|
سلاح الانقلابات
ساطع راجي
الحوار المتمدن-العدد: 1945 - 2007 / 6 / 13 - 13:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ ان اعلن عن نتائج الانتخابات الماضية في العراق انطلقت اشاعة عن وجود انقلاب قريب او خطة لأنقلاب تدعمها الولايات المتحدة بسبب التوجهات التي افرزتها الانتخابات ومن ثم بسبب المدة الطويلة التي استغرقتها حوارات تشكيل الحكومة، واخبار الانقلاب او التهديد به كانت تنطلق دائما من نفس النخبة، التي ادعت اكثر من مرة بوجود مؤيدين لخططها داخل الكتل السياسية الاخرى. هناك كثير من المبررات التي يمكن ان تساق لشرعنة التفكير في الانقلاب، ابتداء من المحاصصة وانتهاء بتردي الاداء الحكومي او تباطئه والفشل الامني، لكن الغريب ان الجهات التي تهدد بالانقلاب جزء من الحكومة والسلطة بمختلف هياكلها وبالتالي هي تتحمل جزءا من ذلك الفشل، وحتى المحاصصة سبق وان قبلت بها هذه الجهات وتعاملت معها وساهمت في تأسيسها بشكل او بآخر، كما انها ساهمت في كتابة الدستور ودعت الناخبين للموافقة عليه وهي عندما تهدد بالانقلاب تضع نفسها في مأزق محاولة الاطاحة بالدستور، كما ان محاولات تمرير فكرة الانقلاب تأتي دائما بنوع من التضارب، ففي الوقت الذي يعترض فيه الانقلابيون(المفترضون) على المحاصصة نراهم يؤكدون وجود دعم لمساعيهم من مختلف المكونات السياسية والاجتماعية العراقية، ما يعني ان هذه المكونات ستشترك جميعا في الحكم في حال حدوث الانقلاب وبدرجة متساوية من السلطة، لأن هناك اعتراض على التفرد بالسلطة في الحكومة الحالية بحسب تلك القوى، وهنا نعود الى موضوع المحاصصة الذي يمكن قلبه على جهة اخرى ليكون (المشاركة الواسعة)، وهذا المصطلح تستخدمه حكومة السيد المالكي لتصف به نفسها، اذن هي قضية نسبية في تحديد التوصيف لعلاقة المكونات السياسية بالسلطة، وسيستمر كل طرف بالادعاء بانه لا يملك سلطة كافية او متناسبة مع حجمه ودوره في تاريخ العراق. يأتي التهديد بالانقلابات دائما في سياق الاجماع الاقليمي على دعم ذلك الانقلاب كما يدعي مروجو الانقلاب، كما انه عادة ينطلق من قوى مقربة من البعثيين او لها تأريخ بعثي، ورغم انها قوى غالبا ما توصف بالوطنية والليبرالية الا انها تطرح مشروعها الانقلابي كنوع من المواجهة للطائفية ما يمنحها صفة العداء لهذا المكون او ذاك رغم انها تنتمي الى عدة مكونات، والنتيجة النهائية لكل هذه الاحداثيات ستكون، ان دعاة الانقلاب هم طلاب سلطة، وبالتحديد، سلطة مطلقة غير محددة بدستور او انتخابات والدليل الاقوى على ذلك هو امتناعهم عن حضور جلسات البرلمان الذي هم اعضاء فيه حتى قبل ان تنشب فيه اية اشكالية يمكنه بها تبرير امتناعهم او مقاطعتهم الابدية لجلسات البرلمان، وكأنهم بذلك يرفضون صفة تمثيل الشعب ولا يقبلون بغير وضعية صاحب القرار المطلق. الشيء المميز في فكر الانقلابيين الجدد هو انهم يتحدثون عن الانقلاب علنا بينما لايمكن ان يحدث الانقلاب الا في اجواء من التكتم والسرية، حتى انه يمكن للحكومة الحالية اثارة تحركات قضائية ضد مروجي فكرة الانقلاب بشكل او بآخر، لكن هذا الحديث العلني له موجهاته، منها ان الانقلابيين يريدون التأكيد على عجز الحكومة حتى عن ايقافهم، كما انهم يريدون الايحاء بوجود دعم امريكي لخططهم، لكن في الطرف المقابل هم مضطرون الى هذه العلنية بسبب متطلبات الشراكة الاقليمية والدولية التي عقدوها، فهم يمثلون الان ورقة للمناورة بيد تلك القوى للضغط على الحكومة العراقية من خلال الايحاء لها بوجود بديل سياسي جاهز ان هي تقاعست عن اجراء الاصلاحات المطلوبة. وبهذه الصيغة يطيح الانقلابيون الجدد باهم عناصر قوتهم، اي التأييد الشعبي ، فهم لا يعيدون تسويق فكرة الانقلابات ونتائجها المريرة ولكنهم ايضا يسلمون مصير العراق للصراعات الاقليمية والدولية، ليعود العراق الى الحلقة المفرغة/ الحروب بالوكالة. يعرض الانقلابيون قواعدهم التنظيمية والشعبية لمخاطر جمة عندما يهددون مصير القوى السياسية الاخرى وخاصة الموجودة في الحكم، كما انهم يعرضون كتلهم البرلمانية للتمزق بسبب مواقفهم غير المدروسة، خاصة عندما ينشطر العمل السياسي الى جزئين احدهما يتم تحت غطاء دستوري والاخر يتجه بالضد من الدستور، والغريب ان ايا من القوى الاقليمية او الدولية التي يدعي الانقلابيون انها تدعمهم لم تعلن عن ذلك الدعم صراحة كما انها تسير في تعاونها مع الحكومة العراقية الحالية تصاعديا وان بشكل بطيء ولكنه لا يختلف كثيرا عما كان عليه في فترة وجود رموز الانقلابيين الجدد في السلطة، واذا كان هؤلاء الانقلابيون يتوحدون في معارضتهم للحكومة الحالية ورفضهم غير العلني للدستور، فانهم في المقابل يختلفون حول امور كثيرة منها، الموقف من حزب البعث وقياداته السياسية والعسكرية، والموقف من الجماعات المسلحة التي توجه عملياتها ضد القوات العراقية والامريكية وضد المدنيين، وكذلك موقفهم من المشروع السياسي العراقي( الديمقراطي الفيدرالي) كما انهم من الواضح بلا خطة عمل، ويعانون من ضعف ولاء شركائهم السياسيين في البرلمان والحكومة، حيث تردد الانقلابيون في تنفيذ خططهم التمهيدية بسبب رفض ممثليهم في الحكومة لفكرة الانسحاب من العملية السياسية، وبذلك يفقد الانقلابيون مصادر قوتهم. لكن التهديد بالانقلاب انتج بعض الامور منها، رفع درجة القلق والاحتقان في الشارع العراقي وزيادة تمسك بعض القوى السياسية بمليشياتها بسبب التخوف من دعم امريكي محتمل للأنقلابيين في لحظة يأس، والاهم ان الانقلابيين نجحوا في تسويق انفسهم كبديل سيئ للحكومة الحالية، واجابوا عن سؤال كبير عمن كان يقف وراء تخبط نشاط المعارضة العراقية في الخارج.
#ساطع_راجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحديات جديدة
-
دور العشيرة …دور الدولة
-
مفارقات اسطنبول
-
العامل الأمريكي
المزيد.....
-
مقتل نحو 30 شخصا بحادث -مروع- بين حافلة ركاب وشاحنة في البرا
...
-
السفارة الروسية في البرتغال: السفارة البرتغالية في كييف تضرر
...
-
النرويج تشدد الإجراءات الأمنية بعد هجوم ماغديبورغ
-
مصر.. السيسي يكشف حجم الأموال التي تحتاج الدولة في السنة إلى
...
-
رئيس الوزراء الإسباني يجدد دعوته للاعتراف بدولة فلسطين
-
-كتائب القسام- تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري
-
السلطات في شرق ليبيا تدعو لإخلاء المنازل القريبة من مجاري ال
...
-
علامة غير عادية لأمراض القلب والأوعية الدموية
-
دراسة جديدة تظهر قدرة الحليب الخام على نقل فيروسات الإنفلونز
...
-
هجوم أوكراني بالمسيرات يستهدف مقاطعة أوريول الروسية
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|