25/8/2003
في تشخيصنا للمتغيرات و التطورات المتسارعة فى فلسطين وبلدان وطننا العربي، نتفق على أن النظام العربي عموما بات فى حالة من الخضوع المهزوم لشروط العولمة الامبريالية الامريكية – الصهيونية، تؤكد على عمق الإنفصام بين هذه الأنظمة (بما فى ذلك السلطة الفلسطينية) ، وبين شعوب بلداننا العربية، وهو انفصام يؤشر على التراكمات الهائلة فى حجم المصالح الطبقية للطغم الحاكمة فى بلداننا بحيث بات استمرار هذا التراكم مرهونا بصورة مكشوفة وصريحة – بالمزيد من التنازلات السياسية ، على الصعيد القومي ، والوطني عموما ، وعلى مستوى القضية الفلسطينية خصوصاُ ، فى مناخ عام تسود فيه ارادة القوة والغطرسة العنصرية الامريكية – الصهيونية بالتجاور مع مظاهر التخلف التى تتجذر فى بلادنا بصورة غير مسبوقة ، بما يجعل من ضرورات التواصل وتفعيل العمل المنظم للحركة العربية القومية الاشتراكية ، في رأس اولويات قضايا المستقبل المنظور ، خاصة مع استفحال وتعمق مظاهر الأزمة الخانقة بمختلف اشكالها من التفكك أو التراجع أو الانهيار، التى أصابت مجمل القوى اليسارية والقومية فى كافة الأقطار العربية عموماً ، ونتائجها الضارة على القضية الفلسطينية ، فبالرغم من تواصل صمود ونضال وتضحيات أبناء الشعب العربي الفلسطيني فى صراعه المرير مع العدو الصهيوني ، إلا أن إمكانية تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني لاهدافه المرحلية فى التحرر والإستقلال والسيادة الكاملة على أرضه المحتلة وقيام دولته الوطنية، باتت فى الظروف والمتغيرات ـ الدولية والعربية ـ الراهنة هدفاً لا أساس له فى ظل انحياز ميزان القوى العالمي لصالح المشروع الأمريكي الامبريالي المعولم وحليفته الحركة الصهيونية و"إسرائيل" .
وفى مواجهة هذا الواقع فان البديل الذى يمكن ان يوفر الأساس الموضوعي والقاعدة المادية لمجابهة المخطط الأمريكي الصهيوني ، يتجلى فى ضرورة وعي كافة القوى اليسارية العربية للعلاقة العضوية المترابطة والجدلية فى آن معاً ، بين مفهومي القومية والماركسية ، تمهيداً لتوليد آليات المشروع القومي النهضوي العربي ، وفق رؤية ديمقراطية تقدمية وانسانية واضحة ومحددة ، تقوم على أن صراعنا ضد التحالف الإمبريالي الصهيوني المعولم ، هو فى جوهره صراع عربي ـ قومي فى أساسه دون استبعاد خصوصية وحجم الدور الطليعي المميز للقوى الوطنية والديمقراطية التقدمية فى هذا القطر العربي أو ذاك ، وفق موقعه او تماسه مع مكامن الخطر الداخلي أو الخارجي فى اطار الصراع العام واهدافه وشعاراته التوحيديه على المستوى القومي العربي كله ، بحيث يتوجب استناد هذه الأهداف الى تحليل ظاهرة استشراء العدوانية الصهيونية التوسعية العنصرية باعتبارها حلقة مركزية للامبريالية المعولمة فى بلادنا ، بما يفرض على كافة أطراف حركة التحرر القومي العربي فى صراعها التناحري مع العدو الاسرائيلي من ناحية ، وفى صراعها السياسي الديمقراطي فى داخل اقطارها من ناحية ثانية أن تنطلق من كون الصراع مع الحركة الصهيونية هو صراع ومجابهة بالضرورة للامبريالية الامريكية والنظام الرأسمالي المعولم برمته ، وبالتالي لا مناص أمام قوى التحرر الوطني والديمقراطي العربية ،المعبرة عن تطلعات الجماهير الشعبية ، من أن تمتلك برنامجاً سياسياً ومجتمعياً يستند إلى النظرية الماركسية –اللينينية ومنهجها الجدلي ، كأيديولوجية نقيضة لأيديولوجية النظام الرأسمالي وممارساته.
وفي هذا السياق فإن رؤيتنا في تطبيق المفاهيم والمنهجية الماركسية في بلادنا ، تتجاوز حالة التجزئة القطرية لاي بلد عربي –رغم ادراكنا لتجذرها- كما تتجاوزها كوحدة تحليلية قائمة بذاتها ، نحو رؤية اشتراكية ديمقراطية قومية ، تدرجية ، تنطلق من الضرورة التاريخية لوحدة الامة-المجتمع العربي ، وتتعاطى مع الاطار القومي كوحدة تحليلية واحدة ، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ، مدركين ان الشرط الاساسي للوصول الى هذه الرؤية-الهدف ، يكمن في توحد المفاهيم والاسس والاليات التنظيمية والسياسية والفكرية لاحزاب وقوى اليسار العربي داخل اطاره القطري/الوطني الخاص كخطوة اولية ، تمهد للتوحد المعرفي والسياسي العام الذي يسبق التوحد التنظيمي المطلوب تحققه كضرورة عاجلة في مجابهة نظام العولمة وهيمنته واستغلاله لمقدراتنا .
بناء على ما تقدم فإن الدعوة الى الحوار من اجل بلورة الفكرة المؤدية الى تأسيس منتدى الفكر الاشتراكي العربي في فلسطين ، تأتي للاسهام الفكري وفق امكانات الحد الادنى المتاح في الساحة الفلسطينية لمجموعة محدودة من المثقفين اليساريين الملتزمين على صعيد الفكر والممارسة ، بجدلية وترابط الرؤية القومية-الماركسية ، ليشكل هذا المنتدى اطارا للحوار في مختلف القضايا النظرية التقدمية المعاصرة ، بهدف ايجاد آلية حوار فكري من على ارضية الحداثة والماركسية اللينينية ، حول كل القضايا السياسية والاقتصادية والمجتمعية القومية والانسانية ، بما يخدم ويعزز الدور الطليعي لقوى اليسار العربي عموما ، والفلسطيني خصوصا ، التي تتحمل وحدها مسؤولية انضاج الفكرة المركزية –بكثير من الهدوء والتدرج والعمق- الهادفة الى توفير العوامل المؤدية الى ولادة واعلان الحزب/الحركة اليسارية القومية العربية الموحدة ، في الزمان والمكان المناسبين ، سواء في المرحلة الراهنة ، او في المستقبل ، رغم كل الصعوبات والتعقيدات التي تفرضها الهجمة العدوانية الامبريالية على امتنا من جهة ، ورغم ما يعتري هذه المرحلة من ادعاءات القوى الليبرالية الهابطة تجاه ضرورات الماركسية وراهنيتها .
الأهداف
النظام الداخلي