|
رد الى: سيمون خوري - ياسين الحاج صالح
- رد الى: سيمون خوري
|
العدد: 160500
|
ياسين الحاج صالح
|
2010 / 9 / 7 - 15:23 التحكم: الكاتب-ة
|
شكرا أخ سيمون سأحاول أن تكون إجابتي مباشرة وموجزة على هذا السؤال الطويل المركب. لم أقل إن -أزمة المنطقة أولاً هي أزمة منتوج ثقافي إحادي أصاب كل التركيبة الذهنية للعقل في منطقتنا بالشلل-، ولا أعرف ما المقصود بعبارة أزمة منتوج ثقافي أحادي-. ولا أوافق تاليا على أن -أزمتنا ثقافية-. نعاني من أزمة ثقافية، بلى، لكنها أحد وجوه أزمة أوسع، أزمة تاريخية تطال اجتماعنا وسياستنا وحياتنا الدينية و.. ثقافتنا. لكن لا بأس عندي بالقول إن أزمتنا ثقافية على أن نوسع مدلول الثقافة ليعني الحضارة بالمعنى القوي والمعياري للكلمة، أي حين تعني الفاعلية البشرية المحرِّرة والمجددة لمباني الحياة ومعانيها. بهذا المعنى نحن في أزمة ثقافية، لم ننجح في تجديد نظمنا الحياتية، وانقلبت الدولة لدينا منذ أكثر من جيل إلى غول، ومثلها الدين، وكذلك الغرب في تعامله معنا. هذا يدل على تدني الفاعلية المؤنسنة والمعقلنة لثقافتنا. وإذا كان هذا صحيحا، فإننا نسلك دروبا مسدودة حين نستند إلى غولي الدين أو الغرب في مواجهة الدولة الغول، وإلى الغول الغربي والدولة الغول في مواجهة الغول الديني، وإلى غولي الدولة والدين في مواجهة الغول الغربي. هذا على المستوى الثقافي العريض، لكن يبدو لي أن على السياسة أن تضعه في بالها كخلفية، وإن كان لا يصلح دليلا لسياسة مباشرة. لست متحمسا لأية قوى دينية. لا حزب الله ولا حماس. الواقع أني أقرب إلى مخاصمتها، لكن لست على استعداد لمجاراة تشريرها أو اتخاذ موقف ديني مقلوب منها. ليست هذه القوى شرا مطلقا. إنها قوى سياسة ومشاريعها سياسية بالفعل كما تقول، لكن فيما عدا أنه ليست هناك أسوار صينية تفصل بين الديني والسياسي في مجتمعاتنا وفي جميع المجتمعات الأخرى، فإنه حين لا تجدي في مواجهة إسرائيل حروب الدول، ثم لا تجدي مقاومات المنظمات العلمانية، ثم لا تجدي التسويات السياسية و-عمليات السلام-، أي حين يكون لديك مشكلة لا حلول عقلانية لها، فإن الدين يكون المستقر الأمثل لمشكلة كهذه (أحيل إلى مقالتي: وجهان لدينامية الصراع العربي الإسرائيلي). وهو، أي الدين، يثبِّت امتناعها على الحل في الواقع. ومثل ذلك ينطبق على القوى الدينية التي تواجه النظم الدكتاتورية الحاكمة في بلداننا. لا المواجهة العسكرية تجدي معها، ولا السياسة، ولا المناشدات الإنسانية.. يعني جماعات بشرية واسعة أو مجتمعات بأكملها تعيش -على الحديدة- سياسيا، فلا تجد أمامها إلا الدين تسكن إليه وفيه. الدين هو سياسة الحديدة في رأيي. وهذا سيء لأننا نعالج مشكلة مستعصية بشيء غير مؤهل لمعالجتها. نحول الدين إلى سياسة وجيش وإيديولوجية... هذا منبع أساسي للتغول الديني. وبالطبع لا أنكر عليك أو على أحد نقد -القوى السياسية الحلال-، أظنك تعني الدينية، لكن إن كنت علمانيا فأنت مطالب أن تنتقدها وفق المعايير نفسها التي تنتقد بها أية قوى اجتماعية وسياسية أخرى. لا أقر بأية استثنائية دينية، وأرى أن مشكلاتنا تاريخية وقابلة لشرح عقلاني، يتوسل علوم التاريخ والاجتماع والسياسة والاقتصاد والجغرافيا والعلاقات الدولية والديمغرافيا والبيئة....وأننا نفقر أنفسنا بأنفسنا حين نستغني عن كل ذلك ولا نحتفظ بغير مفتاح واحد هو الدين أو العداء للدين. ليس الإسلام هو الحل، لكن ليس الإسلام هو المشكلة. لدينا مشكلة أو مشكلات دينية لكن القول إن الإسلام هو المشكلة قول إطلاقي انفعالي وغير عقلاني. وهو يسهم في تثبيت المركزية الدينية والاستثنائية الإسلامية، وليس له غير معادل سياسي نخبوي ودكتاتوري ويميني، وإن تحت راية الحداثة أو العلمانية. لا يمكن المبالغة في مقدار الأذى الذي ألحقته هذه اللوثة الثقافوية بثقافتنا المعاصرة. إنها تفكير عامي، طائفي غالبا، ينتحل لنفسه أوصاف الحداثة والعقلانية والعلمانية. هزلت فعلا. فإذا كان لليسار أن يجدد نفسه فأولا عبر نقد جذري لهذه الإيديولوجية وعبر الانفصال الكامل عنها. كسوري ومعارض، أنا ممن يعرفون جيدا كم أن -هناك حسابات سياسية أخرى خلف معارك الصمود والتصدي-، ولقد كتبت في ذلك مرارا. لكن هناك صراع حقيقي ومفروض ولم يخترعه الحكام على كثرة ما اخترعوا وكثرة ما أفسدوا. دعنا لا نحول إحباطنا وسوء حالنا إلى تشاؤم وعدمية، وإلى انقلاب على ذاتنا. هناك علامات وأعراض في تساؤلك عزيزي سيمون يمكن أن تبنى عليها أشياء قد لا تسرك. تتحفظ عن أن الغيلان الثلاثة -سبب مصائبنا (هذه لغة -نق- لا أستخدمها) ثم تبدأ بالتشكك في نقد الغرب والتشكك في الخوف منه؛ وترفض الحرب التي قد تقضي على آخر فلسطيني وآخر قومي عربي وآخر -طفل- إسرائيلي. طفل؟ كنت أظن أن في إسرائيل أناس غير الأطفال! أن من لديهم أسلحة نووية قادرة على محونا وسلاح طيران من الأقوى في العالم والمسنودين من مراكز القوة في هذا العالم ليسوا مجرد أطفال! ثم إنه لدينا أطفال نحن أيضا! ربما تذكر أن نحو 40% من ضحايا غزة قبل اقل من عامين كانوا أطفالا! ختاما يشخص الأخ سيمون لدي -خشية ...[من] قرع ناقوس الخطر بقوة أكبر-، ويقترح أن -نطرح الخوف من النقد جانبا-. لست باحثا عن بطولة، وعسى تكون السطور السابقة أظهرت أن الأمر لا يتعلق بخشية أو خوف (ليسا غائبين عن بالي عند تناول قضايا الدولة والدين)، بل بقراءة مغايرة لأحوالنا المعصرة.
للاطلاع على الموضوع
والتعليقات الأخرى انقر على الرابط أدناه:
ياسين الحاج صالح في حوار مفتوح مع القراء والقارئات حول : اليسار والإسلام و... اليمين / ياسين الحاج صالح
|
|
لارسال هذا
التعليق الى شبكات
التواصل الاجتماعية
الفيسبوك، التويتر ...... الخ
نرجو النقر أدناه
|
تعليقات
الفيسبوك
|
|
|
المزيد.....
-
توازن الثبات والإرادة المستديرة/ شعوب الجبوري - ت: من الألما
...
/ أكد الجبوري
-
كما لو أنها
/ بلقيس خالد
-
ترحب دولي بقرار الجنائية الدولية -باعتقال نتنياهو وغالانت-
/ سري القدوة
-
بِطاقةٌ حمَّالةٌ للقَهَر
/ علي الجنابي
-
كتابة التاريخ ليست مسألة إثبات أو طعن، بل هي أمانة علمية وأخ
...
/ ديار الهرمزي
-
أفكار في رسم خريطة طريق لحل استراتيجي لإشكالية الطائفية في ل
...
/ حسن خليل غريب
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
أعراض غريبة تعني إصابتك بفقر الدم.. اعرفها
-
برشلونة يتعثر على ملعب -بالايدوس- في الوقت القاتل
المزيد.....
|