أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الشديدي - غورنيكا عراقية لسماءٍ بلونِ العقيق














المزيد.....

غورنيكا عراقية لسماءٍ بلونِ العقيق


سعد الشديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1909 - 2007 / 5 / 8 - 07:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المدينة واقفةً على قدميها كما كانت دائماً. لم تهرب منها شوارعها، ولم تهجرها زوارقها. وجانباها الشرقي والغربي مازالا ،على غير عادتهما، يجلسان على عتبة البابِ بأنتظار عودة النهارِ االذي غادرَ عابراً صحراء الغيبة الى عمّان، أو ربما دمشق، لكنه تاه في براري ملوك الطوائف المحروسة جيداً بعيون الغرباء والميليشيات وجند المغول.

رائحة الخبز الساخنِ وضوضاء العصافير المذعورة أبداً مازالت تستيقض مع أول خيوط الفجر كما كانت منذ بدء الخليقة. وأحلام الصبايا، المترددات بين الإيماءة البريئة والنظرة الماكرة، مازالت كما هيَ لم يمسسها شياطين الأنس ولا مردة الجان. ودعاء أمهاتنا يصعدُ عابراً سماواتنا السبع قبيل ساعات الإستجابة الغامرة. حتى حجارة الأرصفة التي تكومت على نفسها من حزنٍ أصابها على غفلةٍ منها، مازالت هناكَ لم تبرح مكانها بعد.

بغدادُ، المدينة.. الغاية.. الأسطورة.. الشهيدة بلا أكفان.. مازالت حيةً لم تمت بعد.

فرغم كلّ هذاالموت الذي أعدوه لها في أروقة المكاتب الأنيقة، والسكاكين – ألجدران – المغروزة في خاصرتها، والقنابل الذكية والغبية التي تنفجر، بقوة البغضاء والحقد المصفى عبر مئات السنين، على نواصيّ أسواقها وفي قلوب عاشقيها.. مازالت على قيد الحياة. نبضُها يعلو بين أوتار السنطور الأكدي وصراخ الفتية لاعبي كرة القدم في الشوارع المزروعةِ ببقع الدمّ الطازج ومياه المجاري السوداء المعروضة، مع سبق الإصرار، أمام كاميرات المراسلين الباحثين عن خبطةٍ صحفيةٍ صالحةٍ للعرض على شاشات العالم.

نعرفُ بفطرتنا، التي لوثتها سنوات الديكتاتورية وبقايا اليورانيوم الأمريكي المنضّب، إن بغدادنا مازالت حيةٌ تُرزق.. ولأنها تتنفسّ هواء دموزي وترسم بيدها المرتجفةِ كلماتها الجديدة على مسلّة أوروكاجينا وتبحث عن كتبها في سجّلات مكتبة آشورناصربال وتردد أدعية أتونابشتم وتصلي صلاة موسى الكاظم والنعمان بن ثابت.. فإنهم يريدون قتلها.

ثمّة أسئلةٍ معلّقةٍ بين الأرض والسماء لا يريد احدٌ منهم الأجابة عليها.
من قصم ظهر جسر الصرافية؟ من فجّر شارع المتنبي؟ من كسرَ ابواب المتحف العراقي وسمحَ بنهب محتوياته؟ من أحرقَ المكتبة الوطنية؟ من قصف ودمّر جميع الوزرات عدا وزارة واحدة هي وزارة النفط؟ من الذي فجّر ساحة العروبة في الكاظمية؟ من الذي أحرق سوق الشورجة لمرات عديدة؟ ومن ذا الذي يقوم بتصفية العلماء وأساتذة الجامعات والأطباء والمثقفين والصحفيين والفنانين في وضح النهار على قارعة طرقات مدينتنا؟ من ذا الذي يطرد أبناء بغداد من بيوت أجدادهم ليصبحوا لاجئين لدى دول الجوار؟ ومن الذي يقوم بسرقة قوت الشعب ونفطه وكهربائهِ ومائهِ ومستقبله؟ ومن الذي فجرّ تمثال ابي جعفر المنصور باني مدينة بغداد؟

المجرم واحد. ويعلن عن نفسه مع كل جريمة جديدة بلا خوفٍ ولا حياء.
ولكن نعرف مع كل مجزرةٍ جديدة أن بغدادنا لم تمتْ بعد. لذلك فهم يوغلون في تدميرها كرهاً وحقداً وخوفاً. ومع كل جريمة جديدة نتأكد أنهم يفشلون في قتلها وإنها تصبح أعلى وأبهى وأقوى وتبقى حبيبتنا التي لن تموت.



#سعد_الشديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يومٌ يستحقُ أن يحتفى به
- جند السماء.. أولى شرارات ألمعارضة ألشعبية ألعراقية؟
- جند السماء وجند المنطقة الخضراء
- الصدريون يستعدون والسيستاني يرمي بمقتدى الى المحرقة
- لماذا لا يريدون لصدّام أن يموت؟
- أيها الشيعيّ لا تصمت هذه المرّة
- قرار اعدام الديكتاتور بداية أم نهاية؟
- يا يونس المحكومِ بالإعدام.. عدْ للحوتِ ثانيةً
- ولا داعٍ للقلق
- هل حقاً ان كركوك أغلى من البصرة؟
- انهم يقتلون أطفال العراق
- الفيدرالية حقٌ يُراد به باطل
- موطني.. حتى إشعارٍ آخر
- ايها العراقي انت نملة.. فكن سعيداً
- الزرقاوي.. نحروه أم انتحر؟
- اسرائيلي واحد بألف عربي؟ يا بلاش
- وزير الدفاع العراقي يعلن الحرب على الشيوعية
- انقلاب عسكري في بغداد.. قريباً
- عفية .. والله عفية
- كشف الغُمّة في تبيان غباء قادة الأمة


المزيد.....




- مصر والصومال.. اتفاق للدفاع المشترك
- ترامب يحذر من عواقب فوز هاريس في الانتخابات الرئاسية
- أربعة أسئلة حول مفاوضات الخميس لوقف إطلاق النار في غزة
- بايدن وهاريس يتلقيان إحاطة بشأن التطورات في الشرق الأوسط
- عزيز الشافعي يدعم شيرين ويوضح موقفه من إصدار أغنيتها الجديدت ...
- أمريكا تجدد دعوتها لسوريا للإفراج عن الصحفي -المختطف- أوستن ...
- قصف مدفعي إسرائيلي من العيار الثقيل يستهدف مجرى نهر الليطاني ...
- متهم بالعمالة للحكومة المصرية يتوصل لصفقة مع السلطات الأميرك ...
- في ختام اليوم 313 للحرب على غزة.. آحدث تفاصيل الوضع الميداني ...
- مصراتة الليبية تعلن إعادة تفعيل المجلس العسكري ردا على نقل ص ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الشديدي - غورنيكا عراقية لسماءٍ بلونِ العقيق