أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أيمن رمزي نخلة - حوار مع أم بدوي















المزيد.....

حوار مع أم بدوي


أيمن رمزي نخلة

الحوار المتمدن-العدد: 1897 - 2007 / 4 / 26 - 11:36
المحور: كتابات ساخرة
    


أم بدوي سيدة طيبة. تأتي كل أسبوع من قريتها إلي المنطقة التي نسكن فيها لكي تبيع مجموعة من الخضروات الطازجة وبعض من منتجات الألبان.
منذ سنوات كثيرة، تجلس أم بدوي على أحد الأرصفة ـ الموجودة اسماً والمرفوعة حكماً ـ تعرض بضاعتها. لها زبائن يأتون كل أسبوع لشراء منتجاتها المتميزة. هي تعرفهم، وهم يعرفوها حق المعرفة. كلاهما ينتظر الآخر. كل ثلاثاء صباحاً تأتي من قريتها في وسط الدلتا.
أم بدوي مثال لمئات الآلاف، أو قل لملايين من العمال المصريين الجائلين الذين يكدحون ويكدون من أجل الحصول على أبسط حقوق الإنسان وهو المأكل والمشرب ـ مثل بقية المخلوقات الأخرى. ليس لهؤلاء العمال نظام محدد، لا تحكمهم قواعد ـ كما الحال في أغلب مرافق المجتمع المصري ـ الفوضى هي سيد الموقف.
يمر أمام أم بدوي مئات من الباعة الجائلين الذين يبيعون أبسط الأشياء وأتفهها مثل: البخور والكبريت والمناديل الورقية وأنابيب البوتاجاز وبائعي الخضروات الجائلين و............ الطابور طويل لا ينتهي بملايين البائعين الجائلين المصريين.
أم بدوي وشرطة البلدية
دائما الباعة الجائلين تطاردهم شرطة المرافق أو يسمونها: (البلدية). كثير من المرات يدفعون رشاوى من أموالهم أو بضاعتهم لكي تتركهم الشرطة. تأخذ الشرطة البضاعة ـ قليلة كانت أو كثيرة ـ بعد الهجوم الكاسح بالعربيات المصفحة وكان الباعة الجائلين من أوطان أخري والشرطة جاءت لتحرر البلد من المستعمرين، أحيانا كثيرة تشعر بالتقزز وأنت تشاهد رجال الشرطة وهي تقبض على البضاعة وعلى الباعة الجائلين المصريين وكان رجال الشرطة جاءوا ليحتلوا مصر (المحروسة الآمنة؟) ويستعمروها وينهبوا خيراتها. بعد أخذ البضاعة من الباعة الجائلين يقسم رجال البلدية والشرطة هذه البضاعة بينهم مثل غنائم الحرب، أو نساء أجنبيات تم سبيهن نتيجة غزوة دينية كبرى، أو أغنام وثروات طائلة نتيجة فتح عسكري.
أحيانا تأخذ الشرطة بضائع الباعة الجائلين وتعطي جزء قليل منها إلى الملاجئ، أو دور الأيتام في مقابل أن يعطي المسئول عن دار الأيتام أو الملجأ ورقة مختومة لرجال الشرطة بكميات وهمية أكثرتم صرفها للأيتام، وكله عالم ورق تم ضبطه كما يريد المجتمع وكما يريد المسئولين المشرف علي عمليات السطو علي الباعة الجائلين.
ويرجع البائع المتجول المصري إلي بيته ـ إن وجد ـ أو إلي رصيفه فارغ اليدين. ويبحث عن مصدر للسرقة أو البلطجة أو الإرهاب لأن هذه البضائع دائما ما تكون مأخوذة من تجار الجملة بالتقسيط، والديون تتراكم على الباعة الجائلين.
المواصلات من قرية أم بدوي إلي رصيفنا
سؤال: يا أم بدوي كيف تأتي من بلدتكم إلي رصيفنا؟
آه يا ولدي، قالت أم بدوي بعد أخذ نفس عميق يوحي بأسي شديد وذكريات أليمة. دائما نتعرض للاستغلال من السائقين و"بلطجتهم" . السيارات التي نركبها دائما معطلة. وينقلوا فيها الحيوانات في أيام أخرى إلي الأسواق المجاورة لبلدنا. لكن ماذا نعمل؟ ونحن لا نستطيع أن نأتي إلا بهذه الطريقة. أنت تعرف الحوادث التي تقع لنا وكل مرة نجد عربة أو أكثر مقلوبة على الطريق.
وتضيف أم بدوي قائلةً: " أصلي يا ولدي اللي بيسوقوا العربيات دي أطفال صغيرين ومش معاهم رخص. وساعات بيقولوا لينا ان فيه ظباط كبار بيشغلوا العربيات ديه لحسابهم وياخدوا منهم اللي فيه النصيب".
رشوة قصدك يا أم بدوي؟ سألت مقاطعا.
قالت أم بدوي: " يا ولدي أنا لا أعرف معنى هذه الكلمة اللي أنت قولتها، لكن أعرف انها فلوس بندفعها مقابل الافراج عن حريتنا"
يا عزيزي القارئ لا تقل رشوة بل قل هدية. لأن المسئولين علمونا أن النبي قبل الهدية. وغن كان النبي قبل الهدية لكي يعمل على زيادة صلة الرحم أو المودة فليس معنى هذا أن يعوج المستقيم أو يفرج عن الحرية والحقوق مقابل الهدية. لا تقل يا له من مفهوم مغلوط ومعكوس عن كلمات تم بنائها بحرفية وظاهر حسن لأغراض دنيئة.
التأمين الصحي والاجتماعي للعمال الجائلين.
"يا ولدي الأعمار بيد الله، احنا لا متأمن علينا ولا حاجة، وربنا الستار".
دائما الله موجود، ونتيجة لإيماننا بالقضاء والقدر فالله هو المسئول عن الحوادث وهو المسئول عن الأمراض الفتاكة. وإذا حدث أي مكروه لنا. كان هذا سر شرودي وهي تتحدث عمن الفلسفة الشعبية وراء عدم الضمان الاجتماعي للباعة المصريين الجائلين.
أضافت أم بدوي: "واذا حدث أي مكروه لا قدر الله لنا نذهب الي الصيدلية وناخذ أي مضاد حيوي وربك بيعالج".
دائما نسمي الإهمال قضاءً، والفوضى قدراً. فهل الله ظالم يقتل من يشاء ويذل من يشاء؟ كيف يكون الله ـ بقضائه وقدره ـ جاعلاً الملايين من الباعة الجائلين عبيداً لبضع عشرات من المسئولين المفسدين الفاسدين؟
كيف نقول أن الله كتب علينا قضاءً وقدراً عبارة عن مصائب وكوارث، وهي نتيجة للإهمال والتراخي والفوضى في حكم وإدارة الشعب المطحون قدراً؟
كيف نترك الباعة الجائلين في شيخوختهم لا راعي لهم ولا تأمين اجتماعي ولا تأمين صحي، ولا اهتمام؟
أم بدوي والديمقراطية
حين سألت السيدة لعظيمة أم بدوي: ما رأيك في الديمقراطية؟
أجابت: هذه الكلمة اسمعها حين تكون هناك خناقات حول من يكون الأقوى والأفضل لكي يقضي لنا مصالحنا ويسهل لنا الأمور الصعبة ـ تقصد الانتخابات.
و" لديمقراطي" هذا هو الرجل الذي يحضر إلينا بواحد كيلو سكر وباكو شاي في هذا اليوم ويأخذنا لكي نعطي صوتنا للجماعة الكبار ـ تقصد الحزب الوطني لديمقراطي ـ وكلها أرزاق يا ولدي.
وأضافت أم بدوي: " مش كفاية مبنشوفش منهم حاجة بقية السنة"
وكأن هذه الانتخابات تأتي كل عام، أو تحدث في أيام معروفة مسبقا كالأعياد.
أم بدوي والأعياد
آه!! فالأيام مثل بعضها البعض، كلها سوداء مثل الرداء الأسود الذي تلبسه أم بدوي دائما فوق ملابسها الداخلية. حتى أيام الأعياد سوداء وأكثر من ذلك، لأنها لا تأتي لبيع بضاعتها، لذلك لا تكسب ولا تجد من يرعاها أو لا تجد مصاريف بيتها. والقليلون يعيدون ويفرحون، لكن لا عيد ولا سعيد في منازل هؤلاء الباعة الجائلين المذلين. ويكون العيد سعيد ومبارك على أصحاب البلد، ويقول ذوي رؤوس الأموال: يا جمال المستقبل المبارك. بينما الباعة الجائلين تكون أعيادهم شقاء وبؤس، لا يستطيعون ان يشاركوا بقية البشر فرحتهم وسعادتهم بالعيد. هم إما مطحونين يعملون لإسعاد البعض الآخر، ولا يعرفون للسعادة باب أو طريق، أو لا يعملون في الأعياد ولا يجدوا ما يعيدون به، ولا يكون العيد مبارك ولا جمال فيه.
أخيراً!!!!
اذهب يا عزيزي وتذوق "جبنة" أم بدوي وشارك في جعل هؤلاء الباعة الجائلين يعيشون. شارك في رفع صوت الباعة الجائلين المصريين، الذين لا يملكون من أمرهم رشداً. إن الباعة الجائلين لا يرون العيد مبارك ولا حتى جمال فيه.



#أيمن_رمزي_نخلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هو الله الرئيس؟
- شاهدت عسكري المرور يصلي
- معالي الرئيس سائق الميكروباص
- ماذا حدث في تمثيلية تعديل الدستور المصري؟


المزيد.....




- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
- من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال ...
- “احــداث قوية” مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني الحلقات كاملة م ...
- فيلم -ثلاثة عمالقة- يتصدر إيرادات شباك التذاكر الروسي


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أيمن رمزي نخلة - حوار مع أم بدوي