|
زهور بلاستيك: رواية جريئة تتعامل مع التعصب الدينى و الأقليات و العالم
عبد العزيز عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 1896 - 2007 / 4 / 25 - 12:15
المحور:
الادب والفن
أعزائى القراء, إسمحوا لى أن أقدم إليكم هذه المراجعة الأدبية لرواية "زهور بلاستيك" للدكتور" شريف مليكة" (دار الحضارة للنشر، الجيزة، 2006)، و التى يعاد نشرها الآن على فصول فى "الحوار المتمدن"، مع العلم أن هناك مراجعات هامة لهذه الرواية قدمها كل من الأستاذ الدكتور ماهر شفيق فريد أستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة القاهرة، و الحائز على جائزة الدولة للتفوق فى مجال الآداب لعام 2006 (جريدة و طنى، القاهرة)، و الأستاذ توفيق حنا، أحد عمالقة النقد الأدبى (جريدة وطنى، القاهرة) ، و كذلك المفكر و الكاتب الأستاذ سامى البحيرى (القاهرة اليوم)، و غيرهم."
مقدمة قال إرنِست هيمنجواى: "إقرأ الأدب للإستمتاع به ، أما ما تحصل عليه فوق هذا فيعتمد على مقدار ما تأتى به من مجهود عند القراءة".
ورواية "زهور بلاستيك" للمؤلف المصرى الطبيب شريف مليكة هى رواية تقرأها للإستمتاع فعلى السطح هى رواية شيقة - يعود بنا فيها المؤلف من الولايات المتحدة حيث هاجر منذ ما يقرب من ثلاثة عقود- إلى مصر الوطن الأم فى إطار شبه بوليسى باحثا عن جزيرة غامضة وفى رحلة مثيرة خلف أعالى بحار من الشك وأمواج أحيانا هادئة وديعة تعاملنا برفق، وأحيانا عاتية تصفعنا فتفيقنا وأناملنا ما زالت متشبثة بالسطور إلى وهمية الخط الذى يفصل بين الماء والسماء، وبين الواقع والخيال، وبين الحقيقة والكذب، وبين الطبيعى والمزيف. وفى موازاة لقصة البحث عن "الجزيرة" - والتى فى ذاتها تسفر عن قصص أخرى من بين ثناياها - تدور فى الخلفية قصة عن حياة الراوى وعلاقته بوالده الذى يصارع المرض- المرجعية الواقعية لشريف مليكة والتى ربما هى مصدر إستلهامه لـ "زهور بلاستيك" كإسم لروايته، وهى قد تعتبر الوسط الذى يستعراض من خلاله المؤلف أوجه التقارب والتباعد بين ما صنعته الطبيعة وما صنعته يد الإنسان فى بحثه عن "الحقيقة".
أما إذا تمعنت فى قراءة الرواية فستجد فيها كنوزا من الرموز يقع بعضها فى بداية كل باب على شكل رباعيات شعرية جميلة التقسيم وعميقة فى المعنى تذكرنا برباعيات العملاق الراحل صلاح جاهين لتعدنا لمضمون كل باب، ويقع بعض منها تحت أناملك لإثارة فضولك وإستدراجك إلى الغوص فى أعماق ما بين السطور لتكتشف أن ما خفى فى القاع كان أعظم. وستجد فى ثنايا هذه الرواية المثيرة من الرمزية ما يمنحك المفتاح للرواية الأعمق حيث ستتابع بحث شريف مليكة عن المدينة الفاضلة، فهل يجدها؟
الرواية
وتبدأ الرواية عندما يعثر الراوى بمحض الصدفة أثناء ملاحته عبر الإنترنت على رسائل إلكترونية تحتوى على معلومات تشير إلى وجود جزيرة لا توجد على أى خريطة معروفة، وأن الحكومة الأمريكية تستخدمها كحقل تجارب لدراسة سلوك الشرق أوسطيين بعد إستقطاب مئات الآلاف منهم إليها عن طريق قرعة مزيفة تعرف نتائجها مقدما. وعندما ينتهى أخيرا إلى نشرها فى مقالة يظهر المدعو"سامى إبراهيم" طالبا مقابلته زاعما أنه أحد سكان تلك الجزيرة ومؤكدا أنها حقيقة واقعة تماما مثلما جاء بالرسائل الإلكترونية.
وعندما يتقابل الراوى مع سامى إبراهيم يستخدم شريف مليكة الأخير ليس فقط كشخصية محورية ترتكز عليها قصته بل كراوى أساسى يحكى لنا رواية داخل الرواية على نمط أسلوب جى دى موباسان أحد رواد القصة القصيرة فى قصة "مسز هارييت"، وذلك بحرفية أدبية تستعرض قيم كونية وأبعاد فكرية وفلسفية فى تناول تناقضات إنسانية مثل الحب والكراهية، والقبول والرفض، والتسامح والتعصب.
وعلى الرغم من أن فى مثل هذا البناء الأدبى قد يكتفى الراوى بتوجيه الأحداث وتقديم الشخصيات، إلا أن الراوى الرئيسى فى زهور بلاستيك يوحى لنا فى بداية الرواية بعدم إرتياحه لسامى إبراهيم وكأنه يحذرنا منه ومن "حدوتتة" الطويلة والتى تمتد ما بين صعيد مصر إلى الجزيرة المزعومة، والتى تتضمن قصص عديدة ربما تعكس سيكولوجية مهاجر مصرى مسيحى وعلاقته بالوطن الأم والوطن الجديد ربما من خلال لوحة ذاتية ، إلا أن هذا الشعور السلبى تجاه سامى يتلاشى مع نهاية الرواية عندما يفيق الراوى إلى الحقيقة. ولكن على الرغم من تحذير الراوى فقد يشعر القارئ بصدق سامى بل ويتعاطف مع من يتعاطف معه وينقم على من لا يحبه إلى درجة أن القارئ قد يكوّن إنطباعا يعكس قسوة الراوى على نفسه وعلى سامى إبراهيم ويذكِرنا بأسلوب تميز به فرانز كافكا ليس فقط فى نقد مجتمعه وأسرته بل وفى نقد ذاته.
ولكن هيهات أن تستمرعلاقتنا هذه مع سامى حيث يختفى دون أثر بعد حكى قصصه العديدة وتركنا نسبح وراءه، وتاركا الراوى معلقا فى عالم من الخيال لا تطأ قدماه الأرض إلا عندما يواجه الحقيقة المطلقة مكتشفا أن كل شيئ عرضة للجدل والشك إلا الموت.
وأتذكر مقولة كان يرددها ستيفن أوركويتز أستاذى فى الأدب الإنجليزى بجامعة مدينة نيويورك بأنه "على الرغم من أن عمل الخيال الأدبى ليس سوى كذب إلا أن معيار نجاح مثل هذا العمل يعتمد على مدى واقعية هذا الكذب بالنسبة لعواطفنا ودقة تمثيله للحياة التى نعيشها جميعا". ويتضح هذا كثيرا فى "زهور بلاستيك" فى قدرة شريف مليكة وموهبته القصصية على تصوير الشخصيات وبنائها وكذلك المواقف والبيئة التى تتفاعل فيها معا، حتى يشعر القارئ وكأنه يعيش مع الراوى ويتشمم معه نفس النسيم وينحنى معه ليلتقط وردة من الطريق ليتشمم رحيقها.
الرمزية فى زهور بلاستيك
زهور بلاستيك مليئة بالإبداع الفنى والرموز الذى يتقنها بحرفية القليل من الروائيين الذين قرأت لهم، بل وتخرج إلى العالمية فى تناول جرئ وحس مرهف لقضايا تفرضها علينا تداعيات العلاقات الإنسانية والتفاعلات الثقافية فى إطار العولمة من خلال التعامل مع المنظور الواقعى والخيالى، والمحلى والكونى، والمتطرف والعلمانى.
وفى زهور بلاستيك يدخل شريف مليكة تطوعا وبشجاعة فى المنوع.. حيث يتناول علاقة الشرق بالغرب والمسلمين بغير المسلمين، ليس فقط من المنظور الغربى حيث يعيش بل أيضا أوحتى المنظور الوطنى كمصرى مغترب يعشق مصر، بل ومن خلال منظور إنسانى يجتمع ويتعايش فيه الشرق والغرب فى سلام ومحبة لوتحقق لكانت المدينة الفاضلة التى يبحث عنها.
وإذا كانت المثلية الجنسية فى عمارة يعقوبيان قد أثارت الكثير من الجدل سنجد أن زهور بلاستيك تعرض من خلال منظور أدبى مشكلة فقدان العدالة الإجتماعية فى مصر بمؤشراتها وأعراضها من خلال تناولها بحساسية شديدة لمعاناة الأقليات فى مصر كصورة معظمة لمعاناة الإنسان المصرى بشكل عام. فالكثيرون ينزحون إلى الخارج من أجل حياة أفضل، سواء كان سامى إبراهيم القبطى أوصديقه الحميم عامر الشندويلى المسلم العلمانى أوالشيخ غنيم المسلم المتطرف.
قصة مصر داخل الرواية
ويظهر تأثر شريف مليكة بالراحل العظيم نجيب محفوظ وخاصة فيما يتعلق بالرموز وإستخدامها. فنجد أنه بين السطور تقبع قصة أعمق- قصة مصر وعناصر شعبها وتفاعل هذه العناصر بعضها ببعض وتأثير هذا التفاعل على المجتمع الدولى.
والرواية الأعمق هذه ترتكز على علاقة الشخصية المحورية "سامى" بـ "عامر الشندويلى" وكذلك بأمه "أم سامى" وزوج أمه "العمدة الحاج شرقاوى" الذى تزوجها فى عز شبابها بعد أن توفى زوجها مأمور المركز ثم تزوج عليها "أنوسة" الشابة التى أنجبت له "درات عينيه نافع ومهران".
وفى حين أن سامى ربما يمثل الشخصية المسيحية المصرية، نجد أيضا أم سامى المنحدرة من "عائلة المصرى" تمثل بوضوح " مصر" المستضعفة من قبل العمدة وشيخ الخفر وصبيان العمدة. وإذا كانت "حميدة" فى عمل الأستاذ نجيب محفوظ "زقاق المدق" كانت مصر بهيئتها وطبيعتها الملموسة فـ "أم سامى" هى "روح" مصر التى ترفض الظلم وتأمل أن يستعيد أبناؤها حقهم المسلوب من خلال وصيتها لسامى، والذى يعطيك فيها المؤلف المفتاح لخلفية سامى وأمه الإجتماعية والإقتصادية ويترك لك الفرصة لتطلق لخيالك العنان فى تصور علاقتهما بزوج أمه الحاج "شرقاوى" والذى ربما يرمز إسمه لشخص آت من "الشرق" وكذلك العلاقة مع إبنيه من "أنوسه". وعلى الرغم من أن أمه كانت "تحتضر" إلا أنه يتركنا معلقين فيما حدث لها بعد ذلك، فنجدها تعود لتظهر فى أحلامه أحيانا لتؤازره فى حياته، وأخرى لتؤنبه لتخليه عنها.
وسامى يعكس شخصية المهاجر المعقدة وعلاقة الحب والغضب مع الوطن الأم. فهولا شك يعشق أمه مصر، ولكنه يكره الظلم وقد فاض به الصبر على هذا الظلم حتى أنه عندما يسأله الراوى عن ما إذا كان مصريا فيجيب "كنت"! وهكذا تتغلب لغة الغضب على سامى عندما يتذكر أمه، ولكن القارئ يستطيع أن يحدد مصدر هذا الغضب ويعى من خلاله الكم الهائل من الحب الذى يكنه سامى لها. ولا شك أن سامى مصاب بعقدة ذنب لتخليه عن أمه برحيله إلى أمريكا، فتجده جالسا أمام معشوقته إيزابل - رمز الحضارة الجديدة بحيوتها وسحر جمالها- وشاعرا أنه يجلس على قمة العالم، ولكن دون أن يفارقه الإحساس بالذنب لإبتعاده عن مصر فيتذكر "أمه المريضة طريحة الفراش ونظراتها المتوسلة.
سامى وشرقاوى
سامى يشعر بالإحباط لسلبيته فى عدم قدرته على إسترداد حقوقه من زوج أمه "الحاج شرقاوى" ولكن فى الحقيقة أن السلبية هى جزء بسيط من شخصية سامى المعقدة. ونرى من خلال قصته أنه حاول أن يلبى نداء ورغبة أمه فى إسترداد الحق وذلك من خلال "رحلة" هامة يقطعها من بيت أمه إلى منزل الحاج شرقاوى فى الجانب الآخر من البلدة، ولكنه يعود خالي اليدين بعد أن أقنعه الأخير أنهما على نفس الجانب من القضية وتربطهما معا "وحدة عائلية". وربما صور شريف مليكه بل لخص تجربة الأقباط فى التعامل مع السلطة فى مصر من خلال "رحلة" سامى إلى منزل شرقاوى للمطالبة بالحق. فعندما يخرج سامى من بيت عائلة المصرى متجه إلى بيت شرقاوى يصف لنا من خلال عدة ملاحظات تصور لنا مظاهر السلطة أوشرقاوى، حيث يقع بيت شرقاوى فى الناحية الأخرى من البلدة على قمة تجعل من السهل رؤية جميع أنحاء وبيوت البلدة بما فيها بيت عائلة المصرى، وفى حين أن البلدة تعانى من ضعف الخدمات تجد الطريق المار ببيت شرقاوى يضئ للأغراب فى كرم يتنافى مع الأسلوب الذى يتعامل به شرقاوى مع أهل البلدة، ونجد أنه عندما يستشعر شرقاوى نية سامى فى المطالبة بالحق إستخدم معه إسلوب الإبتزاز العاطفى والإحراج وذلك بأن ناداه بـ "إبنى" مما كان له التأثير الذى أراده على سامى على الرغم من أنه كان قد حدجه بنظرات نارية عندما كان فى منزل أمه منذ وقت قليل. ولم ينسى سامى أن يذكرنا بأنه فى الوقت الذى كان شرقاوى يدغدغ عواطفه كان أخواه الغير شقيقين يحدجانه بكل إحتقار. والرسالة التى ربما أراد الراوى أن يخبرنا بها هى أن سامى لم يستطع فى النهاية أن يتغلب على لغة "المكر" و"القهر" لأنه يعيش تحت الحصار على أرضه مما قد يفسر إنهزاميته وإحساسه بعدم جدوى ذلك الصراع مما دفعه للنزوح إلى خارج مصر.
أما الدليل على عدم سلبية سامى فهو نجاحه فى حياته على الجزيرة فقد تعلم إستخدام التكنولوجيا فى المكتب. وسامى أيضا هوالذى بادر بمراسلة الراوى ثم ذهب لمقابلته فى نيويورك أثناء قيامه بصفقة تجارية، أى أنه رجل أعمال، وهذا إسلوب حياة يتطلب إيجابية وبراجماتية لا يمكن أن تكون من سمات شخصية سلبية. لذا أرى أن الجانب السلبيى فى شخصية سامى ربما يرتبط بشكل شرطى مع علاقته بشرقاوى وعائلته.
إيزابل: الجمال الغير مكتمل
يتقابل الشرق بالغرب عندما يضاجع سامى لأول مرة عشيقته إيزابل الساحرة الجمال، فعندما تخلع عنها ملابسها يرى سامى جروحها التى تحكى قصة مظلمة تراجيدية وراء جمالها الخلاب. وتهتز ثقة سامى لأول مرة فى جمال أميركا، ولكنه يزداد عطفا على معشوقته وتقربا منها لعله يجد فى هذا التحالف العاطفى القوة التى تساعدهما فى التغلب على آلام الماضى، بالطبع وهوغير مدرك أنها على الرغم من حبها الواضح له هى جزء من مخطط الجزيرة. عامر وغنيم وشرقاوى: الطيب والشرس والقبيح
يمثل عامر والشيخ غنيم والحاج شرقاوى كل ما يحبه ويكرهه سامى المسيحى فى مصر. ربما يمثل عامر الشخصية المصرية المسلمة ببساطتها فعامر مثل شعب مصر ربما كان متدينا بطبيعته ولكنه ليس متطرفا فى نسيجه الأصلى، ولكنها فى نفس الوقت معقدة بل ومتناقضة كما سنرى لاحقا فى تجربته مع التطرف. فعامر إذن هوالذى يقرب سامى من مصر ويعطيه سبب للإنتماء، وشرقاوى وغنيم هما من يبعدانه عنها. وتجد عامر وسامى يبتعدان عن المناخ المتدين أثناء سنوات الجامعة بالقاهرة ليستمتعا بحريتهما بعيدا عن الضغوط الخارجية حيث تقاسما الحديث فى الفلسفة وإصلاح الكون مثلما تقاسما إحتساء البيرة ومضاجعة "أمينة". فعلاقة سامى بعامر تمثل الإرتباط الوثيق الذى يرتفع فوق الدين والمصلحة، فنجد أنه عندما يشعر سامى بالإحباط من ظلم شرقاوى الذى يمثل السلطة فى البلدة، فهو يتمنى أن يكون بجانبه عامر المسلم ديناً مثل الشرقاوى ولكن الأقرب لسامى من أى شخص آخر فى البلدة، كما نجد أنه عندما يثور عامر على تطرف الشيخ غنيم فيما بعد فإنه يلجأ إلى سامى من أجل الدعم المعنوى. وهكذا تستعرض زهور بلاستيك العلاقة العكسية بين إزدياد الشعور الدينى لدى طوائف الشعب المصرى، ومدى الإنسجام والتعايش فيما بينهم، من خلال علاقة سامى وعامر فى المهجر. ويظهر مدى إحساس سامى ببعد عامر عنه عند أول مقابلة لهما فى المهجر، حيث صعق سامى من درجة تدين عامر فشعر بنوع من الإستنفار سرعان ما ندم عليه. ويحكى سامى فيما بعد عن العلاقة الطردية بين إبتعاد عامر عن التطرف وقربهما مرة أخرى كأصدقاء.
أما عن صفة التعقيد فى الشخصية المصرية المسلمة فتتجسد فى تحول عامر بشكل سلس إلى التدين ويتأقلم معه بعد تقربه من أهل أمينة والذين أصروا على إصطحابه إلى المسجد حيث قويت علاقته بقياداته الدينية تدريجيا حتى أصبح فى الغربة من نظائر هذه القيادات. وعلى الجزيرة يجد عامر بعض الراحة فى الذهاب إلى المسجد بل يصبح من أتباع الشيخ غنيم الذى يظهر تطرفه فيما بعد فيترك عامر المسجد والشيخ غنيم وأتباعه ويعود إلى طبيعته الأولى ثائرا على كل ما يزعم الشيخ غنيم من قيم عنيفة ودعوة مخربة، بل وعمل بعدها على فضح تطرف الشيخ غنيم وأتباعه لكل من يقابله من أهل الجزيرة. ولم ينجوعامر من بطش المتطرفين حيث إستدرجه البعض منهم بحجة مقابلة الشيخ وإعتدوا عليه بالضرب حتى كاد أن يفقد حياته، إلا أن الحياة على "الجزيرة" بعد الحادى عشر من سبتمبر لم يعد بها مكان للإرهاب والتطرف.
المدينة الفاضلة وتنتهى قصة سامى بثورة أهل الجزيرة بما فيهم المسلمون على التطرف ومحاكمة الشيخ غنيم وأتباعه. ويخرج الأمريكيون على الجزيرة بما فيهم إيزابل فى عصيان مدنى رافضون مراقبة المهاجرين. ولكن.. يختفى سامى، وينتهى الحلم، ولا يتبقى إلا الحقيقة بحلوها ومرها، وتأتى حياة والد الراوى إلى نهايتها عند ختام الرواية ويفتقدهما الراوى معاً وكأنه قد فقد جزءا منه، وكأن رحيل الأب قد أثبت أن الحقيقة الوردية أو المدينة الفاضلة التى إنتهت عليها قصة سامى إبراهيم ليس لها وجود إلا فى خياله. وعندها يفتقد الراوى المدينة الفاضلة ويتمنى أن توجد حقيقة جميلة بدون مر حتى ولوكانت حقيقة زائفة أو "بلاستيك".
وهكذا ربما يريد الراوى أن يخبرنا بأن التطرف الذى كان سبب تركه لمصر التى يعشقها، هو نفس التطرف الذى أحال دون وجود مدينته الفاضلة على أرض الواقع. ولاشك أننى أوافق المؤلف على تهديد التطرف للمدنية والسلام الإجتماعى، ولكن التطرف كما صوره المؤلف فى الرواية هوربما نصف الحقيقة لأن إنتشار التطرف من وجهة نظرى هو نتيجة لإنعدام العدالة الإجتماعية على المستويين المحلى والدولى. وعلى هذا فعلى الرغم من عدم مشاركتى لرؤية المؤلف فى الخلط بين التطرف والتدين فأنا أتفهم مصدر الخلط من خلال قصة سامى إبراهيم، ولم يمنعنى أى من هذا من الإستمتاع بهذا العمل الأدبى الرائع الذى لم أستطع أن أضعه من يدى إلا بعد أن فرغت من قراءته.
#عبد_العزيز_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شرعية التدخل الخارجى الحقوقى فى مصر
-
الوجوه المختلفة للطائفية فى مصر
-
الإتجاهات المختلفة للحركة القبطية
-
المناظرة حول المادة الثانية إنتصار كبير للمجتمع المدنى
-
مصر بين إنكار حقوق الأقليات و نظرية المؤامرة
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|