياجي نقيب الأطباء السود
...
/ سعد محمد عبدالله
-
يحيى السماويّ وقصيدة (حين أضعْتُ الطريق الى بانكستاون)
/ عبد الستار نورعلي
-
الوسواس:بين الإكراه النفسي و التساؤل الفكري
/ فاطمة الزهراء بونسيف
-
قراءه في أهداف أبو مرزوق لطوفان حماس
/ سليم يونس الزريعي
-
خواطر : مقتل سلوان مموكا حارق القرآن !
/ نيسان سمو الهوزي
-
مترفون كلهم من حكم هذه الارض
/ صفاء علي حميد
المزيد.....
-
مصطفى شعبان بمسلسل -حكيم باشا- في رمضان
-
السعودية.. لقطة بين رونالدو وجماهير نادي الرائد تشعل تفاعلاً
...
-
مصر.. تفاعل مع جملة قالها أشرف بن شرقي عند إعلان انضمامه للأ
...
-
شاهد: أصدقاء وأقارب الأسيرة الإسرائيلية آغام بيرغر يحتفلون ب
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
المزيد.....
|