|
تُرى من كان على صواب
إبراهيم راشد عبد الحميد
الحوار المتمدن-العدد: 1910 - 2007 / 5 / 9 - 10:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أتابع وباهتمام وحماس أغلب ما يكتبه أو يتحدث به الدكتور عبد الحسين شعبان سواء في المواقع الأ لكترونية المختلفة أو في الصحف أو في المقابلات التلفزيونية . وأنا معجب جدا بأسلوبه السهل الجذاب والواضح بما فيه الكفاية لإفادة مختلف شرائح المجتمع. وكان مقاله عن حركة حسن سريع المشهورة بمثابة مقال سياسي ومقال أدبي في آن واحد والحقيقة هي أن الموضوع يستحق تلك العناية التي أبداها الدكتور الأنيق في اسلوبه ومبادئه .. وقد ورد في مقاله المرموق حديث عن ما سمّي بخط آب في حينه ورأي القادة السوفييت ورأي خالد بكداش الزعيم المعروف على النحو الذي أورده بالنص الكامل: (ثم ارتحلت عن النجف كليّاً حين إلتحقت بعد ذلك بجامعة بغداد (كلية الاقتصاد والعلوم السياسية) وداهمنا يومها خط آب، الذي صدمنا ورفضت تنظيمات النجف توزيع البيان الشهير، كما تم إتلاف حوالي 100 نسخة من صحيفة طريق الشعب، التي روّجت لخط آب الذي وصف " بالتصفوي والذيلي والانتهازي"، في محاكاته لسلطة عبد السلام عارف والسعي لتخفيض شعارات الحزب والدعوة المستترة والمعلنة لحل تنظيماته والانضواء في " الاتحاد الاشتراكي". ولم يكن ذلك بمعزل عن السياسة السوفيتيية، التي روّجت لفكرة "طريق التطور اللارأسمالي" وإمكان تحقيق التحول الاشتراكي عبر سلطة "الديمقراطيين الثوريين"، وهو ما جرى الحديث عنه في وقت لاحق خلال فترة التحالف مع حزب البعث في السبعينات، لكن رفض ومعارضة خالد بكداش لفكرة التطور اللارأسمالي وموضوع حل الاحزاب الشيوعية، مثلما حصل في مصر والجزائر، كان كفيلاً بإحداث نوع من الحراك في التيار الشيوعي العربي ورغم ما يقال عن خالد بكداش من تبعية لموسكو، الاّ أن موقفه عام 1964 من هاتين المسألتين، كان شجاعاً ومبدئياً، رغم أن البعض يعتبر ذلك خطوة خارج السياق. ولعلّ في تنصّل معظم قادة واركان خط آب في الدفاع عنه فيما بعد خير دليل على فشله وعدم واقعيته، اذ ليس من الممكن في أجواء الصراع وبخاصة بعد حركة حسن السريع، طرح مثل هذا الخط السياسي والفكري دون وجود مقدمات وتمهيدات، فضلاً عن مبررات موضوعية كافية، فقد كان غبار المعارك ما يزال يغطي الكثير الكثير من الزوايا، وأسئلة الضحايا كانت ما تزال تستفهم وتطالب بالعدالة، واذا كان بعض أقطاب خط آب قد اتجه الى فكرة " العمل الحاسم" النقيضة، فإن باقر ابراهيم كان، استثناءً، حيث ظلّ أميناً لمواقفه وهي مسألة تبعث على الاحترام بشأن الدفاع عن الرأي والثبات على المواقف، رغم الاختلاف في وجهات النظر في تقييم الحدث، وقراءة المستجدات التي أعقبته ، بما فيها المتغيّرات والتطورات وما أفرزته الحياة ذاتها!)...من مقال الدكتور شعبان نصا كما ورد في الحوار المتمدن وهنا أود أن أتسائل من كان أقرب إلى الصواب؟ هل كان الشيوعيون العراقيون بالتنظيم الأساسي المعروف أم خط آب أم القادة السوفييت أم خالد بكداش ام قواعد الحزب الشيوعي التي استهجنت خط آب ؟ إن التحليل المنطقي للوقائع التي تلت انقلاب شباط دلّت على أن الحزب الشيوعي قد وقع في خطا كبير في تقدير قواه التنظيمية والسياسية وأن التنظيم لم يكن متماسكا ولم يكن بمقدوره إنجاز المرحلة الديمقراطية لوحده وأن الشرخ العميق في تحالفات القوى السياسية الوطنية لم يعد من الممكن إصلاحه بل تعمّق بعد ما تبين للقوى الأخرى أن الشيوعيين غير مخلصين في تحالفاتهم وأنهم يزمعون استنساخ تجربة كيرنسكي الروسية أيام لينين ويبتغون الأستحواذ على السلطة واحتكار العمل السياسي على النحو الذي كانت تنادي به أحزاب الماركسية اللينينية في دكتاتورية البروليتاريا وهكذا فإن دفعة بسيطة من قبل المعارضين أطاحت بنظام عبد الكريم قاسم الذي لم يعد له قوى فاعلة تسانده في الساحة ورغم التناقضات التي كانت بارزة بين نظام عبد الناصر ونظام عبد الكريم قاسم الذي كانت تسانده قوى اليسار في العراق في البداية, فإن احدا لم ينظر إلى أمام قليلا ليرى أن الحفاظ على اصطفاف عربي وإقليمي من أي نوع هو في مصلحة الجماهير العربية وجماهير المنطقة برمتها ,إن تصعيد التناقضات بين نظامي عبد الناصر والنظام في العراق أدى إلى تسهيل مهمة إجهاض التجربة الديمقراطية في العراق وإلى تقويض الوضع برمته مما اتاح الفرصة وكناتج من نتائج ماحصل في العراق لأن يتم الإجهاز على التجربة المصرية التقدمية والتي لم تأخذ العملية أكثر من أربعة سنوات فقط من 63 إلى 67 لذلك هل كان راي خط أب خاطئا؟ إن التحليل المنسجم مع القدرات الحقيقية للقوى الوطنية آنذاك أثبت أن خط آب كان على حق .. وأن القادة السوفييت آنذاك كانوا طبعا يعلمون أن الوضع السياسي العالمي لا بد أن يتجه إلى الوفاق بالنظر للمعطيات التي كانوا يتعاملون معها ..الوضع الإقتصادي السوفييتي والإخفاقات الزراعية ومشاكل الصين وتجربتها والإنشقاقات اليوغسلافية والتشيكوسلوفاكية والمجرية وكثير من هذه المشاكل بمقابل التحديات الأمريكية والغربية أو الرأسمالية في ميادين الإقتصاد والثورة المضادة وإجهاض تجارب أندونيسيا والعراق وعدد من انظمة أفريقيا حديثة التحررمثل الكونغو وغير ذلك , لابد أن القادة السوفييت لهم ما بيرر طرح شيء من التفاهم بين القوى القومية واليسارية في العالم العربي.. والإقليمي ولكن روح الإنتقام كانت قد مضت في النفوس ولم يعد ممكنا للقيادات أن تتحكم بقواعدها وفق منهج علمي سليم , إن المنطق بعد أن حصل كل شيء وانتهى يوضح أن تحالفا بين قوى اليسار كافة في المنطقة كان من الممكن أن يصون الوضع في العراق آنئذ وأن يمكّن مصر من الحصول على موقع أكثر اقتدارا في المواجهة المقبلة إن القوى القومية اليوم أكثر قدرة على تفهم ذلك الموقف ولكن الشيوعيين مازالوا يتمسكون برفضه رغم ما كلّفهم ذلك من تضحيات وألقى بقوى اليسار إلى الوضع الذي لا تحسد عليه .. إن اليساري الحقيقي هو مفكّر موضوعي .. والوقائع الموضوعيّة لم تكن توفّر قدرة ماديّة على إنجاز ثورة بالمعنى الإشتراكي وأن التحالفات الصادقة مع الطلائع المختلفة وفي كل الأوساط السياسية الفاعلة كان أفضل اتجاه يضمن سلامة كوادر الحزب ومناضليه ويوفر فرصة للعمل على إعادة التنظيم فضلا عن إمكانية عقد مؤتمر وطني شامل لتقويم المرحلة السابقة كما اتضح جليا أن إنجاز مرحلة التحرر الوطني هي الأهم والأجدى نفعا لكل المجتمع. إن سياسة حكيمة وتوفير التضحيات التي لم يكن لها طائل وتجنيب الجماهير حالة الإنكسار والبؤس كان أمرا رئيسا ومطلوبا كما إن التحالف مع القوى اليسارية والقومية التي كانت تقف خلف حركة عبد الناصر آنذاك كان أمرا واجبا ومطلوبا هو الآخربسبب ما اتّضح في حينه كما بيّنا من عزل كل من الحركتين التقدميتين في مصر والعراق وبالتالي سوريا وعدد من أقطار العالم العربي والإقليمي ولكن ما بدا الآن واضحا من أن النعرات الطائفية فيما يبدو قد وجدت لها سبيلا في صفوف اليسار هي الأخرى, مما جعل التضامن مع مصر أيام الإتحاد الإشتراكي أمرا مرفوضا لأن ذلك برأي أمراء الطوائف سيزيد من قوة طائفة مقابل أخرى وهذا للأسف ليس من فكر اليسار ولا علاقة له به لا من قريب ولا من بعيد . إن الوضع السياسي في بلاد أخرى إقليميا لو كان قد أنجز أو أدى إلى اتساع حركة اليسار فيه لكان قولنا الآن نفس ما نقول ولكن قوى الردة في تلك البلدان والتي أنجزت أنظمة تتناقض مع التقدم حسب الفكر اليساري ازدادت تطرفا كلما انهارت أنظمة التقدم واليسار .. من كان موقفه صحيحا آنذاك ؟ للأسف يبدو لي أن فرصة ذهبية قد فاتت على قوى التقدم واليسار في عقد تحالف بين الشيوعيين والإتحاد الإشتراكي في العراق ومصر والذي كان من الممكن أن يكون نواة لتحالف واسع ..فضلا عن أن التحالف مع عبد الناصر والإتحاد الإشتراكي سيكون أفضل من رجوع البعث للسلطة وعقد تحالف معه بسبب من أن عبد الناصر لم يكن يدير أو يتّبع بشكل واسع مناهج الغش والخداع والتمويه بالشكل الذي تمتع به نظام البعث فيما بعد ولو تحالف القوميون والشيوعيون فإنه لن يكون من اليسير على البعث أن يصل إلى السلطة وكان سيصبح موقفهم ضعيفا مع نظام عبد الناصر وهذا يفسّر انقضاض السلطات البعثية على التنظيمات القومية كأول مطاردة أنجزتهاللإستفراد بالسلطة فيما بعد هذه أضواء وشذرات على تلك الأيام والإعتذار من الدكتور شعبان واجب لأنها مجرد وجهة نظر ليس إلاّ واليوم لم تعد معطيات الواقع كما كانت ولا يصح التمسك بما كان صحيحا أيامها فقد اختفت مجموعة من المعطيات وظهرت أخرى بديلا لها ونتمنى أن يتخفف الذين يجدون في أي فكر منهجا صائبا لحل المعضلات من كل الرواسب الإجتماعية البالية المختلفة مثل الطائفية والتعصّب والعنصرية وأن الجميع عليه أن يتذكر القول الماثور من أن التطرف اليساري والتطرف اليميني إنما هما يدان تلتقيان ولكن من الخلف. ولا مناص من الإستفادة ولا أقول النسخ من تراث اليسار ومراجعته في كل حين ولكن على نحو مبدع وخلاق واليوم كل العالم يحتاج لذلك بعيدا عن التعصّب والعناد إن التاريخ لم يسقط كما يدعي كثيرون اليوم ولكن من سقط هم أدعياء الفكر وأدعياء النضال ومزيّفوه ,سقط شيوعيون لديهم أجندة فكرية غير شيوعيّة إما ذوي أجندة طائفية أو قومية أو عنصرية أو متطرّفة . أن نستلهم مسار التاريخ كل يوم ونحدّثه على ضوء المعطيات والوقائع هي المهمة الكبرى التي تنتظر المفكرين والمناضلين وعموم المثقفين وعندما نصل إلى النتائج الصادقة ونتحقق منها يجب أن نتحلّى بالشجاعة الكافية للعمل بموجبها بدون تردد وإن وحدة وتضامن قوى التقدم أمر ستراتيجي ومنهج لا ينتهي.
إ. ر.عبد الحميد
#إبراهيم_راشد_عبد_الحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكومة القوية والحكومة الضعيفة
-
روح رفاقيّة ووفاء يثير الإعجاب
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|