|
مفارقات ، لجان تحقيقهم ولجان تحقيقنا ، و - طوشهم وطوشنا -
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 1911 - 2007 / 5 / 10 - 11:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
..... هناك فرق شاسع بيننا وبينهم فيما يخص لجان التحقيق ، فلجان تحقيقهم تمتلك الصلاحيات الكاملة لمحاسبة رأس الهرم السياسي والعسكري ، في حالة حدوت أي فشل أو إخفاق أو قصورات عسكرية أوسياسية ، أو الإشتباه بإرتكاب تجاوزات أو مخالفات مالية أو جنسية ، مثل تقبل رشوة أو فساد ، أو تحرش جنسي في دولة يسودها الإنفتاح الكامل في هذا الجانب ، فلجان تحقيقهم على سبيل المثال ، الفشل في الحرب العدوانية على لبنان في الصيف الفائت ، ألقت لجنة " فينوغراد " مسؤوليتها على رأس الهرم العسكري والسياسي في الدولة ، رئيبس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان ، حيث أتهمتهم بالتسرع وعدم الخبرة وعدم التعاطي بجدية مع مخاطر صواريخ حزب الله على العمق الإسرائيلي ، وقامت في طول البلاد وعرضها مظاهرات تطالب بإقالتهم ومحاسبتهم ، ولم نسمع من يطالب بإطلاق الرصاص على المتظاهرين أو قمعهم بالقوة لأنهم ينفذون أجندة خارجية أو أنهم يريدون العبث بأمن الشعب ووحدته الداخلية ، ورئيس الدولة تمت إدانته بقضايا تحرش جنسي وكذلك وزير العدل ، أما عندنا فحدث ولا حرج ، فالخراب " عام وطام " في كل المجالات والميادين والمستويات ، من فساد ورشاوي وإبتزاز وخاوات ، وتعينات فئوية ، وإختلاسات ، وفلتان تشارك فيه أعلى المستويات والمقامات ، وقتل يومي ، وتدمير وإقتحامات ، وهذا كما قال أحد الأخوة المسؤولين في حماس عنه ، " أنه فلتان تحت السيطرة " ، ولذلك تتشكل لجان تحقيق من مختلف الأشكال والمستويات ، لجان تحقيق رئاسية ، وأخرى وزارية ، وأخرى تشريعية ، وأخرى فصائلية ، وأخرى غير حكومية ، وبقدرة قادر ، وكما يقول المأثور الشعبي " جميعها قارئة على شيخ واحد " ، وتخلص إلى نفس النتيجة ، أن الذين يقومون بهذه الأعمال ، هم خارجون عن الصف الوطني ومشبوهون وينفذون أجندات غير فلسطينية ، وسيتم ملاحقتهم ومحاسبتهم حال كشفهم ومعرفتهم ، إذا ما ثبت أنهم فلسطينيون وغير قادمون من كواكب أخرى ، وبالبنط العريض يا أخوان ، لجان تحقيقنا ، لم تدن أحد ولم تحاسب أحد ، ولن تفعل ذلك ، ما دام الخراب والعطب في الرأس ، ومن يقوم بهذه الأعمال مرتبط به ويجد الدعم والإسناد والحماية منه ، واللجان التي ، تتشكل لا تمتلك صلاحيات ولا أليات تمكنها من تنفيذ قراراتها ، وسأسوق لكم المثال التالي ، في إحدى الوزارات وعندما تسلم الوزير الجديد صلاحياته ، من الوزير السابق ، ألقى خطبة عصماء ، عن الإصلاح ومحاربة الفساد وإنقاذ الشعب الفلسطيني من فحيح الأفاعي والسموم التي بثها الوزير السابق وتحقيق العدالة ، وعدم التوظيف على أسس حزبية وفئوية ، ولنكتشف لاحقاً أن " الطينه من هالمطينة وجبالها واحد" ، حيث جرى إقتسام الوزارة بين جماعة الوزير القديم وجماعة الوزير الجديد ، ولم يستطع الوزير الجديد إقالة أو إلغاء أي تعين للوزير السابق ، وكذلك إحتج جماعة الوزير السابق على التعينات التي أجرها الوزير الجديد ، وطبعاً كل منهما إستعان بالمسلحين و"المليشيات " من جماعته ، وتمت الصلحة " وبوس اللحى " وشرب القهوة السادة والخطب العصماء على الوحدة الوطنية والأعداء المتربصين بالشعب الفلسطيني وغيرها ، والنتيجة عطوة " طم ولم " وتوزيع للغنائم في الوزارة ، إذا هذا هو حال لجان تحقيقنا ، والتي دائماً نتيجتها صفر ، وفي المدى المنظور غبر متوقع لها سوى إضافة صفر سالب لنتائجها ، أما حول الموضوع الآخر وهو " طوشنا وطوشهم :- فإن المسألة لها علاقة بالحضارة والوعي والأخلاق ، وربما البعض يقول لي ، أن المسألة لها علاقة بالدين ، وديننا يدعو إلى التسامح والتصالح والإحترام ، ولكن أرى أن ذلك له علاقة بالوعي والإنتماء والحضارة والتقدم ، ولربما يبادر واحد من الأخوان ويطلق عياراً من الطراز الثقيل ، أن الإحتلال هو جذر وأساس هذه المشاكل ، ولكن رغم كون الإحتلال سبب رئيس في العديد من هذه المشاكل ، ولكنه ليس المشجب ولا الشماعة ، التي نعلق عليه كل ما يسود ساحتنا الفلسطينية ، من مظاهر إفلات ، فعندنا عادة ما تبدأ " الطوش " المشاكل في الغالب تكون فردية ، وعلى قضايا تستغرب لماذا جرى كل هذا التحشييد والتجييش لها وعلى أساسها ، فهي إما تتعلق بخلاف على بضعة سنتمترات أو أمتار من الأرض بين طرفين في الغالب يكونوا إما أقارب من الدرجة الأولى أو الثانية وعلى أبعد تقدير جيران وأبناء حي واحد ، أو على مسلك خاطيء بدر أو صدر من طفل أو مراهق ، أو سوء تفاهم بين طفلين ، أو جارتين ، أو معاكسات وأعمال صبيانية من هذا الطرف أو ذاك ، وفي أحسن الأحوال خلاف مالي على شيء ما ، أو عدم قدرة شخص على الوفاء بإلتزاماته لسبب ما ، أو خلاف في الرأي ووجهات النظر والإجتهاد والتصورات ، وهذه الخلافات جميعها ، يمكن حلها وإستيعابه بشكل هاديء وودي ، ودون إهدار للوقت والجهد والمال والممتلكات والأرواح ، لو أن هناك وعي وإدراك لأهمية وقيمة هذه المسائل ، ولكن التخلف وطغيان العشائرية والمفاهيم المغلقة ، والتربية القائمة على الآنغلاق وتغليب الورابط القبلية والجهوية على الوطنية ، وكذلك غياب دور المثقفين والمتنورين ، أو إنجرارهم إلى العشائرية ، كل ذلك يدفع بالمشاكل للتفاقم ، فترى المشكلة بين ولدين قد تحولت إلى " طوشة " عمومية يشارك بها كل أبناء الحي أو القرية ، إذا كانوا من نفس القرية ، أما إذا كانت المشكلة بين الولدين من قريتين مختلفتين ، فتتحول إلى " طوشة " عمومية بين القريتين ، وهكذا دواليك ، والمحزن المبكي ، أن الكثير من هذه المشاكل " والطوش " ، والتي تأخذ الكثير من الجهد والوقت لعشرات الأشخاص ، والذين يذهبون بجولات مكوكية بين الطرفين ذو العلاقة بالمشكلة ، يكون صحيح همهم بالأساس الإصلاح ، ولكن الإصلاح الذي يترك النار تحت الرماد ، أو الجرح الذي يغلق على صديد ، فالواسطة دائما يهمها إغلاق الملف " أو لملمة الطابق " بشرب فنجان القهوة ، أو كما يقولون " مثل مابفرشلك غطيلي ، أو إللي بقدم السبت بلاقي الأحد " ، وبإختصار لا توجد أية معايير أو مقاييس للمحاسبة ، أو أية آليات للتطبيق ، وتبقى المسائل في إطار الإدانات والإستنكارات ، دون أن يتحول ذلك لأدوات للتجريم والمحاسبة والردع ، أما في الطرف الآخر ، فإن المشاكل والخلافات بينهم مهما كان شكلها وحجمها ، تبق في الإطار الفردي والشخصي ، وغالبا ما تقتصر على التراشق الكلامي وكما يقولون بلغتهم " بلي يدايم " ، دون إستخدام العصي والهروات والجنازير والسكاكين ، وفي أبعد الأحيان تستخدم الأيدي في " الطوشة " ، دون أن تتحول إلى " طوشة " عمومية وقبلية ، وبعد ذلك يأخذ القانون مجراه ، فمثلاً ، عند حصول حادث سير وحتى لو ترتب عليه وفيات ، فالقانون يأخذ مجراه ، أما عندنا فحدث ولا ، حرج لا قانون ولا مايحزنون ، عطوات وجاهات ورفعات وجلوات ...إلخ ، مما يدل على أهمية الوعي وقيمة الوقت والجهد عند الآخرين ، وعلى جهلنا وتخلفنا وتعصبنا ، مهما حاول أن نسقط على أنفسنا من قيم ومعاني سامية ، لا نحترمها ولا نلتزم بها ولا نطبقها ، تماما مثل الشخص الذي دائما يتحدث عن الدين والديانة والحقوق الشرعية وحقوق المرأة ، وعندما يكون هناك قسمة للإرث مثلاً ، تراه يرفض أن ترث المرأة ، لأنه يترتب على ذلك خسارته لبعض المال أو الأرض لصالح أخته أو أمه ، وبإختصار دون وقفة جادة من كل المتنورين والمثقفين ودعاة حقوق الإنسان والتطوير والتغير ، المسنود بطرق وآليات تكفل حماية المجتمع وصيانة وحدته وتعدديته ، وتضع أسس وضوابط ، تطبق على الجميع وليس بصورة إنتقائية ، تماما ً كالحملات على السيارات المسروقة ، حيث هناك إنتقائية ومداراة لسين أو صاد وبدون ذلك ، فإننا سنستمر في الدوران في حلقة مفرغة وجولات متتالية من الإحتراب والإقتتال والفوضى المدمرة .
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة لكل المقدسيين الحل ليس بالسكين ولا بالعصا ولا بالجنزير
-
عن جدران الفصل وسياسة الفوضى الخلاقة
-
المفاوضات من أجل المفاوضات ، أومفاوضات طحن الهواء وخض الماء
-
واقع الحركة النقابية في مهمة بناء النقابات العمالية / فلسطين
...
-
المبادرات العربية والردود الإسرائيلية عليها
-
على ضوء قضية الدكتور عزمي بشارة / الجماهير العربية وقواها ال
...
-
في يوم الأسير الفلسطيني / الأسرى الفلسطينيون وملف
-
الساحة اللبنانية حبلى بكل التطورات
-
هل إقترب موعد الضربة النووية الأمريكية لإيران
-
ما سر الإهتمام الإسرائيلي الأمريكي بمبادرة السلام العربية
-
فلتان أمني تخت السيطرة ، ومصالحة وطنبة - سوبر -
-
- أولمرت - يترأس القمة العربية - ورايس - تضع جدول
-
المنطقة العربية متوقع أن تشهد صيفا ساخنا
-
هل ما زال ممكنا إعادة إصطفاف القوى المؤمنة بالخيار الديمقراط
...
-
الحكومة تشكلت والقدس غابت
-
في الذكرى السنوية الأولى لإعتقال سعدات ورفاقه
-
سيناريوهات محتمله لردود الفعل العربيه
-
التيار الديمقراطي الفلسطيني ، هل يتوحد أم يزداد شرذمه وإنقسا
...
-
الكارثه تحدق بقطاع التعليم الحكومي في القدس الشرقيه
-
العرب في القدس كم زائد سكانيا ، وبقرة حلوب ضرائبيا
المزيد.....
-
بعد إعلان حالة التأهب القصوى.. لماذا تشعر اليابان بالقلق من
...
-
-روتانا- تحذف أغنيتي شيرين الجديدتين من قناتها الجديدة على ي
...
-
منطقة حدودية روسية ثانية تعلن حالة الطوارئ مع استمرار تقدم ا
...
-
كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسك وموسكو تعلن التصدي لها
-
هاري كين يكشف عن هدفه الأبرز مع بايرن ميونيخ
-
منتدى -الجيش - 2024-.. روسيا تكشف عن زورق انتحاري بحري جديد
...
-
وزير تونسي سابق: غياب اتحاد مغاربي يفتح الباب للتدخلات الأجن
...
-
أيتام غزة.. مصير مجهول بانتظار الآلاف
-
سيناتور روسي يؤكد أن بايدن اعترف بتورط واشنطن في هجوم كورسك
...
-
حصيلة جديدة لعدد المعاقين في صفوف القوات الإسرائيلية جراء حر
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|