سعيدة لاشكر
الحوار المتمدن-العدد: 1908 - 2007 / 5 / 7 - 12:09
المحور:
الادب والفن
هنا فتحت سعاد عينيها على هذا الكون واسترسلت في عيشه, نشأت وترعرعت وتربت في عائلة منفتحة على الآخرين, مرت فترة طفولتها سعيدة, هانئة, لعبت ومرحت ما طاب لها ذلك وملأت طفولتها من كل الأنحاء, كانت لها سلطة على الأطفال الآخرين تأمرهم وإن لم يأتمر أحد بأوامرها تطرده من اللعبة, كانت لها تلك الروح السلطوية التي تفيدها في أشياء كثيرة, هكذا مرت كانت طفولتها مثيرة, مميزة, لها طابع خاص, أما المراهقة فقد تعايشت فيها مع التغييرات الجسمانية والنفسية واستقرت بعدها لتصبح فتاة ناضجة,ذكية, جميلة, وأنيقة.
ولجت صفوف الجامعة بحماس لكن بإختلاف, فالفتيات الأخريات يتحمسن للدراسة للتخرج وكدا للتعارف فالجامعة تشكل مجالا كبيرا للتعارف وتكوين علاقات لذى تتحمس الفتيات والفتيان, أما هي فكان حماسها منصبا فقط على الجانب الدراسي وتجاهلت جانب التعارف مع الشبان وتكوين علاقات وكان عدرها في هذا أنها عايشت الكتير من قصص الحب لصديقاتها و محيطها واكتشفت أن لهذا الشعور آثارا جانبية كثيرة, آثارا تترك أخاديدعلى الإنسان, جراحا تنغرز في أعماقه ويصعب إندمالها, وكأنها التجاعيد التي كلما مر الوقت تنكمش أكتر وتتكاتر, لذى تنامى معها ذلك الخوف من الحب وبدأ يتراكم كلما أضافت قصة الى رصيدها. وكان هذا جليا في تصرفاتها فهي بالتأكيد تحاور الشبان تناقشهم تمرح وإياهم لكن كلما أحست بشيء تجاه شخص معين تبتعد في سلام متبررة بأوهى الأعدار, وتتصادق مع الكثيرين أو مع شخد معين تراجع معه تتخده صديقا مميزا لكن كلما لمح لها بتغير شعوره نحوها تغير الموضوع وبالتالي تتهرب كما ألفت أن تفعل.
وبهذه الأفكارالعنيدة ولجت الكلية فانغمست مع الدروس والمقررات وانغمست كذلك مع الصديقات والأصدقاء مشكلة لنفسها خطوطا حمراء لا يجب أن تتجاوزها أبدا فتمكنت من الإستقرار أخيرا واستمتعت براحة البال.
إلى أن جاء يوم كانت تمشي متجهة نحو محاظرة ما,فاستوقفها شاب قائلا:
- عفوا أنسة أيمكن أن أسألك عن محاظرة الأستاد حسام؟
رفعت عينيها نحوه كان شابا طويلا عريض الكتفين أسود الشعر والعينين كان وسيما...أخرجها من تفكيرها بإعادة طرح السؤال فأجابت:
- نعم بكل سرور إنها في القاعة 2
رد الشاب :
- آسف أيمكن أن ترشديني إليها؟ نظرت إليه في شك وقالت:
- طبعا بكل تأكيد, مشت فمشى هو الآخر بجوارها بادرها:
- آسف على إزعاجك أنا جديد في هذه الكلية وفي المدينة بأكملها انتقلت إلى هنا حديتا لذى لا أعرف أشخاصا كثر, ردت عليه:
- لا بأس أنا رهن الإشارة إن إحتجت إلى شيء, لكن في أي ِشعبة أنت؟ أجاب:
- الإقتصاد وتسيير الأعمال..قاطعته:
- إذن فسنتشارك في بضع محاضرات فأنا أيضا أدرس نفس شعبتك ولي نفس أساتدتك, وصلا إلى القاعة المطلوبة فقالت: هذه هي القاعة حيت محاضرة الذكتور حسام أتركك الآن لألتحق بمحاضرتي حظا موفقا وإلى اللقاء غادرت فاستوقفها بحديته قائلا:
- شكرا على كل شيء سنلتقي قريبا, نظرت إليه مبتسمة وتابعت سيرها في سلام.
في يوم آخر كانت داخل الفصل تجلس مع صديقاته في انتظار الإستاذ فإدا بالشاب يدخل فبادرت إحدى صديقاتها : من هذا الوسيم هذه أول مرة أراه هنا؟ أجابت سعاد:
- هو هنا مند بضعة أيام انتقل حديثا, ردت الصديقة:
- لا يا عزيزتي لو رأيته مرة لتذكرته من سينسى هذا الوجه وهذا...وفجأة تغيرت نبرة حديثها وأردفت: ياإلهي إنه يتوجه نحونا من منكن خائنة الصداقة أيتها الفتيات؟ نظرت الصديقات فإدا به فعلا يتوجه حيت يجلسن وقف أمامهن وقال:
- مرحبا,
ثم موجها حديثه لسعاد:
- كيف حالك أرأيت؟ قلت لك أننا سنلتقي في القريب
تبادلت الفتيات النضرات واستقرت نضراتهن على سعاد أما هي فعرفتهن له كل واحدة باسمها وقبل أن يتخد مكانه بجانبها نادته فتاة من الخلف مع فتيات وشبان آخرين ليجلس في مجموعتهن لكنه إعتدر شاكرا مفضلا أن يجلس بجانبها قالت له:
- إدن فأنت لم تضيع الوقت حصلت على رفقاء في هذه المدة البسيطة , رد:
- ليس من الصعب أن يجد الإنسان رفقاء لكن الأصعب أن يجد من يرتاح معه ويتق فيه
ردت : صدقت
تم دخل الأستاذ وبدأ يلقي محاضرته فسمعته يهمس لها:
- ألا تستغربين أننا لم نتعارف بعد, عرفتني بصديقاتك لكنك لم تعرفيني باسمك
ردت عليه بنفس الهمس باسمة:
- أجل أستغرب, كما أنك لم تسألني
- إذن فها أنا أسألك الآن
- حسنا, أنا اسمي سعاد وأنت؟
- أنا أيمن, تشرفت بمعرفتك
- وأنا أيضا
ومن هذه اللحظة أصبحا يترافقا الى كل مكان يتجالسا معا في المحاضرات في مقهى الجامعة يتناقشا في المكتبة يتمشيا في الفناء خلاصة القول أن من منهما دخل الجامعة يبحث عن الآخر ومن سبق ينتظر الآخر, تنامت بينهما ألفة وصداقة وتقة واحترام وكأن كل واحد منهما كان يبحث عن الآخرفوجده أخيرا, يتحدثا حول كل المواضيع, يتناقشا كل الأحداث, وفي لحظة خلال حديتهما سألها:
- أأحببت يوما يا سعاد؟ فحكت له عن موقفها المتطرف من الحب وبعد أن استمع إليها بإنصات قال لها:
- أو تضنين أنك تستطيعين أن تهربي من الحب إن وقف بدربك بهذه الطريقة, لا يا صديقتي لا يمكنك ذلك فأنت لا يمكنك أن تحددي متى ستحبين و من ستحبين , هو يأتي طوعا, صدفة وكأنه اللعنة أو كأنه النعمة, لعنة إن حصل وأحببت شخصا لا يستحقك ونعمة إن أحسنت الإختيار أو لنقل إن أحسن قلبك الإختيار
فدخلت أفكاره هذه عقلها لكنها لم تصل تلك المكانة التي بها تتمكن من ضحظ أفكارها وتخلصها منها , لكنه لم يتركها وشأنها أبدا أصبح دائما ينبش أفكارها ويقارنها ببراهين ملموسة ودلائل عقلية محسوسة إلى أن مالت لتصدق وأصبحت تحب أن تصدق قال لها يوما خلال مناقشتهما:
- أتدرين أن الحب أجمل شيء في الوجود فإن صدف وأحببت فلن تحبي ذلك الشخص فقط بل سنحبين كل الناس ستتنفسين الحب ويتملك حياتك كلها ويختفي الكره والحقد من حياتك ليحل محلهما المحبة والرحمة والإبتسامة الدائمة.
وفي أمسية أخرى:
- أتعرفين أن أجمل لحظات الحب هي حين يكتشف المرء أنه يحب حينها يكون الحب مازال يافعا لاتتقادفه مشاكل الحياة ولايتموج داخل متاهات الهموم
- لكن لماذا تؤتر فيه مشاكل الحياة؟
أجاب:
- لأنك حين تحبين يكون ذلك الحب جديدا عليك شيء جميل,عظيم حصل في حياتك فتضعينه في مكان عالي ترتقي به من الأرض ومن الحياة ومن الناس لكنك حين تألفينه وتضنين أنه لك ولن يضيع منك عندها تنزلين به من عليائه إلى الأرض فيكون في مستوى مشاكل الحياة وهموم الحياة والناس والمحيط فيكون من الطبيعي أن تتحكم فيه المشاكل وتفتك به أيادي البشر فتضيعيه أنت منك بعد أن كان لك.
- تفسير جميل
تم وفي يوم آخربعد محاضرة ما تحادتا قليلا حول الموضوع فقال:
- أتعرفين أن بين الصداقة والحب خيط رفيع جدا, وأن الحب الذي يدوم طويلا هو الذي انبتق عن صداقة
قالت:
- حقا؟
وأردفت مازحة:
- إذن أتضن أن صداقتنا الرائعة ستتحول يوما لحب؟
أجاب:
- محتمل جدا, وضحكا معا تم سألته :
- لكن كيف ستعرف أنك تحب شخصا؟
- أن تبحتي عنه دائما, أن تشتاقي إليه, أن تطيري من السعادة كلما رأيته,أن ينتابك الهلع كلما أحسست أن مكروها حدت له, وأن تتعدبي لفراقه...
قاطعته:
- لكن كيف ستتأكد أنه حب خالص فكل ما قلته الآن ينطبق على الصداقة ,الأخوة, الأبوة؟
- لا هناك اختلاف كبير لن يعلمه ولن يستطيع رؤيته إلا من يحب
- وهل تعلمه أنت وتستطيع رؤيته؟
- ممكن
في اليوم التالي كانت في طريقها للجامعة عندما هاجمتها أفكار شتى, هي بعد قليل ستدخل الجامعة وأول من ستبحت عنه هو أيمن لكن لماذا ربما لأنها اشتاقت إليه؟ وعندما ستراه ستنتابها السعادة كما هي حالها هذه الأيام الأخيرة, إدن فالعلامات التي حدتها عنها بعضها تحسه بالفعل, تجاهلت ما تفكر فيه وأكملت طريقها,
دخلت الكلية وعيونها تبحث حتى استقرتا في المكان الذي ينتظرها فيه , لكنها لم تره هناك, بدأ الهلع يتسرب إلى نفسها رويدا رويدا, أيمكن أن يكون مريضا؟ أيعقل أن يصاب بمكروه؟
جلست محاولة أن تحافظ على رباطة جأشها إذن فها هي أضافت علامة أخرى, مرت فتاتان بجوارها قالت الأولى: ياإلهي لقد كان شابا وسيما ومازال شابا ,لكن كيف حصل له ذلك؟ أجابت التانية: كان حادت سيارة فضيع توفي بعده توا ولم يستطع أن يقاوم.
زاد هذا الحديت الذي سمعته الطين بلة فحدتت نفسها: هو لم يتأخر يوما كنت دائما أجده هنا أيمكن أن يكون هو؟ لالا يمكن, فتسارعت إلى نفسها مشاعر شتى مشاعر من عذاب وحزن وألم وتذكرت حديتها معه بالأمس حين سألته عن كيف تتأكد أن الحب خالص وليس صداقة أو أخوة وجوابه كان أنها حينها ستعرف وستتأكد من ذلك, هي الآن تعرف أنها تحبه متأكدة من أنه حب وليس صداقة لكنها تأخرت كثيرا تساءلت: أيمكن للقدر أن يكون لئيما هكذا؟ أن تفقد من تحبه حين تعرف بالضبط أنها تحبه؟ لا لا يعقل لا يمكن أن تسخر منها الأقدار هكذا؟ لا يمكن أن تجازى على هذا النحو, كانت دائما محترزة والآن تعاقب على احترازها, كيف ستعيش الآن , كانت قبل أن تحب تعيش في احتراز في خوف في تشاؤم والآن بعد أن أحبت وبعد أن فقدت من تحب كيف ستعيش؟ تجمعت كل الأفكار السوداء في عقلها ومنعتها من التفكير فإدا بيد تمسك كتفها التفتت فإذا به أيمن يقول قبل أن تتفوه بكلمة :
- لماذا تأخرت؟ جئت قبلك لكني ذهبت لمواساة أصدقاء شاب توفي اليوم في حادت سيارة لابد أنك تعرفينه إنه..., رأى الدموع تنهمر على خديها فأردف:
- إذن فأنت تعرفينه؟
نفضت عن نفسها تلك الأفكار وأمسكت بيده مجيبة من بين دموعها:
- هيا لابد أن أعزيهم بدوري,
فسارا نحو الممر يده في يدها متطلعين للأفق حيت المستقبل.
لكن هل سيتوافق تشاؤمها مع تفاؤله من سيغير الآخر ويجعله في صفه أهو؟ أم هي؟ أم أن كل واحد منهما سيحافظ على شخصيته المميزة؟ وهل سيمهلهم القدر ليتمتعو بيفاعتهم ويفاعة الحب أم أنه سيضيف قصتهم للائحة الطويلة لائحة القصص المأساوية التي رماها في مزبلة التاريخ المنسية, سؤال لن يجيب عليه أحد إلا القدر نفسه والزمن والأيام
#سعيدة_لاشكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟