قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 1930 - 2007 / 5 / 29 - 12:21
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أفترض أن المشاركين في الحوارات التي تبثها القنوات الفضائية العربية يمثلون النخبة في العقل العربي ، وإلا – وهذا افتراض آخر – لما انتقتهم هذه القنوات ليثقفوا الناس بقضايا سياسية واجتماعية تخص حياتهم ، وفكرية تنوّر عقولهم .
ومنذ سنوات وأنا – كالآخرين – أتابع هذه الحوارات في أكثر القنوات انشغالا بها ، لاسيما : الجزيرة والعربية والعالم والحرّة ، تناقش فيها قضايا خلافية . والخلاف يعني نزاع بين طرفين متضادين يهدف الى إبطال باطل أو إحقاق حق .
ولقد لفت انتباهي مسألة تحتاج الى تفسير ، هي أنني لم أجد بين العشرات من المتحاورين حالة واحدة يقول فيها المتحاور لنظيره : انك على صواب ، أو : أشكرك انك صححت عندي فكرة كنت أظنها العكس .
لا أحد يجرؤ على الاعتراف بأن رأي المقابل صحيح ورأيه خاطئ . ولا أحد يشكر الآخر أنه أفاده بفكرة جميلة مثلا ، أو نبهه الى ما كان غافلا عنه . بل تنتهي الحوارات الخلافية كما بدأت : لا يبطل فيها باطل ولا يحق فيها حق . وكثيرا ما تنتهي بالتسفيه والسب والشتم ، ولو كانت هنالك مساحة في الاستديو لتحولت الى حلبة ملاكمة .
والمسألة الغريبة الثانية ، أن المشاهدين لهذه الحوارات ( من غير الذين "يتونسون " عليها !) ينقسمون على فريقين : فريق مع هذا وفريق مع ذاك ، مع أن لا هذا ولا ذاك قد أبطل باطلا أو أحق حقا . وينامون على وسائدهم بين ارتياح للهازم ، وتأفف على المهزوم .. وتمنيّا لو كان مكانه للطم خصمه على وجهه! .
ولقد فكرت في الأمر مليّا ، فوجدت أن ما يجري هو من " علامات " الشيزوفرينيا !. ذلك أن المصاب بها اذا اعتقد بفكرة فأنه لن يتخلى عنها حتى لو أعطيته مال قارون ، لأنه يرى نفسه أنه هو العاقل وأنت المجنون . وكذا المتحاورون . فكل واحد منهم يدخل الاستديو وهو معبّأ نفسيا لأمرين : التخندق في موضع فكرته والدفاع عنها حتى لو كانت خاطئة ، والهجوم على الفكرة الخلافية للآخر وتفنيدها حتى لو كانت صحيحة .
وذهب بي تفكيري الى ما هو ابعد : مستقبل " خير أمّة " . فأوصلني الى أن حال مثقفيها اذا بقي على هذا الحال فأن ذلك لن يؤدي الى تراكم الأفكار ونمائها " داينمو الحضارة والعقل ". وأن البيئة العربية ستكون طاردة للمفكرين " الخلافيين " . وأنها في المحصلّة النهائية ستكون أكبر مشفى نفسي للعقلاء المجانين !.
أترى أن توقعي هذا منطقي ، أم أنني مثلهم ..أهذي ؟!.
أفيدونا .
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟