يحيى الوزكاني
الحوار المتمدن-العدد: 1892 - 2007 / 4 / 21 - 11:39
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
ترزح الملايين من النساء في كل مكان من العالم تحت وطأة العنف والتفقير والإقصاء والتمييز والحرمان الشديد من جميع حقوقهن الأساسية لا لشيء سوى لأنهن نساء. ويعتبر اليوم العالمي للمرأة محطة سنوية للمناداة بضرورة إنصاف المرأة واحترام حقوقها الأساسية دون أي تمييز كما نصت على ذلك المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان, والوقوف على مختلف أشكال التمييز التي تتعرض لها المرأة وفي مقدمتها إقصاؤها من المشاركة السياسية الكاملة في صنع القرار.
مفهوم المشاركة السياسية للمرأة:
يعرض لوسيان باي مفهوما مبسطا للمشاركة السياسية وهو يشير إلى أنها تعني " مشاركة أعداد كبيرة من الأفراد والجماعات في الحياة السياسية". وتعني حسب صموئيل هنتنغتون ذلك النشاط الذي يقوم به المواطنون العاديون بقصد التأثير في عملية صنع القرار الحكومي.
وبالتالي فالمشاركة السياسية للمرأة تعني تعزيز دورها في إطار النظام السياسي بضمان مساهمتها في عملية صنع السياسات العامة والقرارات السياسية أو التأثير فيها واختيار القادة السياسيين, إنها تعني أوسع مشاركة هادفة من جانب المرأة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة في عملية صنع القرارات السياسية وتسيير الشأن العام.
تعرف المرأة حاليا في المغرب تأخرا كبيرا بالمقارنة مع الرجل في مجال المشاركة السياسية وتقلد الوظائف العامة , نتيجة هيمنة الثقافة الذكورية, والقنا عات الشعبية السائدة بخصوص ضعف المرأة, زيادة على بعض السياسات والتشريعات التي تكرس التمييز ضد المرأة والتي لا تتلاءم والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان( الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع التمييز ضد المرأة) بما في ذلك قانون الانتخابات الاخير الذي عوض أن يعمل على تضييق مساحات الإقصاء السياسي الذي يطال المرأة يضع أمامها مزيدا من الحواجز التي تحول دون تمثيلية حقيقية للنساء بالمؤسسات ,في الوقت الذي يختزل فيه الدستور المغربي الحقوق السياسية للمرأة في أن تكون ناخبة فقط مما يعكس تلك النظرة الدونية للمرأة التي تعتبرها ككم انتخابي جاهز للاستثمار في الحملات الانتخابية. وعدم قدرة الأحزاب السياسية على التجاوب مع قضايا النساء وتغييبهن في الأجهزة الحزبية الأمر الذي أدى إلى ظهور تنظيمات نسائية تناضل من أجل تحقيق مكتسبات للنساء وإلغاء أشكال التمييز الذي يتعرضن له على مختلف الواجهات ,وما الأرقام الرسمية الهزيلة عن نسبة النساء في مراكز القرار السياسي سواء داخل الأحزاب أو المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية والوظائف العامة إلا خير دليل على الغبن الذي يطال المرأة في مجال المشاركة السياسية .يأتي هذا التحيز الفاحش ضد المرأة بالرغم من مصادقة المغرب على أغلب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تطالب بكفالة المرأة كل حقوقها السياسية, وأن تتاح لها على قدم المساواة مع الرجل فرصة تقلد المناصب العامة وإدارة الشأن العام.
المشاركة السياسية للمرأة في المواثيق الدولية لحقوق الانسان:
* الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: الذي يعتبر مصدر المواثيق الدولية الأخرى ومصدر الهام للإنسانية جمعاء في مجال حقوق الإنسان ,والذي اعتمد ونشر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1948 , ينص على ما يلي:
المادة01:"يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق, وقد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء."
المادة02:" لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان دون تمييز من أي نوع, ولاسيما التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة..."
المادة 21: 1-" لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة واما بواسطة ممثلين يختارون بحرية."
2- " لكل شخص بالتساوي مع الآخرين , حق تقلد الوظائف العامة في بلده."
كل هذه المواد تِؤكد أن المساواة بين الرجل والمرأة في المشاركة السياسية ليست امتيازا لصالح المرأة بل حقا إنسانيا يجب على الدول العمل من أجل تجسيده على أرض الواقع.
* العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:اعتمد من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1966 وبدأ نفاذه في مارس 1976, ينص على ما يلي:
المادة 03: " تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد.
المادة25: " يكون لكل مواطن, دون أي وجه من وجوه التمييز المذكور في المادة2, الحقوق التالية التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة:
- أن يشارك في إدارة الشؤون العامة, إما مباشرة واما بواسطة ممثلين يختارون بحرية.
- أن ينتخب وينتخب, في انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري, تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين.
- أن تتاح له على قدم المساواة عموما مع سواه فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده.
هذا الإعلان نقل حق المرأة في المشاركة السياسية من مجرد التزام أخلاقي على عاتق الدول إلى واجب قانوني.
* اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة: التي بدأ النفاذ بها سنة 1976, والتي تعتبر أهم وأول اتفاقية خاصة بالمرأة تلزم قانونيا الدول الموقعة باحترام حقوق المرأة في شموليتها.وتنص على ما يلي:
المادة07: "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد وبوجه خاص تكفل للمرأة على قدم المساواة مع الرجل الحق في:
- التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة, والأهلية للانتخاب بجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام.
- المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفي تنفيذ هذه السياسة وفي شغل الوظائف العامة, وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية.
- المشاركة في أية منظمات وجمعيات غير حكومية تهتم بالحياة العامة والسياسية للبلد.
وعلى الرغم من أن الكثير من الدول صادقت على الاتفاقية فان التمييز ما زال يلاحق المرأة في مجموعة من المجالات. فالمغرب على سبيل المثال صادق على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة متحفظا طبعا على بعض بنود هذه الاتفاقية,غير أن التمييز ضد المرأة ما زال ثابتا وما زالت المرأة المغربية لم تتمتع بعد بمشاركة سياسية كاملة على قدم المساواة مع الرجل. الأمر الذي جعل الكثير من المنظمات النسائية تناضل اليوم إلى جانب الإطارات الديمقراطية من أجل تمثيلية حقيقية للنساء بالمؤسسات الدستورية والهيئات المهتمة بالحياة العامة والسياسية للبلاد, كما تناضل من أجل رفع تحفظات الدولة المغربية بخصوص الاتفاقية التي تفرغها من محتواها ومضمونها.
وبما أن المشاركة السياسية للمرأة تعد معيارا لنمو النظام السياسي, ومؤشرا على ديمقراطيته, فان الرهان الحقيقي المطروح الآن على الدولة المغربية هو تغيير سياساتها الاقصائية تجاه المرأة وتعديل كل القوانين التي لا تتلاءم والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان , والانتقال من التحيز ضد المرأة إلى التمييز الإيجابي للمرأة والاستجابة للمطالب الملحة للنضالات النسائية وعلى رأسها رفع كل التحفظات على الاتفاقيات الخاصة بالمرأة واعمال مبدأ سمو المواثيق الدولية على التشريع الوطني. وتمثيل النساء بنسبة الثلث بالبرلمان في أفق المناصفة, والعمل على رفع كل الحواجز القائمة في وجه المشاركة الكاملة للنساء في صنع القرار السياسي.
#يحيى_الوزكاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟