أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - السياسة أقوى من الحداثة أو الحكايات المختلقة















المزيد.....

السياسة أقوى من الحداثة أو الحكايات المختلقة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 583 - 2003 / 9 / 6 - 03:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أقبلت باهتمام على قراءة كتاب " السياسة أقوى من الحداثة " لمؤلفته دلال البزري  الصادر مؤخرا عن دار ميريت المصرية للنشر بعد أن قال لي بعض الأصدقاء " ده كتاب مهم قوى .. بس شوفه". وشفت الكتاب ( ثلاثمائة صفحة ) . وفيه تقدم المؤلفة ثماني عشرة شهادة أو حكاية يرويها أصحابها من المصريين من مختلف المهن والأعمار والاهتمامات . واعتبرت المؤلفة أن ما قدمته هو بحث سوسيولوجي للكيفية التي يتم بها استقبال عناصر الحداثة والتعامل معها سلبا أو إيجابا في مقابل التقليد . والحداثة عندها هي الفكرة أو السلوك أو النظام كمؤسسات أو الاتجاه الذي وجد  بتأثير من الغرب المعاصر أو بمحاكاة نماذجه . لكنها على حد قولها سرعان ما اكتشفت أن السياسة كانت العنصر الأقوى في الشهادات الثماني عشرة المعروضة . ولا توضح لنا المؤلفة ما الذي تقصده بالسياسة التي ظهر أنها الأقوى ،  كما أنها - أي المؤلفة -  أخفت الأسئلة التي اعتمدتها في حوارها مع أصحاب الشهادات . وبذلك فإننا نجد بين أيدينا مجموعة من الإجابات تبين لنا كيف تفكر شريحة ما من العقل المصري ، دون أن تكون لدينا استمارة بالأسئلة لكي نعرف كيف تفكر المؤلفة ، وعند أية أسئلة توقفت ، وأية استفسارات تخيرت ، ولماذا . وهكذا فإننا نستطيع أن نحكم على تصورات أصحاب الشهادات ، دون أن نتمكن من الحكم على تصورات المؤلفة ذاتها.

وتمثل طبيعة الأسئلة قضية رئيسية للغاية . وهذه الأسئلة بالذات أو تلك ، هي الحيلة التاريخية التي تعتمد عليها الاستفتاءات . وعلى سبيل المثال عندما يطرح استفتاء ما الأسئلة التالية : هل أنت مع الإرهاب ؟ هل أنت ضد الإرهاب ؟ هل تؤيد السلام ؟ ، فإن معد  الاستفتاء يكون بتلك الأسئلة قد حدد منذ البداية مسار القضية بتلك الأسئلة.  ما هي أسئلة دلال البزري التي وجهتها إلي من حاورتهم ؟ هذا سر لا يعلمه أحد . بملاحظة أن القارئ يشعر من الإجابات أن ثمة أسئلة واحدة تتكرر كالموقف من العولمة ، والحداثة ، وغير ذلك . وهكذا يجد القارئ نفسه – من الناحية المنهجية – في مواجهة مؤلف يتخفى ويخفي موقفه ، ويسعى لتعميم تصورات ومفاهيم محددة عبر أفكار و تصورات الآخرين بدمج كل شئ في حالة واحدة . أيضا فإن دلال البزري ، قامت من دون شك باختيار بعض الشهادات ، ولفظ بعضها الآخر ، بل وقامت أيضا باختيار مقاطع داخل الشهادات ولفظ مقاطع أخرى ، لتخدم مجموعة الشهادات تصورها الشخصي . يتضح ذلك في تكرار بعض العبارات بعينها عند شخصين لا يمت أحدهما للآخر بصلة ، لا اجتماعيا ولا ثقافيا ، كما حدث عندما  وصف أحد أصحاب الشهادات جمال عبد الناصر بأنه كان : " طويلا مثل باب الزريبة " ، ثم تكرر ذات الوصف على لسان شاهد آخر بشأن موضوع آخر تماما . أكانت تلك مصادفة ؟ . وعلى أية حال فإنك سرعان ما تكتشف أن مجموع الحكايات التي يفترض أنها حكايات مصرية معاصرة ، هي حكايات مؤلفة وإذا شئت مختلقة . والمحصلة النهائية لتلك الحكايات هي تسريب عدة مواقف من عدة قضايا ، بحيث تبدو تلك المواقف وكأنها جزء من الوعي الشعبي العام العفوي . وأول ما يصدم القارئ هنا هو تقديم صورة الشخصية المصرية من منظور منحط وبعيد عن الحقيقة . فليس ثمة شهادة واحدة  تخلو من البذاءة – رغم اختلاف الأشخاص وتباين مستويات تعليمهم وأوضاعهم الطبقية – وليس ثمة شخصية لا تستخدم أحقر الكلمات في وصف أي شئ وكل شئ ، وهو أمر غريب عن الشخصية المصرية التي تتسم بالأدب والصبر والمجاملة . ولابد لي حسب حكايات المؤلفة أن أصدق أن فلاحا اسمه  زاهر إسماعيل يقول : " ثورة يوليو طلعت سعد زغلول ابن ....؟ " . ولا تخلو شهادة من ألفاظ بذيئة ، وتضمنت شهادة زاهر هذا أربعا وعشرين سبة بالأم والأب والدين . أين يحدث هذا ؟ . ولو أنها كانت شهادة واحدة ، لكن كل الشهادات تمضى على هذا النحو بحيث تخرج بانطباع واحد : أن المصريين شعب من السفلة . وفي ذات الوقت لا تخلو شهادة من كراهية حادة للعالم والبشر لا يتسم بها المصريون . كما تحفل الشهادات المقدمة كلها باحتقار بالغ مصحوب بأقذع الشتائم للسياسيين والمثقفين ودورهم ، والصورة العامة لهم أنهم " أرزقية ومحتالين وأفاقين وكذابين " . ترى ألم تجد المؤلفة شهادة واحدة تخلو من مثل ذلك الرأي أو تتضمن شيئا مختلفا ؟! . ويتكرر في تلك الشهادات المختلقة – التي اختارتها المؤلفة وأعملت فيها قلمها كما تركت غيرها – موقف عجيب من العرب لا يعكس على الإطلاق صورة العرب الموضوعية في الوعي المصري . وتتضمن شهادة عبد الوهاب حسنين قوله : " تحملت تخلف الكويتيين على أساس آخد القرشين وبعد ذلك أضربهم بالجزمة " . أما السعودية فإنها  في شهادة عبد الستار فايز : " بدو جربانين .. فلازم يتصرفوا مع الناس بوضاعة لأن هذا هو أصلهم " ! وصورة العرب عامة عند صالح حسنين كالتالي : " أنا أحترم شارون لأنه يعطي للعرب درسا المفروض ألا ينسوه ، ويعرفوا قيمتهم كويس ، وإن هم شوية ناس هايفة " . وفي حكاية بهاء عبد الخالق فإن " الليبيون بدو .. والكويت ليست دولة بل حقل بترول .. والمفروض أن مصر تمسك كل الدول العربية وتضربهم علقة سخنة وبعدين توحدهم " . ويقول محمد الزيني في حكايته : " أنا أحترم بن جوريون لأنه بعصابة عمل دولة " . وتقول المؤلفة في مقدمة الكتاب إنها خاضت مغامرة لغوية باعتماد لغة متوسطة بين العامية والفصحى . إلا أن هذه المغامرة قادتها لكتابة اسم يوسف وهبي على أنه " يوسف وهبة " ، واسم الإمام محمد عبده على أنه " محمد عبدو " ، أما المعاملة بالحسنى فهي عند المؤلفة المعاملة " بالحسنة " . وهكذا . أضف إلي كل ما سبق الجهل الشديد بالتاريخ المصري الذي يجعل المؤلفة تضع هامشا بخصوص حادثة دنشواى تقول فيه : " " حادثة شهيرة حصلت سنة تقريبا 1906 " ! . النجاح الوحيد الذي حققته السيدة دلال البزري هو تشويه صورة الشخصية المصرية لدي قراء هذا الكتاب خاصة إذا كان مجرد بحث ستقدمه إلي جهات المنح التعليمية أو الصحفية في الخارج.  وفي النهاية فإنني أتساءل : ما معنى تأليف كتاب على النحو الذي ألفت به دلال البزري هذا الكتاب ، إذا كانت لم تفعل شيئا – كما جاء في مقدمة الكتاب -  سوى أنها  كلفت باحثا مصريا بجمع تلك الحكايات ؟ .

***

أحمد الخميسي . كاتب مصري

[email protected]

 



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الاحتلال الثوري عند أنصار واشنطـــــن
- إسرائيل من الحرب إلي الثقافة
- ذكرى ناجي العلي
- حكاية صغيرة لطفلة - معتقل سياسي مصري
- وجدان الأقلية الدينية في الرواية المصرية
- الخوف من الكتابة
- هــمـوم قــبـطــيـة في أحـزان بـلـدنـا
- بغداد التي في خاطري
- حكايات ألف ليلة وليلة للرئيس جـورج بـوش
- شموع على كف حوار متمدن
- 1948 الفرصة الضائعة
- الرئيس الأمريكي يعلمنا كيف نحيا
- الوطنية والديمقراطية في العراق


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - السياسة أقوى من الحداثة أو الحكايات المختلقة