أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - عيني تمطر خجلا














المزيد.....

عيني تمطر خجلا


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 1923 - 2007 / 5 / 22 - 07:17
المحور: الادب والفن
    



سوف أمشي اليوم بدون نظارات, حتى لا أرى خسارات العالم. أتمنى لو سحابات دخاننا تمطر, حتى يعرف العالم بأي وجع نحن.

عبارات كثيرة مألوفة نرددها, مثل, (السلام عليكم) لكن هل هناك سلام, وهل عليكم بقية؟
نخاف أن نخرج من بيوتنا السجن, حتى أصبح الآخرون يجهلون ملامح وجوهنا وأشكالنا, لكن, كلب الجار كان قد شمّ رائحتنا, وكم كان مولعا في عضّنا مثل أيّامه الباقية, وحين خرجنا, نحن ( أهل الكهف), تورّط الكلب في عضّنا, لأنه لم يعرف أن جلودنا مرّة من كثر ما مرّ علينا الصّبر !

اليوم لم أمطر من عيني, إلا القليل, لكن دمعي فاض وأصبح بكاء السموات أكثر مني خجلا.
ساشكو لكم العالم الجديد, عالم اليوم الذي أصبح بلا أخلاق, ما عاد الحب حبا, وما عاد الكلام كلاما سوى فساد البشرية!
سأسألكم, أين هو جين الوعي, لماذا لم نعد نتحدث عن المعرفة؟ نعرف أو لا نعرف, أريد معرفة المزيد, أم استكفينا من فائض التفاهات ؟
البحث عن المعرفة مرض خبيث, أخبث بحث التقيته في رحلة حياتي.
وعندما عدت أتشاور مع صاحب المقولة المشهورة :( لقد بدّلتُ الصحابة بالكتاب) نبذني الآخرون!
وكما قال آخر : (كنا نطير في الفضاء أحرارا, وحين اكتشفنا الحقيقة تحولنا الى زواحف).

لا أريد تشويه الجمال بالمعرفة, لأن المعرفة سرطان مخيف لا يقتل إلا صاحبه.

أين نركن؟ الى أين نحن ذاهبون؟ نركن خلوة أنفسنا أم نلوذ بأنفسنا الى خلوة الحضيض ؟
سأتكلم, والآن, وبما أني قبعتُ زمنا, بل دهورا أمام الصندوق الخشبي الراقص أمامي, (التلفاز), ورغم حذر الحرية خارجا, سأذهب بمعية (الروموت كونترول) إلى حيث توقف جين المحبة. استبدلت جين العقل الواعي جدا أمام منظور الأنا المتخلف جدا!
هيهات أن أرى صورة بدون دماء, خبط, بطش, ركل, صراخ, عويل, دمار, و.... يكفي, فعينيّ أصابهما الرّمد, اعتقدتُ أنهما سبب خسارات العالم التي أشاهدها أمامي, ربما لم أعد أرى الأمور بوضوح. تناولت قطرة العيون, وقطّرتُ, قطرة تلو الأخرى, أغلقتُ عيناي ليستريحا قليلا, وكي يتخذ المفعول وقته, لكني فتحتهما عنوّة ومن خارج نفسي سمعتُ صراخا أدخلني مجددا في غيبوبة الحدث ومومعة قطرة العيون خاصتي.
سجلتُ في ذاكرتي صورة فلانة, أمرأة من بلاد اللة الواسعة والمتخمة بالدمار, تقوم بسحب جثث المارة, تدخلها في بيتها, جثة تلو الأخرى. تحايلتُ عليها, ألا تفعل, لا , أرجوكي, لا, لا.....
سارقة جثث؟... غضبتُ وكرهت نفسي وعيناي, لم اصدقهما, عدت لفركهما, ساعدتني بتنظيفهما إحدى الشركات الأمريكية, نظفتهما, ومجددا, وورق (الفاين) بدأ يتساقط على الأرض, لن ألمّ آلامي وأضعها في سلّة المهملات, فآلامي وأنا الشاهدة تضاهي آلام العالم المتخبط بدمائه خارجا.

وأتيتُ بملف آخر, أمرأة أخرى تجمّع الحجارة داخل بيتها, يا للهول, ماذا يحصل في العالم المتوحش الآن, رحلتُ بذاكرتي البعيدة إلى قصّة أعرفها زمن الطفولة, إحداهن تغلي الحجارة إيهاما, حتى يسكت الأطفال إعتقادا بأنها تجهّز لهم الطعام, لكن! أين هو الخليفة المنتظر؟ لم يأتي الخليفة بعد... ما زالت الحجارة في القِدر, والطعام غير جاهز, والمرأة تلم وتلّم الحجارة, والقذائف تمرّ من فوقها, أيعقل أنها تجمّع العشرات منها كي تقذف الجنود بها! ممكن! لكن أين الخليفة المنتظر مجيئة, لم يأتي خليفة واحد, أتوا بالعشرات يدّعون الخلافة, خشيت المرأة على نفسها, شرفها وأبنائها, فأخذت تلملم الحجارة من الشارع, كي تبني سورا تمنع فيه سبيها!

توهمنا أننا نحمل الصوت الواحد, صوت الإنسانية, وتحايلنا على الأزمنة, لم تكن لنا, ومضينا نحمل أحجار الأمس, علّها تنفعنا في قبورنا الأخيره, في الشاهدة الوحيدة على أننا كنا نحمل أسماءنا فوق رؤوسنا المصادرة, وما زلنا وحتى اللحظة نتأمل حكاية الحجر.

وعدت أبحث عن تلك المرأة السارقة, وإذا بي أبحث في جيوب الفضيلة, هناك فضيلة ما, ما زال العالم يحمل بعض الفضائل! فرحتُ, ابتسمت, اتسعت ابتسامتي, ضحكت فرحا, تهلهلت أساريري, المرأة تبحث عن اسماء الضحايا, تدونها كي يعرفها أصحابها, يا للهول, ما زالت هناك نساء شريفات, لماذا لا يتكلم عنهن التاريخ, لماذا تأتينا الصحف فقط باللواتي يبعن شرفهن وهن يتعاطين المهنة القديمة؟

أكره أن أكون صاحية, لأني سأكون صامتة خرساء, وإن تفوهت سأصرخ, سيسمعونني محتجّة من خلف الجدران, وللجدران آذان صاغية... سأنام إذاً... كي لا أرى شيئا...فهكذا يريدنا القدر, نائمون على طول!... الآن بدأ حالي يتساوى وأنا بين الصحو والنّوم.
[email protected]
الكاتبة الروائية دينا سليم – أستراليا



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بحثت عن أدونيس وقاسم حداد
- صدور (تراتيل عزاء البحر)للأديبة دينا سليم
- عيد البيض
- عيد الأم أشعر أني ملكة
- الثامن من آذار
- قبعتان وغمزة
- طائرات العيد
- هل بقي ما نحتفل من أجله !
- قصة قصيرة-المُهرج الباكي
- المرآة الهشّة لا تخفي الحقيقة
- (عقارب) قصة قصيرة
- كائنات في الظل
- اللوحة الخالدة
- صندوق بريد
- لماذا لا تبكي جدتي
- عيون الليل الحزين
- السماء لا تمطر أقنعة
- وتر بلا عازف
- استسلام بكبرياء
- ناطحة سحاب وبرج حمام


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - عيني تمطر خجلا