أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي - أرشيف التعليقات - مقالة توضيحية - جواد البشيتي










مقالة توضيحية - جواد البشيتي

- مقالة توضيحية
العدد: 415424
جواد البشيتي 2012 / 9 / 20 - 08:02
التحكم: الكاتب-ة


لأهمية معرفة ماهية الوعي، وكيف ينشأ، وصلته بـ -الواقع الموضوعي-، كَتَبْتُ الآتي:

-اللغة-، نشأةً وتطوُّراً، لا تَشُذُّ عن قانون -الحاجة هي أُمُّ الاختراع-؛ فـ -اللغة- اختراع اخترعه الإنسان (أيْ -الجماعة- من البشر) إذ اشتدت حاجته إليه.

هل -الوعي- هو الذي اخترع -اللغة-؟

القائلون بـ -المثالية-، وبـ -حُكْم الوعي للعالَم (حُكْماً أُوتوقراطياً مُطْلَقاً)-، يجيبون عن هذا السؤال، وعلى البديهة، قائلين إنَّ -الوعي- هو مُخْتَرِع -اللغة-.

لكن إجابتهم -المثالية- هذه تتمخَّض، ويجب أنْ تتمخَّض، عن سؤالٍ آخر، هو: -هل للوعي (الإنساني) من وجود قَبْل اختراع اللغة؟-.

كلاَّ، لا وجود له، ولا يُمْكنه أنْ يُوْجَد؛ فلا -وعي- بلا -لغة-.

إنَّني كثيراً ما سَمِعْتُ كاتِباً يقول (إذ استعصت عليه، واستغلقت، الكِتابة) إنَّ -الفكرة- موجودة في رأسي؛ لكنِّي لا أستطيع التعبير عنها.

كلاَّ، لا وجود لهذه الفكرة في رأسه؛ فإنَّ -الفكرة- التي لا يُمْكِنكَ (أبداً) التعبير عنها (ولو باللغة العامِّيَّة) هي فكرة لا وجود لها (أبداً) في رأسكَ؛ فالإنسان إنَّما يُفكِّر بـ -الكلمات-، أيْ بواسطتها؛ و-الفكرة- لا تَحْضُر في الذِّهن إلاَّ وهي مرتدية -كلمات-؛ فـ -اللغة- هي -وعاء الفكر-؛ فَمَنْ ضاق وعاؤه اللغوي، أيْ ضَعُفَت لغته، ضاق فكره، أيْ ضَعُف؛ فوسِّعْ وعاءكَ اللغوي (نَمِّ ثروتك اللفظية) يتَّسِع فكرك ويَثْرى؛ لكنَّ -الثروة اللفظية- كـ -الثروة المادية- لا نَفْع منها إذا لم يُحْسِن صاحبها -استثمارها-.

-مُخْتَرِع- اللغة، التي من دونها لا وجود لـ -الوعي-، إنَّما هو -العمل-، الذي هو -اجتماعي-، لا -فردي (شخصي)-، الطابع؛ فـ -الإنسان- لم يَظْهَر على سطح الأرض إلاَّ بصفة كونه -فَرْداً من جماعة-؛ إنَّه -مجتمعٌ (وكائنٌ اجتماعي)- مُذْ ظَهَر.

لقد زاوَلَت الجماعة البشرية البدائية -العمل-، أيْ تغيير -بيئتها الطبيعية- بما يلبِّي حاجاتها الأوَّلية (المأكل والملبس والمسكن والأمن). وقبل أنْ تَخْتَرِع -الأدوات (أدوات العمل)- استعملت -أدوات طبيعية-، أيْ مأخوذة من الطبيعة مباشِرَةً، كالحجر والعصا وعِظام الحيوان؛ ثمَّ أصبح هذا -الكائن الاجتماعي-، أيْ -الإنسان-، -صانع أدوات (للعمل)-.

ومع صُنْعِه -أدوات العمل-، وتَوسُّعِه في تغيير -بيئته الطبيعية-، وتأسيسه، من ثمَّ، لـ -البيئة الاصطناعية (أو الطبيعة الثانية)-، تَعاظَمَت -المَدارِك الحِسِّيَّة- للإنسان، ونما وتنوَّع مخزونه من -المعطيات الحِسِّيَّة-، أي ما تعطيه إيَّاه حواسه من أحاسيس مختلفة متنوِّعة.

-الطبيعة- نَمَّت في الإنسان من القوى والأعضاء والخواص ما جَعَلَه مؤهَّلاً لنشاطين متلازمين: -العمل- و-التفكير-.

وهذا -التأهيل الطبيعي- ظَهَر، على وجه الخصوص، في -يد- الإنسان، و-انتصاب قامته-، وفي -دماغه (عضو التفكير)-.

بفضل -اليد (الإنسانية البدائية)- أمْسَك الإنسان (مُنْتَصِب القامة انتصاباً بدائياً) بـ -أداة العمل (البدائية)-، فشرع يُغيِّر بها -بيئته الطبيعية-، خالِقاً -بيئة اصطناعية-، أو -طبيعة ثانية-.

وهذه -القدرة (الطبيعية) على العمل- اقتَرَنت، في الإنسان، بـ -قدرة (طبيعية) على التفكير-؛ فتفاعلتا.

-الطبيعة- لم تُنْتِج -وعياً-؛ لكنَّها أنْتَجَت -مادة في مقدورها التفكير-، وهي -الدماغ (البشري الحي)-. وهذه -المادة الخاصَّة (الدماغ البشري)- تتفاعَل مع -الطبيعة-، عَبْر -الحواس الخمس-، فتنشأ (وتنمو) المعرفة الحِسِّيَّة لدى الإنسان، وانطلاقاً منها تنشأ (وتنمو) المعرفة العقلية (المنطقية).

وفي -العمل-، وبه، اشتدَّت وتعاظَمت الحاجة لدى أفراد الجماعة البشرية البدائية إلى -أداة اتِّصال-، أيْ -لغة-. ولقد جاءت -اللغة (المنطوقة أوَّلاً)- من -اللغة الحيوانية البدائية (الأُم)-، والتي قوامها -الصَّوْت (بتنوُّعه واختلافه). و-الصَّوْت (على هيئة صيحة تحذير وإنذار)- اسْتُعْمِل لدرء المخاطر (التي مَصْدَرها الأهم وحوش مفترِسة) عن أمن الجماعة البشرية البدائية.

ومن -الصَّوْت الإنساني-، وبتنوُّعه، نشأت -الكلمات الأولى-؛ وكانت -أسماء الأشياء (التي تهمُّ الجماعة البشرية البدائية)- الجزء الأهم من تلك الكلمات (المنطوقة).

لقد اخترعوا (بتواضُعهم واتِّفاقهم) طائفة (شرعت تتَّسِع وتنمو) من -الأسماء الجامدة-، والتي هي أسماء سُمِّيت بها أشياء من قبيل -رَجُل-، و-امرأة-، و-طفل-، و-نار-، و-كلب-، و-نهر-، و-شجرة-، و-قمح-؛ فـ -العمل-، الذي خَلَق -المجتمع الإنساني-، وَلَّد ونمَّا -الحاجة إلى الاتِّصال اللغوي (الاتِّصال بكلمات وأسماء من طريق النُّطق، قبل اختراع الكتابة والأبجدية)-.

وعلى أساس -الكلمات (اللغة)- ينشأ وينمو وعي الإنسان منذ الطفولة؛ فبواسطة -الكلمات- نتبادل الأفكار؛ وأنتَ إذا كنتَ تُفكِّر في صمت فإنَّك تستعمل الكلمات؛ وعندما تتكلَّم مع نفسك، تُلْبِس أفكارك رداء الكلمات.

لكنَّ القول (-بواسطة الكلمات نتبادل الأفكار-) يحتاج (معناه) إلى شرح وتوضيح؛ فربَّما يُفْهَم ويُفسَّر بما يخدم أغراض ومقاصد -المثالية اللغوية-.

أصحاب التفسير المثالي لـ -اللغة- يقولون إنَّ -الفكرة المجرَّدة العارية من الكلمات (أي من -المادة-)- تكون موجودة في رأس الإنسان، في عقله وذهنه؛ لكنَّها تُنْقَل من صاحبها إلى إنسانٍ آخر -بواسطة- ما يشبه -عَرَبة-، أيْ -الكلمة-؛ فعلى مَتْن -الكلمات- تُنْقَل -الفكرة-.

كلاَّ، الأمر ليس كذلك؛ فـ -الكلمة (كل كلمة)- هي -حيِّز- مشغولٌ (مملوء) بـ -فكرة-؛ وليس ممكناً أبداً الفصل بين -الشاغِل- و-المشغول-؛ أمَّا -الفكرة المجرَّدة العارية من جِلْدِها اللغوي- فلا وجود لها أبداً في رأس الإنسان؛ فـ -الفكرة- إمَّا أنْ تَحضر -مرتدية- جِلْدها (الكلمات) وإمَّا أنْ تغيب.

واحسبُ أنَّ في مفهوم -القوَّة- Force في الفيزياء ما يَصْلُح لوصف الصِّلة بين -الكلمة- و-الفكرة-؛ فهذا الجسم (مثلاً) يؤثِّر بذاك، عن بَعْد، بواسطة -جسيم (عديم الكتلة)-، ينطلق منه، فيُصيب الآخر، حامِلاً فيه، أو على متنه، -التأثير-، أو -القوَّة-؛ وهذا النوع من الجسيمات يسمَّى -الجسيم الحامِل (الناقِل) للقوَّة (للتأثير)-.

و-الكلمة- كمثل هذا الجسيم، تنطلق من إنسان إلى آخر، حاملةً فيها، أو على متنها، -الفكرة (أيْ -القوَّة-، أو -التأثير-، في مثالنا الفيزيائي)-؛ وكما يستحيل الفصل بين -الجسيم (الحامِل)- و-التأثير (المحمول)- يستحيل الفصل بين -الكلمة (الحامِلة)- و-الفكرة (المحمولة)-.

وإنَّ من الأهمية بمكان أنْ نَنْظُر في -المعاجِم- لِنَقِف على التطوُّر التاريخي لمعنى الكلمة الواحدة؛ فانْظروا، مثلاً، إلى كلمتيِّ -أَنْف- و-ريح-.

المعنى الأقدم والأُم لكلمة -أَنْف- يدلُّ على -عضو (في الوجه)- هو -الأنْف-؛ ولَمَّا رأوا الإنسان -المُتَكبِّر- يَشْمَخ بأنْفِه استحدثوا كلمة -أنَفَه- ليدل معناها على العِزَّة والحَميَّة.

أمَّا -الرِّيح- فهي -الهواء إذا تحرَّك-؛ وكلمة -رَوْح- تؤدِّي معنى مشابهاً. ولَمَّا رأوا من علامات الموت علامة -عدم دخول هواء (أو ريح، أو رَوْح) إلى الرئتين، وعدم خروج هواء منهما- اسْتَحْدثوا كلمة -رُوح (أو نَفْس)-، وأعطوها معنى يشبه كثيراً معنى -الرِّيح-.

لقد استهلُّوا تأسيسهم للغة (البدائية) بكلمات أساسية، تُنْطْق نُطْقاً؛ وكانت -أسماء الأشياء (المهمة لهم)- هي جزءها الأهم.

لكنَّ -التسمية-، أو -صناعة الأسماء-، ليست بالأمر اليسير السَّهل؛ فإنَّ -المنطق- هو وحده الطريق إلى -التسمية-. إنَّ أفراد الجماعة البشرية البدائية لا يُمْكنهم التواضع والاتِّفاق على تسمية هذا الشيء -شجرة- إلاَّ بعد بَذْلِهم -جهداً ذهنياً مخصوصاً- يسمَّى -التجريد-؛ فَهْم ينبغي لهم أوَّلاً أنْ يعرفوا أنواعاً عدة من الشجَّر (برتقال وتُفَّاح وزيتون..). ثمَّ ينبغي لهم أنْ يُدْرِكوا -المُشْتَرَك- من الصفات والسمات والخواص بين أنواع الشَّجر التي يَعْرِفون.

وكَشْف، أو اكتشاف، هذا -المُشْتَرَك- ليس بالأمر الذي تُنْجِزه -الحواس-، وإنْ كانت -معطيات الحس- شرطاً أوَّلياً لإنجازه. إنَّ أمره يعود إلى -العقل-؛ فـ -العين الثالثة-، وهي كناية عن -العقل-، هي التي في مقدورها رؤية -المُشْتَرَك (وهو الجوهري والأساسي)- من الصفات والسمات والخواص بين أنواع الشَّجر جميعاً.

الحيوان لا يُدْرِك (وليس في مقدوره أنْ يُدْرِك) هذا -المُشْتَرَك-؛ لأنَّ -التجريد (الفكري)- هو خاصية -الدماغ البشري-، أيْ خاصية الإنسان الذي هو، بالضرورة، عضوٌ في جماعة من جنسه، يعيش بينهم ومعهم، ويعمل بالتعاون مع غيره من أعضائها، ويُعبِّر لهم عن -الأشياء (والأفكار)- بـ -كلمات (منطوقة؛ ثمَّ مكتوبة)-، أيْ بـ -لغة-.

وللتدليل على أهمية -القدرة على التجريد (الفكري)- أُجْرِيَت التجربة الآتية:

جيء بقرد، وعلَّمه الإنسان كيف يغرف (بمغرفة) ماء من برميل، ليُطْفئ ناراً.

ولَمَّا تعلَّم القرد، وَضَعوا له موزة، مُشْعلين حولها ناراً (فالموزة هي دافِعٌ قوي لقرد جائع).

وعلى مقربة من حلقة النار وَضَعوا له برميل الماء والمغرفة، فشرع القرد يغرف ماء من البرميل، ليُطْفئ به النار؛ فلمَّا أنجز هذه المهمة فاز بالموزة.

ثمَّ عُدِّلت التجربة؛ فالقرد وُضِعَ مع الموزة، التي حولها نار، ومع برميل الماء والمغرفة، فوق لوح خشب يطفو على سطح بركة.

تابِعْ نزولاً في موضع آخر.


للاطلاع على الموضوع والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي




لارسال هذا التعليق الى شبكات التواصل الاجتماعية الفيسبوك، التويتر ...... الخ نرجو النقر أدناه






تعليقات الفيسبوك














المزيد..... - نظام الملالي يسيرون بنفس طريق سلفهم نظام الشاه / سعاد عزيز
- التضامن العالمي مع فلسطين وكشف استغلال خامنئي للقضية الفلسطي ... / نظام مير محمدي
- تشطير أبيات في الغزل لابن رواحة الحموي من العصر المملوكي للش ... / عمر غصاب راشد
- علامات المجتمع الفاشل / شكري شيخاني
- مراثي خراب مندلي / احمد الحمد المندلاوي
- السرد الروائي من التاريخ إلى الاستشراف جدلية الزمن واللازمن ... / محمد عبدالله الخولي


المزيد..... - جامعة الدول العربية تشارك فى أعمال القمة الاسلامية بجامبيا
- انتابه الضحك.. رد فعل -ساخر- من مدرب بورنموث على إلغاء هدف ف ...
- بالفيديو.. لحظة انبثاق النار المقدسة في كنيسة القيامة
- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...
- شاهد: إنقاذ 87 مهاجراً من الغرق قبالة سواحل ليبيا ونقلهم إلى ...
- البطريرك كيريل يهنئ المؤمنين الأرثوذكس بعيد قيامة المسيح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: التَّصوُّر المادي للكون....والنَّظريات الكوزمولوجية الحديثة. / جواد البشيتي - أرشيف التعليقات - مقالة توضيحية - جواد البشيتي