أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالوهاب حميد رشيد - العراق: حياة مُبَعثرة!














المزيد.....

العراق: حياة مُبَعثرة!


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 1903 - 2007 / 5 / 2 - 12:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سبق وعبّرتُ عن حزني العميق الناجم عن الإهمال الواسع لأزمة اللاجئين التي خلقها الغزو الإجرامي الوحشي واحتلال العراق. حزين جداً، لكن من الصعب أن أندهش من هذه المأساة، بعد أن قرأت التالي في موقع: بغداد يحترق Baghdad Burning.
"أتذكر العراق قبل الحرب- كان الشخص منا يستطيع أن يعيش في أي مكان. لم نكن نعرف ماذا كان جيراننا- لم نكن نهتم. لا أحد سأل بشأن الدين أو الطائفة. لم يكن لأحد أن يُزعج نفسه بالأمور التافهة: هل أنتَ سني أم شيعي؟ أنتَ تسأل مثل هذه الأسئلة إن كُنتَ شخصاً أخرقاً أو أبلهاً.
أما الآن فحياتنا تدور حول هذه المسألة فقط. وجودنا يعتمد على إخفائها أو إظهارها- معتمدة على نوعية مجموعة الرجال المقنعين ممن يوقفونك في الطريق أو يدخلون منزلك عنوة منتصف الليل.
على المستوى الشخصي، قررنا أخيراً أن نُغادر. أفترض أني كنت أعرف منذ فترة من الآن سوف نُغادر. ناقشنا الموضوع عشرات المرات داخل العائلة. في البداية كان يمكن لأحدنا أن يقترح المغادرة على نحو مؤقت لأنها كانت فكرة منافية للعقل- ترك الشخص لبيته وأهله وأحبائه- ترك الشخص لوطنه- لماذا؟- وإلى أين؟
منذ الصيف الماضي كنا نناقش المغادرة على نحو أكثر فأكثر. كانت فقط مسألة وقت قبل أن تتحول المناقشة إلى اقتراح- السيناريو الأخير- ولتتعزز وتتطور حالاً إلى خطة. لغاية الشهرين الماضيين كانت فقط مسألة منطق.. بالطائرة أم بالسيارة؟ إلى الأردن أم إلى سوريا؟ نُغادر جميعاً دفعة واحدة؟ أم أنها أكثر أمنا أن أبدأ بالمغادرة مع أخي أولاً؟
وبعد أن نصل إلى سوريا أو الأردن- ثم ماذا بعد وإلى أين؟ من الواضح أن أياً من البلدين سيكون نقطة ترانزيت/ عبور لنا إلى مكان آخر. ذلك أنهما غارقان بالأعداد الضخمة من اللاجئين العراقيين. وكل عراقي يعيش في بلد آخر يشكو من حقيقة صعوبة إيجاد عمل له. وهناك أيضاً مشكلة صغيرة من احتمال إجبارنا على العودة عند الحدود. آلاف العراقيين لم يُسمح لهم عبور الحدود إلى سوريا أو الأردن- ليس هناك معيار محدد للدخول، ويعتمد القرار على نزوة whim حرس الحدود ممن يدققون الجوازات.
المغادرة عن طريق الطائرة ليست بالضرورة آمنة. والطريق إلى مطار بغداد الدولي في ذاته غير آمن، بل وخطير، والمسافرون من المطار مُعرضون إلى عدم السماح لهم السفر إلى سوريا أو الأردن- البلدان الوحيدان اللذين يسمحان بدخول العراقيين دون سمة دخول. بينما محاولة الحصول على سمة دخول عن طريق قلة السفارات أو القنصليات المتواجدة في بغداد مسألة تقترب من الاستحالة.
وأيضاً كنا مشغولين بمحاولة اتخاذ قرار بشأن أي جزء من حياتنا نتركه خلفنا. أية ذكريات غير ضرورية يمكن الاستغناء عنها!؟ نحن، كمثل الكثيرين من العراقيين، لسنا لاجئين كلاسيك/ معتادين- حيث يحمل الشخص خلف ظهره ملابسه دون خيار آخر.
نحن نختار المغادرة لأن الخيار الآخر، ببساطة، هو ما رافق حياتنا- كابوس الواقع والانتظار المخيف ومحاولة البقاء على الحياة في ظل الرعب.
من جهة، أعرف أن مغادرة الوطن وبدء حياة جديدة في مكان ما- غير معروف لحد الآن- هو شيء مرعب في ضخامته يصم الآذان ويُصَغّر أي إنسان مهما كان بليداً. المهزلة/ المشكلة هنا أنها التفاهة (الطائفية- وليدة الاحتلال) تتحكم بحياتنا.
نناقش إن كنا سنأخذ معنا البوم صورنا أم نتركه خلفنا. هل يمكن أن آخذ معي حيواناتي المحنطة- لعبي منذ الرابعة من عمري؟ هل آخذ قيثارتي؟ ما الملابس التي نأخذها؟ الملابس الصيفية؟ الملابس الشتوية أيضاً؟ ماذا بشأن كتبي؟ اسطواناتي CD، وصور الأطفال؟
المشكلة أننا حتى لا نعرف فيما إذا سنتمكن أبداً أن نرى ثانية هذا الجزء من حياتنا الذي سنتركه خلفنا. لا نعلم ماذا سنترك من مقتنياتنا وممتلكاتنا، بما فيها المنزل، هل سيكون متاحاً لنا عند عودتنا!؟ هناك لحظات عندما يفرض الظلم إرادته لتترك وطنك، لسبب بسيط لأن ذاك الأبله المعتوه وضع في رأسه غزو وطنك. إنه أمر ساحق.. أليس من الظلم لأجل بقاءنا على الحياة والعيش بصور اعتيادية أن يكون علينا مغادرة ديارنا وبقايا أهلنا وأحباءنا وأصدقاءنا.. ولماذا؟
من الصعب أن تُقرر قبول أيهما- مواجهة انفجار سيارة مفخخة ومليشيات أم ترك كل شيء تعرفه وتحبه والتوجه نحو مكان مجهول من أجل مستقبل لا شيء فيه معلوم ومضمون.
كما أشرت في ملاحظتي السابقة، حتى وإن غادرنا العراق خلال الأشهر القليلة القادمة وأكملنا كل تجهيزات المغادرة، وهو أمر محتمل، ومفروض علينا ونحن مُكرهين، علينا أن لا نُفكر أبداً بأننا سنغفر لأنفسنا ما فعلنا.
بعض الأفعال تكون فظيعة جداً إلى درجة لا يمكن تحويلها نحو الاتجاه المعاكس أو إصلاحها. غزو واحتلال العراق هي من بين تلك الأفعال الفظيعة، إنها حقيقة مترابطة مع سلسلة الرعب الطويلة لهذه الأفعال. نحن جميعاً نُفضل أن نعتقد بالمغفرة- التخليص من الخطيئة redemption، لكن هناك وقتاً يصبح فيه هذا الأمر متعذراً.
ليس ممكناً هنا. لن يكون بإمكاننا أن نجد العفو لأنفسنا. لقد دمّرنا مبدأ العفو- المغفرة، كما دمّرنا أعداداً غير قابلة للعد من الأنفس وأخيراً كل الوطن!!"
.. مبارك أنتِ ونهركِ ، ومروراً سالماً! ..
ممممممممممممممممممممممممـ
Shattered lives, (Arthur Silber, Once Upon a Time…), uruknet.info- April29,2007.
ترجمة: عبدالوهاب حميد رشيد



#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفغانستان والعراق.. نفس الحرب
- الأمم المتحدة: نقد لاذع لسجل حقوق الإنسان في العراق
- استمرار مأزق اللاجئين العراقيين
- الهجوم على المؤسسة البرلمانية في غياب الفاعلية الحكومية
- استمرار التطهير الطائفي ببغداد في ظل الخطة الأمنية!
- أربع سنوات من الاحتلال- كفاية!
- الحرب على الإرهاب.. المزيد من الإرهاب!
- استطلاع: مخاوف مشتركة للرأي العام الأمريكي والعربي بشأن الحر ...
- هؤلاء اللاجئون.. محظوظون!
- يوم الصحة العالمي: إلى متى يستطيع العراق البقاء والاستمرار؟
- أربعة عوامل تحول دون ضربة أمريكية لإيران
- مُختَطَف ضحية يجد ملجأه في سوريا
- انهضوا من تحت أنقاض الخرائب!
- من أجل تخفيف المعاناة: ارفسْ العادة
- نفط العراق ملك الشعب العراقي
- مَنْ يهرب من العراق؟
- قمة عربية.. وقنبلة هوائية!
- أحسبوا ضحاياكم!
- المسلمون ضحايا مؤامرة الإمبريالية الأمريكية
- صناعة القتل: مرتزقة الجيش الأمريكي الخاص وتجارة الحرب


المزيد.....




- ماذا نفهم من تطورات غزة عن استراتيجية إسرائيل ومستقبل القطاع ...
- إيران: قاربنا أسس المفاوضات لكن الاتفاق لن يكون سهلًا
- قناة الحرة الأمريكية توقف بثها بعد قرار ترامب وقف الدعم
- تسجيل هزة أرضية بقوة 6.4 درجة في طاجيكستان
- الجيش الإسرائيلي يعلل سبب استهدافه لمستشفى الأهلي المعمداني ...
- -القوزلة- في الساحل السوري.. حين يصبح العيد جامعا بين أبناء ...
- هايتي: عصابات مسلحة -تصطاد- عناصر أمن كينية وتبث الفوضى في ا ...
- مجلة إسرائيلية: الجيش يواجه أكبر أزمة رفض منذ عقود
- غارة إسرائيلية تستهدف مستشفى المعمداني في مدينة غزة
- اكتشاف مقبرةً قديمةً غامضةً في مصر.. ماذا في داخلها؟


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالوهاب حميد رشيد - العراق: حياة مُبَعثرة!