|
برلمان كردستان في مصيدة الصحافة الكردية
حسين باوه
الحوار المتمدن-العدد: 1925 - 2007 / 5 / 24 - 13:11
المحور:
القضية الكردية
صحيفة سبه ى ( الغد ) الكردية ’تجبر برلمان كردستان لبحث موضوع الفساد الإداري " الفساد المالي " هو اليوم من إحدى المصطلحات الشائعة والمتداولة في الأوساط الكردية في كردستان العراق ، سواء في الشارع الكردي ، أو في الصحافة الكردية ، أو داخل الأحزاب والمنظمات السياسية الكردية نفسها وعلى مستوى القاعدة بالذات ، والمقصود من ورائه هو الفساد المالي المنتشر داخل الوزارات الكردية وفي الدوائر والأجهزة التابعة لها وتحت أنظار الأحزاب المسيطرة على زمام الأمور في كردستان العراق وبعلمها .
فالكثيرون من الأعضاء القياديين داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني يعترفون بوجود وهيمنة هذه الظاهرة ، إلا أن إعترافهم بهذه الحقيقة هو في الغالب إعتراف جانبي وغير رسمي وبحيث لايقود إلى نتيجة . أما فيما يتعلق بالتصريحات الرسمية حول ظاهرة الفساد المالي هذه ، و لحد اليوم ، فقد ’ورد فقط تصريحان حول الموضوع أحدهما من قبل رئيس إقليم كردستان السيد مسعود البارزاني ( مع تأخير) والآخر من قبل رئيس الجمهورية السيد جلال الطالباني .
السيد مسعود البارزاني : على المسؤولين إختيارأحد الطريقين ، إما السياسة أو التجارة
أن تصريح السيد البارزاني هذا يفتقر إلى النية الكاملة لإتخاذ إجراءات من أجل القضاء على الفساد الإداري ، ويشكل في ذاته مجرد نداء أو بالأحرى مطالبة من بعض القياديين للكف عن مسألة التجارة ، وحيث أن الربح التجاري في كردستان اليوم يمكن تحقيقه في غمضة عين من خلال اللصوصية وسرقة أموال الشعب .
السيد جلال الطالباني : يتواجد في مدينة السليمانية فقط أكثر من ثلاثة ألاف مليونير
لقد صرح السيد الطالباني في مناسبات عديدة بقوله هذا . طبعا أن السيد الطالباني أراد هنا الإشارة إلى الرخاء الإقتصادي السائد في مدينة السليمانية . لكن الرخاء الإقتصادي يعني بالتالي إنعدام الفقر ، ولماذا لايشير السيد الطالباني إلى عشرات بل ومئات الألاف من أهل السليمانية الذين ’يعانون من الفقر وهم في وضع تحت مستوى المعيشة ؟
من دون شك أن الرخاء الإقتصادي في بلد ما يعقب في الغالب كنتيجة للرأس المال المنتج ، والرأس المال المنتج هو الرأس المال الذي يمكن تخصيصه وتوفيره في عملية الإنتاج التي تشمل وسائل وقوى الإنتاج ، أما فيما يتعلق بالتصريح المتلاحق للسيد جلال الطالباني حول تواجد مايقارب ثلاثة آلاف مليونير في مدينة السليمانية لوحدها فهذا لايدل على الرخاء السائد في كردستان العراق بل هو دليل على تواجد ما يقارب ثلاثة آلاف من اللصوص الذين إغتنوا على حساب أهل السليمانية وعلى حساب شعب كردستان ، هذا إذا إستثنينا البعض من أصحاب الملايين الذين إغتنوا بسبب تحكمهم في تحديد الأسعار في السوق الكردستاني وكنتيجة لفشل حكومة كردستان في تحديد سياسة إقتصادية لحماية المستهلكين ، وأن البعض من أصحاب الملايين هذه هم التجار والوكالات التجارية ( أي " ’كسالى المجتمع " كما سماهم كارل ماركس) الذين لعبوا دورا رئيسيا في تحطيم إقتصاد كردستان وخاصة الإقتصاد الزراعي ، بحيث أنه حتى الفواكه والخضروات ’تستورد من دول الجوار ، كتركية وإيران ، كما لو كان كردستان أرض صحراوي جاف ، أو كأن الأكراد مامارسوا قط مهنة الزراعة في حياتهم وعلى طول التاريخ .
ولو تركنا مجال السلع الإستهلاكية في كردستان اليوم والذي يعقب مرحلة التوزيع من قبل المستوردين جانبا ، حيث أن إنتاج هذه السلع الإستهلاكية مصدرها دول الجوار ، فلا يبقى لدينا في كردستان غير مؤسستين إحتكاريتين للمخابرات التلفونية أحدهما " آسيا " والآخر " كورك " . هل حقا أن الملايين التي تتراكم من خلال مؤسسات للمخابرة الهاتفية ك " آسيا " و" كورك " هي دلالة على الرخاء الإقتصادي السائد في كردستان أم هي دلالة على إستغلال شعب كردستان من قبل بعض المحتكرين ؟
ربما الآخرون على حق وصواب حين يفتخرون بتواجد ثلاثة آلاف من أصحاب الملايين في مدينة السليمانة التابعة لكردستان العراق كإشارة للرخاء الإقتصادي السائد في فيها ، ومن الممكن أن أكون أنا على خطأ ، ومن المحتمل أن البياض الذي يخيم على مدينة السليمانية في الصباح الباكر ليس ضبابا ، بل هو دخان المعامل والمصانع التي ’تشغل حتى في الليل من أجل زيادة الإنتاج ، طبعا من دون تواجد التيار الكهربائي أو الطاقة الكهربائية !!!
الإعلام الكردي والفساد المالي والإداري في كردستان : فيما يخص بمدى إهتمام الصحافة والإعلام الكردي بأمر الفساد المالي و الإداري في كردستان من الممكن تقسيم الكتاب الذين يكتبون في الشؤون الكردية كالآتي :
أولا : كتاب حكومة كردستان : و’يطلق عليهم بالكردية " جماعة مامه حه مه " أو "جماعة أشهد بالله " وهم أولئك الذين يكتبون مقالاتهم لا من أجل تنوير الرأي العام الكردستاني ، بل بغية إحداث إرتياح في ذاتهم الشخصي وفي ضميرهم اللامبالي من خلال المدح والثناء والتمجيد للقيادة الكردية وغمض العين عن أخطائها . وكل ماينتظره مثل هؤلاء الكتاب من خلال مقالاتهم هو الحصول على تزكية ومديح مقابل .
ثانيا : كتاب آخرون يرون أن مسألة الفساد المالي والإداري لايمكن معالجتها والقضاء عليها من خلال الكتابة ، بل من خلال إتخاذ الإجراءات الفعلية اللازمة من قبل المسؤولين الكبار في كردستان .
ثالثا : هنالك من لايريدون الكتابة حول هذا الموضوع بحجة أن الموضوع ليس من ضمن إختصاصهم ، لكونهم يكتبون حول مواضيع معينة لاعلاقة لها بهذا الموضوع.
رابعا : هنالك من يتخذ جانب السكوت أو الحياد تجنبا للمشاكل ولوم الأحزاب الكردية له .
خامسا : من بين الكتاب ، وخاصة من بين المتواجدين خارج كردستان ، ممن تتبعوا ظاهرة الفساد الإداري في كردستان عبر وسائل الإعلام وتبلورت لديهم القناعة بوجود هذه الظاهرة في شكلها العام ، لكن دون تواجد معلومات ودلائل ملموسة لديهم شخصيا.
سادسا : الكتاب الذين تطرقوا في مقالاتهم إلى موضوع الفسادالمال و الإداري في كردستان وبإستمرار ومنذ أعوام.
برلمان كردستان وظاهرة الفساد المالي والإداري : في كل الدول البرلمانية في العالم نرى أنه لافقط في برلمانات المقاطعات بل وحتى في المجلس الوطني يحاول عضوالبرلمان أن يكون ويبقى المعبر الرئيسي لآمال ناخبيه وطيلة بقاءه في الفترة التشريعية ، كما أنه يحاول ومن خلال المناقشات العلنية نقد وتقييم كل الإجرائات الوزارية أو الحكومية التي لاتتوافق مع مصالح الناخبين أو الشعب . أما في كردستان العراق فالآية هي معكوسة !!!
فالشعب الكردي ( أو الناخبين ) في كردستان العراق هوعلى علم تام بسيطرة الفساد المالي والإداري داخل أجهزة الإقليم رغم السكوت الذي أبداه أعضاء البرلمان أنفسهم حول الموضوع ولسنوات عديدة ، ومن باب الجبن .
بالأمس كتب الكثيرون ( النقطة السادسة أعلاه) و تطرقوا في مقالاتهم إلى موضوع الفساد المالي في كردستان وبإستمرار ، ومنذ أعوام ، لكن القيادة أو القيادات الكردية ( لعدم تأكدي من عدد القيادات الكردية المتواجدة ! ) تناست المسألة وتماهلتها ومنذ البدء ، وحاولت تصغير المسألة قدر الإمكان .
أما اليوم فنسمع فجأة الخبر التالي :
برلمان كردستان يبحث الفساد في مؤسسات الحكومة ( صوت العراق 17.5 ) :
وكالة (آكي) الايطالية للأنباء - بحث رئيس اللجنة القانونية في البرلمان الكردستاني، عوني البزاز، مع (التحالف الكردستاني ضد الفساد ) ، الهيئة التي تدعمها 25 من منظمات المجتمع المدني، مقترحات بشأن محاربة الإداري والمالي ونشر الوعي في المؤسسات بخطورة هذه الظاهرة، ودراسة تشريع قوانين إضافية بهدف القضاء عليها بعد انتشارها منذ سقوط نظام صدام. وكان عدد من البرلمانيين الكردستانيين قد تقدموا بمشروع قانون بعنوان "قانون الكسب غير المشروع" إلى رئاسة البرلمان لإدراجه ضمن جدول أعماله بغية دراسته من قبل اللجنة القانونية ثم عرضه على المناقشة البرلمانية تمهيدا لإصدار قانون خاص بمساءلة المسؤولين في الحكومة عن إيراداتهم ومداخيلهم.
إذن لقد آن الأوان لكي تتحول برلمان كردستان من "غرفة إستقبال " للوفود إلى ردهة ’تعالج فيها جراح شعب كردستان .
ماالذي دفع السيد عوني البزاز لبحث مقترحات بشأن محاربة الفساد المالي والإداري في إقليم كردستان وفي هذا الوقت بالذات ؟
لماذا ماإتخذ برلمان كردستان خطوة كهذه قبل عام أو عامين ؟ أو قبل أعوام ؟
ليست لكلمات المقالة فقط وقعها في نفسية ومخيلة القارئ ، بل ولشخصية الكاتب كذلك دور في الموضوع . فوقت الكتابة حول موضوع الفساد المالي والإداري هنالك فرق في القناعة بالفحوى وحسب شخصية الكاتب ومدى إلمامه بالموضوع . فمثلا هنالك فرق شاسع بين كاتب يعيش في أوروبا ويكتب حول ظاهرة الفساد المالي والإداري في كردستان وبين شخص كالسيد نوشيروان مصطفى والذي يعيش في صميم الموضوع .
نشرالدكتور نوشيروان مصطفى في العاشر من مايس مقالة في صحيفة سبه ى ( الغد ) الكردية تحت عنوان :
برلماننا : لمن ’يبدون إهتمامهم غير ذاتهم ؟ (ئه م بارله مانه ى ئيمه : له خه مى كى دان جكه له خويان ؟ )
وقصده هنا هو أعضاء البرلمان
الدكتور نوشيروان مصطفى هو عضو قيادي في الإتحاد الوطني الكردستاني والشخصية الثانية في الحزب بعد السيد جلال طالباني ، وله إلمام تام بمواضيع الساعة في كردستان العراق ومنذ عقود من الزمن وتعتبر مقالته هذه مواجهة وتحدي لأعضاء برلمان كردستان بسب فشلهم في تنفيذ الواجب الملقاة على عاتقهم من قبل شعب كردستان ، وإنعدام الجرأة الكاملة لديهم لمسائلة أعضاء السلطة التنفيذية ( حكومة كردستان ) حول ميزانية الإقليم ومصير سبعة ملايبين من الدولارات الأمريكية من ميزانية العراق التي ’خصصت لإقليم كردستان ، إضافة إلى ذكره لأنانيتهم الشخصية فيما يتعلق بمحاولاتهم من أجل ترفيع رواتبهم والحصول على الإمتيازات كقطع الأراضي والشقق والسيارات و الحصول على مصاريف السفر إلى الدول الأوروبية ومن دون مراعاة مأساة شعب كردستان ( أرجو قراءة مانشره الدكتور نوشيروان مصطفى في صحيفة " سبه ى " بتتبع العنوان المذكور في الختام ، ومقالته هي باللغة الكردية ورجائي من الإخوان العرب الذين ليس في إمكانهم القراءة باللغة الكردية المحاولة لفهم فحوى المقالة بصورة غير مباشرة وذلك بالإستعانة بالإخوة الأكراد ،لكي يقفوا على الحقيقة التالية : أن برلمان كردستان ماهو إلا واجهة لحكومة كردستان !!! )
بالأمس كتب الكثيرون حول الفساد المالي والإداري في كردستان العراق من دون أن يكسبوا أذنا صاغيا وأن نداء وتحذير هولاء الكتاب كان يماثل نداء وتحذير موسى لشعب إسرائيل ومن دون جدوى :
" إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم وإستغشوا ثيابهم و أصروا وإستكبروا استكبارا "
أما اليوم فلقد كان في إمكان شخص واحد فقط وهو الدكتور نوشيروان مصطفى ، ومن خلال مقالته المنشورة في صحيفة سبه ى الكردية ، أن ’يجبر برلمان كردستان على تبني موضوع الفساد المالي في كردستان وذلك خوفا من ردود الفعل الجماهيرية وعلى مستوى القاعدة بسبب المكانة السياسية التي يحتلها الدكتور نوشيروان داخل المجتمع الكردي .
كلنا أمل أن تتحول هذه المبادرة إلى مشروع لتأسيس معارضة منظمة خارج البرلمان تجمع شمل كادحي كردستان من أجل وضع نهاية لكل المؤسسات القائمة على أساس التبعية وسياسة المحسوبية.
وكل أملنا هو إنقاذ إنتخابات البرلمان في المستقبل من براثن " القائمة الحزبية الموجهة " و المكروهة ومنذ زمن , سواء على صعيد كردستان أو على صعيد العراق .
حول مقالة الدكتور نوشيروان مصطفى أرجو مراجعة :
http://www.sbeiy.com/news/NewsDetailmain.aspx?id=757
#حسين_باوه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مزقي يا إبنة العراق الحجابا !!! بمناسبة يوم المراة العالمي
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
-
الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ
...
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟
...
-
أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|