أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد شهاب - السلطة والدولة














المزيد.....

السلطة والدولة


احمد شهاب

الحوار المتمدن-العدد: 588 - 2003 / 9 / 11 - 02:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تصب الأمة الاسلامية بمقتل مثلما أصيبت بسبب السياسة، لقد مثلت المسألة السياسية في تاريخنا الكلاسيكي والمعاصر مشكلة مزمنة لم تتوقف عند حدود فشل الممارسة السياسية، بل تعدت ذلك الى حد اجهاض كل المشاريع الحضارية في العالم الاسلامي، ونستطيع من خلال ما تراكم لدينا من قراءات ان نحصل على الكثير من أوجه االتعثر في تاريخنا وفي حياتنا المعاصرة سببه الرئيسي المسألة السياسية.


فقد سُلّ اول سيف في الاسلام بين المسلمين بسبب الخلافة، وانتهت امارة ثلاثة من الخلفاء الاربعة بعد النبي بالقتل، وقضى ثلاثة عشر من الخلفاء الامويين والعباسيين بالخلع والقتل بعد ذلك، اما الخلافة العثمانية فكانت ذات طابع خاص اذ يعمد الخليفة الى قتل جميع اخوانه او سجنهم في اقفاص في القصر حتى الموت او يخرج أحدهم من القفص ليصبح خليفة اذا دعت الحاجة لذلك، وفي سنة 1595 قتل السلطان محمد الثالث «تسعة عشر» أخا له واثنين من ابنائه حتى كادت الاسرة الحاكمة ان تنتهي بالكامل.


وبسبب رفض البيعة والاختلاف مع السلطة الحاكمة تم قتل الالاف من المسلمين، على رأسهم الامام الحسين بن علي واهل بيته في واقعة الطف المشهورة، كما تم تعذيب واعتقال مئات المخالفين لتيار السلطة، وينقل لنا التاريخ لحظة ان جمع «مسلم بن عقبة» الاسرى في يوم الحرة، وخطب فيهم: « قولوا ما نملكه خول ليزيد وله ان يقضي فينا كيف يشاء» فيصيح أحد الاسرى، ألسنا في الاسلام سواء؟؟ يسأل مسلم : ولمن هذا القول؟؟ خذوه جزوا رأسه.


أما في العصر الحديث فما زلنا نتذكر قسوة الدولة العربية، وما زالت بعضها تحتوي على اقبية تضم مئات سجناء الرأي منذ سنوات طويلة، وما نتابعه يوميا من اخبار وحوادث العراق أبلغ من اي حكمة، وهي قصص أقرب الى الخيال تلمسناها بصورة يومية وهي تحدث بالقرب منا.


إن العنف الذي تمارسه السلطة تولد نتيجة فشل مشروع الدولة اساسا في اغلب الفترات التاريخية وظل التفكير الاسلامي والعربي محصورا على مستوى تأسيس سلطة أشبه بالسلطة القبلية، وان اتخذت مسمى الدولة او حاولت ان تقوم مقامها.


نحن نفترض مثلا ان المجتمع عندما يختلف مع السلطة القائمة يطلب المزيد من الاصلاحات السياسية، وربما تتضاعف المسألة فيطالب برحيل السلطة، ونعتبر هذا حقا من حقوق الناس الاساسية لكن المشكلة في صلبها تتمثل في ان السلطة في عالمنا استولت على الدولة تماما وفرغتها من اي محتوى او مضمون، وانتجت حالة من الاشتباك بين السلطة والدولة بما لزم فناء الدولة في السلطة، كما خلقت حالة من التناقض بين الدولة والمجتمع بحيث صار مطلوبا في بعض الحالات حذف احد طرفيه.


وأصبح الحديث عن دولة لها شخصيتها الاعتبارية والمتمايزة عن السلطة القائمة ـ كما هو في الغرب ـ امر مبالغ فيه، فالدولة الاسلامية في تاريخها وحاضرها التهمتها السلطة وأخفت ملامحها تماما، بما يدعونا ـ لمن أرسلوا يستفسرون ـ الى اعتماد مفردة الدولة بصورة مساوية مع مفردة السلطة، فالدولة لدينا لا تمتلك شخصية اعتبارية بل هي منصهرة بصورة كاملة في السلطة.
تريد السلطة في مساعيها هذه الى التأكيد على ان الوطن ما هو الا اقطاع خاص لها، وان ما تقدمه للمواطن هو منحة ومساعدة وليس حقا اساسيا ومفروغا منه، ومقابل هدايا السلطة ينبغي على المواطن ان يقدم فروض الولاء والطاعةالمطلقة للدولة، واي نقد يوجد للسلطة يعد اخلالا في مبدأ المواطنة يستحق التعزير والعقاب.


إن سبيل الخروج من بؤس السياسة في عالمنا الاسلامي والعربي يكمن في مقدرتنا على التمييز بين الولاء للسلطة والولاء للوطن، فالوطن يبقى عزيزا في كل حال، بينما الدولة التي تعني السلطة ولا تنفك عنها يجب ان توضع تحت ميزان التقييم، وفي حال ما أحسنت يتم الثناء عليها، وفي حال ما أخلت بشروط الحكم والادارة يتم تقويمها، او لترحل غير مأسوف عليها.


على ان التجربة اثبتت ان حال الدولة لا يستقيم دون العمل على اعادة التوازن بينها وبين المجتمع، فالدولة العادلة تسعى لتفعيل اكبر قدر ممكن من المؤسسات الاهلية والمدنية وتشركها في ادارة البلاد، بينما تعمد الدولة الظالمة الى تجريم العمل الاهلي، وتقويض الادوار الاجتماعية والسياسية وصهر الوطن بكل مكوناته في قالب الدولة المستبدة، ولكن حين تفقد السياسة صلتها بالحكمة، تتحول الى قوة قهرية جبروتية، تحكم الوطن بقانون التعذيب والالغاء الذي يعكس رغبة عمياء في الاستيلاء والتفرد والرغبة في السيطرة.


* كاتب كويتي

 



#احمد_شهاب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جبروت الدولة
- الإبداع اجتهاد... فكم عدد المبدعين؟


المزيد.....




- لمكافحة الفيضانات في كنتاكي.. مالك يغرق مطعمه بالماء العذب ع ...
- -قمة القاهرة- تدعو لوقف إطلاق النار في غزة.. وتتمسك بـ-مظلة- ...
- مسيرات روسية تخترق دروع دبابة -أبرامز- الأمريكية
- تقرير يكشف شهادات لجنود إسرائيليين حول التدمير الممنهج لغزة ...
- ماكرون في الحسين… زيارة رئاسية بطابع شعبي في قلب القاهرة
- لحظة احتراق الصحفي أحمد منصور
- محكمة روسية تخفف عقوبة السجن بحق جندي أمريكي... إشارة أخرى ل ...
- لم يحدث منذ 1929.. رسوم ترامب تهز بورصات العالم
- ترامب يهدد باستخدام -الفيتو- ضد مشروع قانون التعريفات الجمرك ...
- المبعوث الأممي غير ‏بيدرسون: ناقشت مع الرئيس أحمد الشرع الان ...


المزيد.....

- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد شهاب - السلطة والدولة