أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمد سمير عبد السلام - المحظور و التمثيلي و العوالم الافتراضية .. عن الأنوثة في قصص ألبرتو مورافيا















المزيد.....

المحظور و التمثيلي و العوالم الافتراضية .. عن الأنوثة في قصص ألبرتو مورافيا


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 1935 - 2007 / 6 / 3 - 11:51
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


عندما تتحد الأنوثة ، بالحياة الخفية للسرد ، و طاقته الديناميكية تصيرالدوال المرتبطة بالنوازع الأنثوية في تناقضاتها ، و التباسها بالغرائز ، و الأساطير ، و النماذج البدائية ، في حالة إبداع لأداء افتراضي يقع في مواجهة السائد ، و الاجتماعي من داخل الوحدات الصغيرة الواقعية التي يتم تحويلها باستمرار إلى نماذج للمحاكاة الإبداعية التي تعيد تأويل الأنوثة في سياق مغاير . هذا السياق ذو طبيعة انشطارية ، و أخرى افتراضية يمكن من خلالها تأويل ما يسمى بالخصوصية الأنثوية ، في اندفاعها التلقائي باتجاه ما هو سردي ، أدائي ، ووجودي فيها ، مثل اندماج العين الحالمة بحياة المياه الأنثوية عند باشلار ، أما السمة الافتراضية فتبدوعندما تصير العوالم الجديدة حاملة للدلالات الثقافية للمدينة في تداخلها مع أحلام الطهارة المقدسة ، و التدمير الغريزي أحيانا ، و التردد إزاء الجنس ، بالإعلاء منه ، أو مقاومته كعلامة قد اكتسبت التعميم ، و هو ما نلاحظه في قصص الأديب الإيطالي ألبرتو مورافيا الصادرة عن هيئة الكتاب المصرية ، ترجمة : نهاد محرم ، إذ تتفاعل المرأة مع الأدوار المنتجة في المخيلة تفاعلا آنيا يحدد الأنثوي في خروجه المستمر عن المحظور ، من خلال ألعاب الصورة البديلة التي تحدث فاعلية تحريفية ، و انشطارا في الدور الأول المتوقع ، و الغائب في آن . و من ثم تتبلور علامات الأنوثة في التفاعل المستمر بين الذات الأنثوية ، و الآخر / التمثيلي / المتغير في السياق السردي ، و بهذا الصدد يشير رينيه جيرار إلى أن الشخصية في النصوص السردية تندفع إلى تكوين وساطة داخلية للآخر كنموذج ، تحاكيه من منطق الإعجاب ، ثم تقاومه ؛ لأنه في الوقت نفسه عائق للذات ، و ينافسها ( راجع / رينيه جيرار / الكذب الرومانتيكي / ت / إدريس الناقوري مجلة فصول م 12 ع 2 سنة 1993 ) .

هكذا يصير العالم الداخلي للمرأة مصدرا إنتاجيا للآخر ، يعيد خلقه في صورة تحمل دال الأنوثة دون أن تنتسب كليا لها ، بل تقاومها بديناميكية السرد لتبدل هويتها بإعادة خلق النماذج الأخرى ، و من ثم تبدو أفكار المرأة حول نفسها ، ووضعها الطبقي ملتبسة بالشخصيات الأخرى المضادة ، و المتداخلة ، و المتصارعة معا في الذات الأولى كفضاء للطاقات التمثيلية المقاومة للرتابة العامة ، و المحرم .
في نص ( محرومة من الغريزة ) يخرج دال الأنوثة عن الوعي ، و التحديد الإنساني له من قبل البطلة / المضيفة ، و كأنه طاقة مجردة ، تنقسم على النزعة الوظيفية من داخل أخيلة الانتشار المرح لممارسة الغريزة كعنصر ذاتي متكرر ، ووظيفي بانتسابه إلى خطاب البطلة . هكذا تتبدل الأنوثة بين الاحتجاب ، أو إعادة التعريف بالسلب / عدم الاستمرار في الإشباع ، و الانتشار المتجاوز للذات في أحلام المادة الأسطورية ، فالبطلة ترى استحالة وجود جذور للحب في حياتها ، لأن بإمكانها معايشة أكثر من تجربة حب في أماكن مختلفة من العالم ، حتى اشتهت رياضيا خجولا ، ثم بحارا جريئا يبالغ في الإقبال عليها لينهشها ، فتقاومه باندفاع المياه المنصبة من الدش ، و عقب الإشباع الجزئي المتخيل ، و المقاومة للحب في آن ، تصيح أمام المرآة : محرومة من الغريزة .
لقد ولد البحث فقدانا مستمرا ، و فراغا ، رغم انتشار صور الآخر في بنية النموذج الأنثوي الذي أنتجه الوعي ، مما يعزز الجانب التمثيلي المشهد السردي المنتظر وقوعه ، كأنه يدور في حلقة المادة الأسطورية / المجازية للأنثي الماء ، أو المرآة المجردة من التحديد ، كما يلتبس بالذكورة في تكرار التهيؤ مع ذعر القرصنة في البحر ، و ما تحمله من إمكانية السلب الأبوي ، فتنمو قوة الأنثى المحاربة القديمة ، مع استمرار البحث عن الحب ، و الاختلاط الحكائي التأويلي بغياب تموز ، و عودته في آن .
و في نص ( معدنية ) تدرك البطلة أنوثتها من خلال إضافة الحب لمهنتها كسكرتيرة ، فهو أحد آليات العمل الجامدة ، دون أرتباط أصلي ببنية العمل ، لكنه يبدو عملا أساسيا يستبدل مدلوله الأول ، و يحوله لحكاية متخيلة عن العمل ، لكنها تتحدث دائما باسمه ، و تؤسس لانتشار نموذج السكرتيرة الجديد ، لكنها تقاومه عندما ظنت أن زوجة رئيسها سكرتيرة أخرى ، فرفعت عليها المسدس كأنها تتهيأ لتدمر النموذج المقدس عن نفسها دائما بالسلاح المعدني الميكانيكي نفسه للممارسة الجنسية المضافة ، إذ كانت دائما ما تمدح جمالها المعدني الفريد .
ما المعدن ؟
هل هو خيال سردي عن الأنوثة ، يضعها في صلابة العمل ليمحو مدلوله الأول ، و يفجر الأنوثة خارج معدنيتها في اتجاه موقع لا يمكن تحديده أبدا ؟
لقد صار المعدن / الذات موقعا للانفجار الذاتي على حدود الأنوثة .
و في نص ( شهيرة ) تقاوم الممثلة الانتشار المزيف لصورتها ضمن آليات السوق ، فتحاول الخروج من التشيؤ ، و الوحدة المصاحبين لوضعها التجاري المهمش لرغباتها الإنسانية ، إنها تقاوم التشيؤ من خلال فعل عبثي ، هو الهروب من الصورة ؛ لأنه لا يمكن الهروب من عالم الصور المزيفة إلا من خلال سياق إبداعي بديل ، و خارج من الحدود الشخصية ، و الأفكار المرجعية عن الذات الأصلية ، لقد اصطدم نزوع البطلة نحو الهروب لصورة ما قبل سوق الميديا ، بنموذج حكائي مقدس كان قد صنعه لها أحد المعجبين ثم قاومه في وعيه بأن قتلها بعد أن ادعى أنه لا يعرفها ، و ذلك لتحتل صورته كقاتل موقع شهرتها .
لم نكن إذا أمام واقع بقدر ما هو تصادم جزئي تفكيكي لعالم الصور خارج إطارها المنير ، إنه حسد بدائي ذاتي داخل الممثلة للصورة المطلقة في اتجاه أصالة التطابق بين الإنسان ، و القوة الفارغة للصورة ، و لكن الصورة حاملة لهذا التدمير رغم انتشارها لأنها تنطوي على التشيؤ ، و تحفيز استبدالها بالفراغ / الآخر المحتمل لأن يضحي بنفسه كي يكتسب نموذج الصورة المدمر و المقدس في آن .
لقد جاءت الحقيقة التمثيلية الافتراضية لتبرز النتائج الجمالية الانحرافية للسوق ضد آلياته الشمولية ، أو امتلاكه للحقيقة . ماتت الممثلة على السرير ، هامسة بكلمات مؤثرة لتعلن غلبة التمثيلي – الواقعي ، و مقاومة الصورة من خلالها ، و قد صارت سياقا بديلا مظلما ، و حاملا لبهجة فوق أنوار الذات السابقة / الموذجية .
أما القاتل فقد بدا كممثل مجهول يحاول محاكاة الأنوثة المقدسة في وعيه ، رغم رغبته في محوها ، إنه يعلن ضمنيا انتصار الأنوثة على الذكر الذي يحسد الظهور ، و يستبدله بموقع المرأة .
و يكشف تبادل المواقع الحوارية بين البنت ، و أمها في نص ( لنلعب لعبة ) عن إعادة بناء النموذج المتخيل لرودلفو عشيق الأم / الغائب عن الحوار ، فهو قاس في حبه ، و لكنه أحد المفردات اليومية للبنت . لقد صارت خيالات رودلفو بديلا عن شخصه في لعبة تمثيلية انتهت بانتحار الأم على لسان البنت .
لقد كانت اللعبة تأويلا عبثيا للنوازع الغرائزية من خلال الأداء كتاريخ جديد يكشف التمثيل في الحدث ، و الوعي الجزئي المصاحب له ، و المتصادم ذاتيا بتغير موقع المتكلم .
و في نص ( اهتديت إلى ذاتي ) يبدو حديث المتكلمة عن نفسها مولدا للتو من أحدى حالات الأنا الجزئية ، و قد تحولت إلى قصة استباقية تقاوم سأم الحدود المتكرر لسياق المرأة اليومي . هذه القصة تولدت من حياة أخرى لصورة البستاني الشاب الذي يعمل في الحديقة المنزلية ، و قد تخيلت البطلة أنها تسجنه ثم تعذبه ، و تتحدث إليه من الخارج ، لكن هذا التحقيق البديل للذات ينحرف باتجاه حب أسطوري يختلط باستلاب الذكر ، و تغييبه ، و محاولة احتلال صورته المقدسة بداخلها ؛ أو هو ثورة ذاتية بإعلان الشذوذ ضد التعميم اليومي ، و الوضعيات المدنية بانقلابها خارج بنيتها .
إن تاريخ المرأة الجديد لم ينسب إليها ابتداء ؛ إذ أعاد البستاني ترتيب حكايتها في ثورة داخلية مضادة فقام بتمثيل السيناريو معكوسا ليعلن نهاية الفاعلية ، أو ارتدادها للفراغ لكنه الآن حكائي ، و يحتمل المشاركة التفاعلية لا الوظيفية .
و تخترق البطلة عالم الصور بقوة في قصة ( الحياة في التليفون ) ؛ فالعجوز المهددة بالمرض ، و الذبول تكتشف حداثة أصوات عشاق ابنتها ، و جمالها في التليفون ، و يتحول الصوت هنا إلى واقع فائق متكامل بحد ذاته ، يجسد الاختلاف ، و التفاعل في الفضاء دون أجساد ، و أماكن ، ووضعيات اجتماعية .
الصوت متمرد ، عاشق ، متلاش ، و هوائي مثل العجوز ، و الأخيلة ، و شخصي رغم غيابه ، ففي وعي المرأة صوت عار ، و آخر ولهان ، و آخر مطئن يحمل كل منها قصصا جزئية لا تنتهي .
محمد سمير عبد السلام- مصر



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمل ، و إبداع العالم
- الغياب في فضاء المحاكاة .. قراءة في فكر جان بودريار
- العبث ، و أحلام التجدد
- أحلام الأم المقدسة عند نوال السعداوي
- الأسئلة الارتدادية للفن
- القصيدة التفاعلية ، أو الامتداد الكوني للقصيدة - قراءة في لو ...
- صخور السماء .. أنشودة الجسد
- الأنا و تمثيل الآخر / الثقافي
- نشوة التجزؤ .. قراءة في حالات الروح
- كتابة أورهان باموك .. و خروج الهامشي من هامشيته
- أولية التحول في الفوتوغرافيا و الشعر ... قراءة في شجن ل .. ع ...
- جماليات الغياب .. قراءة في رشحات الحمراء ل .. جمال الغيطاني
- نجيب محفوظ ... وهج بدء متكرر
- تناثر المرآة و اللعب بالقصيدة .. قراءة في ديوان فوق كف امرأة ...
- طفرة الخروج ... التجاوز و التجديد في قصيدة النثر المعاصرة
- نهاية النموذج .. قراءة في كسبان حتة ل .. فؤاد قنديل
- الاستباق و التحول - التفاعل المعاصر بين التراث الثقافي و الع ...
- أرشيف الكتابة .. قراءة في ديوان النشيدة ل .. علاء عبد الهادي
- مقاومة الهامش في ديوان المدخل إلى علم الإهانة ل ..مهدي بندق
- العقل يتجاوز إطاره


المزيد.....




- بمكالمة فيديو ..ممرض مغربي ينقذ حياة امرأة حامل بتوليدها
- بوروشينكو يتهم زيلينسكي باغتصاب السلطة عبر تمديد الأحكام الع ...
- الأمم المتحدة: الاغتصاب يستخدم -سلاحا- في الحرب بالسودان
- في السودان.. نزوح 13 مليون شخص خلال عامين من الحرب
- شهيدة الإنقاذ.. وفاة الطبيبة المناضلة السودانية هنادي النور ...
- اغتصاب طفل/ة كل نصف ساعة في شرق الكونغو الديمقراطية?
- ميليندا غيتس تبلغ 60 عامًا الآن.. إليك نصيحتها للنساء في عمر ...
- دراسة تقدم حلاً واعداً للحفاظ على صحة العظام لدى النساء!
- سرّ جديد لتحسين الحياة الجنسية لدى النساء
- بريطانيا.. لقطات كاميرا مراقبة تكشف جريمة مرعبة لسائق سيارة ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمد سمير عبد السلام - المحظور و التمثيلي و العوالم الافتراضية .. عن الأنوثة في قصص ألبرتو مورافيا